أقرأ أيضاً
التاريخ: 17-1-2022
1562
التاريخ: 8-7-2019
6249
التاريخ: 23-2-2020
2546
التاريخ: 28-9-2020
1870
|
الافـكار والمفـكرون في فـترة العصور الوسطى
قسمت الافكار الاقتصادية ضمن هذه الحقبة الى العصر القديم والتي انتهت في عام 337م وكانت افكار بسيطة انتهى مع حكم قسطنطين الكبير ، وأفكار العصر الوسيط الذي يستمر منذ سقوط الامبراطورية الرومانية وحتى سقوط القسطنطينية (الاستانة والاسطنبول) عام 1453م وهنا ظهرت افكار الكنسيين ورجال الدين السيكولائـيين وهو ما يسمى بالعصر الوسيط وتمخض عنها ظهور العصر الحديث التي بدأت به بوادر اجازات العمل في اخذ الفائدة بسبب بداية عمل نظام الورش والذي أهل الى ظهور المرحلة التجارية بسبب التخلف في مرحلة العصور الوسطى وعدم تواجد نشاط تجاري لم يظهر مفكرين بارزين فتمت معالجة النشاطات الاقتصادية ضمن مبادئ وتعليمات الديانة المسيحية والتي كانت طاغية على مختلف المفاهيم وليس غريب حيث درس الاقتصاد ضمن الفلسفة عند الاغريق ، والمفكر توما الاكويني كان بارز ومن اعلام المرحلة فضلاً عن وجود آخرين كنيكول وزوم الذي شخص ظاهرة كريشام (العملة الرديئة تطرد العملة الجيدة في السوق) قبل ابتكارها ورفضوا فكرة توقف قيمة النقود على تدخل الدولة حيث يرون ان النقود التي انقص وزنها تؤدي الى اضطراب المعاملات وسان توما داكان Saint Thomas Aqua رجل الدين الذي طرح فكرة حرمة القرض بفائدة بحجة ان القرض لا يلد نقوداً وانما ما ننتجه إنما يأتي من عمل من يقترضها ، فمن الظلم اذاً ان يحصل الدائن على اكثر مما اعطى ، ويضيفون ان الوقت بين الاقراض والسداد ملك مشاع بين الناس ولا يجوز ان يكون له ثمن ، وفي القرن الحادي عشر بدأ رجال الدين يدرسون القانون الروماني وبدأت المعاملات المدنية التي درست من قبل الرومان وتأخذ مجالها ولها وجهات نظر واعتبارات اخرى مغايرة للدين وقبلها رجال الدين بغض النظر عن بعض الأدلة الدينية في بحث المسائل الاقتصادية ، وصيغت النظم الاجتماعية والاقتصادية المختلفة بمفهوم العصر والذي يتلائم مع طبيعة المرحلة ومنذ القرن الثالث عشر ، كما وبدأت تترجم بعض الكتب الإغريقية الى اللاتينية وخاصة مؤلفات ارسطو في الاخلاق والسياسة وترجمت المؤلفات العربية وسوف نتناول المفكرين ضمن الحقبة الزمنية وكالآتي :
• توما الاكويني : 1225ــ 1274
من المفكرين البارزين ضمن فترة العصور الوسطى وهناك مفكرين آخرين يطغى عليهم الطابع الديني ولكن هو انضجهم والآخرين هم البير الكبير ووليم اوكهان الكبير ، ولتوما الاكويني مؤلفات كثيرة يتعدى الخمسين مؤلفاً في آرائه الدينية والاقتصادية ويمكن توضيح أفكار توما الاكويني بالشكل التالي :
ــ أخذ الجانب التوفيقي في أفكاره بين الجانب الكنسي وأفكار وتعليمات وشروط النظام الإقطاعي الوضعية كحق التملك المطلق القوانين الرومانية والتقنين في التملك والتقشف في المفاهيم الدينية المسيحية .
ــ استفاد من افكار المفكرين الذي سبقوه كأرسطو بالذات في التفريق بين القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية وصاغ عليها افكارها في مفهوم سعر التعادل ، واخذ موقف وسط بين التملك المطلق وبين التقنين (اقنان الارض) ، كما واشار الى التطرق الى هذه المفاهيم .
ــ اهتم في العمل وله رأيه الواضح فيه (1) حيث يرى ان العمل هو الذي يولد القيمة ولذلك رفض الرأي الاغريقي والروماني بأن العمل اليدوي (الحرفي) عمل غير شريف وبذات الوقت قال بأن العمل الذهني أفضل من العمل اليدوي ، وبذلك أعطى للفكر دفعة نحو استغلال الموارد من خلال العمل ولغرض الاستقرار وتأمين تواجد السلع ، ويفضل ان يعمل ابن البلد وليس العبيد الذين لا يولون الموضوع أهمية .
ــ وضح مفهوم التمايز الاجتماعي في النظام الاقطاعي وما له من آثار خطيرة على الانتاج .
ــ ناقش موضوع التجارة(2) وكانت نظرته للتجارة تختلف عن نظرة الاغريق الذين يعدوها شر لا بد منه وعمل غير لائق باصحاب البلاد الهيلسينت وكان موضع جدل لدى الاغريق ، اما النظام الكنسي وآراء الكنيسة والاقطاع فقد اخذ خطوة نحو تذليل الصعاب ، فكان رأي توما الاكويني بأن التجارة سليمة في حالة الاستخدام الذي ينفع الناس ولا يؤدي الى الثراء الفاحش بل تغطية الاحتياجات فهذا عمل خدمي ولا بأس به وقال ان هكذا تجار يستحقون المكافئة (اي المكافئة للتجارة غير الاستغلالية والتي لا تغرق الأسواق بالبضاعة) وقال ان (المشكلة في الطريقة التي يتبعها التجار في تعاملهم وليس التجارة نفسها) ، فلو كان التجار في عملهم يرغبون في اشباع حاجة المعوزين من الفقراء ومساعدة الفقراء وخدمة البلد لما كانت التجارة عمل غير اخلاقي ، ولأصبح الربح الذي يحصل عليه التاجر يمثل المكآفأة التي يستحقها للجهد الذي بذله وهذا الامر شجع على قيام المدرسة التجارية .
ــ له رأي في الثروة ويقول ان الثروة شيء ايجابي وخير للبلاد اذا عملت على خلق الحياة الفاضلة في المجتمع وبنفس السياق له آرائه في الغنى والفقر يجد بأن تعليمات الديانة المسيحية مخالفة في هذا الصدد للتعليمات التي تجيز للأقلية الذي هم ملاك الاراضي (الإقطاعيين) باستغلال الأكثرية أو عموم المجتمع بشكل غير معقول ويولد الفقر ، لذلك قال ان الفقر والغنى مسألة تقدر من خلال ما هو في صالح المجتمع ام العكس ويقول ان حالة عدم المساواة القائمة فيها نوع من العدالة كونها تستند الى التمايز في المواهب وفي اختلاف الظروف المحيطة .
ــ السعر العادل : تطرق توما الاكويني الى السعر العادل ، فسعر السلعة او أجر العامل او ربح المنتج يجب ان يكون عادلاً ، كما وان العدالة ينبغي توفرها للبائع والمشتري ولكنهم لم يضعوا معياراً واضحاً لمفهو العدالة في الاسعار والثمن العادل في نظرهم هو الذي يستطيع المنتج ان يعيش به في مستوى الطبقة المنتسب اليها أولاً وهو الذي لايكون فيه حيف على المستهلك (3) .
ــ تناول موضوع القرض بفائدة حيث هاجم هذه الافكار وكالآتي :
• لا يجوز اخذ الفائدة في حالة عدم تسديد القروض في الموعد المحدد .
• لا يجوز اخذ الفائدة في حالة خسارة صاحب المال لربح كان يستطيع الحصول عليه لو لم يقرض ماله .
• لا يجوز اخذ الفائدة في حالة ترتب تكاليف عالية عند اعطائه القرض .
وكان توافق الفكر عنده تشاطر فيها الفكر المسيحي (الكنسي) مع الفكر الاسلامي في حرمة الفائدة وعلى ذات الصيغة الفلسفية مما يدل ان هذه تعاليم السماء وهي الاساس في حرمة الفائدة لأن الله جل شأنه يعطي اهتمام للعمل ويحاسب الناس على قدر عملهم فيجزي من عمل ويعاقب من لم يعمل وأخذ الفائدة ليس بالعمل .
هذا ماكان سابقاً وبالرغم من التحريم المطلق للفائدة الذي نص عليه الانجيل بخصوص اخذ الفائدة على القروض الا ان الذي استجد هو امكانية من يأخذ القرض يستطيع تسديد القرض مع هامش ربح بسيط للمقترِض بينما كان المقترَض لا يستطيع توفير المال اللازم لتوفير القرض لذلك حرم في حينها بينما في الاخير صارت الفائدة قاعدة تقوم عليها الحياة الاقتصادية في أوربا وتعد ثمن انتظار المُقرِض على المقترض أي ثمن الوقت وبالتالي لا ينبغي للمقرض اخذ ثمن على الوقت(4) ( ان هذا لا يتماشى مع تعاليم الدينات السماوية بمختلف أشكالها) .
ان هذه الآراء التي قيلت من قبل توما الاكويني والذي مهد الى المفكرين الاقتصاديين الذين جاءوا من بعده في تحليل العوامل التي تحدد القيمة والتي انطلقوا من هذا المفهوم حيث ان اخذ القرض لأغراض استهلاكية يكون فيها تسديد الفائدة امر في غاية الصعوبة وتضع المقترض في مصيدة الاستغلال وهنا يأتي العمل الغير اخلاقي ويرون ان النقود عقيمة ولا يمكن لها ان تدر دخلاً او فائدة ، ومن اجل إثبات صحة رأيه هذا يشبه توما الاكويني النقود بالسلع الاستهلاكية كالخبز الذي ترد قيمته بمنفعته فلا يوجد سعر للخبز وسعر للمنفعة التي تجنى من الخبز ، والنقود يأتي دورها من السلع التي تشترى للاستهلاك ولا يمكن تأجير منفعتها مقابل فائدة فهي ليست كالأرض الزراعية التي ينتفع من استثمارها كما وان اخذ الفائدة يتعارض مع مبدأ تكافؤ القيم العام ، لم يكن للنقود الدور الكبير في بداية الاقطاعيين لأنه كان معتمداً على الاكتفاء الذاتي لكل اقطاعيه فلم يكن هناك تبادل بضائع بين الاقطاعيين ولو كانت محدودة وضئيلة وهذه المبادلات عينية في الغالب تتم باستبدال سلعة بسلعة اخرى دون الحاجة الكبيرة للنقود ، فالنقود لا تنتشر في الغالب الا حين تنتشر التجارة وتزداد المبادلات وهو ما لم يكن موجوداً في النظام الاقطاعي (بداياته) فالفلاح يُنتج ليأكل ولا يوجد لديه فائض (كما سيتوضح في دور النقود) ، وان وجد الفائض فهو قليل ويُستبدل به ما يحتاجه من سلع اوحاصلات اخرى ، لذلك كان استخدام النقود محدوداً .
ان مبدأ تحريم الفائدة بدأت تتغير مفاهيمه مع تطور مجالات الانتاج ومع ازدياد الحاجة للنقود للقيام بالاعمال الحرفية لغرض المبادلة في عمليات الانتاج فإن اخذ الفائدة صار شأناً متفق عليه وامراً طبيعياً وتناسى افراد المجتمع تحذير رجال الدين بتحريم الفائدة ، فوردت آراء تقول ان الاجر يجب ان يكون عادلاً حتى يستطيع العامل ان يسد حاجاته الضرورية وحاجات اسرته وان يدخر منه شيئاً لايام الشدة .
الآراء طغى عليها الجانب الديني فقد حثوا على الاحسان وعلى القناعة في جمع الثروات وجمع الثروات لا يتفق مع قواعد الاخلاق .
• السعر العادل
اشتهر توما الاكويني بنظريته في السعر العادل التي اخذها من ارسطو وطورها السير وليم بتي من بعده وكان المنطلق الاساس للنقاش في الفكر الاقتصادي هو منطلق العدالة وان اكثر ارآئه نضوجاً هو السعر العادل (5) .
يرى المفكر الاكويني بأن السعر العادل يتحدد من خلال العلاقة بين السلعة والسلعة الاخرى وعدم استغلال الآخرين وإعمام مبدأ العدالة التبادلية من خلال النقود التي تلعب دور الوسيط في تحديد القيم وبهذ الاطروحات يوضح لنا توما الاكويني بأن آرائه في السعر العادل ينسبها للقيمة وهي التي تحدد السعر العام للسلعة .
يتناسب السعر العادل مع المركز الاجتماعي للمنتج ويضمن لع عيشاً مناسباً وهو ما يُطلق عيه العلاقة بين الجزء والجزء وليس بين الجزء والكل وهو رأي أرسطو ، وتطرق الاكويني في آرائه الى المنفعة وقال ان المنفعة متغيرة لدى الافراد (وهي التي اصبح لها صدى لدى رواد المدرسة الحدية) وقد ربط توما الاكويني السعر العادل مع المنفعة في نظريته في الانتاج ويُقصد بها منفعة العمل ، لقد ربط توما الاكويني بين المنفعة ومفهوم القيمة ، وهذه الآراء تبناها كارل ماركس ، واخذ بمفاهيم العرض والطلب في تحديد السعر العادل ، اما عن ماهية السعر العادل ومتى يتحقق فان توما الاكويني يدعي بأنه يتحقق عندما يكون التبادل بين السلع بنفس الكميات من العمل ووسائل الانتاج المادية الاخرى ، وفي مجال آخر يعرف توما الاكويني السعر العادل بأنه السعر الذي يغطي تكاليف الانتاج ، ان السعر العادل هو مطلب يسعى اليه اللاهوت لتطبيقه حتى يتم تقييد العمل التجاري ببعض الشروط الاخلاقية ، ومن خلال تبرير العمل التجاري الذي يعتقدون بانه عمل غير نبيل أعطى توما الاكويني تبريره (6) للتجارة وبرر العمل التجاري مما سبب في إقامة نظام اقتصادي شمل كآفة اوربا وبالأخص انكلترا وفرنسا واسبانيا وهولندا سمي بالنظام التجاري (المركنتالية) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ مدحت القريشـي ، تطور الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص62 .
2ـ راشد البراوي ، تطور الفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص27 .
3ـ اريل روك ، الفكر الاقتصادي ، ترجمة راشد البراوي ، مصدر سابق ، ص42 .
4ـ راشد البراوي ، تطور الفكر الاقتصادي ، ، مصدر سابق ، ص29 .
5ـ طارق العزاوي ، الاقتصاد والفكر الاقتصادي ، مصدر سابق ، ص41 .
6ـ جوزيف لاجوجي ، المذاهب الاقتصادية ، مصدر سابق ، ص 18 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|