يقصد بالزراعة المختلطة قيام الزراع الى جانب فلاحة الأرض بتربية الحيوانات المختلفة سواء كانت ماشية او اغنام او ماعز او خنازير، بالإضافة الى الدواجن بهدف خلق مورد إضافي يزيد من دخلهم ويوفر احتياجاتهم من المنتجات الحيوانية واحتياج أراضيهم الزراعية من الأسمدة المتمثلة في مختلفات الحيوان، الى جانب إيجاد مصدر دخل يسهم في التخفيف من الاثار المادية السيئة التي قد يتعرض لها الزراع في حالة نقص الإنتاج الزراعي او انخفاض أسعاره.

والزراعة المختلطة بهذا التعريف واسعة الانتشار حيث تكاد توجد في كل الأراضي الزراعية بالقارة، لذا ستقتصر الدراسة هنا على أقاليم الزراعة المختلطة التي يتمثل نشاط الزراع بها الى جانب الزراعة في تربية اعداد كبيرة من الحيوانات بهدف التجارة، لذلك تزرع هنا مساحات واسعة بمحاصيل العلف والمحاصيل الأخرى وخاصة الذرة التي تستخدم في تسمين الحيوانات تمهيدا لبيعها في الأسواق، أي ان الزراعة هنا ترتبط ارتباطا وثيقا بتربية الحيوانات وتسهم معها في تشكيل دخل المزارع، على أساس هذا التحديد يقتصر انتشار الزراعة المختلطة على نطاق عرضي كبير يبدا من ساحل المحيط الأطلسي شمال اسبانيا ويتجه حتى مقدمات جبال الاورال ليضم أجزاء من غربي القارة، بالإضافة الى الوسط والشرق، ويضيق هذا النطاق في اقصى الشرق ليشمل الأجزاء الشمالية من جمهورية أوكرانيا والاجزاء الوسطى من جمهورية روسيا الاتحادية، كما يدخل ضمن هذا النطاق الأجزاء الجنوبية من فنلندا.

وتتسم أقاليم الزراعة المختلطة بتباين مناخها وان كان يميل الى البرودة صيفا وشتاء كما في غربي اوربا، بينما تميل الى البرودة خلال اشهر الشتاء فقط في جنوب شرقي اوربا وهي جهات ذات صيف دفيئ، وتعد أقاليم الزراعة في روسيا الاتحادية ابرد أقاليم هذه الزراعة، لذلك يبلغ طول فصل النمو هنا 120 يوما في المتوسط بينما يصل الى 220 يوما في الجهات الادفئ السابق ذكرها، وهذا يعني ان الذرة تمثل انسب محاصيل الحبوب المستخدمة كغذاء للمشاية يمكنها النمو بنجاح في معظم أقاليم هذا النمط من الزراعة اذ لا يحتاج نموها الى اكثر من 140 يوما، وقد حال انخفاض درجات الحرارة بشكل كبير خلال ليالي الصيف دون نجاح زراعة الذرة على نطاق واسع في بعض جهات وسط وشرقي اوربا، لذا يعتمد على البطاطس والبنجر واللفت كمحاصيل أساسية لتغذية الماشية في المانيا وفرنسا وبولندا.

وتتراوح كمية الامطار السنوية في أقاليم هذه الزراعة بين 20 – 60 بوصة، وتسقط معظم هذه الكمية خلال اشهر الصيف عندما تشتد حاجة المحاصيل الى المياه. اما التربة فهي متوسطة الخصوبة حيث تتراوح بين البودزل الفقيرة والتشرنوزم الخصبة، ورغم قدرة قطعان الماشية على الرعي في مناطق التلال الا ان أقاليم الزراعة المختلطة ترتبط بالمناطق السهلية حيث تحصل الماشية هنا على غذائها من المحاصيل التي تزرع خصيصا لهذا الغرض، وهي محاصيل تزرع عادة في المناطق السهلية وليس في المناطق المضرسة.

وتتميز أقاليم الزراعة المختلطة بارتفاع كثافة سكانها وان تباينت هذه الكثافة من نطاق لأخر فبينما نصل الى 250 نسمة في الميل المربع في بعض جهات اوربا وخاصة في الوسط، تتراوح بين 25 – 125 نسمة في الميل المربع في نطاقات أخرى، ورغم انخفاض الكثافة السكانية هنا الا انها تعد مرتفعة باقياس الى مثيلتها في الأقاليم المجاورة. وتضم أقاليم الزراعة المختلطة عددا كبيرا من المدن الضخمة التي تشكل اسواقا رئيسية لمنتجات هذه الأقاليم، لذا كان ربط المزارع بالمدن عن طريق شبكات جيدة من الطرق من اهم أسس نمو الزراعة المختلطة وازدهارها.

وتعد الذرة هي المحصول الرئيسي في أقاليم الزراعة المختلطة في حوض الدانوب، بينما تعد البطاطس والبنجر واللفت اهم محاصيل غذاء الحيوانات في باقي جهات اوربا. وتتركز تربية الماشية في كل من الدنمارك، بريطانيا هولندا، بلجيكا، المانيا، بولندا، فرنسا، سويسرا، شمالي إيطاليا.