إحاطة أمير المؤمنين عليه السلام بالقرآن وقتاله في سبيله
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الإمام
الجزء والصفحة:
ج2/ص150-152
2025-11-18
103
وردت روايات كثيرة عن الشيعة والسنّة[1] في أنّ المقصود بمن عنده علم الكتاب هو أمير المؤمنين عليّ عليه السلام. وفي حديث مأثور عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلّم أيضاً أنّه قال: «انّ فِيكُمْ مَن يُقَاتِلُ عَلى تَأويلِ القُرآنِ كَمَا قَاتَلْتُ عَلَى تَنزِيلِهِ». قَالَ أبُو بَكْرِ: أنَا هُوَ يَا رَسُولَ اللهِ؟! قَالَ: لَا. قَالَ عُمَرُ: أنَا هو يَا رَسُولَ اللهِ!؟ قالَ: «لَا، ولَكِنْ خَاصِفُ النَّعْلِ- وكَانَ أعْطَى عَلِيّاً نَعْلَهُ يَخصِفُهَا-»[2].
يستشفّ من هذه الروايات جيّداً أنّ أمير المؤمنين عليه السلام هو المُسلم بالقرآن، القيّم على هذا الكتاب السماويّ، المكلّف من قبل الله بقتال الامّة على قبول معنى القرآن وباطنه. وفي ضوء ما مرّ بنا، فإنّنا نخلص إلى أنّ كلام القائلين بالرجوع إلى القرآن والإفادة منه، والاستغناء عن الروايات المأثورة عن المعصومين، كلام فارغ لا طائل تحته، وليس له أي شأن: - لأنّه مضافاً إلى أنّ كتاب الله لا يكفي بلا إمام- فإنّ القرآن نفسه أمرنا باتّباع أهل البيت في آيات كثيرة نحو: {ما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[3]. وقوله: {إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ ويُؤْتُونَ الزَّكاةَ وهُمْ راكِعُونَ}[4]. وكذلك وردت روايات جمّة عن طريق الشيعة والسنّة في أنّ المقصود بذلك هو أمير المؤمنين عليه السلام[5]. وهناك أيضاً ما يماثل آية أولي الأمر التي أوجب الله فيها إطاعتهم بنحو مطلق.
وينقل صاحب كتاب «غاية المرام» في ص 263 أربعة أحاديث عن العامّة، وفي ص 265 أربعة عشر حديثاً عن الخاصّة في أنّ المقصود من أولي الأمر هم الأئمّة الطاهرون صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. لذلك فإنّ الذين يقولون: نرجع إلى كتاب الله، عليهم أن يعلموا بأنّ كتاب الله قد أرجعهم إلى رسول الله بقوله: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ}[6].
وقوله: {أَطِيعُوا اللَّهَ وأَطِيعُوا الرَّسُولَ}[7]. وقوله: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ ورَسُولَهُ}[8]. فطاعته صلى الله عليه وآله وسلّم واجبة. وهو نفسه قد أوجب طاعة أمير المؤمنين عليه السلام وفقاً لحديث الثَّقَلَيْن، والعشيرة، والغدير وخَصف النعل، والسفينة، وغيرها من هذه الأحاديث. وكذلك وفقاً لمدلول آية أولي الأمر بانضمام الروايات المأثورة إليها، فإنّ إطاعة الأئمّة الأطهار واجبة بأمر الله، وحجّيّة الأخبار الصحيحة المأثورة عنهم ثابتة.
وجاء في «الكافي» وتفسير «العيّاشيّ» عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال في آية أولي الأمر: «إِيَّانَا عَنَى خَاصَّةً، أمَرَ جَمِيعَ المؤمنين إلى يَوْمِ القِيامَةِ بِطاعَتِنَا»[9].
[1] وردت في «غاية المرام» ص 357 ستّ روايات عن طريق العامّة، وثماني عشرة رواية عن طريق الخاصّة. ونقلت في «ينابيع المودّة» ص 102 أحاديث كثيرة بشأن هذا الموضوع.
[2] نقل صاحب «الغدير» هذا الحديث في الجزء السابع، هامش ص 131، وقال: أخرجه جمع من الحفّاظ، وصححّه الحاكم والذهبي والهيثمي كما يأتي تفصيله. ونقلت في «بحار الأنوار» الطبعة الكمپاني ج 8، ص 455 و ص 456 روايات كثيرة بشأن قتال أمير المؤمنين عليه السلام على تأويل القرآن.
[3] الآية 7، من السورة 59: الحشر
[4] الآية 55، من السورة 5: المائدة.
[5] نقل صاحب «غاية المرام» في ص 103 أربعة وعشرين حديثاً عن العامّة، وفي ص 107 تسعة عشر حديثاً عن الخاصّة.
[6] الآية 64، من السورة 4: النساء.
[7] الآية 59، من السورة 4: النساء؛ الآية 92، من السورة 5: المائدة؛ الآية 54، من السورة 24: النور؛ الآية 33، من السورة 47: محمّد؛ الآية 12، من السورة 64: التغابن؛ الآيتان 32 و132، من السورة 3: آل عمران.
[8] الآيات 1 و20و 46، من السورة 8: الأنفال؛ الآية 13، من السورة 58: المجادلة.
[9] «تفسير الصافيّ» ج 1، ص 364.
الاكثر قراءة في الامامة
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة