1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

تأملات قرآنية

مصطلحات قرآنية

هل تعلم

علوم القرآن

أسباب النزول

التفسير والمفسرون

التفسير

مفهوم التفسير

التفسير الموضوعي

التأويل

مناهج التفسير

منهج تفسير القرآن بالقرآن

منهج التفسير الفقهي

منهج التفسير الأثري أو الروائي

منهج التفسير الإجتهادي

منهج التفسير الأدبي

منهج التفسير اللغوي

منهج التفسير العرفاني

منهج التفسير بالرأي

منهج التفسير العلمي

مواضيع عامة في المناهج

التفاسير وتراجم مفسريها

التفاسير

تراجم المفسرين

القراء والقراءات

القرآء

رأي المفسرين في القراءات

تحليل النص القرآني

أحكام التلاوة

تاريخ القرآن

جمع وتدوين القرآن

التحريف ونفيه عن القرآن

نزول القرآن

الناسخ والمنسوخ

المحكم والمتشابه

المكي والمدني

الأمثال في القرآن

فضائل السور

مواضيع عامة في علوم القرآن

فضائل اهل البيت القرآنية

الشفاء في القرآن

رسم وحركات القرآن

القسم في القرآن

اشباه ونظائر

آداب قراءة القرآن

الإعجاز القرآني

الوحي القرآني

الصرفة وموضوعاتها

الإعجاز الغيبي

الإعجاز العلمي والطبيعي

الإعجاز البلاغي والبياني

الإعجاز العددي

مواضيع إعجازية عامة

قصص قرآنية

قصص الأنبياء

قصة النبي ابراهيم وقومه

قصة النبي إدريس وقومه

قصة النبي اسماعيل

قصة النبي ذو الكفل

قصة النبي لوط وقومه

قصة النبي موسى وهارون وقومهم

قصة النبي داوود وقومه

قصة النبي زكريا وابنه يحيى

قصة النبي شعيب وقومه

قصة النبي سليمان وقومه

قصة النبي صالح وقومه

قصة النبي نوح وقومه

قصة النبي هود وقومه

قصة النبي إسحاق ويعقوب ويوسف

قصة النبي يونس وقومه

قصة النبي إلياس واليسع

قصة ذي القرنين وقصص أخرى

قصة نبي الله آدم

قصة نبي الله عيسى وقومه

قصة النبي أيوب وقومه

قصة النبي محمد صلى الله عليه وآله

سيرة النبي والائمة

سيرة الإمام المهدي ـ عليه السلام

سيرة الامام علي ـ عليه السلام

سيرة النبي محمد صلى الله عليه وآله

مواضيع عامة في سيرة النبي والأئمة

حضارات

مقالات عامة من التاريخ الإسلامي

العصر الجاهلي قبل الإسلام

اليهود

مواضيع عامة في القصص القرآنية

العقائد في القرآن

أصول

التوحيد

النبوة

العدل

الامامة

المعاد

سؤال وجواب

شبهات وردود

فرق واديان ومذاهب

الشفاعة والتوسل

مقالات عقائدية عامة

قضايا أخلاقية في القرآن الكريم

قضايا إجتماعية في القرآن الكريم

مقالات قرآنية

التفسير الجامع

حرف الألف

سورة آل عمران

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

سورة إبراهيم

سورة الإسراء

سورة الأنبياء

سورة الأحزاب

سورة الأحقاف

سورة الإنسان

سورة الانفطار

سورة الإنشقاق

سورة الأعلى

سورة الإخلاص

حرف الباء

سورة البقرة

سورة البروج

سورة البلد

سورة البينة

حرف التاء

سورة التوبة

سورة التغابن

سورة التحريم

سورة التكوير

سورة التين

سورة التكاثر

حرف الجيم

سورة الجاثية

سورة الجمعة

سورة الجن

حرف الحاء

سورة الحجر

سورة الحج

سورة الحديد

سورة الحشر

سورة الحاقة

الحجرات

حرف الدال

سورة الدخان

حرف الذال

سورة الذاريات

حرف الراء

سورة الرعد

سورة الروم

سورة الرحمن

حرف الزاي

سورة الزمر

سورة الزخرف

سورة الزلزلة

حرف السين

سورة السجدة

سورة سبأ

حرف الشين

سورة الشعراء

سورة الشورى

سورة الشمس

سورة الشرح

حرف الصاد

سورة الصافات

سورة ص

سورة الصف

حرف الضاد

سورة الضحى

حرف الطاء

سورة طه

سورة الطور

سورة الطلاق

سورة الطارق

حرف العين

سورة العنكبوت

سورة عبس

سورة العلق

سورة العاديات

سورة العصر

حرف الغين

سورة غافر

سورة الغاشية

حرف الفاء

سورة الفاتحة

سورة الفرقان

سورة فاطر

سورة فصلت

سورة الفتح

سورة الفجر

سورة الفيل

سورة الفلق

حرف القاف

سورة القصص

سورة ق

سورة القمر

سورة القلم

سورة القيامة

سورة القدر

سورة القارعة

سورة قريش

حرف الكاف

سورة الكهف

سورة الكوثر

سورة الكافرون

حرف اللام

سورة لقمان

سورة الليل

حرف الميم

سورة المائدة

سورة مريم

سورة المؤمنين

سورة محمد

سورة المجادلة

سورة الممتحنة

سورة المنافقين

سورة المُلك

سورة المعارج

سورة المزمل

سورة المدثر

سورة المرسلات

سورة المطففين

سورة الماعون

سورة المسد

حرف النون

سورة النساء

سورة النحل

سورة النور

سورة النمل

سورة النجم

سورة نوح

سورة النبأ

سورة النازعات

سورة النصر

سورة الناس

حرف الهاء

سورة هود

سورة الهمزة

حرف الواو

سورة الواقعة

حرف الياء

سورة يونس

سورة يوسف

سورة يس

آيات الأحكام

العبادات

المعاملات

القرآن الكريم وعلومه : العقائد في القرآن : أصول : الامامة :

مصادر علم الأئمّة!

المؤلف:  الشيخ ناصر مكارم الشيرازي

المصدر:  نفحات القران

الجزء والصفحة:  ج9 , ص85- 96.

10-12-2015

3648

من الامور المهمّة الجديرة بالدقّة والاهتمام فيما يتعلق بعلم الأئمّة المعصومين عليهم السلام، مصادر علم الأئمّة عليهم السلام، إذ من أين يحصل لهم هذا الاطلاع الواسع على‏ امور الدين والدنيا، وبالتسليم بأنّ الوحي لا ينزل عليهم، وأنّ أبواب الوحي بعد وفاة خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله قد أوصدت والى الأبد، فكيف يطلعون على‏ مسائل الشريعة ومصالح الإسلام والمسلمين والحقائق المتعلقة بالماضي والمستقبل التي تعتبر ضرورية في أمر هداية الامة؟

من الممكن معرفة هذه المصادر جيدا من خلال الإشارات التي وردت في آيات القرآن والبيانات المفصلة والواسعة التي جاءت في الروايات.

إنّ هذه المصادر متنوعة وكثيرة نذكر بعضاً منها :

1- العلم الكامل بكتاب اللَّه‏

بنحو يلمّون فيه بمعرفة تفسيره وتأويله وباطنه وظاهره ومحكمه ومتشابهه.

يقول القرآن الكريم : {وَيَقُولُ الَّذينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفَى‏ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُم وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الكِتابِ} (الرعد/ 43) .

يتضح من خلال هذه الآية أنّ هناك شخصا لديه علم الكتاب جميعاً (انتبهوا إلى‏ أنّ علم الكتاب قد جاء بشكل مطلق، وشامل لجميع العلوم المتعلقة بعلم الكتاب، على‏ العكس ممّا ورد في الآية : { قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ انْ يَرْتَدَّ اليكَ طَرْفُكَ } (النمل/ 40) .

من المسلَّم به أنّ كتاب اللَّه معين لا ينضب من العلوم، وأنّ العلم به مفتاح لجميع الامور، فعندما يستطيع‏ «آصف بن برخيا» وزير سليمان من القيام بهذا العمل المهم نتيجة لعلمه ببعض الكتاب، ويأتي بعرش ملكة سبأ بطرفة عين من أقصى‏ جنوب الجزيرة العربية (اليمن) إلى‏ أقصى شمالها (الشام مركز حكومة سليمان)، فمن المسلم به أنّ الذي عنده جميع علم الكتاب يستطيع القيام بأعمال أهم من ذلك كثيراً، ولكن من الذي عنده علم الكتاب؟ يشير القرآن الكريم إلى‏ ذلك إشارة غامضة.

فقال البعض : إنّ المراد هو اللَّه تعالى (وعلى‏ هذا سيكون عطف جملة «عنده علم الكتاب» عطفاً تفسيرياً، وهذا يخالف ظاهر الكلام).

كما قال عدد من المفسرين : المراد منه هم علماء أهل الكتاب وأشخاص كسلمان، وعبد اللَّه بن سلّام الذين كانوا قد شاهدوا علامات النبي صلى الله عليه و آله في الكتب السماوية السابقة ويشهدون بحقانيته صلى الله عليه و آله.

إلّا أنّ أغلب المفسرين نقلوا في كتبهم أنّ هذه الآية إشارة إلى‏ علي بن أبي طالب عليه السلام وأئمّة الهدى‏ عليهم السلام.

يروي المفسر الشهير القرطبي في تفسير هذه الآية عن عبد اللَّه بن عطاء : قلت لأبي جعفر علي بن الحسين عليه السلام : إنّ الناس يظنون أنّ الذي عنده علم الكتاب هو عبد اللَّه بن سلام، فقال : «إنّما ذلك علي بن أبي طالب رضي اللَّه عنه»، هو علي بن أبي طالب فقط، وكذلك قال محمد بن الحنفية ذلك‏ (1).

والجدير بالذكر أنّ هذه السورة (سورة الرعد) نزلت في مكة والحال أنّ عبد اللَّه بن سلام وسلمان الفارسي وسائر علماء أهل الكتاب أسلموا في المدينة.

وقد ورد هذا الكلام عن سعيد بن جبير أيضاً عندما سئل : هل أنّ‏ «مَنْ عنده علم الكتاب» هو عبد اللَّه بن سلام؟ قال : « كيف يكون هو وهذه السورة مكية » (2)؟

كما ينقل الشيخ سليمان القندوزي الحنفي‏ (3) في « ينابيع المودة » عن « الثعلبي » و « ابن المغازلي » عن «عبد اللَّه بن عطاء» : كنت مع محمد الباقر عليه السلام في المسجد ورأيت ولد عبداللَّه بن سلام فقلت : هذا ابنُ منْ عنده علم الكتاب، فقال : هذه الآية بحق علي بن أبي طالب عليه السلام‏ (4).

وقد رويت في نفس الكتاب رواية اخرى‏ عن عطية العوفي عن «أبي سعيد الخدري» قال : سألت رسول اللَّه صلى الله عليه و آله عن آية «الذي عنده علم من الكتاب»، فقال صلى الله عليه و آله : هو وزير أخي سليمان، ثم سألته عن آية «قل كفى‏ باللَّه شهيداً بيني وبينكم ومنْ عنده علم الكتاب»، فقال صلى الله عليه و آله : ذاك أخي علي بن أبي طالب عليه السلام‏ (5).

ونقرأ أيضاً في رواية اخرى‏ عن ابن عباس أنّه قال : «مَنْ عنده علم الكتاب» إنّما هو عليّ عليه السلام، لقد كان عالماً بالتفسير والتأويل والناسخ والمنسوخ‏ (6).

وملخص الكلام هو : لا يمكن تفسير هذه الآية بعلماء أهل الكتاب ابداً، بسبب نزول هذه السورة الرعد في مكة، وهؤلاء أسلموا بعد الهجرة في المدينة، واستناداً إلى‏ الروايات الآنفة فهي بحق عليّ عليه السلام ومن بعده تشمل (سائر الأئمّة المعصومين عليهم السلام).

نعم، فهذا العلم الواسع بالقرآن الكريم وأسراره، ودقائقه، وظاهره وباطنه، هو أحد المصادر الرئيسة لعلم الأئمّة المعصومين عليهم السلام‏ (7).

ومن شواهد هذا المعنى قول الآية الكريمة : { وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ الَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى العِلْمِ }. (آل عمران/ 7)

وللتوضيح‏ : ثمّة جدل بين المفسرين بأنّ هل‏ « الرَّاسِخُونَ فِى العِلمِ » معطوفة على‏ « اللَّه » أي ليس هنالك من يعلم تأويل القرآن سوى اللَّه‏ «والراسخون في العلم»، أم أنّها مطلع جملة مستقلة؟ وعليه فإنّ مفهوم الآية يكون هكذا  : لا يعلم تأويل القرآن غير اللَّه، أمّا الراسخون في العلم فيقولون : وإن كنّا لا نعلم تأويل الآيات المتشابهة، إلّا أننا نُسلِّم أمامها».

وما يؤيد المعنى الأول هو أولًا : من المستبعد أن تكون في القرآن أسرار لا يعلمها إلّا اللَّه فقط، فالقرآن نزل لتربية الناس وهدايتهم، ولا معنى‏ في أن تكون في هذا الكتاب آيات وجملٌ لا يعلم مقصودها إلّا اللَّه تعالى‏.

ثانياً : كما يقول المفسر الكبير «الطبرسي» في «مجمع البيان» : لا يوجد بين المفسرين من يقول : إنّ الآية الفلانية لا يعلم معناها إلّا اللَّه، بل إنّهم يسعون دائماً لكشف أسرار الآيات بطرق مختلفة، منها أحاديث المعصومين عليهم السلام، وفي الواقع أنّ هذا الكلام يناقض إجماع المفسرين.

ثالثاً : إذا كان المقصود هو التسليم بدون علم فيجب أن يقال : «الراسخون في الإيمان، لا الراسخون في العلم»، فالذي لا يعرف شيئاً كيف يمكن تسميته راسخاً في العلم؟

رابعاً : جاء في عدّة روايات أنّ «الراسخون في العلم، يعلمون تأويل القرآن» وهذا دليلٌ على‏ أنّ هذه العبارة عطف على‏ لفظ الجلالة «اللَّه».

فنقرأ في حديث عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال : «الراسخون في العلم أمير المؤمنين والأئمّة من بعده» (8).

وجاء في رواية اخرى‏ عنه عليه السلام أنّه قال : نحن الراسخون في العلم ونحن نعلم تأويله» (9).

ونقرأ في رواية اخرى‏ أيضاً، أنّ الإمام الباقر عليه السلام (أو الإمام الصادق عليه السلام) قال في تفسير الآية : «وَمَا يَعلَمُ تَأوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِى العِلمِ» : «فرسول اللَّه أفضل الراسخين في العلم، قد علمه اللَّه عزّ وجلّ جميع ما أُنزل عليه من التنزيل والتأويل، وما كان اللَّه لينزل عليه شيئاً لم يعلمه تأويله، وأوصيائه من بعده يعلمونه كله» (10).

وهنالك روايات عديدة اخرى‏ بهذا الصدد تؤيد هذا المعنى‏ المفهوم‏ (11).

من خلال البراهين الأربعة التي ذكرناها آنفا- وكل برهان منها يكفي لإثبات الغرض- فلا يبقى‏ شك في أنّ عبارة «والراسخون في العلم» معطوفة على‏ «اللَّه» ومعناها علمهم بالتأويل وباطن الكتاب.

والجدير بالذكر أنّ التعبير ب «الراسخون في العلم» جاء مرتين في القرآن الكريم، فمرة جاء في الآية محل البحث سورة آل عمران 7، ومرّة في سورة النساء حيث يقول تعالى‏ بعد أنّ ذم أفعال أهل الكتاب (اليهود والنصارى‏) القبيحة المتمثلة بأكل الربا ونهب أموال الناس :

{لَّكِنِ الرَّاسِخُونَ فِى العِلْمِ مِنهُمْ وَالمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنزِلَ الَيكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبلِكَ}.

(النساء/ 162)

ويبدو أنّ الذين ذكروا اسم «عبداللَّه بن سلام» وأمثاله من علماء أهل الكتاب- الذين أسلموا- في تفسير الراسخين في العلم يقصدون هذه الآية 162 من سور النساء، لا الآية 7 من سورة آل عمران، لأنّ الآية التي تتحدث حول علماء أهل الكتاب الآية الاولى، أمّا الآية التي هي محل بحثنا (الآية 7 من سورة آل عمران) فلا علاقة لها بقضية أهل الكتاب، (تأملوا جيداً).

كما تتضح هنا نكتة مهمّة اخرى وهي : ما ورد في خطبة الأشباح في نهج البلاغة حيث يقول عليه السلام : «واعلمْ أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم اللَّه عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب لا قرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب المحجوب» (12).

وربّما يكون إشارة إلى‏ آية سورة النساء أيضاً، حيث يتحدث عن تسليم بعض علماء أهل الكتاب والمؤمنين بلا قيد أو شرط أمام القرآن وسائر الكتب السماوية، لا الآية من سورة آل عمران (تأملوا جيداً كذلك).

وملخص الكلام أنّ ظاهر الآية 7 من سورة آل عمران يقول : إنّ اللَّه والراسخين في العلم يعلمون تأويل القرآن، ونظراً إلى‏ أنّ المقصود من الراسخين في العلم هم النبي صلى الله عليه و آله والأئمّة المعصومون عليهم السلام بالدرجة الاولى‏، إذن يُعرف أحد مصادر علمهم وهو القرآن الكريم وتأويله وتفسيره وظاهره وباطنه.

ونختتم هذا الحديث بإشارة اخرى‏ إلى‏ آيات القرآن الكريم فنقرأ في الآية : { بَلْ هُوَ آياتٌ بَيَّنَاتٌ فِى صُدُورِ الَّذِينَ اوْتُوا العِلْمَ }. (العنكبوت/ 49)

ففي مصادر أهل البيت عليهم السلام تلاحظ روايات كثيرة بصدد تفسير جملة «الذين اوتوا العلم» في هذه الآية بالأئمّة المعصومين بعد النبي صلى الله عليه و آله.

وللمزيد من الاطلاع راجعوا بحار الأنوار وتفسير البرهان‏ (13).

2- الوراثة من النبي صلى الله عليه و آله‏

المصدر الثاني من مصادر علوم الأئمّة المعصومين عليهم السلام هو الوراثة من النبي صلى الله عليه و آله، بمعنى‏ أنّ النبي صلى الله عليه و آله قد علَّم عليّاً عليه السلام جميع العلوم وشرائع الإسلام، واستنادا إلى‏ بعض الروايات فإنّ علياً عليه السلام قد كتب ذلك في كتاب بخط يده وانتقل هذا العلم إلى‏ أولاده أي الأئمّة المعصومين عليهم السلام نسلًا بعد نسل.

أو بتعبير آخر- كما ورد في الروايات- أنّ النبي صلى الله عليه و آله علمَ علياً عليه السلام ألف باب من العلم ينفتح من كل باب ألف باب.

وقد احتوى‏ في كتاب الكافي على‏ روايات عديدة في هذا المجال، منها ما نقرأه في حديث عن أبي بصير حيث يقول : سألت الإمام الصادق عليه السلام إنّ شيعتكم يقولون : إنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله علَّم علياً عليه السلام باباً من العلم ينفتح منه ألف باب، قال الإمام عليه السلام : «علم رسول اللَّه علياً ألف باب يفتح من كل باب ألف باب».

ثم قال عليه السلام : «يا أبا بصير! ان عندنا الجامعة ... قلت وما الجامعة؟ قال : صحيفة طولها سبعون ذراعاً بذراع رسول اللَّه صلى الله عليه و آله واملائه، من فَلْق فيه، وخطّ علي بيمينه، فيها كل حلال وحرام، وكل شي‏ء يحتاج الناس إليه حتى الارش من الخدش» (14).

والجدير بالذكر أنّه قد وردت روايات لا حصر لها في اشهر كتب السنة والشيعة حول‏ الحديث المعروف ب «مدينة العلم» ومن جملة رواة هذا الحديث «ابن عباس» و «جابر بن عبد اللَّه» و «عبد اللَّه بن عمر» و «علي عليه السلام».

ومن الذين نقلوا هذا الحديث في كتبهم هم «الحاكم النيسابوري» في «المستدرك»، و «أبو بكر النيشابوري» في «تاريخ بغداد» و «ابن المغازلي» في «مناقب أمير المؤمنين عليه السلام»، والكنجي في «كفاية الطالب» و «الحمويني» في «فرائد السمطين» و «الذهبي» في «ميزان الاعتدال» و«القندوزي» في «ينابيع المودة» و «النبهاني» في «الفتح الكبير» وطائفة اخرى‏ (15).

ونقرأ أيضاً في عدّة روايات بصريح القول أنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام كانوا يقولون : ما ننقله بإمكانك أن تنقله عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، لأننا سمعنا كل ذلك عن أجدادنا عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله!.

فقد سأل أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام : ربّما نسمع حديثاً منك، ثم نشك في هل أننا سمعناه منك أم من أبيك؟

فقال عليه السلام : «ما سمعته منّي فاروه عن أبي، وما سمعته من أبي فاروه عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله» (16).

ويقول في مكان آخر أيضاً : «حديثي حديث أبي، وحديث أبي حديث جدي، وحديث جدي حديث الحسين، وحديث الحسين حديث الحسن، وحديث الحسن حديث أمير المؤمنين عليه السلام وحديث أمير المؤمنين عليه السلام حديث رسول اللَّه صلى الله عليه و آله وحديث رسول اللَّه قول اللَّه عزّ وجلّ» (17).

وجاء عنه عليه السلام في رواية اخرى‏ حيث قال بصريح العبارة : «مهما اجبتك فيه بشي‏ء فهو من رسول اللَّه لسنا نقول برأينا من شي‏ء» (18).

3- الاتصال بالملائكة

من مصادر علم الأئمّة، اتصالهم بالملائكة، لا بمعنى‏ أنّهم كانوا من الأنبياء والرسل، فإنّنا نعلم أنّ نبي الإسلام صلى الله عليه و آله كان خاتم الأنبياء والرسل، وبوفاته انقطع الوحي، بل إنّهم كانوا ك «الخضر» و «ذي القرنين» و «مريم»، حيث كانوا على‏ اتصال بالملائكة بناءً على‏ ظاهر آيات القرآن، وكانت الحقائق تلقى في قلوبهم من خلال عالم الغيب.

جاء عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال : «إنّ علياً كان مُحدَّثاً»؟ وعندما طلبوا منه عليه السلام معرفة من يُحدِّثه قال : يُحدِّثه ملك، ولما سألوه : هل كان نبيّاً؟ فأومأ بيده بالنفي والانكار، ثم أضاف : كصاحب سليمان، أو كصاحب موسى‏، أو كذي القرنين‏ (19)، (هناك روايات عديدة أيضاً بهذا المجال) (20).

4- إلقاء روح القدس‏

المصدر الرابع لعلم الأئمّة هو فيض روح القدس.

وتوضيح ذلك : إنّ الحديث قد تكرر في آيات القرآن عن تأييد «روح القدس» فقد ورد ثلاث مرات بشأن المسيح عليه السلام، (البقرة/ 87 و 253 والمائدة/ 110) ومرّة واحدة بشأن النبي صلى الله عليه و آله (البقرة/ 110).

فمن هو أو ما هو «روح القدس»؟ ثمّة جدل كثير بين المفسرين، فقد فسّره جماعة من المفسرين ب «جبرائيل»، وفسّر بالروح المقدسة الطاهرة للمسيح عليه السلام، أو بمعنى‏ الانجيل الذي انزل عليه، وتارة قالوا : إنّ المراد هو اسم اللَّه الأعظم الذي كان المسيح يحيي به الموتى‏ (21).

ولكن يستفاد من تعابير القرآن الكريم، وكذا مختلف الروايات، أنّ روح القدس له عدّة معان وربّما يحمل معنىً خاصاً في كل مكان، ففي احدى آيات القرآن الكريم : { قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالحَقِّ}. (النحل/ 102)

يعني بحسب الظاهر «جبرئيل» الذي كان ينزل بالقرآن على‏ النبي صلى الله عليه و آله من قبل اللَّه تعالى‏.

لكن يبدو أنّه يحمل مفهوماً آخر في الموارد الثلاثة الاخرى‏ والتي جميعها بحق المسيح عليه السلام، فالتعبير «إذ أيدتك بروح القدس»- أو- «وأيدناه بروح القدس» يدل على‏ أنّه إشارة إلى‏ الروح التي كانت ترافق المسيح عليه السلام وتؤيده وتسدده.

ويفهم من الروايات التي وردت في مصادر أهل البيت عليهم السلام أنّ روح القدس هي الروح التي كانت مع الرسل والأنبياء والمعصومين عليهم السلام دائماً، وكانت تنقل إليهم الامدادات الغيبية في مختلف الحالات، بل يستفاد من الروايات العديدة التي وردت في مصادر السنّة أيضاً، أنّهم كانوا يصفون الكلام أو الشعر ذي المغزى‏ الذي يصدر عن شخص ما : «كان هذا بتأييد من روح القدس».

ومن هذا الكلام ما نقرأه في الرواية الواردة في تفسير الدر المنثور أنّ النبي الأكرم صلى الله عليه و آله قال بحق الشاعر الإسلامي المعروف «حسان بن ثابت» : «اللّهم أيّد حساناً بروح القدس كما دافع عن نبيّه» (22).

ونقرأ بشأن شاعر أهل البيت المعروف «الكميت بن زيد الأسدي» أنّ الإمام الباقر عليه السلام قال له : كما قال رسول اللَّه صلى الله عليه و آله لحسان بن ثابت، «لن يزال معك روح القدس ما ذَبَيْتَ عنّا» (23).

وورد في رواية اخرى‏ أنّ الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام بكى‏ كثيراً عندما أنشده الشاعر دعبل الخزاعي بعض أبيات قصيدته المعروفة «مدارس آيات» ثم قال له : «نطق روح القدس على‏ لسانك بهذين البيتين» (24).

من هنا يتضح جيدا أنّ‏ «روح القدس» روح معينة تعين الإنسان أثناء ادائه للأعمال المعنوية الإلهيّة، وبطبيعة الحال فإنّها متفاوتة بتفاوت مراتب الأشخاص، فهي لدى‏ الأنبياء والأئمّة المعصومين تكون فعالة وتعمل بشكل استثنائي وأكثر وضوحاً، ولدى‏ الآخرين تكون وفقاً لقابلياتهم وإن كنّا نفتقد العلم بماهيتها وتفاصيلها.

وجاء عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير {وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ* اوْلَئِكَ المُقَرّبونَ}(الواقعة/ 10- 11).

فقال : «فالسابقون هم رسل اللَّه عليهم السلام وخاصة اللَّه من خلقه، جعل فيهم خمسة أرواح، أيدّهم بروح القدس فبه عرفوا الأشياء ...» (25).

وجاء في رواية اخرى‏ عن الإمام الباقر عليه السلام بهذا الصدد حيث قال بعد تعداده للأرواح الخمسة الموجودة لدى الأنبياء والأوصياء : «فبروح القدس .. عرفوا ما تحت العرش إلى‏ ما تحت الثرى‏» (26).

وهناك روايات كثيرة اخرى‏ بهذا المجال في اصول الكافي وسائر الكتب، حيث لا يسع المجال لشرحها هنا.

نعم فالإمداد الإلهي عن طريق روح القدس مصدر آخر من مصادر علم المعصومين عليهم السلام.

5- النور الإلهي‏

المصدر الخامس الذي يمكن ذكره لعلوم الأئمّة هو ما ورد في العديد من الروايات في اصول الكافي، منها ما يقوله «حسن بن راشد» : سمعت الإمام الصادق عليه السلام يقول : «... فاذا مضى‏ الإمام الذي كان قبله رفع لهذا منار من نور ينظر به إلى‏ أعمال الخلائق فبهذا يحتج اللَّه على‏ خلقه » (27).

وورد في بعض الروايات أيضاً ب «عمود من نور» (28)، إلّا أنّه غالباً ما جاء تعبير «منار من‏ نور»، وبالطبع ليس هنالك تباين كثير بين هذين التعبيرين.

وللمزيد من الاطلاع راجعوا بحار الأنوار، ج 6، ص 132، إذ ينقل المرحوم العلّامة المجلسي ستة عشر رواية بهذا الصدد، وكذلك وردت روايات عديدة في هذا المجال في باب‏ «عرض الأعمال» (ج 23، ص 333 وما بعدها).

يستفاد من مجموع ما قيل إنّ مصادر علم الأئمّة المعصومين عليهم السلام متعددة ومتنوعة، ويأتي علمهم بجميع معاني القرآن الكريم بالدرجة الاولى، وفي الدرجة الثانية تأتي العلوم التي يرثونها عن رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، ويليها التسديد والتأييد الإلهي، والالهامات القلبية والاتصال بالملائكة وعالم الغيب.

ومن فيض هذه المصادر يقتبس الأئمّة المعصومون علوماً ومعارف كثيرة ليتسنى‏ لهم إنجاز مهمّتهم التي تتجسد في المحافظة على‏ الإسلام والقرآن وسنة النبي صلى الله عليه و آله وهداية الخلق نحو الخالق، وتربية النفوس وإقامة الحدود وتدبير الامور على‏ أحسن وجه.

والملاحظة الاخرى‏ الجديرة بالاهتمام هي أنّه يستفاد من بعض الروايات أنّ أرواح الأئمّة عليهم السلام تستلهم كل ليلة جمعة علوماً ومعارف جديدة بصدد القضايا المستجدة، وذلك من قبل اللَّه تعالى (لينسجموا مع متطلبات الامّة الإسلامية).

منها ما نقرأه في الرواية الواردة عن الإمام الصادق عليه السلام حيث قال : «إنّ لنا في كل ليلة جمعة سروراً».

يقول الراوي فقلت : زادك اللَّه وما ذاك؟

قال عليه السلام : «إذا كان ليلة الجمعة وافى‏ رسول اللَّه العرش ووافى‏ الأئمّة معه، فلا تُرَّدُ أرواحنا إلى‏ أبداننا إلّا بعلم مستفاد، ولولا ذلك لأنفدنا» (28).

وتشاهد روايات عديدة في هذا البحث بهذا الصدد أيضاً يطول شرحها هنا.

نظراً إلى‏ ما ذكرناه في هذا الفصل يتضح أنّ مصادر علم الأئمّة ليست أمراً بسيطاً، فالمصادر التي يمتلكونها هي التي تميزهم عن سائر الناس، وتعينهم في أدائهم للمسؤوليات المهمّة التي يتحملونها في المحافظة على‏ الإسلام وتعاليم القرآن وهداية العباد.

_____________________
(1) تفسير القرطبي، ج 5، ص 3565.

(2) تفسير در المنثور، ج 4، ص 69.

(3) «قندوز»، مدينة شمال أفغانستان نسب إليها هذا العالم السنّي.

(4) ينابيع المودة، ص 102.

(5) المصدر السابق، ص 103.

(6) ينابيع المودة، ص 104.

(7) وردت عن أهل البيت عليهم السلام روايات عديدة في هذا المجال، فللمزيد من الاطلاع راجعوا تفسير كنز الدقائق، ج 6، ص 480 وتفسير البرهان ذيل الآية مورد البحث.

(8) اصول الكافي، ج 1، ص 213، ح 3.

(9) المصدر السابق، ح 1.

(10) المصدر السابق، ح 2.

(11) للمزيد من التوضيح، يراجع كتاب جامع الأحاديث، ج 1، ص 27؛ وتفسير كنز الدقائق، ص 42- 45؛ واصول الكافي، ج 1، ص 415.

(12) نهج البلاغة، الخطبة 91 (خطبة الأشباح).

(13) بحار الأنوار، ج 23، ص 188- 208؛ وتفسير البرهان، ج 3، ص 254- 256 (لقد روي في هذين الكتابين ما يقارب عشرين حديثاً بهذا الصدد).

(14) اصول الكافي، ج 1، ص 239.

(15) للمزيد من الاطلاع راجعوا احقاق الحق، ج 5، ص 468- 501 وللاطلاع على‏ مصادر هذا الحديث في كتب الشيعة راجعوا كتاب جامع الأحاديث، الطبعة القديمة، ص 16 وما بعدها.

(16) جامع الأحاديث، ج 1، ص 17، ح 4، باب حجية فتوى الأئمّة.

(17) المصدر السابق، ح 1.

(18) المصدر السابق، ح 7 (وتوجد أحاديث اخرى‏ أيضاً بهذا الصدد في نفس الكتاب).

(19) اصول الكافي، ج 1، ص 271.

(20) المصدر السابق.

(21) جاءت هذه المعاني الأربعة في تفسير كنز الدقائق، ج 2، ص 78، ولكن في بعض التفاسير المعروفة ذكر التفسير الأول فقط، واكتفى في تفسير الكبير بذكر ثلاثة معانٍ وهي، جبرئيل، والانجيل، والاسم الأعظم (تفسير الكبير، ج 3، ص 177).

(22) تفسير در المنثور، ج 1، ص 87 (ذيل الآية 87 من سورة البقرة) وجاء في صحيح مسلم، ج 4، ص 19 و 32 باب فضائل حسان بن ثابت ما يشبه هذا المضمون.

(23) سفينة البحار، ج 2، ص 4954.

(24) كشف الغمة، ج 3، ص 118؛ واعلام الورى‏، ص 331، وذانك البيتان هما،

خروج إمام لا محالة خارج‏            يقوم على‏ اسم اللَّه والبركات‏

يميز فيّنا كلَّ حقٍ وباطل‏        ويجزي على‏ النعماء والنقمات‏

(25) اصول الكافي، ج 1، ص 271.

(26) المصدر السابق، ص 272.

(27) اصول الكافي، ج 1، ص 387، ح 2.

(28) المصدر السابق، ح 4.

(28) اصول الكافي، ج 1، ص 254 (باب في أنّ الأئمة عليه السلام يزدادون في ليلة الجمعة).