أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-08
1349
التاريخ: 2024-01-22
1280
التاريخ: 16-1-2019
2563
التاريخ: 2023-10-03
1145
|
من الواجب على الإدارة المعنية ان تنفذ الحكم الصادر بالالغاء باعتباره قد حاز قوة الشئ المقضي به، فعدا عن كون هذا الحكم بهذه الصفة يعد سندا تنفيذيا بقوة القانون، فان أي تراخي او اخلال في تنفيذه يفد دعوى الالغاء ومن ورائها مبدا المشروعية أهميتها، فاذا لم تحظ الاحكام الصادرة بالالغاء بالاحترام الكافي، يصبح الحديث عن حماية مبدا المشروعية ضربا من العبث لا طائل منه. والقاعدة ان ما يبنى على الباطل فهو باطل وهذا يعني انه اذا حكم بإلغاء قرارات من القرارات التي تكون عملية قانونية مركبة، فان كل العملية تعتبر باطلة، الا ان مجلس الدولة الفرنسي قد خفف من هذا المبدأ في مجال العقود الإدارية، فاعتبر العقد الإداري رغم صدر حكم بإلغاء القرار الذي ساهم في تكونينه قائما الى ان يتمسك احد اطرافه بالحكم الصادر بالالغاء امام القاضي المختص. ورغم انه ليس للقاضي الإداري اصدار أوامر للإدارة او اجبارها على تنفيذ حكم الإلغاء، فان هذا لا يحول دون وجود جزاءات مقررة تتعرض لها الإدارة جراء ما يصدر من اخلال. وتتخذ مخالفة الإدارة او اخلالها بالتزامها بتنفيذ الحكم اشكالا متعددة، فقد يكون بالامتناع عن تنفيذ حكم الإلغاء بكامله او تنفيذه بشكل ناقص، ويستوي في ذلك ان يكون هذا الامتناع صريحا او ضمنيا، وقد تلجا الإدارة في هذا المجال الى إعادة اصدار القرار نفسه في غير الحالات التي يجيزها القانون دون احترام لحجية الحكم بالنسبة للامر المقضي به، وقد تكتفي الإدارة بان تتراخى في تنفيذ الحكم دون وجود مبرر للتأخير. ومن امثلة الاخلال ان تمتنع الإدارة عن إعادة الموظف المحكوم له الى وظيفته، او اعادته الى وظيفته بدرجة ادنى، او ان تعيد اصدار القرار نفسه في غير الحالات التي يجوز فيها ذلك او ان تقوم بتعطيل اثار حكم الإلغاء باستصدار تشريع او نظام (لائحة) بقصد تصحيح القرار الملغي. ولما كان يتعين على الإدارة احترام الحكم الصادر بإلغاء القرار محل الطعن وتنفيذه فان مخالفة الإدارة لذلك يعد مخالفة لحجية الامر المقضي به وانتهاكا لمبدا المشروعية يمنح الحق لصاحب الشأن برفع دعوى الإلغاء مجددا وتنعقد به مسؤولية الإدارة في الوقت نفسه:
1- الطعن بالالغاء، فامتناع الأداة عن تنفيذ حكم الإلغاء يمنح الحق لصاحب الشأن في التقدم بدعوى الغاء جديدة ضد قرارها بالامتناع عن تنفيذ حكم الإلغاء ويستوي ان يكون قرارها بالامتناع عن التنفيذ إيجابيا او سلبيا او بتعبير اخر يستوي ان تصدر الإدارة قرارا صريحا او ان تمتنع عن اتخاذ قرار كان الواجب عليها اتخاذه طبقا للقوانين واللوائح.
2- دعوى التعويض: يترتب على اخلال الإدارة بتنفيذ الحكم الصادر بالالغاء مسؤوليتها عن تعويض الضرر الذي لحق بمن صدر الحكم لصالحه، اذ ان لصاحب الشأن ان يتقدم بطلب التعويض الى القضاء الإداري.
ويلاحظ في هذا الشأن انه حتى في الحالات التي لا يعد فيها امتناع الإدارة عن تنفيذ حكم الإلغاء خطا يستوجب مسؤوليتها كامتناعها عن تنفيذ الحكم حفاظا على النظام العام فان مسؤوليتها في التعويض تنعقد على أساس نظرية التبعة او المخاطر، دون اخلال بمسؤولية الموظف الشخصية، وتحمله للمسؤولية بمقدار اسهامه في الاخلال بالالتزام المقرر بتنفيذ الحكم وذلك طبقا للقواعد العامة(1).
3- العقوبة الجزائية: عدا ان كل من مجلس الدولة الفرنسي والمصري عدا اخلال الإدارة لالتزامها بتنفيذ الحكم عمل غير مشروع يكون خطا مرفقيا جسيما يحرك مسؤوليتها المدنية، فان التشريعات الجنائية في بعض الأنظمة المقارنة تعد امتناع موظفي الإدارة عن تنفيذ الاحكام القضائية جرائم يعاقب عليها دون اخلال بالعقوبات التأديبية اذا كان لها مقتضى كما فعل المشرع العقابي المصري ونظيره العراقي(2).
4- الوسائل غير التقليدية لا جبار الإدارة على تنفيذ حكم الإلغاء: اذا كانت الإدارة ملزمة بتنفيذ الاحكام الصادرة بالالغاء بمقتضى ما لهذه الاحكام من حجية، فانها كثيرا ما تتجاهل هذا الالتزام اما بعم الاكتراث بالحكم او الامتناع الصريح عن تنفيذه او قبوله ثم تعقبه باجراء يفقد اثره. وقد اثبتت الوقائع العملة ان الحجية التي يتمتع بها الحكم القضائي لا تكفي وحدها لتنفيذه، لان الإدارة – ذاتها – هي التي تفرض على الكافة احترام هذه الحجية من خلال القوة التي تملكها، ومن ثم لنا ان نتصور كيف يمكن للإدارة ان تستخدم هذه القوة ضد نفسها اذا قصرت في التنفيذ سواء عمدا او بحسن نية سيما مع غياب إمكانية اتباع طرق التنفيذ العادية ضدها(3).
والقول بوجود وسائل قضائية لاجبار الإدارة على تنفيذ الاحكام القضائية يمكن ان يلجا اليها المحكوم لصالحه كالدعوى الإدارية او الدعوى الجنائية او كلاهما معا، فان الحصول جرائها على نتائج مثمرة امر محل شك. فالدعوى الإدارية – سواء كانت دعوى الغاء لقرار الإدارة الصريح برفض التنفيذ او الضمني بامتناعها عن الامتثال للحكم – مصير الحكم فيها يواجه ذات المصير الذي واجهه الحكم الذي امتنعت الإدارة عن تنفيذه اذ لا توجد وسائل لاجبار الإدارة على تنفيذ الحكم الثاني. كما ان الطريق الجنائي لاجبار الإدارة على التنفيذ تكتنفه صعاب جمة، ذلك ان اثارة مسؤولية الموظف الممتنع عن التنفيذ عن خطئه امر ليس باليسير، لان مفهوم الخطا الشخصي في نطاق السياسة القضائية لاغلب أنظمة القضاء الإداري – بما فيها مجلس الدولة الفرنسي – اضيق بكثير عنه من نطاق القضاء الجنائي بل وحتى عنه في نطاق القضاء المدني. ومن جهة أخرى نادرا ما يكون رفض التنفيذ راجعا الى إرادة الموظف او من عمله بمفرده بحيث يمكن القول بان هذا الرفض او الامتناع كان وليد دوافع شخصية تثور معها مسؤولية الموظف تحديدا، بل غابا ما يكون ناتجا عن تدخل العديد من الجهات الرئاسية – قد يكون حتى الوزير من بينها او الحكومة مجتمعة – مما ينفس سوء القصد لدى الموظف بسبب التزامه بطاعة أوامر الرؤساء. ولذلك يصبح اللجوء الى وسائل غير تقليدية تجبر الإدارة على تنفيذ الاحكام القضائية – سيما احكام الالغاء – امر لا غنى عه لانه من شانه ان يعيد التوازن الى مراكز الخصوم في الدعوى التي صدر فيها حكم الإلغاء، كما يعزز الثقة لدى الافراد بجدوى دعوى الإلغاء والحكم الصادر فيها، اذ ان الاثار الخطيرة التي تترتب على امتناع الإدارة عن تنفيذ هذا الحكم يثير الشك والتساؤل حول جدواه – ومن قبله دعوى الإلغاء برمتها – كوسيلة فعالة لحماية المشروعية وحقوق الافراد من عف الإدارة واستبدادها. وتظهر في مقدمة الوسائل غير التقليدية فكرة (الغرامة التهديدية)، ومقتضاها ان يكون بوسع القضاء الإداري في حالة عدم تنفيذ حكم صادر عنه الحكم بغرامة تهديدية على الاخص الاعتبارية العامة والخاصة المكلفة بإدارة الجهة او المرفق الذي صدر الحكم ضده. او ان يقضي الحكم الصادر بالالغاء نفسه – بناءا على طلب صاحب الشأن – بغرامة تهديدية لكفالة تنفيذه(4). ان تقرير مثل هذه الوسيلة غير التقليدية لا يعني استبعاد الوسائل الأخرى – المدنية والجنائية – بشرط ان يتم إعادة النظر في احكامها من قبل المشرع لتكون فعالة ومؤثرة في الاتجاه المطلوب. ولذلك فان ضمان تنفيذ الاحكام القضائية الصادرة ضد الإدارة في العراق واهمها احكام الإلغاء هي ليست مهمة المشرع الإداري لوحده، بل هي مهمة يجب ان يضطلع بها النظام القانوني كله، فاذا كان بوسع قانون مجلس شورى الدولة – او أي قانون قضائي يماثله يصدر مستقبلا – ان يعالج هذه المسالة عن طريق اجبار الإدارة على التنفيذ بواسطة الحكم عليها من المحكمة التي أصدرت حكم الإلغاء او المحكمة الإدارية العليا بغرامة تهديدية، فان صياغة احكام المعالجة المدنية والجزائية لهذه المهمة تخرج عن اختصاص مثل هذا القانون وتتطلب تضافر قوانين أخرى لتحقيقها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- وتطبيقا لذلك صدر في فرنسا القانون رقم (539) لسنة 1980 الذي يقضي في المادة الثانية منه بان لمجلس الدلة في حالة تنفيذ حكم صادر من القضاء الإداري، الحكم بصفة مباشرة، بغرامة تهديدية على الأشخاص الاعتبارية العامة بقصد ضمان تنفيذه، وقد صدرت اللائحة التنفيذية لهذا القانون، رقم (501) لسنة 1989، لتضع الإجراءات اللازمة لتطبيقه.
انظر لمزيد من التفاصيل: د. محمد باهي أبو يونس، الغرامة التهديدية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2001. ص41، وما بعدها.
2- د. عبد المنعم جبرة، اثار حكم الإلغاء، القاهرة، 1971، ص564.
3- تنص المادة (123) من قانون العقوبات المصري على ان: ((يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي استعمل سلطة وظيفته في وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة او احكام القوانين واللوائح او تأخير تحصيل الأموال والرسوم او وقف تنفيذ حكم او امر صادر من المحكمة او من أي جهة مختصة. كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومي امتنع عمدا عن تنفيذ حكم او ام مما ذكر بعد مضي ثمانية أيام من انذاره على يد محضر اذا كان تنفيذ الحكم او الامر داخلا في اختصاص الموظف))، وتنص المادة (329) من قانون العقوبات العراقي رقم (111) لسنة 1969 على ان:
((1- عاقب بالحبس وبالغرامة او بأحد هاتين العقوبتين كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل سلطة وظيفته في وقف او تعطيل تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة، او أي حكم أوامر صادرة من احدى المحاكم.
2- يعاقب بالعقوبة اتها كل موظف او مكلف بخدمة عامة امتنع عن تنفيذ حكم او امر صادر من احدى المحاكم او اية سلطة عامة مختصة بعد مضي ثمانية أيام من انذاره رسميا بالتنفيذ متى كان تنفيذ الحكم او الامر داخلا في اختصاصه)).
4- لذلك يرى البعض (ان الحكم المدنية او الجنائي، افضل حالا في التنفيذ من الحكم الإداري على اعتبار ان الإدارة ليست لها في أي منها صفة الخصم، وانما هي حارسة لتنفيذها. ولذا تؤازر بقوتها هذا التنفيذ، في حين انها على خلاف ذلك بالنسبة للحكم الإداري، لها صفة الخصم، ولذا حال ان يكون الحكم ضدها يصعب ان تستعين بقوتها ضد نفسها).
Delubadere (a) et autres; traite de droit administratif_ paris l g. d. j 1992 t 18 p 39
د. محمد باهي أبو يونس، الغرامة التهديدية، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2001. ص708.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل شيوخ ووجهاء عشيرة البو بدري في مدينة سامراء
|
|
|