1

x

هدف البحث

بحث في العناوين

بحث في اسماء الكتب

بحث في اسماء المؤلفين

اختر القسم

القرآن الكريم
الفقه واصوله
العقائد الاسلامية
سيرة الرسول وآله
علم الرجال والحديث
الأخلاق والأدعية
اللغة العربية وعلومها
الأدب العربي
الأسرة والمجتمع
التاريخ
الجغرافية
الادارة والاقتصاد
القانون
الزراعة
علم الفيزياء
علم الكيمياء
علم الأحياء
الرياضيات
الهندسة المدنية
الأعلام
اللغة الأنكليزية

موافق

الحياة الاسرية

الزوج و الزوجة

الآباء والأمهات

الأبناء

مقبلون على الزواج

مشاكل و حلول

الطفولة

المراهقة والشباب

المرأة حقوق وواجبات

المجتمع و قضاياه

البيئة

آداب عامة

الوطن والسياسة

النظام المالي والانتاج

التنمية البشرية

التربية والتعليم

التربية الروحية والدينية

التربية الصحية والبدنية والجنسية

التربية العلمية والفكرية والثقافية

التربية النفسية والعاطفية

مفاهيم ونظم تربوية

معلومات عامة

الاسرة و المجتمع : الحياة الاسرية : مشاكل و حلول :

أنا أحسد الناس على نجاحهم

المؤلف:  ريوهو أوكاوا

المصدر:  كيف نحصل على السعادة ونبتعد عن الكآبة

الجزء والصفحة:  ص33 ـ 39

24-2-2022

3382

ـ الشخص الذي تحسده انعكاس لذاتك المثالية

تتناول الحالة الأولى لمتلازمة التعاسة النزعة الانهزامية المتمثلة في الشعور بالحسد إزاء نجاح الآخرين. إن كنت تعاني من هذا النمط الفكري السلبي، فإنّك تدرك على الأرجح أنك تشعر بالتعاسة. لكن إن اتّبعت وصفتي، ستتمكن من علاج عقلك من هذا النمط السلبي.

لكي تبدأ عملية علاج عقلك، أول ما عليك فعله هو تحديد سبب مشاعر الحسد لديك. من أجل ذلك، حاول أن تنظر إلى داخل قلبك. يمكنك فعلياً أن تضع يدك على قلبك إن كان ذلك يساعدك على النظر إلى داخلك. وبصفتي (طبيبك الروحي)، أود أن أطلب منك التفكير في حياتك ومحاولة تذكر الأوقات التي أثارت فيها نجاحات شخص آخر مشاعر الحسد لديك. هل يمكنك تمييز الحالات المحددة التي أثارت لديك تلك المشاعر أكثر من غيرها؟ بينما أنت تتفكر، ينبغي في النهاية أن تلاحظ نمطاً معيناً: فانت لم تشعر بالحسد عندما كان النجاح خارج مجال اهتمامك.

على سبيل المثال، إن كنت تعمل في قسم المبيعات في شركة كبرى، فإنك تركز معظم طاقتك واهتمامك على تحسين نتائج مبيعاتك. لذلك عندما يكون أداء أحد زملائك في قسم المبيعات أفضل من أدائك، قد تشعر بالحسد. فلنأخذ مثالاً على ذلك مندوب مبيعات في إحدى وكالات بيع السيارات. ضع نفسك في مكان مندوب المبيعات هذا. أنت قادر على بيع سيارتين شهرياً في أفضل الأحوال. لكن مندوب المبيعات البارع في الوكالة التي تعمل فيها، والذي يجاريك في السن تقريباً، يبيع خمس عشرة سيّارة في الشهر. أمام هذا السيناريو، من المحتمل أن تحسده على إنجازاته. لكن لماذا؟ هذا لأن بيع السيّارات واحد من مجالات اهتمامك.

بالمقابل، لن يكون رد فعلك مشابهاً أمام إنجازات لاعب بايسبول محترف، حتى لو حقق عشرة انتصارات في الشهر. ربّما أصبت بخيبة أمل إن صدف وكنت من محبي فريق منافس، لكنك حتماً لن تشعر بالغيرة منه. هذا لأنك لست لاعب بايسبول محترف. في حين أن لاعب بايسبول رئيسي في الدوري يتمتع بسمعة جيّدة في تحقيق الأهداف قد يشعر بالحسد إزاء إنجاز كهذا.

عندما ندرس مواقف الحسد بهذه الطريقة، نبدأ بتكوين فهم أفضل لهذا الإحساس. فنحن نشعر بالغيرة من الناس الذين يحققون نجاحاً في مجالات اهتمامنا. هذا يعني أن ذاك الشخص الذي تحسده هو انعكاس لمثلك الأعلى. وما كنت لتشعر بالغيرة لو لم تكن ترغب في أن تكون مثل ذاك الشخص أو أن تحقق ما حققه.

مثلاً، إن شعرتِ الغيرة من صديقتك على خطيبها الساحر والجذّاب، يشير ذلك إلى أنك تتمنين لو كنت تملكين خطيباً جذاباً مثله. ولو كان خطيبها يتمتع بشخصية منفرة وليس من نوع الرجال الذين تنجذبين إليهم عادة، فلن تحسديها على الأرجح. لكن بما أنك ترغبين في التعرف على شابّ جذّاب ووسيم مثله، لم تتمكني من احتواء مشاعر الغيرة، لا بل قد يدفع بك الاستياء إلى الإحساس بالكآبة أو عدم القدرة على النوم بسبب ذلك. وحسدك نابع من رغبتك في امتلاك السعادة والنجاح اللذين تمتلكهما صديقتك.

بالتالي، لكي تتغلب على مشاعر الحسد، عليك قبول حقيقتين. أولاً، تقبل أن الحسد يشير إلى مكامن اهتماماتك. وثانياً، افهم أن الناس الذين تحسدهم ليسوا أعداءك أو خصومك، بل مُثلك العليا. ففي أعماقك، تريد أن تكون مثلهم وأن تنجح على غرارهم.

ـ فكّر في ما إذا كان مثالك واقعياً

تبدأ وصفتي للتغلب على الحسد بتحديد ما إذا كانت لديك القدرة على تحقيق مثالك الأعلى. من أجل ذلك، تفحص نفسك من وجهة نظر منفصلة لكي تفهم بشكل أفضل مواهبك وقدراتك. فكر أيضاً كيف يرى الآخرون قدراتك. وإن أظهر تحليلك أن فرصك في تحقيق هدفك ضئيلة للغاية، توازي بصعوبتها صعوبة الفوز في اليانصيب، فهذا مؤشر واضح على أن هدفك ليس واقعياً بالنسبة إليك. مثلاً، إذا كان هدفكِ أن تصبحي أميرة، لكن مواهبك وقدراتك ومظهرك وخلفيتك العائلية عادية جداً ومتوسطة، فمن غير المحتمل أن يتم اختيارك عروساً من قبل عائلة ملكية، حتى في هذا اليوم وهذا العصر. فالأميرات اللواتي نراهن في العالم يتمتعن بشروط ومواصفات معينة تجعلهن مؤهلات للانضمام إلى الأسر الملكية وتأدية أدوار بارزة فيها. عند أخذ هذه الأمور بعين ال اعتبار، يمكنك أن تحددي بسهولة ما إذا كنتِ مؤهلة لتصبحي أميرة. وإذا استنتجت أنكِ لا تملكين أي فرصة لتحقيق هذا الحلم، فما من جدوى في حسد النساء اللواتي تم اختيارهن أميرات.

كما يوضح هذا المثال، علينا ببساطة أن نتخلى عن المثل غير الواقعية ونخرجها من أذهاننا بالكامل. لا تسمح لحسدك بالتغلل داخل عقلك. امتنع ببساطة عن الاستغراق في مشاعر الحسد، وعند إحساسك بها، دعها تمر بك وتنقضي. فهذا أفضل إجراء يمكن اتخاذه. لكنك قد تتساءل ما إذا كان الاستسلام هو فعلاً الحل الصحيح. في هذا الصدد، تتمثل نصيحتي التالية في أن تغيّر مثلك العليا. إذ لا ينبغي أن تنحصر نواياك في التخلي عن كل شيء، بل في تبني مثال مختلف يتلاءم مع المثال الذي ولدت حقاً لتحقيقه. فبالطبع، ثمة حالات قد يكون فيها النجاح الذي تحسد الآخرين عليه ضمن مجالات قدراتك. لكن إن كان مثالك بعيداً عن متناولك، ولا تملك أدنى فرصة في الوصول إليه، أنصحك في التخلي عنه والبحث عن مثل واقعية تعكس قدراتك الحقيقية.

ـ اعتبر الأشخاص الذين تحسدهم قدوة للنجاح

لكن ماذا تفعل إن كنت تملك القدرة على تحقيق هدفك المثالي؟ لنفكر في لاعب البايسبول المحترف الذي يحتل المرتبة الخامسة والذي يهدف لأن يصبح في المرتبة الثالثة، فيحسن أداءه إلى أن يحتل المرتبة الرابعة. هذا مثال قابل للتحقيق بالتأكيد ومن الممكن إنجازه إن بذل اللاعب الجهد اللازم من أجل ذلك.

في هذه الحالة، لا يجدر بنا أن نسمح لأنفسنا بالانغماس في الحسد، بل أن نقبل أن الشخص الذي نحسده انعكاس لمثالنا الأعلى. وعندئذٍ علينا أن نغيّر عقليّتنا وننظر إلى هذا الشخص ليس كمصدر استياء بل كقدوة نحتذي بها لنحقق أحلامنا. فبتغيير وجهة نظرنا بهذه الطريقة، سيسهل علينا التعرّف على الصفات الاستثنائية لدى هذا الشخص والتي نفتقر إليها. وهذه الصفات هي مفاتيح النجاح التي ينبغي أن نتعلمها ونطورّها.

من الضروري أن نتعلم من الأشخاص الذين يثيرون لدينا مشاعر الحسد وأن نعتبرهم قدوة لنا لأن ذلك سيساعدنا على تحسين فرص نجاحنا. ويتطلب هذا الأمر مراقبة وتحليلاً دقيقين، لكننا نجد دائماً أمراً استثنائياً لدى أولئك الأشخاص يسمح لهم بتحقيق نتائج مميزة. فلنعد إلى مثال بائع السيارات. في وضعه، لا يمكننا القول بشكل قاطع إنه لا يملك فرصة لتحقيق هدفه. فقد تكون لديه القدرة ليصبح مندوب مبيعات بارعاً، وذلك إن درس بعناية كيف تمكن مندوب المبيعات البارع من تحقيق النجاح.

وراء أي إنجاز مميّز، ثمة دائماً أسباب وشروط معينة جعلته ممكناً. مثلاً، ربّما طوّر صاحبه شبكة علاقات واسعة. وربّما كان يستخدم أيضاً تقنية معينة لإقناع العملاء بالموافقة على الشراء. ومن المحتمل أنه يعير اهتماماً خاصاً لبدلته ومظهره عموماً. وربّما كان يملك طريقته الخاصة في تقديم العرض والتحدّث مع العملاء عند الاتصال بهم. ومن المرجّح أن تكشف المراقبة الدقيقة عدّة أسرار لنجاحه.

قد لا تساعدك دراسة نجاحات هذا الشخص على بيع خمس عشرة سيارة في الحال، لكنها ستساعدك على تحسين أدائك تدريجياً. فمن بيع سيّارتين في الشهر، قد تقفز إلى ثلاثة، ولاحقاً ستّة، وتتحسّن تدريجياً حتى تتمكّن من بيع خمس عشرة سيّارة. وعندما تبلغ أخيراً هدفك ببيع خمس عشرة سيّارة، تلك هي اللحظة التي تبدأ فيها المنافسة فعلاً.

خلال عملية التعلم من قدوتك، عليك أن تتذكر أنه لا يجدر بك الانتقاص من قيمة إنجازاته. عوضاً عن ذلك، من الأهمية بمكان أن تحترمه كقدوة وتنظر إليه كشخص قيم تتعلم منه. فمن المهم جداً تنمية موقف إيجابي نحوه ونحو نجاحاته.

ختاماً، نحن نحسد الأشخاص الناجحين لأنهم نجحوا في مجال اهتمامنا ولأنهم يمثّلون الشخص الذي نريد أن نكون. انهم انعكاس لمثلنا العليا، ولذلك، لكي نتغلّب على حسدنا، علينا أن نبدأ بتقبّلهم كذلك. من ثمّ، علينا أن نحدد ما إذا كانت هذه المُثل واقعية بالنسبة إلينا أم لا. وإن لم تكن كذلك، ينبغي أن نتخلّى عنها ونستبدلها بمثل أخرى تعكس إمكاناتنا الحقيقية. بعد ذلك، يجب أن نبذل كل جهودنا ونثابر حتى النجاح. لكن إن كنا نملك القدرة على بلوغ مثلنا الأصلية بالعمل الجاد، لا يجدر بنا أن نحسد الأشخاص الناجحين أو ننتقص من قيمتهم، بل أن ننظر إليهم كقدوة نتعلم منها أسرار النجاح. ومن دون شك، ستحول هذه الجهود أنماط الحسد السلبية لدينا إلى أنماط إيجابية منتجة وسامية ونبيلة.