النصوص الصريحة في الكتاب والسنّة حول ولاية أمير المؤمنين عليه السلام
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص179-182
2025-11-22
28
ألم تنزل آية الولاية في أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين عليهم السلام؟ فقد قال جلّ من قائل: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ}[1]، فلا شكّ أنّ هذه الآية نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام بإجماع الشيعة والسنّة. وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي ورَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً}. وهذه الآية نزلت عند ما خاطب النبيّ الامّة في غدير خم قائلًا: «ألَسْتُ أولى بِكُمْ مِن أنْفُسِكُمْ؟ قَالُوا: بِلَى. قَالَ: مَن كُنتُ مَوْلَاهُ فَهَذا عليّ مَوْلَاهُ».
وقال تعالى في آية التطهير: {إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} وهم الخمسة المطهّرون: رسول الله وأمير المؤمنين، وفاطمة، والحسن، والحسين صلوات الله عليهم.
وجاء في حديث السفينة: «مَثَلُ أهْلِ بَيتِي فِيكُمْ كَمَثَلِ سَفِينَةِ نُوحٍ مَن رَكِبَها نَجَى ومَنْ تَخَلَّفَ عَنْها غَرِقَ».
وحديث العشيرة: «أيُّكُمْ يُؤازِرُنِي عَلَى أن يَكُونَ أخِي ووَزِيرِي وخَلِيفَتِي مِن بَعْدِي؟»
وحديث الثَّقَلَيْن: «إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمُ الثَّقَلَيْنِ كِتَابَ اللهِ وعِترَتِي أهلَ بَيتِي، مَا إِن تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدِي أبَداً».
وحديث المنزلة: «يَا عليّ! أنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارونَ مِنْ موسى إِلَّا أنَّهُ لا نَبِيّ بَعْدِي».ى
وحديث خصف النعل: «أنَا قَاتَلْتُ النَّاسَ عَلَى تَنزِيلِ الْقُرآنِ ولَكِنْ خَاصِفُ النَّعلِ يُقَاتِلُهُمْ عَلَى تَأوِيلِهِ- وكَانَ قَد أعْطَى عَلِيّاً نَعْلَهُ يخْصِفُها». ونحو أمره صلى الله عليه وآله أصحابه أن يسلّموا عليه بالإمارة ويقولوا: السَّلامُ عَلَيْكَ يَا أمير المؤمنين. وأحاديث اخرى جمّة صرّح بها رسول الله عشرات المرّات بل مئات المرّات، وفي مجالس عديدة ومواطن كثيرة فسمّاه وصيّه، ووزيره، ووارثه، وأخاه، ونَفْسه، وخليفته، ووليّ كلّ مؤمن بعده. وهذه الأحاديث التي وردت، والآيات التي نزلت في حقّ أمير المؤمنين، وآيات اخرى غيرها، كلّها ممّا يتّفق عليها الشيعة والسنّة. فقد اعتبروا جميع إسنادها صحيحة، ورووها عن رسول الله بطرق عديدة وذكروها في كتب التاريخ والحديث والتفسير المعتبرة[2]. أ لا تكفي كلّ هذه الآيات والروايات المعتبرة لإثبات ولاية أمير المؤمنين وأبنائه الطاهرين؟!
أجل، فإذا لم نعتبر هذه الروايات نصوصاً صريحة، فهذا يعني أنّنا لم نفهم معنى النصّ الصريح، ولو تكلّم جبرئيل ونادى من أعلى السماء: أنّ أمير المؤمنين وصيّ رسول الله، لعادوا إلى قولهم بأنّ هذا ليس نصّاً وتصريحاً. وكلّ من يراجع كتب أهل السنّة يجدها زاخرة بأحاديث الوصاية وتصريحات رسول الله، مع ذلك فهم يقولون: لم يصرّح رسول الله بذلك.
لقد كان مشركو قريش يرون الآيات الباهرة والمعاجز القاهرة من رسول الله كلّ يوم بحيث لم يبق أمامهم أي مجال للشكّ والإبهام، بَيدَ أنّهم لم يقرّوا بها؛ لأنّ نفوسهم لم تستعدّ لقبول قول الحقّ والانصياع للواقع. {وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وفِي آذانِهِمْ وَقْراً وإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[3].
وقال تعالى: {وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وكانُوا عَنْها غافِلِينَ}[4].
وقال عزّ شأنه: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّماواتِ والْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْها وهُمْ عَنْها مُعْرِضُونَ، وما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وهُمْ مُشْرِكُونَ}[5].
وقال: {إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ، ولَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ}[6].
أنّ كلّ من يلاحظ سيرة رسول الله مع أمير المؤمنين عليه السلام ويستقصي اسلوبهما وسلوكهما فإنّه يقف على هذه الحقيقة بدون أي شكّ وريب، وهي أنّ وجود ذلك الإمام العظيم امتداد لوجود رسول الله ومخلّد له، وهو نفس النبيّ، وخلافته بعد رسول الله كالشمس الساطعة في رائعة النهار.
[1] الآية 55، من السورة 5: المائدة.
[2] ذكرنا في المباحث المتقدّمة سند بعضها، وسيأتي سند البعض الآخر في المباحث القادمة إن شاء الله تعالى.
[3] الآية 25، من السورة 6: الأنعام.
[4] الآية 146، من السورة 7: الأعراف.
[5] الآيتان 105 و106، من السورة 12: يوسف.
[6] الآيتان 96 و97، من السورة 10: يونس.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة