علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
الأحاديث القدسيّة
علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
الطابع الإقليميّ في طلب الحديث
المؤلف:
الشيخ الدكتور صبحي الصالح
المصدر:
علوم الحديث ومصطلحه
الجزء والصفحة:
ص 50 ــ 52
2025-09-06
106
الفَصْلُ الثَّالِثُ: الرِّحْلَةُ فِي طَلَبِ الحَدِيثِ.
الطَّابَعُ الإِقْلِيمِيُّ فِي نَشْأَةِ الحَدِيثِ:
في المدينة المنورة «دَارُ السُنَّةِ» (1) التي عَظَّمَ الرسول - صَلّى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - حُرْمَتَهَا ما بين حَرَّتَيْهَا وحماها كلّه (2) نشأ الحديث نشأته الأولى، فكان الصحابة يتناقلونه فيها مشافهة وَتَلْقينًا، وإليهم كان يفزع التابعون ليأخذوه من أفواههم بالتلقين أَيْضًا، فَاتَّسَمَ الحديث - في مطلع فجره - بالطابع الإقليميّ. وظلّت رحاب المدينة مقدّسة في عيون الرُوَّاةِ، وما فتئت تهفو إليها القلوب؛ لأنّها الإقليم المبارك الذي اتّسعت فيه آفاق الدعوة الإسلامية بعد الهجرة النَّبَوِيَّةِ. وأضحى أبناء الأقاليم الأخرى إذا حجّوا بيت الله الحرام لا يلبثون أن يولّوا وجوههم شطر المدينة ليسمعوا من أفواه أهليها(3)، وقد يرحلون إليها من الأمصار النائية ليأخذوا ما تفرّد به رُواتها (4) وأمسى بعض الأئمّة لا يرون بأسًا في الاعتراف بأنّهم حجُّوا بيت الله ابتغاء السماع من علماء الحجاز، وهم يقصدون علماء المدينة الثقات الضابطين (5) ولعلّ علي ابن المديني(6) كان يرقي إلى هذا حين قال: «حَجَجْتُ حَجَّةً وَلَيْسَ لِي هِمَّةٌ إِلاَّ أَنْ أَسْمَعَ!» (7).
وإذا كان أهل المدينة قد تَفَرَّدُوا - أوّل نشأة الحديث - برواية أكثر السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ (8)، فَإِنَّ بعض الأمصار الأخرى بدأت تَتَفَرَّدُ كذلك - في عصر مبكر - بطائفة من الأحاديث تشتهر في إقليمها أولاً، ثُمَّ تستفيض بعد مدة تطول أو تقصر على ألسنة الرُواة في كثير من البلدان: وفي بطون كتب الحديث ألوان من التعبير توحي بهذا التفرُّد الإقليميّ في رواية السُنن، فهذا مِمَّا تَفَرَّدَ به أهل البصرة (9)، وهذا من سنن أهل الشام لم يشركهم فيه أحد (10)، وهذا حديث حمصيّ (11).
ولم يكن بُدٌّ من أن يختلف المحدّثون حول هذا التفرّد في الرواية، تَبَعًا للإقليم الذي اختص بها. فالراوي الواحد يقبل حديثه ويُعدُّ مقارباً للصحّة إذا أخذه أهل هذا المصر، ويردّ ويعتبر منكراً إذا تلقَّاه أهل مصر آخر. وذلك يفسِّرُ لنا تفسيراً منطقيّاً واضحاً موقف الإمام البخاري من زهير بن محمد حيث يقول: «زُهَيْرُ بْنُ مُحَمَّدٍ أَهْلُ الشَّامِ يَرْوُونَ عَنْهُ مَنَاكِيرَ، وَرِوَايَةُ [أَهْلِ العِرَاقِ أَشْبَهُ]» (12)، فقد اختلف حكم البخاري على هذا الرجل تَبَعًا لاختلاف الإقليم الذي أخذ عنه ....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) " تاريخ الطبري ": ص 182.
(2) راجع في " مسند أحمد "، طبعة شاكر، ج 2 ص 198 و199 الحديث رقم 959 وفيه يقول رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ:«إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ، وَإِنِّي أُحَرِّمُ الْمَدِينَةَ، وَإِنِّي أُحَرِّم مَا بَيْن حَرَّتَيْهَا وَحِمَاهَا كُلّه، لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا، وَلَا يُنَفَّر صَيْدهَا، وَلَا تُلْتَقَط لُقَطَتهَا إلاَّ لِمَنْ أَشَارَ بِهَا» الحديث... بإسناد صحيح.
(3) كما رووا عن أبي العالية أنّه قال: «كنّا نسمع الرواية عن أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه [وآله] وسلّم ـ بالبصرة، فلم نرضَ حتّى ركبنا إلى المدينة فسمعنا من أفواههم» انظر مخطوطة " الجامع لأخلاق الراوي ": 9/ 168 وجه 2.
وأبو العالية هو التابعي الجليل رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سَنَةَ 92.
(4) ومن أوضح الأمثلة على ذلك ما حكى عن عبد الملك بن حبيب أنّه «حَجَّ فأخذ عن عبد الملك بن الماجشون وأسند السُنَّةَ وأصبغ بن الفرج وطبقتهم ورجع إلى الأندلس بعلمٍ جمٍّ» " تذكرة الحفاظ ": 2/ 537. ط 3 وإليها جميع إحالاتنا في هذا الفصل، ولزيادة الإيضاح ارجع إلى جريدة المراجع في آخر الكتاب.
وعبد الملك بن حبيب هو عالم الأندلس وفقيهها الكبير، ويُكنَّى أبا مروان السلمي ثم المرداسي الأندلسي القرطبي. تُوُفِّيَ سَنَةَ 238.
(5) وذلك يعني أنَّ السماع في المدينة كان أكثر منه في مكّة، وهو ما قصده المؤرِّخُون من وصف المدينة بأنّها «دَارُ السُنَّةِ» فلا ينبغي أن يستنتج من كلامنا تحديد أي البلدين كان له السبق في تدوين الحديث، فالسماع بالتلقين غير الكتابة مع التدوين.
(6) هو علي بن عبد الله بن جعفر، وَيُكَنَّى أبا جعفر، سعدي بالولاء، وكان أخذ شيوخ البخاري. تُوُفِّيَ سَنَةَ 234 (شذرات الذهب: 2/ 81).
(7) " سنن الترمذي ": 1/ 196.
(8) ولذلك نصادف كَثِيرًا من كتب السُنَنِ «وَهَذَا مِمَّا تَفَرَّدَ بِهِ أَهْلُ المَدِينَةِ» كما في "سنن أبي داود": 2/ 370 رقم الحديث 254 (راجع ط / 2 سنة 1369 هـ. بتحقيق: محيي الدين عبد الحميد وإليه جميع إحالتنا). ومن ذلك قول أبي داود: «أَهْلُ المَدِينَةِ يَقْرَؤُونَ {[مَلِكِ] (*) يَوْمِ الدِّينِ} وَإِنَّ هَذَا الحَدِيثَ حُجَّةٌ لَهُمْ» انظر "سنن أبي داود": 1/ 416 رقم الحديث 1173.
(9) انظر " سنن أبي داود ": 1/ 76 رقم الحديث 155 و1/ 140 رقم الحديث 333.
(10) " سنن أبي داود ": 1/ 56 رقم الحديث 91.
(11) عن ابن شهاب أنّه كان إذا ذكر له أنّه نهى عن صيام يوم السبت، يقول ابن شهاب: «هذا حديث حمصيّ». " سنن أبي داود ": 2/ 431 رقم الحديث 2423.
(12) " سنن الترمذي ": 1/ 60 في حديث عائشة: «أنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلى اللهُ عَلَيْهِ [وآله] وَسَلَّمَ - كَانَ يُسَلِّمُ فِى الصَّلاَةِ تَسْلِيمَةً وَاحِدَةً تِلْقَاءَ وَجْهِهِ، يَمِيلُ إِلَى الشِّقِّ الأَيْمَنِ شَيْئًا». وفي سند الحديث زهير بن محمد هذا عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة.
الاكثر قراءة في علوم الحديث عند العامّة (أهل السنّة والجماعة)
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة

الآخبار الصحية
