السياحـة والاستـقرار السيـاسـي
المؤلف:
د . مصطفى يوسف كافي
المصدر:
فلسفة اقتصاد السياحة والسفر
الجزء والصفحة:
ص256 - 259
2025-06-16
467
المبحث الثالث
السياحة والاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي
أولاً: السياحة والاستقرار السياسي
إن الاستقرار السياسي أحد المتطلبات المسبقة الرئيسية لجذب السياحة الدولية إلى الأماكن السياحية. والاحتجاجات العنيفة، والحرب المدنية، والأعمال الإرهابية، والانتهاكات المتصورة لحقوق الإنسان، أو حتى مجرد التهديد بهذه النشاطات ستؤدي إلى قيام السائحين بإلغاء إجازاتهم.
إن الاستقرار السياسي شرط جوهري ومسبق لإقامة صناعة ناجحة للسياحة. وكما يقول ریختر وووج (1986، ص 281 ) قد تنهار السياحة تماماً عندما تبدو الظروف السياسية غير مستقرة. ويختار السائحون ببساطة أماكن بديلة. ولسوء الحظ فإن كثيراً من القيادات والمخططين الوطنيين إما أنهم لا يدركون أو لا يقرون الحقيقة القائلة بأن الهدوء السياسي، ولا جاذبية المناظر أو الجاذبيات الثقافية، هي التي تشكل "المتطلب السابق الجوهري للسياحة".
كما أن الاستقرار السياسي ليس مهماً فقط لتطوير البنية التحتية المطلوب للسياحة ولكنه مهم أيضاً بسبب الدور الرئيسي الذي تلعبه الصــور فـــي التسويق وبالتالي الترويج السياحي. ومع التسليم بأن مطلب العديد من السائحين هو الشعور بالأمن عندما يزورون مكاناً ما، فإن التصورات عن أمن السائح تصبح أمراً حيوياً في جذب المسافرين الدوليين والمحليين.
إن تدمير صورة موقع ما لدى السائح قد يحتاج إلى فترة طويلة للتغلب عليه، أو قد يحتاج إلى تغطية إعلامية مناسبة حتى يمكن إزالته بشكل سريع نسبياً.
ومن جهة أخرى نلاحظ أن عدم الاستقرار السياسي (العنف السياسي) له أثار على الاقتصاد المحلي وعلى العمالة في وقت الذي تعد فيه البلد في حاجة ماسة للعملات الأجنبية وفوائد التنمية الاقتصادية الناتجة عن السياحة. كما أن عدم الاستقرار السياسي يؤثر في التنمية السياحية عن طريق انخفاض مرجح في الاستثمار المحلي والأجنبي في مجال البنية التحتية السياحية، وعن طريق زيادة تكاليف تأمين هذه استثمارات وانخفاض حركة السياحة الدولية على سبيل المثال منطقة الشرق الأوسط بسبب الحروب والصراعات المتعددة مثل الصراع العربي الإسرائيلي - الحرب الخليجية الأولى والثانية - أحـداث 11 أيلول 2002 - العدوان الأمريكي - البريطاني على العراق 2003 - العدوان الأمريكي - الإسرائيلي على لبنان 2006.......... أزمة بعض البلدان العربية الحالية...الخ
كما تتأثر السياحة بالإرهاب بطريقتين هما:
1- يمكن للنشاطات الإرهابية أن تدمر الصناعة السياحية في مكان أو في دولة ما بخلق صورة عن قصور الأمن.
2- يمكن أن يكون السائحون أو المنشآت السياحية مثل مطارات الوصول أو الطائرات موضعاً للهجوم. إذ تعد المنشآت السياحية (المطاعم، الفنادق، ملاهي.... الخ..) أهدافاً منطقية للعنف الإرهابي. لأنها تتيح الفرصة والأمــن النسبي للإرهابي لكي يقوم بمهمته.
وقد يكون السائحون والمرافق السياحية مستهدفين من جانب المنظمات الإرهابية التي تحاول تحقيق أهدافها أيديولوجية وتكتيكية وإستراتيجية. حيث تنهار السياحة عندما تبدو الظروف السياسية غير مستقرة.
كما لا يقل الأمن الخارجي أهمية عن الأمن الداخلي لما له انعكاسات سلبية على صناعة السياحة، وبناءً على ذلك يمكن تحديد العوامل السياسية التي تؤثر على صناعة السياحة بما يلي : (بركات ، 2009، ص 53-54)
1- الاستقرار الداخلي
والمقصود بالاستقرار الداخلي (ثبات نظام الحكم المطبق في الدولة واستقراره)، والسائح يفضل الذهاب لبلدان مستقرة ليستمتع بالهدوء والطمأنينة، فالدولة التي تسودها الصراعات العرقية، والثورات الداخلية، والاضطهاد والظلم وتتفشى بها ظاهرة الإجرام تصبح طاردة للسياح.
2- الاستقرار الخارجي
المقصود بالاستقرار الخارجي هو (علاقة الدولة بالدول الأخرى)، فالدولة التي تسودها حالة حرب أو نزاعات وعدم الاستقرار تؤثر سلباً على أماكن القصـد السياحي، والأمثلة على ذلك كثيرة في هذا المجال ومن أبرزها تحذير الولايات المتحدة لرعاياها من زيارة منطقة الشرق الأوسط بسبب الاضطرابات العسكرية في المنطقة نتيجة الحروب مع إسرائيل، كما تأثرت الحركة السياحية القادمة لبعض الدول العربية سلباً جراء حالة عدم الاستقرار السياسي في الدول المحيطة به، حيث شهدت هذه الدول حروباً مع إسرائيل مثل لبنان وسوريا.... الخ.
ولكن ما هي الآثار الناجمة عن عدم الاستقرار السياسي:
1- انخفاض في أعداد السياح القادمين إلى الدولة التي يسودها عدم الاستقرار السياسي والأمني أو حتى مجرد وقوعها إلى جانب دولة تسود بها هذه الحالة.
2- ضعف اهتمام الدولة بقطاع السياحة لانشغالها بالأوضاع السياسية، مما يؤدي إلى ضعف في مستوى الخدمات والبنى التحتية، وعم الاهتمام بالمواقع السياحية وتطويرها والترويج لها.
3- إمكانية تعرض السائح إلى الاعتداءات أو الاضطهاد والغش، أو السرقة، أو حتى القتل، حيث من الممكن قيام المتمردين باستغلال السياح وحجزهم كرهائن لتحقيق مطالب خاصة من الحكومة، كما حدث في الفلبين، حيث قام الثوار باحتجاز أكثر من (80) سائح في أربعة فنادق للضغط على الحكومة لتحقيق مطالب سياسية.
4- إمكانية تعرض المواقع السياسية والأثرية والمتاحف للسرقة أو التخريب أو الدمار في ظل تعرض الدولة للحرب أو الابتزاز لتحقيق مطالب سياسية من قبل المتمردين أو غير ذلك.
كما ويمكن حصر الآثار الإيجابية للاستقرار السياسي:
1- الاستقرار السياسي يعكس حالة من الاستقرار النفسي لدى الأفراد والجماعات داخل المجتمع الواحد، مما يدفعهم للقيام برحلات داخلية ينبعث عنها تولد حركة سياحية داخلية نشطة.
2 ـ للاستقرار السياسي أثر في دفع الكثير من البعثات العلمية والخبراء وعلماء الآثار والسياحة في زيارة المنطقة وإجراء الدراسات والأبحاث والمسوحات وحفريات التنقيب عن الآثار.
3- السلامة والاستقرار ينعكس أثره على تشجيع رؤوس الأموال الخارجيـة فـــي العمل والاستثمار في مجالات اقتصادية وعلى رأسها صناعة السياحة الذي ينعكس إيجاباً على المجتمع المحلي من حيث زيادة أعداد المشاريع وتوليد فرص العمل وزيادة الدخل المحلي والقومي الإجمالي.
4- يؤدي الاستقرار السياسي إلى التقارب السياسي بين الشعوب وما ينبثق عنه من علاقات طيبة بين الأفراد والمجتمعات ويرافق ذلك رحلات متبادلة فردية وجماعية ولقاءات اجتماعية.
5- يسمح الاستقرار السياسي بقيام المشاريع التنموية وإشاعة الرخاء بين الشعوب وزيادة الإنتاج.
الاكثر قراءة في مواضيع عامة في علم الاقتصاد
اخر الاخبار
اخبار العتبة العباسية المقدسة