علم الحديث
تعريف علم الحديث وتاريخه
أقسام الحديث
الجرح والتعديل
الأصول الأربعمائة
الجوامع الحديثيّة المتقدّمة
الجوامع الحديثيّة المتأخّرة
مقالات متفرقة في علم الحديث
أحاديث وروايات مختارة
علم الرجال
تعريف علم الرجال واصوله
الحاجة إلى علم الرجال
التوثيقات الخاصة
التوثيقات العامة
مقالات متفرقة في علم الرجال
أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله)
اصحاب الائمة من التابعين
اصحاب الائمة من علماء القرن الثاني
اصحاب الائمة من علماء القرن الثالث
علماء القرن الرابع الهجري
علماء القرن الخامس الهجري
علماء القرن السادس الهجري
علماء القرن السابع الهجري
علماء القرن الثامن الهجري
علماء القرن التاسع الهجري
علماء القرن العاشر الهجري
علماء القرن الحادي عشر الهجري
علماء القرن الثاني عشر الهجري
علماء القرن الثالث عشر الهجري
علماء القرن الرابع عشر الهجري
علماء القرن الخامس عشر الهجري
البحث حول الأصول الرجاليّة / كتاب رجال الشيخ الطوسيّ.
المؤلف: الشيخ محمد طالب يحيى آل الفقيه
المصدر: سدرة الكمال في علم الرجال
الجزء والصفحة: ص 571 ـ 574.
29-12-2022
1504
كتاب رجال الشيخ:
هو للشيخ محمد بن الحسن بن علي الطوسيّ، من أعلام القرن الخامس، عالم، فقيه، ورع، تقيّ، له من الكتب ما يزيد عن خمسين كتاب، منها أشهر كتب الطائفة وأعرفها، ككتاب التهذيب والاستبصار والنهاية والمبسوط والعُدّة وغيرها، ومن أكثرها شهرة كتابه الموسوم بكتاب "رجال الطوسيّ" وهو محلّ الكلام.
هو كتاب ذكر فيه الآلاف من الرجال، وقد قسّمه إلى عدّة أبواب، منها من روي عن النبي (صلى الله عليه وآله)، ومنها من روى عن علي (عليه السلام) إلى آخر الأئمة (صلوات الله عليهم أجمعين).
ثم تلاه بكتاب: "مَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام)" وكأنّ الكتاب حينها قسّم إلى قسمين، الأول: فيمن روى عنهم (عليهم السلام) والثاني: مَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام).
قال (رحمه الله) في مقدّمة كتابه: "أمّا بعد.. فإنّي قد أجبتُ إلى ما تكرّر سؤال الشيخ الفاضل - لعلّه القاضي ابن البرّاج - فيه من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال الذين رووا عن النبي (صلى الله عليه وآله) وعن الأئمة (عليهم السلام) من بعده إلى زمن القائم (عليه السلام وعجّل الله تعالى فرجه الشريف) ثم أذكر بعد ذلك من تأخّر زمانه عن الأئمة (عليهم السلام) من رواة الحديث أو مَن عاصرهم ولم يروِ عنهم" (1).
ومن المعلوم أنّ ما ذكره في المقدّمة قد كتبه قبل البدء في كتابة كتابه، وإنّما ذكر ذلك ليبيّن السرّ في إدخال الراوي الفلانيّ مع رواة الإمام الصادق مثلاً أو الكاظم أو فيمَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام) وهكذا.
لكن ما ذكره في المقدّمة لم يطبّقه في طياّت كتابه، إذ أنّه (رحمه الله) كثيراً ما ذكر راوية فيمَن روى عنهم (عليهم السلام) ثُمّ ذكره فيمَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام)، حتّى أنّه ذكر الراوي الواحد فيمَن روى عن الباقر والصادق والكاظم (عليهم السلام) ثم ذكره فيمن لم يروِ عنهم (عليهم السلام) وهذا ما أوقع الرجاليّين في خلاف عظيم لتصحيح ما فعله الشيخ خوفاً من نسبته إلى الخطأ والنسيان، ولهذا نرى بعض الفضلاء قال: "ولكن تغليط الشيخ في صنيعه هذا محاولة باردة، وكيف يكون غلطاً مع كثرة الموارد وبعيد كل البعد أنّ الشيخ في جميع هذه الموارد كان غافلاً عمّا يكتب وساهياً فيما يؤلّف وفيمَن ينسبه إلى طبقات الرواة، بل لا يمكن ذلك نظراً إلى كلامه في أوّل رجاله...".
إلا أنّ الفاضل القهبائيّ تجرّأ وقال:
"إنّ ما صدر من الشيخ (رحمه الله) من التنافي محمول على السهو والنسيان والغفلة التي لا يكاد ينجو منها الإنسان - وهذا ليس بعزيز في جنب الشيخ (رحمه الله) في تغلغله وكثرة علومه وتراكم أشغاله ما بين تدريس وكتابة وتأليف وإفتاء وقضاء وزيارة وعبادة ...".
لكنّ الأكثر حاول ذكر تبريرات رآها صالحة لفكّ العقدة التي أوقع الشيخ فيها الآخرين حتّى وصلت الأقوال إلى اثني عشر قولاً كما حكاه الشيخ عرفانيان عن مقدّمة كتاب الرجال ثم قال: "وكلّها لا ترفع التنافي لدى التأمل فيها".
ثم ذكر حلاًّ رآه صالحاً لحلّ ما يظهر منه التنافي مع عدم التنافي الواقعيّ، وهو عين ما أفاده المامقانيّ في التنقيح، فهما على قولٍ واحدٍ في كيفيّة الحلّ فقال (رحمه الله): " نظراً إلى كلامه في أوّل رجاله حيث قال الشيخ - : ثمّ أذكر بعد ذلك ما تأخّر زمانه عن الأئمة (عليهم السلام) مِن رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يروِ عنهم، فكان - الشيخ - ملتفتاً في تداوم عمله إلى ما رامه من نوعيّة التقسيم والتنسيق لما رتّب كتابه عليه من تأليفه على حالات الرواة وأوصافهم، فإنّ بعضهم لم يروِ عنهم (عليهم السلام) إلا بواسطة فجعلهم في الأبواب الموضوعة والمعيّنة لهم قبل الباب الأخر وبعض آخر لم يروِ عنهم (عليهم السلام) إلا مع الواسطة، وبعض ثالث روى عنهم (عليهم السلام) على نحوين، فجعل الطائفة الثالثة كالثانية فيمَن تأخّر زمانهم عن الأئمة (عليه السلام) لأجل عدم التطويل.
وبعبارة حسنة أخرى:
أنّ المصرّح به في أوّل رجال الشيخ أنّ موضوعه مَن يروي مباشرة عن المعصومين (عليه السلام) ثم مِن بعدهم مَن عاصرهم وليس لهم رواية عنهم (عليهم السلام) مباشرة، ولمّا رأي الشيخ أنّ في الرواة المباشرين مَن يروي عنهم (عليهم السلام) أيضاً عن غير مباشرة وهم جمعٌ غفيرٌ فلم يخصّص لذكرهم باباً خاصّاً، وإنّما ناسب الاقتصار ذكرهم جميعاً في بابَينِ، باب مَن روى وباب مَن لم يروِ عنهم فأدرج القسم الثالث في باب "لم" بلحاظ روايتهم عنهم (عليهم السلام) على النحوين، فهذا الوضع الخاص الحاصل لجملة من الرواة كقرينة لبّية أوجبت تعميماً في قوله "أو مَن عاصرهم ولم يروِ عنهم (عليهم السلام) مباشرة بالخصوص ...".
ولقد أطال البيان (رحمه الله) وخلاصته: أنّ الشيخ ذكر باباً لمَن روى عنهم وباباً لمَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام)، فمَن روى عنهم فقط فقد ذكره في الباب الأوّل ومَن لم يروِ عنهم ذكره في الباب الثاني، ولكن مَن روى عنهم مباشرة مرّة وبواسطة أخرى قال: ذكره الشيخ في البابَينِ، وهذا سرّ الاشتراك في باب مَن روى عنهم ولم يروِ عنهم (عليهم السلام).
وقد قلنا: إنّ ما أفاده هو عين ما قاله المامقانيّ، وقد قال - المامقانيّ - في مقدّمة كلماته: "والذي ظهر لي بلطف الله سبحانه بعد فضل الغوص في التراجم والالتفات إلى نكات كلمات الأعاظم من دون تصريح أحد منهم بذلك أنّ الرجال أقسام..." (2).
ثم بيّن مراده وهو ما قدّمناه من كليّات الفاضل عرفانيان.
أقول: أولا: ما ذكره (رحمه الله) وإن كان ممكناً بحدّ نفسه إلا أنّه مخالف لكلام الشيخ حيث قال في المقدّمة "أسماء الرجال الذين رووا عن النبي والأئمة (عليهم السلام)" فالذي روى بلا واسطة هو ممّن روى عنهم (عليهم السلام)، فكيف مع ذلك يدرج فيمن لم يروِ عنهم (عليهم السلام)!
ثانيا: لو كان الأمر كذلك لكان أغلب الرواة ينبغي ذكرهم فيمَن روى عنهم (عليه السلام) وفيمَن لم يروِ عنهم (عليهم السلام) في حين أنّ الشيخ لم يفعل ذلك.
ولذا يُقال: إنّ ما أفاده يمكن جعله من الاحتمالات الإثني عشر التي لا ترفع التنافي لدى المتأمّل.
أقول: بعدما صارت الاحتمالات ثلاثة عشر احتمالاً وكلّها أورد عليها ما أورد يمكن القول بعدها بأنّ ما أفاده (رحمه الله) - الشيخ - يُحمل على الاشتباه إمّا منه وإمّا من النسّاخ، كما يمكن القول كما أفاده السيد البروجرديّ (رحمه الله) من أنّ الشيخ لم ينقّح كتابه فانتشر الكتاب قبل التنقيح لكنّه بعيد غاية البعد، إذ كيف ينتشر الكتاب زمن الشيخ مع عدم رضا الشيخ وتنقيحه الكتاب إذ لا يمكن لأمثال الشيخ أن يقرأ كتابه على طلّابه قبل تنقيحه وتهذيبه؛ لأنّ ذلك يوجب توهين للشيخ مع تعمّده نشره مع علمه بحاجة الكتاب إلى تهذيب و تصحيح.
نعم، إنّ تقي الدين ابن داود حمل الاشتراك على التعدّد لعدم المنافاة.
قال (رحمه الله) عند ترجمة القاسم بن محمد الجوهريّ: "أقول: إنّ الشيخ ذكرَ القاسم بن محمد الجوهريّ في رجال الكاظم (عليه السلام) وقال: كان واقفيّاً، وذكر في باب مَن لم يروِ عن الأئمة (عليهم السلام): القاسم بن محمد الجوهريّ روى عنه الحسين بن سعيد، فالظاهر أنّه غيره والأخير ثقة" (3).
لكنّ جمعاً من الأعاظم ردّوا القول بالتعدّد مع وضوح الاشتراك، والذي أقول نهاية: إنّ علم الاشتراك أو التعدّد للقرائن التي هي ليست بقليلة فعلاً فبها ونعمت، ومع التردّد فإن كان يترتّب على ذلك أثر شرعيّ فلا بدّ من الاحتياط وإلا فلا والله العالم والمسدّد.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) رجال الشيخ ص2، المقدّمة.
(2) تنقيح المقال، الفائدة الثامنة.
(3) رجال ابن داود، رقم 1219.