أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-11-2014
5356
التاريخ: 2023-06-22
1184
التاريخ: 9-11-2014
5492
التاريخ: 23-4-2022
1603
|
ان الإنسان خلق للآخرة لا للدنيا ، لحياة طيبة لا مشاكل فيها ولا تعقيد .
ولكن شاءت حكمة الخالق ان يربط بين الحياة الطيبة في الآخرة التي خلق الإنسان من أجلها وبين صدق الايمان بالحق والإخلاص له والعمل لحمايته ، كما قضت حكمته تعالى ان من لا يؤمن بهذا الارتباط ، أو يؤمن به نظريا ولا يعمل له - أن يحاسبه حسابا عسيرا ، ويعذبه عذابا أليما لأنه جهل أو تجاهل الغاية التي من أجلها وجد ، وتنكب عن الطريق السوي بسوء اختياره بعد أن أرشده اللَّه إليه ، وأمره بسلوكه . . وبكلام آخر ان حياة الإنسان في واقعها باقية ببقاء خالقها ، وإنما وضعه تعالى في دار الدنيا مؤقتا والى حين ، ثم ينتقل به إلى دار القرار ، وأمره أن يعمل للدارين معا ، ويحتاط لما يمكن أن يقع له في الدار الأولى ، ولما هو واقع لا محالة في الدار الثانية ، فإن امتثل وأطاع فقد اختار لنفسه الأمن والفلاح تماما كمن سافر ، وهو مزوّد بما يحتاج إليه في سفره ، ومن أعرض وتولى فقد اختار لها شر العواقب كمن سافر إلى بلد بعيد وغريب على غير زاد ، وشئ من الاستعداد.
والآن نذكر طرفا من الآيات التي دلت على ان الغاية من خلق الإنسان هي الحياة الثانية ، وهذه الآيات على أنواع :
« منها » ما تصف الدنيا باللهو واللعب ومتاع الغرور ، وبالزوال والفناء ، وبالهشيم والتفاخر والتكاثر ، وتصف الآخرة بدار اللَّه والخير والحيوان والرضوان ، فكيف يخلق سبحانه الإنسان ، ويودع فيه من الأسرار والطاقات ما يخلق الحضارات ، ويغير تاريخ الإنسان والأرض والسماء ، كيف يخلق هذا الكائن العجيب للهو ومتاع الغرور ولحياة أشبه بالأحلام ، وهو القائل : {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ} [الإسراء : 70] . ولا شيء يناسب الكرامة الإنسانية ، والحكمة الإلهية إلا الحياة الباقية ببقاء خالقها .
و« منها » الآيات الدالة على ان اللَّه سبحانه يبتلي الإنسان ويمتحنه - وهو أعلم به - ليكشف الستار عن دخيلته وحقيقته ، وتظهر أفعاله التي يستحق بها الثواب والعقاب في الآخرة ، ومن هذه الآيات قوله تعالى : {وما كانَ لَهُ - أي لإبليس - عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْها فِي شَكٍّ } [سبأ : 21 ] وقوله : {إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الكهف : 7] . وليس القصد مجرد الإعلان والاظهار . . كلا ، {لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى} [النجم : 31].
وبما ان هذا الجزاء لم يتحقق في الدنيا فتعين أن يكون في اليوم الآخر ، وإلا كان وعد اللَّه تهويلا . . تعالى اللَّه عما يقول الجاهلون .
و« منها » الآيات الدالة على خلود من آمن وأحسن في الجنة ، وخلود من كفر وأساء في النار .
وتسأل : وما ذا تصنع بقوله تعالى : {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56] حيث دل بصراحة على ان الغاية من خلق الإنسان ان يعبد اللَّه
في الحياة الدنيا ، لا أن يحيا حياة طيبة دائمة في الآخرة ؟
الجواب : المراد بالعبادة هنا كل عمل يرضي اللَّه تعالى ، ويتقرب به إليه ، وليس من شك ان مرضاة اللَّه هي السبيل الوحيد للحياة الطيبة الدائمة ، وعليه يكون المعنى ما خلقت الجن والإنس إلا ليعملوا عملا صالحا يحيون بسببه حياة طيبة دائمة في الآخرة ، وبكلام آخر ان قوله تعالى : {وما خَلَقْتُ الْجِنَّ والإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات : 56] يرادف قوله : {وقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} - 23 الإسراء وقوله : {وما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهً مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} - 5 البينة . ونتيجة الإخلاص في الدين حياة دائمة ، وجنة قائمة .
أما الآيات التي أناطت نعيم الآخرة بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وأناطت عذاب الآخرة بعمل الشر والفساد في الأرض فهي تعد بالعشرات ، منها الآية 72 من سورة الإسراء : {ومَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمى وأَضَلُّ سَبِيلًا} ومنها الآية 142 من سورة آل عمران : { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ ولَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ويَعْلَمَ الصَّابِرِينَ }. والمراد بالجهاد هنا الجهاد لحماية الحق وأهله ، والاستشهاد في سبيل اللَّه ، والمراد بالصبر الثبات ضد المبطلين والمعتدين . . لا صبر الذين يستسلمون لقوى الشر والبغي ، وعلى الذل والفقر .
ومتى تبين معنا ان الغاية من خلق الإنسان هي الحياة الباقية ، وان نعيمها منوط بعمل الخير والصلاح في الحياة الدنيا ، وجحيمها منوط بعمل الشر والفساد في الأرض ، إذا تبين معنا هذا أدركنا ان أي تفسير للغاية من خلق الإنسان لا يعكس هذه الحقيقة فهو بعيد عن الصواب والواقع ، وكفى دليلا على ذلك قوله تعالى :
{أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ} [المؤمنون : 115] المؤمنون أي لو لم يخلق اللَّه الإنسان للآخرة لكان اللَّه عابثا جلت حكمته .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|