التنزيه فاقد للدليل العقليّ والشهوديّ والشرعيّ
المؤلف:
السيّد محمّد الحسين الحسينيّ الطهرانيّ
المصدر:
معرفة الله
الجزء والصفحة:
ج3/ ص219-221
2025-08-21
607
إذا قلنا بأنّ اسم الله سبحانه وتعالى وصفته هما أساساً خارج هذا العالم، وإنّه قد أوجد عالماً بينه وبين اسم الله وصفته وفعله حجاب؛ ففي هذه الحالة لا يكون هناك أيّ رابط يربط هذا العالم مع الله، وكذلك الله لن يربطه بهذا العالم أيّ رابط؛ وعندها لن يكون هذا العالم مخلوق الله ومعلوله.
وهكذا إذا قلنا بأن ليس لذاته المقدّسة أيّ اسم أو صفته، لا إجمالًا ولا تفصيلًا، لا مصداقاً ولا مفهوماً، وأن جميع أسمائه وصفاته خارجة عنه ومنفصلة؛ فكيف يمكن لهذا الإله المجرّد والمُفرغ من المحتوى العديم الحياة والعلم والقدرة أن يكون مبدأ عالم الخَلق ومبدعه؟! وبناءً على هذا، تكون كلّ أنواع التنزيه الصِّرف للحقّ تعالى بلا برهان عقليّ وشهود وجدانيّ ودليل شرعيّ.
يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار بالنسبة للاسم أحد للحقّ تعالى، وحدانيّته وتجرّده من جميع النسب والإضافات، ولكنّ الأمر يكون على العكس في اسم واحد، يجب النظر إلى ذاته المقدّسة باعتبارها حاوية على جميع الأسماء والصفات الكلّيّة منها والجزئيّة. فوحدانيّته المتمثّلة في الاسم (أحد)، هو تجرّده من جميع شوائب التكثّر حتى في المفاهيم التي تنطبق عليه؛ وأمّا وحدانيّته المتمثّلة في الاسم (واحد)، فهي استجماع لجميع الشؤون والآثار والخصائص التي تحتوي عليها واندراجها جميعها بما في ذلك عالما المُلك والملكوت مجتمعين تحت اسم الواحد.
فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ.
إن الأحديّة للحقّ تعالى تعني بساطته الصِّرفة ومحوضته المحضة وتجرّده الخالص من أيّ مفهوم أو أيّ شيء تريد نسبته إليه؛ فهو طاهر ومنزّه من كلّ هذه الأشياء.
أمّا واحديّة الحقّ تعالى فتعني اعتبار ذاته باعتبار أسمائه وصفاته وكذلك اعتبار نشأة الكثرة وعوالمها النابعة من أسمائه وصفاته الكلّيّة واللابسة بها لباس الوجود. فكلّ جزء من هيكل عالم الوجود بما في ذلك العالم الظاهر والباطن وعالم المادّة والتجرّد ونشأة الطبيعة والمثال والعقل، اي جميع أجزاء الدنيا وعالم البرزخ والقيامة كلّها تندرج تحت اسم الواحد للحقّ تعالى.
وعلى هذا فباعتبار واحديّة الحقّ تعالى، اي كونه لطيفاً وخبيراً وبصيراً وسميعاً وهكذا إلى آخر أسمائه وصفاته، فإنّه قد ملأ جميع ذرّات عالم الوجود.
فبصره بصر جميع الموجودات، وسمعه سمعها، وعلمه وحياته، وهكذا حتى نصل إلى آخر ذرّة تُرى فإنّ الله يكون معها وبمعيّتها. هذا هو معنى واحديّته تبارك وتقدّس.
الاكثر قراءة في التوحيد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة