المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

حجر بن عديّ الكندي الكوفي
2-02-2015
Acidity of Substituted Benzoic Acids : Electron-donating groups
16-10-2019
أمير الهداية وأسير الضلالة
2023-10-26
في فضل الغزو و الجهاد
4-8-2016
موقف علماء الشيعة من أخبار نقصان القرآن
27-11-2014
المتطلبات البيئية للفستق
1-1-2016


الاستقلال الذاتي  
  
2393   02:43 صباحاً   التاريخ: 24-6-2020
المؤلف : الشيخ عباس امين حرب العاملي
الكتاب أو المصدر : الحياة الزوجية السعيدة
الجزء والصفحة : ص41-43
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / الأبناء /

في حياة كل انسان مفاصل تاريخية يجب أن نقف عندها، فإذا كانت طفولته مفصل لغيره وهم أبواه عادة فإن بداية عمله وكده مفصل له، واقترانه بشريك الحياة مفصل آخر هو الأهم في حياته، في طفولته يمارس شهواته ولذاته دونما ادراك ودرس عواقب، ولكنه في مرحلة شبابه وزفافه يدرك معاني الحياة بسائر طعومها المرة والحلوة بلذاتها وآلامها، فهو اليوم معيل لا معال وهو المسؤول الأول وتلحق به قبل غيره هموم الدار والعيال والحياة، إن ذوي العروس في هذه المرحلة يشعرون بأن شيئا ثمينا انتزع من كيانهم كان بكله لهم ومعهم لا يوجد من يرشح للاتهام الا الشريكة الجديدة او الدخيل الجديد بنظرهم، وما يزيد من بلة الطين وخصوصا في عصور الفقر والاعسار أن فتى الاحلام يقدر السكنى مع ذويه حتى في أجمل أيام القطاف وهي فترة الزفاف والرفاه، ههنا تتداخل المشكلة وتتكون بذورها، فمن جهة ثالثة يشعر العريس انه بزوجيته قد اقتطع منهم.. ومن جهة اخرى هو يمارس علاقات مميزة مع شريكته الجديدة وهو العريس العاشق المتيم.. فمن جهة ثالثة هي بمنأى ومسمع منهم في ملبسها ومصاريفها ومتطلباتها بل ودلالها ، ومن جهة رابعة لن يطول عصر البسمة والانشراح فلا بد ان يتكدر عريسهم الميمون بمشاكل وحاجات الوضع الجديد ، اقتطاع .. علاقات مميزة ... مصاريف هائلة ... كدر ... نتيجة واحدة من مجموعة ذلك: (انه في اسرها تحكمه بيدها وتتصرف معه كخاتم في اصبعها) ، هذه القناعة لدى ذوي العريس منتشرة جدا في الاصقاع المتخلفة بل وغير المتخلفة ، وفي بداية الامر تتصرف العروس بحكم الهوى الخاطف بحكمة ورؤية ولو لحكم التقاليد والعادات باعتبار ان الحماة ودارها من المقدسات المحرمة المساس .

ويعين على هذا الموقف دعم العريس الذي بذل الغالي والنفيس ليصل الى فرحته وعروسه ، ولكن هل سيستمر الأمر على ما يرام ؟ اذا كان الدافع دعمه وحمايته الهوى المجنون والعنفوان الشامخ فانه من الدوافع المبتورة .. يبترها الزمن يوما بيوم ويميتها المشكل الذي اذا انفجر يوما سيحطم بنية الاستمرار كله ، ان مراقبة ذوي العريس لعروسه يجعلهم بانتظار دائم للفرصة المواتية لنقل المراقبة الحاسدة والحاقدة الى رحاب العريس البار ، ضغط المحبة من جهة وضغط الحنان والتهيب من جهة اخرى ، فقد يصمم على حسم مادة الاتهام والظلم وطمأنة عروسه ولكن سكناه في ديار من كانوا له عونا وسندا وحنانا نشأ بينهم طفلاً وأدب بشرعهم شاباً وعاش على مائدتهم عمراً سوف يلقيه في رمضاء التردد .

هذا التردد سينطلق قرارا مع المشكلة الاولى بينه وبين عروسه ، انه قرار اعادة الحساب لصالح ذويه ، انه الوضع الاشد خطورة على حياة العروسين ، فهي اما تطوي مواقفها لتدخل في ملك الاسرة كلها لا في طواعية فرد ، واما ان تعيش الصراع المرير الذي قد يمتد للمحيط كله ، واما ان تفقد اهم ما كانت تحلم به من الاستقرار في ظل زوج شجاع لا يحب الا الامانة ولا يهاب الا الظلم ، ولا ننسى ما تقاسيه في تلك الفترة حيث تخشى من اية حركة او نشاط يلقي بشريكها داخل شرك ذويه فيجتمع عليها الموقف كله وتكون الشماتة ، إن على كل فتاة وخصوصا تلك التي تشعر بامتلاكها لمميزات لن يتخلف عنها الطلب اما لقوة في دينها أو محيطها أو لسحر في جمالها وسلوكها أو لخيبة موقع في فكرها او عملها ، ان تفضل القفز من شاهق سكني دار لا استقلال لها فيه وخصوصا دار الحماة حيث تولد المشكلة لتصبح حملا في الغد ولتلد سقطا مشوها بالظلم في المستقبل انه الفراق الصعب والمرير.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.