مرحلة امتناع المسؤولية الجنائية وضرورة تحديدها في القانون الجزائري |
4331
01:18 صباحاً
التاريخ: 29-8-2019
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-7-2022
1546
التاريخ: 2024-02-28
739
التاريخ: 31-8-2019
2441
التاريخ: 8-7-2022
1939
|
تنص المادة 49 من قانون العقوبات الجزائري على أنه: " لا توقع على القاصر الذي لم يكمل الثالثة عشرة إلا تدابير الحماية أو التربية ومع ذلك، فإنه في مواد المخالفات لا يكون محلا إلا للتوبيخ.." (1) يفهم من نص المادة أن المشرع الجزائري يرفع العقوبة عن الصغير الذي لم يكمل الثالثة عشرة من عمره لعدم تمييزه ، وبمعنى آخر فالصغير الذي لم يكمل ثلاثة عشر سنة يعتبر صبيا غير مميز (2) فهو غير مسؤول جنائيا إذا ما ارتكب جريمة أيا كان تكييفها جناية أم جنحة أم مخالفة، وهي قرينة مطلقة لا تقل إثبات العكس، أي لا يجوز إقامة الدليل على توفر التمييز لدى الصغير دون هذه السن، ولا يجوز ملاحقته حتى ولو ثبت أن إدراكه قد سبق سنه (3) .
فمرحلة امتناع المسؤولية الجنائية في القانون الجزائري تبدأ من ولادته وتنتهي بسن الثالثة عشر لانعدام التمييز لديه في هذه المرحلة ، وعليه فلا يجوز وضعه في مؤسسة عقابية ولو مؤقتا، غير أن الصبي في هذه المرحلة قد يقوم بأفعال يجرمها القانون تشكل خطرا على نفسه أو على غيره فلا ينبغي تركه دون إصلاح أو تقويم، بل أجاز المشرع إخضاعه لتدابير الحماية والتربية بغية إصلاحه وتقويمه حتى لا يعود إلى الإجرام أو يشب معتادا عليه، ولحماية المجتمع من خطره وذلك في حال ارتكابه جناية أو جنحة، في حين لا يكون محلا إلا للتوبيخ في حال ارتكابه مخالفة، وهي – كما يرى المشرع الجزائري – ليست من قبيل العقوبات إلا أن توقيعها يعني اتجاهه إلى إحلال المسؤولية الاجتماعية محل المسؤولية الجنائية لدى الصبي (4).
وقد حددت المادة 444 من قانون الإجراءات الجزائية تدابير الحماية والتربية وهي تسليم الحدث لوالديه أو لوصيه أو لشخص يتولى حضانته... (5).
ومن الضروري تحديد السن المانع للمسؤولية الجنائية في القانون لأن الصغير إذا ألحقناه بمرحلة انعدام التمييز رفعت عنه المسؤولية الجنائية ولا يجوز رفع الدعوى الجنائية ضده، ولا يتأتى ذلك إلا بتحديد سن معينة، وهي سن الثالثة عشر حيث ضبطتها المادة 49 من قانون العقوبات الجزائري ، وهي قرينة مطلقة لا تقبل إثبات العكس، أي لا يجوز إقامة الدليل على توفر التمييز لدى الصغير دون هذه السن، ولا يجوز ملاحقته حتى ولو ثبت أن إدراكه قد سبق سنه (6) ، غير أن المشرع أجاز في هذه المرحلة توقيع تدابير الحماية أو التربية بغية إصلاحه وتقويمه، وتكون العبرة في تحديد السن بلحظة ارتكاب الجريمة وليس بلحظة المحاكمة طبقا للمادة 443 من قانون الإجراءات الجزائية، أي وقت مباشرة النشاط الإجرامي وليس وقت تحقق نتيجة النشاط، كما يكون تقدير السن في التشريع الجزائري طبقا للتقويم الميلادي (7) وهو أصلح للمتهم بحكم أن السنة الميلادية تزيد عن السنة الهجرية بحوالي 11 يوما فتطول بذلك فترة عدم مسؤولية الحدث (8) ، ويتم إثبات سن الحدث بالوثيقة الرسمية وهي شهادة الميلاد الصادرة عن البلدية بالنسبة للمواطنين المولودين بالجزائر، وعن القنصليات بالنسبة للمواطنين المولودين خارج التراب الوطني .
_________________
1- فضيل العيش: قانون الإجراءات الجزائية – قانون العقوبات – قانون مكافحة الفساد، وفقا للتعديلات الأخيرة رقم 06/22 و 23 المؤرخ في 20 ديسمبر 2006 م طبعة جديدة 2007 منشورات بغدادي، الجزائر ص 174
2 - وقد خالف في ذلك جل التشريعات، حيث أن أغلب التشريعات العربية تحدد سن التمييز بسبع سنوات ومن ذلك التشريع المصري ( م 94 من قانون الطفل لسنة 96 ) والأردني ( م 18 من قانون الأحداث )والكويتي( م 5 من قانون الأحداث ) والسعودي والسوري( م 2 من قانون الأحداث الجانحين ) واللبناني ( م 1 من قانون حماية الأحداث المنحرفين ) والإماراتي والقطري ، وحددته تشريعات أخرى بثماني سنوات كالتشريع الانجليزي ، وتشريعات بتسع سنوات كالتشريع العماني ، وتشريعات بعشر سنوات كالتشريع السوداني، في حين نجد أن التشريع المغربي حدده باثنتي عشرة سنة، حيث تنص المادة 138 من المسطرة الجنائية على أن " الصغير الذي لم يبلغ سنه اثنتي عشرة عاما يعتبر غير مسئول جنائيا لعدم تمييزه "، والتشريع التونسي بثلاثة عشرة سنة( م 38 ) كما رفعها القانون الليبي إلى أربعة عشرة سنة في المادة 80 من قانون عقوباته حيث تنص على أنه: " لايكون مسؤولا جنائيا الصغير الذي لم يبلغ سنه الرابعة عشرة "إلا أن التدابير لاتتخذ ضده إلا إذا بلغ سبع سنوات، علي محمد جعفر: الأحداث المنحرفون-دراسة مقارنة- ط 3، 1416 هـ – 1996 م، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت ونص 130 - 131 ، مصعب الهادي بابكر: الأسباب المانعة من المسؤولية الجنائية، 1408 ه- 1988 م، دار مكتبة الهلال، بيروت ص 11 ، ز زينب أحمد عوين: قضاء الأحداث ( دراسة مقارنة )، ط 1 ، 2003 م، دار الثقافة، الأردن ، ص 40 - 53 ، غسان رباح: الاتجاهات الحديثة في قانون العقوبات العام وقضاء الأحداث المنحرفين، 1990 م، الجامعة اللبنانية ص 183- 184 ، عبد الحكم فودة: امتناع المساءلة الجنائية في ضوء الفقه وقضاء النقض، ط 1997 م، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية ص 70 ، محمد سعيد الماحي: محاكمة الأحداث الجانحين، دراسة مقارنة، ط 1، 1425 ه 2005 م، مكتبة الفلاح، الكويت ص 82- 84 ، فتوح عبد الله الشاذلي: شرح قانون العقوبات – القسم العام – ط 2001 م، دار المطبوعات الجامعية، الإسكندرية ص 81 - 85 ، حسن الجوخدار: قانون الأحداث الجانحين، ط 1992،1 م، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، الأردن، ص 41- 49
3- عبد الله أوهايبية: شرح قانون العقوبات الجزائري ص 283 ، رضا فرج: شرح قانون العقوبات الجزائري، الكتاب الأول القسم العام، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، الجزائر ص 386 ، إبراهيم الشباسي: الوجيز في شرح قانون العقوبات الجزائري-القسم العام- 1401 هـ - 1981 م، دار الكتاب اللبناني، بيروت، ص 199- 200 ، حسن بوسقيعة: المسؤولية الجنائية للأحداث تقرير قدم في المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي لسنة 1992 م، الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية، دار النهضة العربية القاهرة ص 390 ، عادل قورة: محاضرات في قانون العقوبات، ط 1999 م، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ، ص 145
4 - رضا فرج: المرجع السابق ص 386 ، عبد الله سليمان: شرح قانون العقوبات الجزائري، الجريمة، ط 2002 م، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر ج 1 ص 317 ، منصور رحماني: الوجيز في القانون الجنائي العام، ط 2006 م، دار العلوم للنشر، عنابة، الجزائر ص 215 ، إبراهيم الشباسي: المرجع السابق ص 199- 201 ، مولاي ملياني بغدادي: - الإجراءات الجزائية في التشريع الجزائري، ط 1412 ه- 1992 م، المؤسسة الوطنية للكتاب، الجزائر، ص 444 .
5- وقد انتقد الدكتور رضا فرج ما ذهب إليه المشرع الجزائري فقال: " فالصبي غير المميز والذي تنتفي لديه القدرة على التمييز والإدراك يكون محلا لتوقيع تدابير أمن لتقويمه وتربيته وإصلاحه، وهي نتيجة تبدو غير منطقية مع فقدان التمييز ،كما أن النص لم يحدد الحالات التي يجوز فيها توقيع تدابير الأمن، فهل توقع تدابير الأمن على الصبي غير المميز إذا ارتكب جريمة غير عمدية ( إصابة خطأ!؟) أم هل يشترط أن يرتكب هذا الصبي جريمة عمدية تنبئ عن وجود شخصية إجرامية أو عن خطورة كامنة فيه تستوجب توقيع تدابير الأمن لحماية المجتمع من أضراره ؟ ثم ساق موقفين لحل هذه الصعوبة:
الأول موقف القضاء الفرنسي حيث رفض توقيع تدبير الأمن على الصبي غير المميز بدون توافر نوع من المسؤولية الجنائية ...أي توافر حد أدنى من التمييز .
الثاني موقف قانون العقوبات المصري إذ فرق بين أربع مراحل:
الأولى: حتى سن السابعة وتنعدم الأهلية ولا توقع على الصبي أية عقوبة أو أي تدبير تقويمي.
الثانية: من السابعة حتى الثانية عشرة يجوز أن يوقع عليه تدابير أمن في حال ارتكابه جناية أو جنحة .
الثالثة: من الثانية عشرة إلى الخامسة عشرة :يعاقب الحدث بعقوبة لا تزيد على ثلث العقوبة المنصوص عليها في حالة ارتكابه جناية، ويجوز للقاضي أن يكتفي بتوقيع تدابير التقويم والإصلاح .
الرابعة: من الخامسة عشرة إلى السابعة عشرة يكون القاصر في هذه السن محل توقيع عقوبات مخففة مع توقيع التدابير التقويمية .
ثم قال: وعلى أية حال فإن القضاء الفرنسي والتشريع المصري قد رفضا توقيع عقوبة أو تدبير أمن عندما تنعدم القدرة على التمييز نهائيا لدى الصبي . شرح قانون العقو بات الجزائري ص 387 .
6 - عبد الله أوهايبية: شرح قانون العقوبات الجزائري ص 283 ، ر ضا فرج: شرح قانون العقوبات الجزائري ص 386 ، إبراهيم الشباسي: الوجيز في شرح قانون العقوبات الجزائري-القسم العام- 1401 هـ - 1981 م، دار الكتاب اللبناني، بيروت ص 199- 200 ، أحسن بوسقيعة: المسؤولية الجنائية للأحداث بحث سابق ص 390 ، عادل قورة: محاضرات في قانون العقوبات ص 145
7- تأخذ بقية القوانين أيضا بالتقويم الميلادي،كما أن العبرة في سن المتهم هي بوقت وقوع الجريمة ( م 95 ) من فانون
الطفل المصري والمادة 515 من قانون المسطرة الجنائية المغربية، والمادة 31 -35 -من مشروع قانون الأحداث اليمني ، عوض محمد: قانون العقوبات- القسم العام- ط 2000 م، جامعة الإسكندرية ص 468 ،وف عبيد: مبادىء القسم العام من التشريع 1966 م، دار الفكر العربي ص 570 ، عبد الفتاح مصطفى الصيفي: قانون العقوبات النظرية العامة، دار الهدى للمطبوعات، الإسكندرية ص 539 ، علي عبد القادر القهوجي: قانون العقوبات–القسم العام– ط 2000 م، الدار الجامعية، بيروت ص 647 ، عبد الرحمن مصلح: المسؤولية الجنائية للأحداث تقرير مقدم إلى المؤ تمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي القاهرة دار النهضة العربية 1992 ، الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية ص 473 ، حسني الجندي: الحماية الجنائية للأحداث في القانون اليمني تقرير اليمن قدم في المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للقانون الجنائي القاهرة 1992 م، الآفاق الجديدة للعدالة الجنائية في مجال الأحداث ص 493 ، محمد سعيد الماحي: محاكمة الأحداث الجانحين ص 75
8 - حسن الجوخدار: قانون الأحداث الجانحين ص 76 ، رؤوف عبيد: المرجع السابق ص 570 ، عبد الفتاح مصطفى الصيفي: المرجع السابق ص 539
9 - أحسن بوسقيعة: البحث السابق ص 394 ، فضيل العيش:قانون الإجراءات الجزائية – قانون العقوبات – قانون مكافحة الفساد ص 105 ، علي محمد جعفر: الأحداث المنحرفون-دراسة مقارنة- ط 3 ، 1416 هـ – 1996 م، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت ص 131
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|