1

المرجع الالكتروني للمعلوماتية

تاريخ الفيزياء

علماء الفيزياء

الفيزياء الكلاسيكية

الميكانيك

الديناميكا الحرارية

الكهربائية والمغناطيسية

الكهربائية

المغناطيسية

الكهرومغناطيسية

علم البصريات

تاريخ علم البصريات

الضوء

مواضيع عامة في علم البصريات

الصوت

الفيزياء الحديثة

النظرية النسبية

النظرية النسبية الخاصة

النظرية النسبية العامة

مواضيع عامة في النظرية النسبية

ميكانيكا الكم

الفيزياء الذرية

الفيزياء الجزيئية

الفيزياء النووية

مواضيع عامة في الفيزياء النووية

النشاط الاشعاعي

فيزياء الحالة الصلبة

الموصلات

أشباه الموصلات

العوازل

مواضيع عامة في الفيزياء الصلبة

فيزياء الجوامد

الليزر

أنواع الليزر

بعض تطبيقات الليزر

مواضيع عامة في الليزر

علم الفلك

تاريخ وعلماء علم الفلك

الثقوب السوداء

المجموعة الشمسية

الشمس

كوكب عطارد

كوكب الزهرة

كوكب الأرض

كوكب المريخ

كوكب المشتري

كوكب زحل

كوكب أورانوس

كوكب نبتون

كوكب بلوتو

القمر

كواكب ومواضيع اخرى

مواضيع عامة في علم الفلك

النجوم

البلازما

الألكترونيات

خواص المادة

الطاقة البديلة

الطاقة الشمسية

مواضيع عامة في الطاقة البديلة

المد والجزر

فيزياء الجسيمات

الفيزياء والعلوم الأخرى

الفيزياء الكيميائية

الفيزياء الرياضية

الفيزياء الحيوية

الفيزياء العامة

مواضيع عامة في الفيزياء

تجارب فيزيائية

مصطلحات وتعاريف فيزيائية

وحدات القياس الفيزيائية

طرائف الفيزياء

مواضيع اخرى

علم الفيزياء : الفيزياء الحديثة : علم الفلك : مواضيع عامة في علم الفلك :

البحث عن انفسنا في الكون

المؤلف:  نيل ديجراس تايسون ودونالد جولدسميث

المصدر:  البدايات

الجزء والصفحة:  البدايات (ص277-ص280)

29-1-2023

1052

تظهر الحواس البشرية نطاقا مذهلا من الحساسية والحدة. فبإمكان آذاننا التقاط الصوت المدوي لإطلاق مكوك الفضاء، وفي الوقت نفسه تستطيع سماع البعوضة وهي تطن في ركن الحجرة. وتمكنك حاسة اللمس من الشعور بثقل كرة البولينج وهي تسقط على أصبع قدمك الكبير، أو الشعور بالحشرة البالغ وزنها مليجراما واحدا وهي تزحف على ذراعك. بعض الناس يستمتعون بالتهام الفلفل الأحمر الحار، بينما يستطيع اللسان الحساس تمييز وجود نكهات الطعام التي لا يزيد مقدارها على أجزاء قليلة في المليون.  كما تستطيع أعيننا تسجيل المنطقة الرملية الساطعة بالشاطئ المشمس، وهي أيضا لا تجد صعوبة في إدراك عود ثقاب وحيد أشعل على مسافة مئات الأقدام، عبر قاعة مظلمة.  أيضا تمكننا أعيننا من النظر عبر الحجرة وعبر الكون. ودون حاسة البصر لم يكن علم الفلك ليولد، ولظلت قدرتنا على قياس موضعنا في الكون قاصرة للغاية.

بتكامل الحواس بعضها مع بعض تمكنَّا من فهم أساسيات بيئتنا المحيطة، مثل ما إذا كان الوقت ليلا ً أو نهارا، أو حين يكون أحد الكائنات على وشك التهامك. لكن حتى القرون القليلة الماضية لم يدرك أحد تقريبًا أن حواسنا لا تقدم لنا سوى نافذة ضيقة على الكون المادي.

 يتفاخر البعض بالحاسة السادسة، مجاهرين بمعرفتهم أو رؤيتهم لأشياء لا يستطيع غيرهم رؤيتها أو معرفتها والعرافون وقارئو الأفكار والمتصوفة يأتون على رأس قائمة من يزعمون امتلاكهم لقدرات غامضة وهم بهذا يغرسون افتتانًا واسع المدى لدى غيرهم من البشر. إن مجال علم النفس الغيبي، الذي هو محل ريبة، يقوم على التوقع بأن بعض الأشخاص على الأقل يملكون مثل هذه القدرة بالفعل.

 على النقيض يستخدم العلم الحديث عشرات الحواس. ومع هذا فالعلماء لا يزعمون أنها تعبر عن قدرات خاصة، بل هم يملكون أدوات خاصة تحول المعلومات التي جمعتها هذه الحواس الإضافية إلى جداول بسيطة أو رسوم بيانية أو تخطيطية أو صور تستطيع أعيننا الطبيعية تأويلها.

 ومع كل الاعتذار لإدوين بي هابل، فإن كلماته التي اقتبسناها في الصفحة السابقة، مع أنها مؤثرة وشاعرية كان ينبغي أن تكون على النحو الآتي:

مستعينين بحواسنا الخمس، إلى جانب أجهزة التلسكوب والميكروسكوب ومناظير الطيف وأجهزة رصد الحركات الأرضية وقياس القوى المغناطيسية وكاشفات الجسيمات ومعجلاتها والمعدات التي تسجل الإشعاع الصادر عن الطيف الكهرومغناطيسي بأكمله، نستكشف الكون من حولنا، ونسمي هذه المغامرة العلم.

فكر إلى أي مدى سيبدو العالم أكثر ثراءً في نظرنا وكم كان من الأسرع أن نكتشف الطبيعة الجوهرية للكون، لو أننا ولدنا بأعين عالية الدقة قابلة للضبط والتوجيه. فقط اضبط عينيك على جزء موجات الراديو من الطيف وستتحول سماء النهار إلى ظلام كالليل باستثناء بعض الاتجاهات المختارة سيبدو مركز مجرتنا كأحد أكثر النقاط سطوعًا في السماء، وسيسطع بدرجة كبيرة من وراء بعض النجوم الرئيسية في كوكبة القوس. ثم اضبط عينيك على نطاق الموجات الميكروية وسيتوهّج الكون بأسره ببقايا الإشعاع الذي غمر الكون المبكر، حائط من الضوء استهل رحلته نحونا بعد الانفجار العظيم بـ 380 ألف عام. ثم اضبط عينيك على نطاق الأشعة السينية، وستحدد على الفور مواضع الثقوب السوداء ودوامات المادة المندفعة نحوها. ثم اضبط عينيك على نطاق أشعة جاما، وانظر للانفجارات المهولة المندفعة من اتجاهات عشوائية بمعدل انفجار واحد كل يوم في جميع أرجاء الكون. ثم شاهد تأثير هذه الانفجارات على المادة المحيطة بينما تسخن لتنتج الأشعة السينية، وتحت الحمراء، والضوء المرئي.

ولو أننا ولدنا بمستكشفات مغناطيسية، لم نكن سنحتاج لاختراع البوصلة؛ لأنه لم يكن أحد ليحتاجها. فقط اضبط نفسك على اتجاه خطوط المجال المغناطيسي للأرض وسيظهر لك الاتجاه نحو الشمال المغناطيسي كما لو أنه الساحر أوز يظهر في الأفق. ولو أننا نملك القدرة على تحليل الطيف داخل شبكية العين، لم نكن لنتساءل: ممَّ يتكون الغلاف الجوي؟ فيكفينا نظرة وحيدة له وسنعرف هل يحتوي على قدر كافٍ من الأكسجين كي يدعم الحياة البشرية أم لا. وسنكون قد عرفنا منذ آلاف السنوات أن النجوم والسدم الموجودة في مجرتنا تحتوي على العناصر الكيميائية الموجودة هنا على الأرض. ولو أننا ولدنا بأعين كبيرة حساسة قادرة على رصد إزاحة دوبلر، لكنا قد رأينا على الفور - حتى ونحن مجرد ساكني كهوف مزمجرين - أن الكون بأسره يتمدد، وأن المجرات البعيدة تبتعد عنا.

لو أن أعيننا تملك الدقة التي تملكها الميكروسكوبات عالية الأداء، لم نكن سنعزو الطاعون وغيره من الأمراض إلى أسباب غيبية. فالبكتيريا والفيروسات التي تسببت في مرضك ستكون واضحة أمام ناظريك وهي تزحف على طعامك أو تتسلل عبر الجروح المفتوحة في جلدك. وبتجارب بسيطة يمكنك بسهولة أن تعرف أي من هذه الكائنات مضر وأيها مفيد. كما أن مشكلة الجراثيم المسببة لعدوى ما بعد الجراحة ستكون قد حددت وحلت منذ مئات الأعوام.

لو أننا قادرون على اكتشاف الجسيمات عالية الطاقة، كنا سنحدد المواد المشعة من مسافات بعيدة. ولم نكن سنحتاج لعدادات جايجر. بل سيصير بمقدورك رؤية غاز الرادون وهو يتسرب عبر قبو منزلك دون أن تدفع لمتخصص كي يخبرك بهذا الأمر.

إن عملية الشحذ التي خضعت لها حواسنا الخمسة منذ المولد وخلال مرحلة الطفولة تمكننا ونحن بالغون من إصدار الأحكام على الأحداث والظواهر في حياتنا، والتصريح بأنها «منطقية» أم لا. المشكلة هي أنه لم يتحقق أي اكتشاف علمي تقريبا خلال القرن الماضي بفضل الاستخدام المباشر لحواسنا بل تحققت هذه الاكتشافات بفضل التطبيق المباشر للرياضيات والمعدات التي تتجاوز نطاق حواسنا هذه الحقيقة البسيطة تفسر لنا لماذا - من وجهة نظر الشخص العادي - تبدو فيزياء الجسيمات ونظرية الأوتار ذات الأحد عشر بُعدًا أمورًا غير منطقية. أضف إلى هذه القائمة الثقوب السوداء والثقوب الدودية والانفجار العظيم في الواقع هذه المفاهيم تبدو غير منطقية للعلماء أنفسهم أيضًا، إلى أن نستكشف الكون لفترة طويلة بكافة حواسنا التي تتيحها لنا التكنولوجيا. وما سيظهر لنا هو مستوى جديد أعلى من (الحس غير المنطقي) الذي يمكن العلماء من التفكير بصورة مبدعة ومن إصدار الأحكام في عالم الذرة غير المألوف أو في نطاق الفضاء ذي الأبعاد الأعلى المحير للعقل أدلى الفيزيائي الألماني ماكس بلانك، في القرن العشرين، بملحوظة مشابهة عن اكتشاف ميكانيكا الكم حين قال: (تثير الفيزياء الحديثة انبهارنا تحديدا بتأكيدها على حقيقة العقائد القديمة القائلة إن هناك عوالم موجودة خارج نطاق إدراكاتنا الحسية، وإن هناك مشكلات وصراعات حيث تكون لهذه العوالم قيمة أعظم في نظرنا من أغلى كنوز عالم الخبرة.)

تفتح كل طريقة جديدة للمعرفة نافذة جديدة على الكون وسيلة استكشاف جديدة تضيف إلى قائمتنا المتنامية من الحواس غير البيولوجية. وكلما حدث هذا وصلنا لمستوى جديد من التنوير الكوني، كما لو أننا نتطور إلى كائنات ذات وعي فائق. من يتخيل أن سعينا لفك شفرة ألغاز الكون - ونحن مسلحون بالحواس الصناعية المتعددة - من شأنه أن يهبنا البصيرة في أنفسنا؟ إننا نباشر هذا السعي ليس بدافع رغبة بسيطة، بل بموجب تفويض من جنسنا بالبحث عن مكاننا في الكون. وهذا السعي قديم، وليس جديدا، وقد جذب اهتمام المفكرين العظام والمتواضعين على مر العصور وفي شتى الثقافات.

 

EN

تصفح الموقع بالشكل العمودي