الحياة الاسرية
الزوج و الزوجة
الآباء والأمهات
الأبناء
مقبلون على الزواج
مشاكل و حلول
الطفولة
المراهقة والشباب
المرأة حقوق وواجبات
المجتمع و قضاياه
البيئة
آداب عامة
الوطن والسياسة
النظام المالي والانتاج
التنمية البشرية
التربية والتعليم
التربية الروحية والدينية
التربية الصحية والبدنية
التربية العلمية والفكرية والثقافية
التربية النفسية والعاطفية
مفاهيم ونظم تربوية
معلومات عامة
التواصل مع طفل صعب
المؤلف: د. لورا ماركهام
المصدر: آباء مطمئنون أبناء سعداء
الجزء والصفحة: ص96ــ98
2024-12-25
110
ماذا لو أن لديك طفلا لا يبدو متحمسًا للتواصل؟ الأطفال الذين يعانون طيفَ توحّد أو مشكلات في المعالجة الحسية هم خير مثال على ذلك. هؤلاء الأطفال يريدون التواصل، وما عليك إلا أن تبدع في العثور على أساليب التواصل المناسبة. إذا كان هذا الوصف ينطبق على طفلك، فإنني أهيب بك ألا تفقد الأمل في التماس التواصل. انتبه جيدًا للطريقة التي يستجيب بها طفلك، واضبط محاولاتك وفقا لذلك.
ماذا عن الأطفال الذين هم صعاب المراس ببساطة؟ الطفل الذي يبدو أنه يحاول إبعادك بصراخه ودس أصابعه في أنفك والبصق عليك؟ صدق أو لا تصدق، هؤلاء الأطفال يرغبون في القُرب هم أيضًا. الحقيقة أن السبيل إلى تهدئة سلوكياتهم الصعبة هو في الواقع مزيد من التواصل، وليس أقل. لننظر في الطريقة التي يسير بها هذا الأمر.
عندما بلغ جوناثان ثلاثة عشر شهرًا، بدأ ينتحب باستمرار. كان يستيقظ من نومه باكيا، ويظل في مزاج عكر طوال اليوم. يصرخ إذا غيرت أمه ((حفاضته)) أو حمله أبوه لإبعاده عن شاشة التلفزيون بعزم لا يسهل تشتيته. يرفض أن يوضع في الحمالة، لكنه يصر على أن يُحمل ويُحتضن على خصر معظم الوقت. وهناك كان يشد شعرها أو يدس أصابعه في أنفها أو يصرخ في أذنها، وعندما تحاول أمه، بروك، إنجاز أي أعمال في المنزل، يمضي جوناثان منتزعا الكتب من فوق الأرفف وملقيًا إياها، أو مفرغا كل الخزانات التي يمكنه الوصول إليها. كان يحدق إليها في حين يضرب الكلب، أو يخلع ((حفاضته))، ويتبول على الأرض. شعرت بروك بأن ثمة خطأ فادحا من دون ريب فيما تفعله بوصفها أما.
بدأت بروك بالاعتناء بنفسها - وهي مسؤوليتنا الأولى دائما بوصفنا مربين. بدأت تصطحب جوناثان إلى الخارج كل صباح حتى يتسنى لها مقابلة آباء وأطفال آخرين. عندما قل انتحابه، أدركت أنه لا بد كان يشعر بالملل في المنزل معها طوال اليوم. عملت أيضًا، على ميلها الخاص إلى خوض صراعات السلطة. مع طفلها الدارج، وذلك من خلال التفكر في الطريقة التي كان يجبرها بها أبواها على الإذعان لرغباتهما حتى في الأمور التي بدت بالنظر إلى الماضي تافهة. قررت أن تمنح ابنها ذا الإرادة القوية مزيدا من السيطرة على حياته، وبدأت تمنحه خيارات: «الكوب الأحمر أم الأزرق؟». وللحد من انزعاجها، أمَّنت المنزل بأدوات سلامة الأطفال على نحو أكثر شمولاً حتى يمكنها التجاهل ببساطة عندما ينخرط في فعل أشياء في المنزل، وتخبر نفسها بأنه يرفع مع كل استكشاف معدل ذكائه ويعزز استقلاليته. ساعدت هذه التغييرات في تسهيل الأمور، لكن جوناثان ظل صعب المراس في أغلب الأحيان.
قررت بروك أن تحاول خلق مزيد من التواصل. نظرت إلى عيني جوناثان بوعي ودفء قدر المستطاع، وبدأت تمنحه أحضانا متكررة من دون طلب، بدلا من الاكتفاء بحمله كلما انتحب. سعت بروك إلى خلق اتصال آمن وممتع من خلال بدء جلسات اللعب الخشن مع جوناثان، فراحا يتدحرجان على السجادة في حين يتصارعان ويضحكان. سمعت قهقهته خلال جلسات اللعب هذه بمخاوفه الطفولية المناسبة لسنه أن تطفو على السطح وتتبخر، فازدادت مرونته قليلا. بدأت بروك بدورها في التعامل مع جسد جوناثان بمزيد من الاحترام، فسمحت له بغسل وجهه بنفسه، وغيرت «حفاضاته» وهو واقف يلعب. عندما صار جوناثان أكثر ودا، أدركت بروك أن سلوكه الجسدي العدواني تجاهها كان في الواقع محاولة خرقاء للتواصل. لذلك بدأت تستجيب بمرح، على سبيل المثال: هل تحاول وضع أصابعك في أنفي مجددًا؟! مستحيل! حسنا، لنلعب لعبة «أصابع الأنف». انظر إن كان يمكنك الاقتراب... هربت منك... حسنًا، إنه دوري... هل يمكنني تقريب أصابعي من أنفك؟ أوه، أنت سریع جدا!». عندما أراد أن يبصق عليها، أخذته إلى الخارج لخوض مسابقة بصق معها، ومرة أخرى حوّلت عدوانيته إلى اتصال. وأخيرا، عندما احتاجت إلى وضع حد، ولم يتقبل جوناثان مواساتها، ذكرت بروك نفسها بأنه يحتاج ببساطة إلى فرصة للبكاء واحتضنته بتعاطف، بدلا من الاستسلام للسخط في بعض الأحيان كان يتقوس ليخرج من بين ذراعيها، لكنه يعود في غضون بضع دقائق ليتسلق حجرها ويتشبث بها باكيا. بعد مرور شهر من نهجها الجديد، أفادت بروك بأن جوناثان قد تحول. لم يزل عنيدا، لكنه يبدو أشد سعادة الآن، وصارت الحياة أسهل بكثير». تعلمت بروك كيفية التكيف مع الاحتياجات الفريدة لطفلها صعب المراس ذي الإرادة القوية.
هل يكون الأمر دائما بهذه السهولة؟ لا. يمكن للأطفال أن يكونوا صعاب المراس في كثير من النواحي. غير أن تعميق اتصالنا مع طفلنا يؤتي ثماره دائما، بصرف النظر عن صعوبة الطفل أو الموقف.