التنمية السياحية وعلاقتها بالتنمية السياسية والاجتماعية
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص372 - 375
2025-06-26
395
المبحث الخامس
التنمية السياحية وعلاقتها بالتنمية السياسية والاجتماعية
إن الفترة من سنة 2001-2003- كانت من أصعب الفترات في تاريخ صناعة السياحة، تعاقبت خلالها عدة تطورات سلبية (بدأت في عام 2001 بتبـاطئ نمو الاقتصاد العالمي / الهجمات الإرهابية / الحروب بأفغانستان، العراق، فلسطين) / مرض السارس والتسونامي) كلها عوامل ساهمت وبنسبة متفاوتة بالأضرار بقطاعات السياحة من جراء انحسار الحركة السياحية والتي تمثلت ب:
ـ مدة إقامة أقصر.
ـ مقاصد سياحية أقل تكلفة.
ـ مقاصد أقرب يمكن بلوغها براً.
وتقلص سفر الأعمال بفعل الظروف الاقتصادية والسياسية ودون التقليل من الآثار الجسيمة التي أحدثتها التطورات على بعض المقاصد ومن فرص العمل التي فقدت نتيجة ذلك، برزت حقيقة واضحة وهي أن صناعة السياحة لم تندثر لكنها صمدت وحققت نتائج معقولة طوال هذه الفترة، لكن مرونة هذه الصناعة وقوتها ظهرتا بوضوح عام 2004 حين انتعشت السياحة الدولية بنمو عدد القادمين بنسبة بلغت 10% وهو أفضل إنجاز خلال 20 عاما وللمرة الأولى منذ عام 2000 أنهت كل أقاليم العالم السنة بنتائج ايجابية.
أصبحت السياحة لاعباً دولياً أساسياً فحجم صناعة السياحة وأثرها الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الضخم قد جعل منها قوة اقتصادية جبارة، وبغض النظر عن الطريقة التي تقاس بها السياحة فهي تأتي كأحد أهم الأنشطة الاقتصادية الرائدة، فهي أكبر قطاع تصديري وهي أحد أهم المشغلين في العالم، وقد اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالدور الرئيسي الذي تلعبه السياحة فأصبحت السياحة على قدم المساواة مع سائر الأنشطة الرئيسية التي يقوم بها المجتمع البشري مثل الزراعة والصناعة والنقل.
ويمثل أحد التحديات الثابتة التي تواجه صناعة السياحة هو تقليص مــا للسياحة من جوانب سلبية وفي نفس الوقت تعظيم الآثار الايجابية تكفل تنمية سياحية مسؤولة ومستدامة على المدى الطويل.
وعندما يتعلق الأمر بالتنمية تأتي السياحة بين أفضل الخيارات وغالباً الخيار الوحيد للعديد من البلدان من أجل توفير أعمال وفرص جديدة لاسيما للشباب والنساء وللمساعدة على انتشال الناس من الفقر، ولذلك ستقوم المنظمة على وضع هذه الصناعة في صميم استراتيجيات التنمية والحد من الفقر بالتعاون والتنسيق التام مع القطاع العام. وأخيراً أود أن أؤكد بأنه إذا تمكنت منظمة السياحة العربية كمنظمة معنية بالشأن السياحي بالعالم العربي من تجسير المسافة ما بين استراتيجيات القطاع العام والخاص وكما هو وارد بعناصر الإستراتيجية المرفقة تكون قد قدمت مساهمة دائمة للتنمية السياحية.
وبصورة عامة صار التركيز على التنمية الاقتصادية كمحور ضروري لتحقيق التنمية بشكل عام، وأصبحت المتغيرات السياسية تابعة للمتغير الاقتصادي، والإصلاح الهيكلي والخصخصة تشكل أساس التحول الديمقراطي والمشاركة والتعددية. كما أن مفهوم العالم الثالث قد تراجع وانتهى تقريبا، شهدت البيئة الدولية تطورات عميقة أدت الى تغيير مكونات وأطراف النظام الدولي في مطلع تسعينيات القرن الماضي، بعد انهيار دول المعسكر الاشتراكي والقطب العالمي الثاني، الاتحاد السوفيتي. وشهدت نظرية التنمية تحولاً على صعيد الأطر النظرية والموضوعات والنماذج المعرفية، حيث جرى التركيز على الاقتصاد بدلاً من الثقافة كمدخل للتغيير، وتجدد الاهتمام بالمجتمع المدني وأعيد إحياءه بعد أن كانت الدعوة لإيجاد ثقافة مدنية وعلمانية، إضافة إلى الاهتمام بقضايا التعددية بدلاً من التركيز علـــى الدولة ودورها المركزي، حيث أصبح السوق هو الآلية التي تحقق النمو والتوازن وتبنى البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة أيضاً مفهوماً جديداً للتنمية يركز على جوانب أكثر اتساعاً وشمولاً من الجانب الاقتصادي للتنمية، وهو ما عرف بالتنمية البشرية، التي تركز على البشر كهدف للتنمية، ومثال على صدق المنظمة تعقد منتديات دورية لإطلاع المجتمع وأورد هنا مقتطف من هذه المنتديات التي تحققت كما في النص الآتي.... منتديات SPTECH - مرحبا بكم في المنظمة العربية للسياحة الثلاثاء 26 يونيو 2012م الموافق 06/ شعبان / 1433هـ.
أنه يعتبر أن النمو الاقتصادي وزيادة الدخل هو وسيلة ضرورية لتحقيق الجوانب المختلفة للتنمية البشرية (1).
ويطلع القطاع الخاص أيضاً بدور محوري في التنمية المستدامة، حيث ينظر له اليوم بأنه المصدر الأساسي للعمالة المنتجة، وتحسين الدخل الذي يعتبر العامل المهم لتحقيق تلك التنمية. إلا أن نمو القطاع الخاص وقيامه بدوره يحتاج الى دور الدولة بتوفير البيئة الاستثمارية المناسبة والحفاظ على استقرار الاقتصاد وضمان الأسواق التنافسية، وفرض القانون وتقديم الحوافز لتنمية الموارد البشرية. كما أن المجتمع المدني يوفر آلية مهمة لمشاركة الناس في الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وفي التأثير على السياسة العامة وصنع القرار. وعليه فان ضمان التنمية البشرية المستديمة يحتاج الى تفاعل دوائر الحكم الثلاثة، وإقامة نظام سياسي يشجع الحكومة والقادة السياسيين وقطاع الأعمال التجارية والمجتمع المدني على صياغة أهداف تركز على الناس وتسعى لتحقيقها، وتعزيز توافق الآراء حول تلك الأهداف (2).
مما سبق يمكن رصد العلاقة بين التنمية السياحية والتنمية السياسية بما يلي:
1- تعمل التنمية السياحية على تحقيق الحوار ومعرفة الآخر وتساعد على التفاهم بين شعوب الدول المختلفة، ونشر مبادئ السلام العالمي.
2- تساعد على تدعيم أواصر الصداقة بين شعوب دول العالم مــن خــلال العلاقات الودية التي تنشأ بين دول العالم المختلفة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) عارف، نصر محمد نظرية التنمية في ما بعد الحداثة، في هيجوت، ريتشارد، نظرية التنمية السياسية، ص 182.
(2) برنامج الأمم المتحدة الانمائي، إدارة الحكم لخدمة التنمية البشرية المستدامة، وثيقة للسياسات العامة، نيويورك، كانون ثاني ــ يناير 1997، ص (16ـ 13).
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة