أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-3-2016
5295
التاريخ: 2023-11-21
958
التاريخ: 22-12-2015
6072
التاريخ: 25-09-2014
4873
|
قال تعالى : {يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذَلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ} [الأنعام : 95]
لا غرابة أن يتولد من الكائن الحي حي مثله ، وأن ينفصل من الجماد جماد ، وإنما العجب أن يتولد الجماد من الحي ، وبالعكس . وقال قائل : إن الحياة تتولد من القوى الطبيعية .
ونسأل هذا القائل ، ومن الذي أوجد الطبيعة وقواها وتفاعلها ؟ وإذا كان مجرد التفاعل كافيا وافيا لإيجاد الحياة ، دون أن تتدخل العناية الإلهية ، فلما ذا عجز علماء الطبيعة أن يصنعوا الحياة في معاملهم ، كما يصنعون أدوات المطبخ وما إليها مع انهم قد حاولوا وأوجدوا ألف تفاعل وتفاعل ، وبعد اليأس أعلنوا ان صنع الحياة أصعب منالا من رجوع الشيخ إلى صباه وطفولته .
ولنسلم جدلا انهم ينجحون في خلق خلية حية ، فهل ينجحون في صنع حشرة تعمل بنظام كما تعمل أتفه الحشرات ؟ ولندع الإنسان ودماغ الإنسان ، والحيوان وعجائبه في خلقه ، ونضرب أمثلة من الحشرات التي ننفر منها ، ونستعمل المبيدات لها . . يقول المتخصصون بدراسة الحشرات :
إن بعضها يعيش في درجة 50 مئوية تحت الصفر ، وبعضها يعيش هذه الدرجة فوق الصغر ، وبعضها يعيش في الهواء السام ، وبعضها في آبار البترول ، ولها نظم متقنة في حياتها وأعمالها ، وإذا اخترع الإنسان الصواريخ والأقمار الصناعية والعقول الألكترونية فمن المؤكد انه لا يستطيع أن يصنع في المعمل جناح بعوضة ، ولا خلية من جناحها ، فالعقل الانساني عظيم ، ولكن عظمته تصبح عجزا مطلقا أمام القدرة الهائلة التي خلقت بعوضة أو نملة أو نحلة ! ! وكل هذه بديهيات . . ولكن المصيبة الكبرى اننا ننسى فلا ننظر إلى ما في أعماقنا ، إلى مظهر من مظاهر القدرة الإلهية الحكيمة ، فإذا نظرنا ازددنا ايمانا بما هو أكبر ، ومن هو أكبر ، وكل ما نحتاج إليه هو الايمان ، وكل ما يحتاج إليه أيماننا هو العقل ، لأن الايمان بغير عقل كالوجه بلا عينين .
أجل ، نحن بحاجة إلى الايمان بقدرة اللَّه لنفسر بها ما تعجز عن تفسيره عقول العباقرة . . وقد اعترفت هذه العقول بالعجز عن تفسير الحياة بالطبيعة ، والتجأ الكثيرون من أربابها إلى ما وراء الطبيعة ، إلى قدرة حكيمة عليمة يفسرون بها أصل الحياة { ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } . قال اينشتين : ان بصيرتنا الدينية
هي المنبع الموجه لبصيرتنا العلمية . وعلَّق الأستاذ توفيق الحكيم على هذا في كتابه فن الأدب بقوله : هذا الاعتراف ولا شك كسب للدين ، فما من أحد فيما مضى - أي منذ قرن من الزمان - يتصور العلماء يقولون عن الدين مثل هذا القول .
ونعلق نحن على قول الحكيم بأن السر الوحيد لاعتراف علماء القرن العشرين من أمثال اينشتين بأن البصيرة الدينية هي الأصل والمنبع للبصيرة العلمية ، ان السر لهذا الاعتراف هو تقدم العلم في هذا القرن ، وتأخره فيما مضى ، وكلما تقدم العلم اكتسب الدين أنصارا من أمثال اينشتين يعترفون بعظمته ، ويؤمنون بأنه الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه .
{ فَالِقُ الْإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } [الأنعام : 96]. ذكر سبحانه في الآية المتقدمة مثالا على عظمته بوجود الحياة على الأرض ، وذكر في هذه الآية ثلاثة أمثلة سماوية : الأول انه تعالى أخرج الصبح من الليل ، وهو كناية عن وجود النهار الذي يسعى فيه الإنسان لرزقه وتدبير شؤونه . الثاني انه تعالى أوجد الليل الذي يسكن فيه ، ويستريح من العمل بالنهار . الثالث انه سبحانه أوجد الشمس والقمر بمقدار مخصوص من السرعة والبطء بحيث يكون للأرض حركتان : حركة تتم في 24 ساعة ، وعليها مدار حساب الأيام ، وحركة تتم في سنة ، وبها توجد الفصول الأربعة ، وعليها مدار حساب السنة ، قال تعالى : { هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ } [يونس: 5] وتسأل : على هذا يكون وجود الليل والنهار نتيجة لدوران الأرض ، فما هو الوجه لاسنادها إلى اللَّه ؟ .
الجواب : لأنه هو خالق السماوات والأرض ، واليه تنتهي الأسباب بكاملها ، وعلى أية حال ، فان المقصود الأول من كل ما جاء في هذه الآيات انه لا شيء من أشياء الكون قد وجد صدفة وجزافا ، وإنما صدر عن عليم حكيم أعطى كل شيء خلقه ، وقدره تقديرا { ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ } .
4 – {وهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } . النجوم هنا ما عدا الشمس والقمر من النيرات ، كما يدل عليه سياق الكلام ، وفي كتاب : القرآن والعلم الحديث ، يقول حجة الفلك في العالم السير جيمس جيننز : انه إذا أردنا أن نعرف مكان بيت في المدينة فإننا نسأل عن اسم الشارع الذي يحتويه ، ثم رقمه ، فيقال رقم كذا بشارع كذا ، وكذلك الحال في النجوم ، فإن منها ما هو معروف بأسماء خاصة . .
وهي أهم علامات يهتدي بها الملاح في سفينته ، والراكب في سيارته ، والمرتحل على دابته ، وكم قوافل في البحر سارت على خريطة السماء ومواقع النجوم عند ما تعطلت البوصلة .
5 - {وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ} [الأنعام: 98]. والنفس التي نشأ الكل منها هي الإنسان الأول الذي تسلسل منه سائر الناس ، وهو آدم ، وتكلمنا على ذلك مفصلا عند تفسير الآية الأولى من سورة النساء . وذكر الرازي لتفسير قوله تعالى : فمستقر ومستودع ستة أقوال :
وأكثر المفسرين على ان المستقر هو استقرار النطفة في أصلاب الذكور ، والمستودع جعلها في أرحام الإناث . . وليس في الآية ما يدل على هذا المعنى ، ولا على واحد من بقية المعاني التي نقلها الرازي .
ور وي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)انه قسّم المؤمن إلى قسمين : مؤمن إيمانا صادقا مستقرا حتى الموت ، وهو الذي تتفق أقواله مع أفعاله ، ومؤمن إيمانا متزلزلا ومستودعا يفارقه قبل الموت ، وهو الذي تخالف أقواله أفعاله { قَدْ فَصَّلْنَا الآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ } . ومن لا يفقه ويفهم هذه الدلائل الكونية على عظمة الخالق المبدع فهو من الذين عناهم اللَّه بقوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ .
{ وهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ } . المطر مصدر الماء العذب ، ولولاه لأصبحت الأرض صحراء جرداء خالية من كل أثر للحياة ، وأسند سبحانه انزال الماء إليه لأنه مسبب الأسباب ، منه تبتدئ ، واليه تنتهي مهما امتدت حلقاتها { فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً }ضمير منه يعود إلى النبات ، والمراد بالخضر الغض والطراوة ، أي تتشعب من النبات أغصان غضة طرية .
وقيل الخضر هنا بمعنى الأخضر {نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً } ضمير منه يعود إلى الخضر ، أي يخرج من الأغصان سنابل كسنابل القمح ونحوها كثمر الرمان الذي يركب بعض حبوبه بعضا « ومِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ » طلعها بدل اشتمال من النخل بإعادة حرف الجر ، أي ونخرج من طلع النخل قنوانا ، والقنوان جمع قنو بالكسر ، وهو من النخل كالعنقود من العنب ، ودانية سهلة التناول ، أو ان بعضها قريب من بعض لكثرتها .
{ وجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ والزَّيْتُونَ والرُّمَّانَ } . أي ونخرج من النبات هذه الأصناف الثلاثة ، وذكرها سبحانه على سبيل المثال ، ومنها تعرف البواقي « مُشْتَبِهاً وغَيْرَ مُتَشابِهٍ » ان من النبات والشجر ما يشبه بعضه بعضا في الشكل والطعم ، ومنه ما لا يشبه بعضه بعضا فيهما { انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ ويَنْعِهِ } .
أي اعتبروا كيف يخرج الثمر أول ما يخرج صغيرا لا ينتفع به ، ثم ينتقل من حال إلى حال ، حتى يبلغ النضوج ، فيصير لذيذا نافعا { إِنَّ فِي ذلِكُمْ لآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } . ليس المراد بقوم يؤمنون المؤمنون بالفعل فقط ، بل والذين يستجيبون لدعوة الايمان ، وينتفعون بالدلائل والبينات ، أما أصحاب القلوب المغلقة فيمرون بها مرور البهائم والسوائم .
والخلاصة ان المقصود الأول من هذه الأمثلة الأرضية والسماوية هو التنبه إلى أن أشياء هذا الكون ، وما فيها من إبداع وتدبير - محال أن تأتي صدفة وفلتة في نظر الفطرة والعقل ، فهما يحكمان حكما قاطعا بأن كل ما في الوجود قد صدر عن إرادة وتصميم ، ولحكمة بالغة يعرفها العالم والجاهل ولا شيء أدل على بطلان الصدفة ، كمبدأ ، من تكرار الحادثة الواحدة كلما تكرر سببها .
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
تستخدم لأول مرة... مستشفى الإمام زين العابدين (ع) التابع للعتبة الحسينية يعتمد تقنيات حديثة في تثبيت الكسور المعقدة
|
|
|