أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-10-2014
5099
التاريخ: 23-5-2022
1616
التاريخ: 2024-11-14
127
التاريخ: 31-8-2022
1837
|
قال تعالى : (اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاعٌ )[الرعد : 26].
للإنسان صفات كثيرة ، منها ذاتية تلازمه ولا تنفك عنه بحال ، مثل أن يكون طويلا أو قصيرا ، وابن غني أو فقير ، ومنها غير ذاتية مثل أن يكون فلاحا أو تاجرا أو موظفا أو طبيبا ونحو ذلك .
وللغنى أسباب ، منها النسب أي الغنى عن طريق الميراث وهو مشروع في الدين ، وان لم يدخل تحت قدرة الإنسان ، ومنها الاحتكار والاستغلال كالربا والغش والسلب والنهب ، والتجارة بالمحرمات ، وهذا حرام ، ما في ذلك ريب ، ومنها كد اليمين وعرق الجبين، كالزراعة والصناعة وما إليهما ، وهذا خير الأسباب وأفضلها عقلا وشرعا .
وللفقر أسباب أيضا : منها الإهمال والكسل ، وتقع التبعة فيه على الكسول المهمل ، ومنها فساد الأوضاع التي تجعل القيادة والزعامة للخونة والأقوياء ، وتبعد الشرفاء والضعفاء . وهذا السبب يحكم العقل والشرع بتحريمه وعدم شرعيته .
وبكلمة ان كلا من الفقر والغنى له أسبابه المحسوسة المشاهدة بالعيان .
وبهذا يتبين معنا ان الفقر والغنى من صنع الأرض ، لا من صنع السماء في الأعم الأغلب . . حيث يشذ بعض الموارد عن الأسباب المألوفة ، فيسميها البعض بتوفيق من اللَّه ، والبعض الآخر بالصدفة أو الحظ . . ولكن لا أحد يستطيع القول : ان القضاء والقدر يعاكس بعض الناس في كل شيء ، ويحول أبدا ودائما بينهم وبين ثمرة جهدهم وأعمالهم ، وانه يحالف آخرين ويناصرهم في كل شيء ، ويحقق لهم أكثر مما يأملون ، وفوق ما كانوا يتصورون من غير سعي وجد . . لا أحد يستطيع أن يثبت ذلك ، والا بطلت المقاييس ، وتخلفت المسببات عن أسبابها ، وكان العمل والتحفظ والإتقان ألفاظا بلا معنى .
وتسأل : ان قولك هذا لا يتفق مع ظاهر الآية ، وهي قوله تعالى : ( اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ويَقْدِرُ ) ؟ .
الجواب : ان الناس في حياتهم وواقعهم فريقان : فريق موسع عليهم في الرزق ، وفريق مضيق عليهم فيه ، وكل من الغنى والفقر يتولد من أسبابه الخاصة التي أشرنا إليها ، وقوله تعالى : ( اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ ويَقْدِرُ ) هو وصف لواقع الناس ، وحكاية لحالهم التي هم عليها ، فكأنه يقول : الناس فريقان :
غني وفقير . . وأضاف سبحانه الفقر والغنى إليه لتنبيه الأذهان انه تعالى هو خالق الكون الذي فيه شقاء وهناء ، وبؤس ونعيم . . وإذا سأل سائل : ولما ذا لم يخلق كونا لا شقاء فيه ولا بؤس أحلناه على ما كتبنا بعنوان : « ليس بالإمكان أبدع مما كان » عند تفسير الآية 78 من النساء ج 2 ص 384 .
( وفَرِحُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا ومَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ ) . تقدم نظيره مرات ، منها في الآية 185 من سورة آل عمران ج 2 ص 224 ، ونعطف على ما ذكرنا هناك ان فريقا من الناس يفرحون بالمال لأنه يستر عيوبهم وقبائحهم ، وكثير منهم لا يرون الفضيلة والخير الا في المال والثراء ، والمعروف عن الأمريكيين انهم لا ينظرون إلى شيء الا من خلال الدولار ، وبه وحده يقيسون عظمة الرجال ، حتى العلماء والعباقرة قيمتهم ما في جيوبهم ، لا ما في رؤوسهم .
{وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} [الرعد: 7]. مر نظيره في الآية 118 من سورة البقرة ج 1 ص 189 ، والآية 37 من سورة الأنعام ج 3 ص 184 ، والآية 20 من سورة يونس وبالحرف الواحد من السورة التي نحن فيها الآية 7 .
( قُلْ إِنَّ اللَّهً يُضِلُّ مَنْ يَشاءُ ويَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنابَ )[الرعد :27] . أنظر « الإضلال من اللَّه سلبي لا ايجابي » ج 2 ص 399 عند تفسير الآية 88 من سورة النساء ، و « الهدى والضلال » ج 1 ص 70 عند تفسير الآية 26 من سورة البقرة .
{الَّذِينَ آمَنُوا وتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد : 28] .
لما ذكر سبحانه أهل المال ، وفرحهم الناشئ عن اطمئنانهم إلى عيشهم وحياتهم ذكر المؤمنين ، وانهم هم الذين يطمئنون بذكر اللَّه . . والاطمئنان معنى زائد على أصل الايمان ، وهو ثبات الايمان واستقراره ، أو هو أعلى درجاته ومراتبه ، فقد جاء في الآية 260 من سورة البقرة : « قالَ أَولَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ولكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » . وفي الآية 106 من سورة النحل : « وقلبه مطمئن بالايمان » . أي ثابت ومستقر .
أما الذكر فليس المراد به مجرد الكلام الملفوظ المسموع ، وانما المراد به الذكر الذي يزيد الذاكر يقينا باللَّه ، وثقة بوعده ووعيده ، فإذا لم يتحقق هذا الأثر .
فلا يعد التلفظ بالتقديس والتسبيح ذكرا حقيقيا . . والذكر الذي يزيد الذاكر يقينا وثقة هو المراد من قوله تعالى : {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ } [البقرة : 152].
{الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ} [الرعد : 29]. المراد بطوبى الجنة ، والمآب المرجع والمنقلب ، والآية بمعنى قوله تعالى : {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ} [البقرة : 25]
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
المجمع العلمي يصدرُ مجموعةَ أبحاثٍ علميَّةٍ محكَّمةٍ في مجلَّة الذِّكرِ
|
|
|