السلف لم يقيموا مواسم إحياء ذكرى الصالحين ولم يفعلوا شيئا من هذه الأعياد |
678
12:52 مساءً
التاريخ: 8-2-2017
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2017
500
التاريخ: 8-2-2017
740
التاريخ: 8-2-2017
671
التاريخ: 5-10-2017
984
|
[جواب الشبهة] :
...ما ذكروه من أن السلف، لم يقيموا هذه المواسم، ولم يفعلوا شيئا من هذه الأعياد، أو لم ينقل ذلك عنهم ، فنقول :
1 ـ ...أن السلف قد اختلفوا ببعض الأعياد والمواسم، غير الفطر والأضحى، ولكننا نجد هؤلاء الذين يدعون لأنفسهم التبيعة للسلف، لا يعترفون بتلك الأعياد والمناسبات أيضا.
2 ـ وعلى فرض أن السلف لم يفعلوا بعض الأمور، ومنها الأعياد غير الفطر، والأضحى، فإن عدم فعلهم لا يضر، ما دام قد أنعقد الإجماع بعد ذلك على إقامة هذه المواسم والأعياد، ولا سيما عيد المولد النبوي، وعم ذلك جميع قطاعات الأمة، صغيرها وكبيرها، عالمها وجاهلها، رئيسها ومرؤوسها الخ ...
وقد استمر عمل الناس على هذه المواسم.. الى قرب ظهور ابن تيمية، الذي أقام الدنيا وأقعدها، في إنكاره أمورا واضحة، وفي دعاواه العريضة.
وهم أنفسهم قد صرحوا: بأن الإجماع معصوم، وبأنه يمكن انعقاده في كل عصر وزمان، ويكون حجة.
بل لقد صرحوا: بأن الإجماع نبوة بعد نبوة، وليس لهم دليل معصوم سواه، وقد جعله الله في الشريعة خلف النبوة، حيث كان نبيها خاتم الأنبياء، لا يخلفه نبي، فجعل اجتماع أمته بدلا من نبوة بعد نبوة. (1)
نعم.. وقد أنعقد هذا الإجماع أيضا على إقامة مراسم النيروز والمهرجان، وكذا عيد الحجامة، والختان، وغير ذلك في العصور الثلاثة الأول، ثم على إقامة المولد بعد ذلك.
3 ـ وأما بالنسبة لإنكار بعض السلف زيارة القبور ـ قبور أئمة أهل البيت ـ في مواسم معينة، لأسباب سياسية ـ كما ظهر من المنصور، والمتوكل ـ ولتعصبات مذهبية،... إن صلح هذا دليلا، فإنما يصلح دليلا لأتباع ذلك البعض، وهو حجة عليهم، دون غيرهم من سائر الفرق والمذاهب الإسلامية.
4 ـ أضف إلى ذلك كله... أن آراء السلف وأقوالهم، ومواقفهم متناقضة، ومتباينة، حتى الصحابة مع بعضهم البعض في كثير من المسائل، فما الذي يكون حجة منها ؟ وكيف ؟ مع انه لم ينقل لهم رأي في ذلك، لا أنه قد نقل لهم رأي مخالف بالنسبة للأعياد.
5 ـ ولو سلم صلاحية منعهم من زيارة القبور للاستدلال به، فإنما يقتصر على مورده، وهو زيارة القبور فحسب، ولا يصلح للاستدلال به على تحريم الاحتفال بعيد الاستقلال مثلا..
6 ـ وأما قولهم: إن السلف كانوا أكثر حبا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منا فهو ينافي قول النبي (صلى الله عليه واله): إنه سيأتي أقوام يحبونه أكثر من حب أصحابه له، ونقل ذلك أيضا عن عمار بن ياسر. (2)
7 ـ هذا كله... عدا أنه لا يلزم على السلف أن يعملوا بجميع المباحات، أو حتى بجميع المستحبات.
8 ـ أضف إلى ذلك: أن السلف إذا تأولوا ـ خطأ ـ حديث: «لا تتخذوا قبري عيدا» على ذلك، فامتنعوا من عمل الموالد والذكريات. فلو أدركنا نحن خطأهم في فهم النص أو في الاستظهار منه كان لنا مخالفتهم، بعد أن فرضنا: أن باب الاجتهاد كان ولا يزال مفتوحا، حسبما اعترف به ابن تيمية الذي حكم بالأجر لمن اجتهد في هذا الأمر وأخطأ.
9 ـ أما تفسير الآيات القرآنية... فقد جاء النص ليؤكد ويصرح بأن القرآن إنما يفهم مع تمادي القرون والأزمان حيث تتضح مداليله ، وتظهر معالمه، فبعد أن روى ابن المبارك حديث: أنه ما من آية في كتاب الله إلا ولها ظهر وبطن، ولكل حد مطلع، قال: «سمعت غير واحد في هذا الحديث: ما في كتاب الله آية إلا ولها ظهر وبطن يقول: لها تفسير ظاهر، وتفسير خفي، ولكل حد مطلع. يقول يطلع عليه قوم فيستعملونه على تلك المعاني، ثم يذهب ذلك القرن، فيجيء قرن آخر، فيطلعون منها على معنى آخر، فيذهب ما كان عليه من كان قلهم، فلا يزال الناس على ذلك إلى يوم القيامة... الخ. (3)
فلا معنى إذن.. لحصر فهم الآيات القرآنية والنصوص النبوية، التي فيها أيضا المحكم والمتشابه والعام والخاص وو الخ ـ كالقرآن ـ لا وجه لحصر فهمها بطائفة دون طائفة، ولا بفريق دون فريق.. فكل من فهم من القرآن أمرا صحيحا جديدا تعين عليه أن يلتزم به، ويعمل بما فهم.. وكم قد ترك الأول للآخر.. وكم من التفريعات الفقهية التي تنبه إليها المتأخرون، ولم يذكرها السلف، ولا أشار إليها ولا خطرت لهم على بال، ولا احتاجوا إليها إطلاقا.
10 ـ هذا كله.. عدا عما تقدم، من أن المانع هو الذي يحتاج إلى الدليل، وأما الآخرون فلا يدعون ان ذلك جزءا من الشريعة، ليصح الاحتجاج عليهم بفعل السلف، أو بعدم فعلهم.
11 ـ وبعد... فلو كان عمل السلف حجة، لدخل الكثير مما ليس من الدين في الدين، وذلك من قبيل ما أحدثه الأمويون في أيام عاشوراء، ولم يجترئ السلف على معارضتهم، بل اضطروا الى مجاراتهم، فهل يكون عمل السلف هذا حجة على من بعدهم ؟!
ومثل ذلك كثير في حياة السلف، وأعمالهم، ومواقفهم، يشمل سائر الأحوال والأعمال التي أرادهم الحكام عليها، ولم يمكنهم المخالفة فيها سواء في عهد الأمويين أو العباسيين.
12 ـ بل إن هؤلاء المانعين أنفسهم يعللون إقدام السيوطي على التأليف في مشروعية المولد بقولهم:
«وذلك إرضاء للعامة والخاصة أيضا من جهة. وتبريرا لرضي العلماء بها، وسكوتهم عنها، لخوفهم من الحاكم والعوام من جهة أخرى...» (4).
_____________
1 ـ راجع فيما تقدم: المنتظم لابن الجوزي / ج 9 / ص 210، وبحوث مع أهل السنة والسلفية / ص 27 عنه، عن أبي الوفاء بن عقيل، أحد شيوخ الحنابلة. وراجع (حول عصمة الاجماع أيضا) كتاب: الإلمام / ج 6 / ص 126، والإحكام في أصول الأحكام / ج 1 / ص 204 و 205، وحول حجية الاجماع في كل عصر / ص 208، فما بعدها، وراجع كذلك: تهذيب الأسماء واللغات، القسم الأول / ج 1 / ص 42، وسائر كتب الأصول الباحثة حول الاجماع وحجيته على مذاق أهل السنة.
2 ـ راجع: مجمع الزوائد / ج 10 / ص 66، عن أحمد والبزار والطبراني، عن ابي ذر وابي هريرة عنه (صلى الله عليه واله)، وعن عمار بن ياسر، وكنز العمال / ج 2 / ص 374 عن ابن عساكر، عن أبي هريرة.
3 ـ الزهد والرقائق، قسم ما رواه نعيم بن حماد / ص 23، ولتوضيح ذلك لا بأس بمراجعة كتابنا: الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم / ج 1 / ص 200 ـ 216.
4 ـ الإنصاف فيما قيل في المولد من الغلو والاجحاف / ص 57.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|