أقرأ أيضاً
التاريخ: 25-01-2015
3259
التاريخ: 4-5-2016
3645
التاريخ: 2-5-2016
3837
التاريخ: 9-4-2016
3426
|
عصفت بفكرة أسبقية علي (عليه السلام) للاسلام رياحٌ شديدةٌ قادها بعض الرواة في مدرسة الصحابة، وهو أمرٌ يدعو الى الاسف والاسى. والانصاف ان علياً (عليه السلام) اسلم في سنٍّ قريب من البلوغ يجوز عليه الحكم، وكان كاملاً راشداً. وسوف نلمس ذلك باذنه تعالى في المباحث التالية:
1- الاسبقية في الاسلام:
للاسبقية في الاسلام اهمية عظيمة، ولذلك نرى احتدام الادعاءات باسبقية فلان على فلان ومحاولة اثبات ذلك بطرق تأريخية وروائية مختلفة. ولا نستطيع ادراك اهمية اسبقية علي (عليه السلام) الى الاسلام. الا بدراسة مغزى الاسبقية من الناحيتين الشرعية والفلسفية.
أ - مغزى الاسبقية في الاسلام:
ان اهمية اسبقية علي (عليه السلام) في الايمان بالرسالة تعني انه بقي صافي الفكر والروح ولم يتشرب بالفكر الوثني. فقد كان طاهراً منذ البداية ولم تنجسه الجاهلية بمدلهمات ثيابها على الصعيدين الروحي والفكري. وقد اشار تعالى الى ذلك في كتابه المجيد بالقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11]. وقد استند العلامة الحلي (ت 726 هـ) الى ما رواه احمد بن حنبل في مسنده ابن عباس من عدة طرق «ان علياً (عليه السلام) اول من اسلم» في اثبات امامة امير المؤمنين (عليه السلام).
والاصل في الاسبقية للاسلام ان طهارة السابق تبقى ملازمة له طول حياته، ولذلك فهو لا ينحرف لاحقاً اذا تعرض لظروف قاسية. وقد لاحظنا ان علياً (عليه السلام) بقي ثابتاً راسخاً في الايمان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) رغم المحن والمصاعب العظيمة التي تعرض لها. في حين عصى البعض النبي (صلى الله عليه واله) في مواطن كثيرة مثل: واقعة اُحد وحُنين ومخالفة وصية النبي (صلى الله عليه واله) عند الاجتماع في سقيفة بني ساعدة.
ب- الاسبقية في الاسلام: الجنبة الفلسفية
تعدُّ الشخصية الانسانية نظاماً مفتوحاً تدخل فيه الطاقة وتخرج منه باستمرار، وما يبقى من طاقة يُحفظ في الذاكرة ثمّ يخرج ببطء أيضاً على مر السنين. ونقصد بالطاقة: المعرفة والعلم. وما يصبُّ في ذهن الانسان من علوم او ملاحظات يراها في الخارج تترجم لاحقاً على شكل صور ذهنية، وأقوال وأفعال لفظية أو مكتوبة، وحركات معبّرة، ومواقف اجتماعية، وفهم ذاتي واجتماعي، ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة ، وفهم ذاتي واجتماعي، ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة. ومن خلال تلك الطاقة يصوغ الانسان انبساط تعامله مع الاخرين او انقباضه، ويصوغ ايضاً قوة الارتباط بمعتقده او يقدّر ضعف ذلك الارتباط، وكونه صالحاً كي يكون قدوة للآخرين او عدم صلاحه لذلك. وكل انسان يستطيع ان يحمل القلم بيده، ولكن القدرة على الكتابة لا تتوفر لكل فرد ما لم يكن متعلماً. وحتى الذين يعرفون الكتابة فإن عمق مؤلفاتهم يختلف من واحد لآخر بالدرجة لا بالرتبة. فالصحبة مع رسول الله (صلى الله عليه واله) قضية شبيهة بالقلم الذي يمسكه صاحبه ممن يعرف الكتابة ممن لا يعرفها.
ومن هنا نفهم مغزى الاسبقية في الاسلام. فالذي يشبّ على الايمان بالله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه واله) وبكتابه المجيد منذ نعومة اظفاره، فكأنما يمتلىء من طاقة العلم والمعرفة الدينية حداً بحيث لا تخرجُ منه الا الحكمة والعلم. وتكون صوره الذهنية غنية بأجواء الوحي وكلام الله سبحانه والرسالة التي يحتكّ بمصداقها وصاحبها (صلى الله عليه واله) كل يوم. فعلي (عليه السلام) عندما يتكلّم لا يخرج من فمه الشريف الا جواهر الافكار الدينية. وعندما يخطب تنـزل الكلمات الشرعية النقية كالزلال العذب بين شفتيه الشريفتين. فهو لا يخلط الصور الذهنية للوثنية بالصور الذهنية للاسلام كما كان يفعل بعض المسلمين، لانه عاش (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يتلقى منه العلم والمعرفة عن النبع الصافي المتصل بالسماء. وعندما كان يتصرف مع الآخرين، فقد كان سلوكه نابعاً من السلوك الديني النظيف الذي علمه إياه رسول الله (صلى الله عليه واله). وبذلك فقد كان سلوكه (عليه السلام) وعواطفه وافكاره نابعة من تأثيرات النبي (صلى الله عليه واله) قبل البعثة وبعدها، ومن كتاب الله المجيد، وما اوتي من نعمة ادراك الاسلام بصورته الواقعية.
والاسبقية في الاسلام والتعلم من رسول الله (صلى الله عليه واله) لم تقتصر على السلوك الفكري او الذهني، بل تعدت الى الدوافع الانسانية مثل الحاجات الجسدية الضرورية كالطعام والشراب والنوم. فقد كان طعام علي (عليه السلام) يشبه طعام رسول الله (صلى الله عليه واله) من حيث الزهد والتعفف عن ملء البطن، وكان اهل بيت النبوة (عليه السلام) قليلاً من الليل ما يهجعون، وكانوا بالاسحار يمارسون العبادة ويستغفرون، وكانوا يتلون كتاب الله ليل نهار. وقد كان شد الحجر على البطن من الجوع، والحرمان من النوم بسبب العبادة سمة من سمات اولئك «السابقون السابقون».
ولا شك ان الاسبقية في الاسلام اعطت علياً (عليه السلام) شخصية دينية ناضجة تشعر بامتداد عمق التكليف وانتشاره في كل مساحة من مساحات ذهنه وجسده، وعلاقة خشية وخوف من الله عزّ وجلّ، واطمئنان عاطفي وروحي بتقبل التضحيات والخسارة في سبيل الله، وثقة مطلقة ويقين قاطع بالمولى عزّ وجلّ، وادراك واقعي للاحكام والعقائد، وذاتية مملؤة تعرف موقعها في الحياة والمجتمع والكون. وتلك كانت فلسفة حياة كاملة عند علي (عليه السلام).
وبالجمال، فان الاسبقية في الاسلام حددت لعلي (عليه السلام) حاجاته الدينية والدنيوية، وتصوراته الذهنية عن الخلق والوجود، وموقفه الثابت من الاحداث والقضايا الخارجية، وخطه في العقيدة والحكم والقرار وخطط العمل لنصر الاسلام ضد الشرك والنفاق والقسط والنكوث والمروق.
لقد منحت الاسبقية لعلي (عليه السلام) علماً، وجعلته عبداً وسيداً في نفس الوقت: عبداً لله سبحانه بكل ما تعنيه العبودية من معنى، وسيداً على نفسه بكل ما تعنيه كلمة السيادة من سيطرة على الشهوات والرغبات. واصبح علي (عليه السلام) مكتفياً ذاتياً لا يحتاج الى مساعد او مستشار يستشيره في الاحكام الشرعية، كما كان الخلفاء الاوائل مثلاً يعانون منه. واصبح لا يطمع الا في مرضاة الله سبحانه كما كان يقول: «الله لو ادخلني الله النارَ وله في ذلك رضى، ما قلت انها النار ولكن قلت انها الجنة، لان جنتي رضاه». بينما كان الآخرون من بني امية وغيرهم يطمعون في السلطة والمنـزلة الاجتماعية واللذائذ الدنيوية.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|