أقرأ أيضاً
التاريخ: 21-2-2021
2216
التاريخ: 28-8-2020
2003
التاريخ: 23-6-2019
3603
التاريخ: 8-1-2022
2007
|
لا تظنن مما قرع سمعك من فضيلة البلاء و ادائه إلى سعادة الأبد انه خير من العافية في الدنيا بل مع ذلك كله العافية في الدنيا خير من البلاء و المصيبة فيها ، فإياك ان تسأل من اللّه البلايا و المصائب في الدنيا ، فان رسول اللّه (صلى الله عليه واله) كان يستعيذ في دعائه من بلاء الدنيا وبلاء الاخرة ، و كان يقول هو و الأنبياء و الأوصياء (عليهم السلام) : «ربنا آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة» ، و كانوا يستعيذون من شماتة الأعداء و سوء القضاء.
وقال (صلى الله عليه واله) : «سلوا اللّه العافية ، فما أعطى عبد أفضل من العافية الا اليقين» و أشار باليقين الى عافية القلب من الجهل و الشك ، و هو أعلى و أشرف من عافية البدن , و قال (صلى الله عليه واله) فى دعائه : «و العافية أحب الي».
وبالجملة : هذا اظهر من ان يحتاج إلى الاستشهاد , اذ البلاء انما يصير نعمة بالإضافة إلى ما هو أكثر منه في الدنيا و الآخرة ، و بالإضافة إلى ما يرجى من الثواب في الآخرة ، و من حيث يوجب تجرد النفس و انقطاعها من الدنيا و ميلها إلى الآخرة , فينبغي ان يسأل تمام النعمة في الدنيا ، و الثواب في الآخرة على شكر المنعم ، و التجافي عن دار الغرور، و الإنابة إلى دار الخلود ، فانه قادر على إعطاء الكل ، و ما نقل عن بعض العارفين ، من سؤالهم المصائب و البلاء ، كما قال بعضهم : «اود ان أكون جسرا على النار يعبر على الخلق كلهم فينجون ، و أكون انا في النار» ، و قال سمنون المحب : «و ليس لي في سواك حب ، فكيفما شئت فاختبرني» ، فمبناه على غلبة الحب ، بحيث يظن المحب بنفسه انه يحب البلاء , و مثل ذلك حالة تعتريه ، و ليس لها حقيقة , فان من شرب كأس المحبة سكر، و من سكر توسع في الكلام و لما زال سكره علم ان ما غلب عليه كانت حالة لا حقيقة , فما تسمعه من هذا القبيل فهو كلام العشاق الذين افرط حبهم ، و كلام العشاق يستلذ سماعه و لا يعول عليه , و قد روى : «ان فاختة كان يراودها زوجها فتمنعه ، فقال : ما الذي يمنعك عنى ، و لو اردت ان اقلب لك ملك سليمان ظهرا لبطن لفعلته لأجلك؟ فسمع ذلك سليمان (عليه السلام)، فطلبه و عاتبه في ذلك فقال يا نبي اللّه كلام العشاق لا يحكى».
ونقل : «ان سمنون المحب بعد ما قال البيت المذكور، ابتلى بمرض الحصر، فكان يصيح و يجزع ، و يسأل اللّه العافية ، و يظهر الندامة مما قال ، و يدور على ابواب المكاتب ، و يقول للصبيان : ادعوا لعمكم الكذاب».
والحاصل : ان صيرورة البلاء أحب عند بعض المحبين من العافية ، لاستشعارهم رضا المحبوب لأجله ، و كون رضاه عندهم أحب و الذ من العافية انما يكون في غليان الحب ، فلا يثبت و لا يدوم.
ومع ذلك كله ، فاعلم ان الظاهر من بعض الاخبار الآتية في باب الصبر: ان في الجنان درجات عالية لا يبلغها أحد الا بالمصائب الدنيوية و الصبر و الشكر عليها ، و يؤيده ابتلاء أكابر النوع من الأنبياء و الأولياء ، بالمصائب العظيمة في الدنيا ، و ما ورد من ان أعظم البلاء موكل بالأنبياء ثم بالأولياء ، ثم بالأمثل فالأمثل في درجات العلاء و الولاء.
وعلى هذا ، فالظاهر اختلاف اصلحية كل من البلاء و العافية باختلاف مراتب الناس فمن كان قوى النفس صابرا شاكرا في البلاء ، ولم يصده عن الذكر والفكر والحضور والانس و الطاعات و الإقبال عليها ، و لم يصر باعثا لنقصان الحب للّه ، فالبلاء في حقه أفضل في بعض الأوقات ، اذ بإزائه في الآخرة من عوالي الدرجات ما لا يبلغ بدونه ، و من كان له ضعف نفس يوجب ابتلاءه بالمصائب جزعا أو كفرانا ، او منعه عن شيء مما ذكر، فالعافية اصلح في حقه وربما كان البلاء مما منعه من الوصول إلى المراتب العظيمة ، فلا ريب في ان العافية و عدم هذا البلاء أفضل و أعلى منه , فان البصير الذي توسل بعينيه إلى النظر إلى عجائب صنع اللّه وتوصل به إلى معرفة اللّه ، و تمكن لأجل العينين إلى مطالعة العلوم و تصنيف الكتب الكثيرة من أنواع العلوم ، و تبقى آثاره العلمية على مر الدهور، و ينتفع من علومه الناس ابدا ، و ربما بلغ لأجل العينين إلى غاية درجات المعرفة و القرب و الحب و الانس و الاستغراق ، ولو لا وجود العينين له لم يبلغ إلى شيء من ذلك ، فلا ريب في أن وجود البصر لمثله أفضل و اصلح من عدمه ، و لو لا ذلك لكانت رتبة شعيب مثلا - و قد كان ضريرا من بين الأنبياء - فوق رتبة موسى و إبراهيم و غيرهما (عليهم السلام) لأنه صبر على فقد البصر، و موسى لم يصبر عليه و لكان الكمال في ان يسلب الإنسان الأطراف كلها و يترك كلحم على و ضم.
وهذا باطل ، فان كل واحد من الأعضاء آلة في الدين ، فيفوت بفواتها ركن من الدين , و يدل على ذلك ما ورد في عدة من الاخبار : «أن كل ما يرد على المؤمن من بلاء أو عافية أو نعمة أو بلية ، فهو خير له و اصلح في حقه» .
و ما ورد في بعض الأحاديث القدسية : «إن بعض عبادي لا يصلحه إلا الفقر و المرض فأعطيته ذلك ، و بعضهم لا يصلحه إلا الغنى و الصحة ، فأعطيته ذلك».
و بذلك يجمع بين اخبار العافية و اخبار البلاء.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
خدمات متعددة يقدمها قسم الشؤون الخدمية للزائرين
|
|
|