المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الدلالات العلمية للنصوص على أسبقية علي (عليه السلام) للاسلام  
  
3219   04:48 مساءً   التاريخ: 14-2-2019
المؤلف : السيد زهير الاعرجي
الكتاب أو المصدر : السيرة الاجتماعية للامام علي بن أبي طالب (عليه السلام)
الجزء والصفحة : 200-202.
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام علي بن أبي طالب / مناقب أمير المؤمنين (عليه السّلام) /

عصفت بفكرة أسبقية علي (عليه السلام) للاسلام رياحٌ شديدةٌ قادها بعض الرواة في مدرسة الصحابة، وهو أمرٌ يدعو الى الاسف والاسى. والانصاف ان علياً (عليه السلام) اسلم في سنٍّ قريب من البلوغ يجوز عليه الحكم، وكان كاملاً راشداً. وسوف نلمس ذلك باذنه تعالى في المباحث التالية:  

1- الاسبقية في الاسلام:

للاسبقية في الاسلام اهمية عظيمة، ولذلك نرى احتدام الادعاءات باسبقية فلان على فلان ومحاولة اثبات ذلك بطرق تأريخية وروائية مختلفة. ولا نستطيع ادراك اهمية اسبقية علي (عليه السلام) الى الاسلام. الا بدراسة مغزى الاسبقية من الناحيتين الشرعية والفلسفية. 

أ - مغزى الاسبقية في الاسلام:

ان اهمية اسبقية علي (عليه السلام) في الايمان بالرسالة تعني انه بقي صافي الفكر والروح ولم يتشرب بالفكر الوثني. فقد كان طاهراً منذ البداية ولم تنجسه الجاهلية بمدلهمات ثيابها على الصعيدين الروحي والفكري. وقد اشار تعالى الى ذلك في كتابه المجيد بالقول: {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ} [الواقعة: 10، 11]. وقد استند العلامة الحلي (ت 726 هـ) الى ما رواه احمد بن حنبل في مسنده ابن عباس من عدة طرق «ان علياً (عليه السلام) اول من اسلم» في اثبات امامة امير المؤمنين (عليه السلام).

والاصل في الاسبقية للاسلام ان طهارة السابق تبقى ملازمة له طول حياته، ولذلك فهو لا ينحرف لاحقاً اذا تعرض لظروف قاسية. وقد لاحظنا ان علياً (عليه السلام) بقي ثابتاً راسخاً في الايمان بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه واله) رغم المحن والمصاعب العظيمة التي تعرض لها. في حين عصى البعض النبي (صلى الله عليه واله) في مواطن كثيرة مثل: واقعة اُحد وحُنين ومخالفة وصية النبي (صلى الله عليه واله) عند الاجتماع في سقيفة بني ساعدة. 

ب- الاسبقية في الاسلام: الجنبة الفلسفية

تعدُّ الشخصية الانسانية نظاماً مفتوحاً تدخل فيه الطاقة وتخرج منه باستمرار، وما يبقى من طاقة يُحفظ في الذاكرة ثمّ يخرج ببطء أيضاً على مر السنين. ونقصد بالطاقة: المعرفة والعلم. وما يصبُّ في ذهن الانسان من علوم او ملاحظات يراها في الخارج تترجم لاحقاً على شكل صور ذهنية، وأقوال وأفعال لفظية أو مكتوبة، وحركات معبّرة، ومواقف اجتماعية، وفهم ذاتي واجتماعي، ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة ، وفهم ذاتي واجتماعي، ومواصفات شخصية عامة اكتسبت صفة الفضيلة او الرذيلة. ومن خلال تلك الطاقة يصوغ الانسان انبساط تعامله مع الاخرين او انقباضه، ويصوغ ايضاً قوة الارتباط بمعتقده او يقدّر ضعف ذلك الارتباط، وكونه صالحاً كي يكون قدوة للآخرين او عدم صلاحه لذلك. وكل انسان يستطيع ان يحمل القلم بيده، ولكن القدرة على الكتابة لا تتوفر لكل فرد ما لم يكن متعلماً. وحتى الذين يعرفون الكتابة فإن عمق مؤلفاتهم يختلف من واحد لآخر بالدرجة لا بالرتبة. فالصحبة مع رسول الله (صلى الله عليه واله) قضية شبيهة بالقلم الذي يمسكه صاحبه ممن يعرف الكتابة ممن لا يعرفها.

ومن هنا نفهم مغزى الاسبقية في الاسلام. فالذي يشبّ على الايمان بالله سبحانه ورسوله (صلى الله عليه واله) وبكتابه المجيد منذ نعومة اظفاره، فكأنما يمتلىء من طاقة العلم والمعرفة الدينية حداً بحيث لا تخرجُ منه الا الحكمة والعلم. وتكون صوره الذهنية غنية بأجواء الوحي وكلام الله سبحانه والرسالة التي يحتكّ بمصداقها وصاحبها (صلى الله عليه واله) كل يوم. فعلي (عليه السلام) عندما يتكلّم لا يخرج من فمه الشريف الا جواهر الافكار الدينية. وعندما يخطب تنـزل الكلمات الشرعية النقية كالزلال العذب بين شفتيه الشريفتين. فهو لا يخلط الصور الذهنية للوثنية بالصور الذهنية للاسلام كما كان يفعل بعض المسلمين، لانه عاش (عليه السلام) مع رسول الله (صلى الله عليه واله) يتلقى منه العلم والمعرفة عن النبع الصافي المتصل بالسماء. وعندما كان يتصرف مع الآخرين، فقد كان سلوكه نابعاً من السلوك الديني النظيف الذي علمه إياه رسول الله (صلى الله عليه واله). وبذلك فقد كان سلوكه (عليه السلام) وعواطفه وافكاره نابعة من تأثيرات النبي (صلى الله عليه واله) قبل البعثة وبعدها، ومن كتاب الله المجيد، وما اوتي من نعمة ادراك الاسلام بصورته الواقعية.

والاسبقية في الاسلام والتعلم من رسول الله (صلى الله عليه واله) لم تقتصر على السلوك الفكري او الذهني، بل تعدت الى الدوافع الانسانية مثل الحاجات الجسدية الضرورية كالطعام والشراب والنوم. فقد كان طعام علي (عليه السلام) يشبه طعام رسول الله (صلى الله عليه واله) من حيث الزهد والتعفف عن ملء البطن، وكان اهل بيت النبوة (عليه السلام) قليلاً من الليل ما يهجعون، وكانوا بالاسحار يمارسون العبادة ويستغفرون، وكانوا يتلون كتاب الله ليل نهار. وقد كان شد الحجر على البطن من الجوع، والحرمان من النوم بسبب العبادة سمة من سمات اولئك «السابقون السابقون».

ولا شك ان الاسبقية في الاسلام اعطت علياً (عليه السلام) شخصية دينية ناضجة تشعر بامتداد عمق التكليف وانتشاره في كل مساحة من مساحات ذهنه وجسده، وعلاقة خشية وخوف من الله عزّ وجلّ، واطمئنان عاطفي وروحي بتقبل التضحيات والخسارة في سبيل الله، وثقة مطلقة ويقين قاطع بالمولى عزّ وجلّ، وادراك واقعي للاحكام والعقائد، وذاتية مملؤة تعرف موقعها في الحياة والمجتمع والكون. وتلك كانت فلسفة حياة كاملة عند علي (عليه السلام).

وبالجمال، فان الاسبقية في الاسلام حددت لعلي (عليه السلام) حاجاته الدينية والدنيوية، وتصوراته الذهنية عن الخلق والوجود، وموقفه الثابت من الاحداث والقضايا الخارجية، وخطه في العقيدة والحكم والقرار وخطط العمل لنصر الاسلام ضد الشرك والنفاق والقسط والنكوث والمروق.

لقد منحت الاسبقية لعلي (عليه السلام) علماً، وجعلته عبداً وسيداً في نفس الوقت: عبداً لله سبحانه بكل ما تعنيه العبودية من معنى، وسيداً على نفسه بكل ما تعنيه كلمة السيادة من سيطرة على الشهوات والرغبات. واصبح علي (عليه السلام) مكتفياً ذاتياً لا يحتاج الى مساعد او مستشار يستشيره في الاحكام الشرعية، كما كان الخلفاء الاوائل مثلاً يعانون منه. واصبح لا يطمع الا في مرضاة الله سبحانه كما كان يقول: «الله لو ادخلني الله النارَ وله في ذلك رضى، ما قلت انها النار ولكن قلت انها الجنة، لان جنتي رضاه». بينما كان الآخرون من بني امية وغيرهم يطمعون في السلطة والمنـزلة الاجتماعية واللذائذ الدنيوية. 

 




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.