المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

العقائد الاسلامية
عدد المواضيع في هذا القسم 4870 موضوعاً
التوحيد
العدل
النبوة
الامامة
المعاد
فرق و أديان
شبهات و ردود
أسئلة وأجوبة عقائدية
الحوار العقائدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر

مَنْ كَسَا مُؤْمِناً – بحث روائي
22-8-2016
معنى كلمة سكن‌
22-11-2015
النابغة الجعدي
8-6-2021
أهمية المدرسة وواجبات الأهل نحوها
14/9/2022
المجــاز
29-8-2016
GRAVITATIONAL WAVES
24-10-2020


الطرق الصحيحة إلى معرفة الله  
  
1169   10:28 صباحاً   التاريخ: 22-10-2014
المؤلف : الشيخ جعفر السبحاني
الكتاب أو المصدر : محاضرات الاستاذ الشيخ جعفر السبحاني
الجزء والصفحة : ص91
القسم : العقائد الاسلامية / التوحيد / النظر و المعرفة /

 إِنَّ ذاتَه سبحانه و أَسماءَه و صفاتَه و أَفعالَه ، و إنْ كانت غيرَ مسانخة لمُدْرَكات العالَم المحسوس ، لكنها ليست على نحو يستحيل التعرفُ عليها بوجه من الوجوه. و من هنا نجد أَنَّ الحكماء و المتكلمين يسلكون طرقاً مختلفة للتعرف على ملامح العالَم الرُّبوبي ، و هم يرون أَنَّ ذلك العالم ليس على وجه لا يقع في أُفق الإِدراك مطلقاً ، بل هناك نوافذ على الغيب عقليةٌ و نقليةٌ ، يُرى منها ذلك العالم الفسيح العظيم.

وها نحن نشير إلى هذه الطرق :

الأول ـ الطريق العقلي:

إِذا ثبت كونه سبحانه غنياً غيرَ محتاج إلى شيء ، فإِنَّ هذا الأَمر يمكن أَنْ يكون مبدأً لإِثبات كثير من الصفات الجلالية ، فإِنَّ كل وصف استلزم خللا في غناه و نقضاً له ، انتفى عنه ولزم سلبُه عن ذاته.

و قد سلك الفيلسوف الإِسلامي نصير الدين الطوسي هذا السبيل للبرهنة على جملة من الصفات الجلالية حيث قال : « ووجوب الوجود يدل على سَرْمَدِيَّتِه ، و نفي الزائد ، و الشريك ، و المِثْل ، و التركيب بمعانيه ، و الضَّدّ ، و التَّحَيُّز ، والحُلول ، و الإِتحاد ، و الجهة ، و حلول الحوادث فيه ، و الحاجة ، و الأَلم مطلقاً و اللذة المزاجية ، و المعاني و الاحوال و الصفات الزائدة و الرؤية ».

بل انطلق المحقق من نفس هذه القاعدة لإِثبات سلسلة من الصفات الثبوتيّة حيث قال : « ووجوب الوجود يدل على ثبوت الوجود ، والمُلْك ، والتّمام ، والحقيّة ، والخيريّة ، والحكمة ، والتجبر ، والقهر ، والقيوميّة » (1).

و قد سبقه إلى ذلك مؤلِّف الياقوت إذا قال : « و هو (وجوب الوجود) ينفي جملة من الصفات عن الذات الإِلهية و أَنَّهُ ليس بجسم ، و لا جوهر ، ولا عرض ، ولا حالاًّ في شيء ولا تَقُوم الحوادث به وإِلا لكان حادثاً » (2).

وعلى ذلك يمكن الإِذعان بما في العالم الرُّبوبي من الكمال و الجمال بثبوت أصل واحد و هو كونُه سبحانَه موجوداً غنياً واجبَ الوجود ، لأَجل بطلان التسلسل الذي عرفته. و ليس إِثباتُ غناه و وجوبِ وجودهِ أَمراً مُشكلا على النفوس.

و من هذا تنفتح نوافذ على الغيب و التعرف على صفاته الثبوتية و السلبية ، وستعرف البرهنة على هذه الصفات من هذا الطريق.

الثاني : المطالعة في الآفاق و الأَنْفُس:

من الطرق و الاصول التي يمكن التَّعرفُ بها على صفات الله ، مطالعة الكون المحيط بنا ، و ما فيه من بديع النظام ، فإِنه يكشف عن علم واسع و قدرة مطلقة عارفة بجميع الخصوصيات الكامنة فيه ، و كلِّ القوانين التي تسود الكائنات. فمن خلال هذه القاعدة و عبر هذا الطريق أي مطالعة الكون ، يمكن للإِنسان أنْ يهتديَ إلى قسم كبير من الصفات الجمالية. و بهذا يتبين أَنَّ ذات الله سبحانه و صفاته بحكم أَنها ليس كمثلها شيء ليست محجوبةً عن التعرُّفِ المُطْلَق و غيرَ واقعة في أٌفق التعقل، حتّى نعطل العقول ونقول : « إنما أُعطينا العقل لإقامة العبودية لا لإِدراك الربوبية ». و قد أَمر الكتاب العزيز بسلوك هذا الطريق. يقول سبحانه : { قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } [يونس: 101]. و قال سبحانه : { إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 190]. و قال سبحانه : {إِنَّ فِي اخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ} [يونس: 6].

و قد سلك هذا الطريق المحقق الطوسي في إثبات صفة العلم و القدرة حيث قال : « و الإِحكامُ والتَجَرّدُ و استنادُ كلِّ شيء إليه دليلُ العلم » (3).

الثالث : الرجوع إلى الكتاب و السنَّة الصحيحة:

و هناك أَصل ثالث يعتمد عليه أَتباع الشرع ، و هو التعرف على أَسمائه و صفاته و أَفعاله بما ورد في الكتب السماوية و أَقوال الأَنبياء و كلماتهم ، و ذلك بعدما ثبت وجودُه سبحانه و قسمٌ من صفاته ، ووقفنا على أنَّ الأَنبياءَ مبعوثون من جانب الله و صادقون في أَقوالهم و كلماتهم.

و باختصار ، بفضل الوَحْي ـ الذي لا خطأ فيه ولا زَلَل ـ نَقِفُ على ما في المَبْدَأ الأَعلى من نعوت و شؤون. فَمِنْ ذلك قولُه سبحانه : {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [الحشر: 23، 24].

الرابع : الكَشْفُ والشُّهود:

و هناك ثُلَّةٌ قليلةٌ يشاهدون بعيونِ القلوبِ ما لا يُدْرَكُ بالأَبْصار ، فَيَرَوْن جمالَهُ و جلالَه و صفاتَه و أَفعالَه بإِدراك قلبي ، يدرك لأَصحابه و لا يوصَفُ لغيرهم. والفُتوحاتُ الباطنيّة من المكاشفات و المشاهدات الروحيّة و الإِلقاءات في الروع غَيْرُ مَسْدودَة ، بنص الكتاب العزيز. قال سبحانه : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} [الأنفال: 29] أَي يجعل في قلوبكم نوراً تُفَرِّقون به بين الحقِّ و الباطلِ و تُمَيِّزون به بين الصحيحِ و الزائفِ لا بالبَرْهَنَةِ و الإِستدلال بل بالشهود و المكاشَفَة.

و قال سبحانه : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ } [الحديد: 28].

و المُراد من النور هو ما يمشي المؤمن في ضوئه طيلةَ حياتِه ، في معاشه و معاده ، في دينه و دنياه. (4).

و قال سبحانه : {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: 69] ، إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة في أَنَّ المُؤمِنَ يَصِلُ إلى معارف و حقائِق في ضوء المُجاهدة و التَّقوى ، إلى أَنْ يقدر على رؤية الجحيم في هذه الدنيا المادية ، قال سبحانه : { كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ } [التكاثر: 5، 6].

نعم ليس كلُّ من رمى أصاب الغَرَض ، و ليست الحقائق رمية للنِّبال ، و إِنما يَصِل إليها الأَمْثَلُ فالأَمْثَل ، فلا يحظى بما ذكرناه من المكاشفات الغيبية و الفتوحات الباطنية إِلاّ النزر القليل ممن خَلُصَ روحُه و صفى قلبُه.

و قد بان بهذا البحث الاضافي ، أَنه ليس لمسلم التوقف عن محاولة التعرف على صفات الله و أَسمائه بحُجَّة أنَّه لا مسانخة بين البشر و خالقهم.

نعم ، نحن لا نَدَّعي أَنَّ بعضَ هذه الطرق ميسورَةَ السلوكِ للعامة جميعاً ، بل منها ما هو عام مُتاحٌ لكلِّ إنسان يريد معرفة ربه ، و منها ما هو خاص يستفيد منه من بلغ مبلغاً خاصاً من العلم و المعرفة (5).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1 ـ تجريد الإِعتقاد ، باب إِثبات الصانع و صفاته ، ص 178 ـ 185.

2 ـ أنوار الملكوت في شرح الياقوت ، ص 76 و 80 و 81 و 99.

3 ـ تجريد الإِعتقاد ، ص 172 ، طبقة مطبعة العرفان ـ صيدا.

4 ـ أَما في الدنيا فهو النور الذي أَشار إليه سبحانه بقول : { أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا} [الأنعام: 122].

 

و أَما في الآخرة فهو ما أَشار إليه سبحانه بقوله : {يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12].

5 ـ راجع في الوقوف على مفتاح هذا الباب : مفاهيم القرآن ، الجزء الثالث ، ص 244 إلى ص 259.

 




مقام الهي وليس مقاماً بشرياً، اي من صنع البشر، هي كالنبوة في هذه الحقيقة ولا تختلف عنها، الا ان هنالك فوارق دقيقة، وفق هذا المفهوم لا يحق للبشر ان ينتخبوا ويعينوا لهم اماماً للمقام الديني، وهذا المصطلح يعرف عند المسلمين وهم فيه على طوائف تختصر بطائفتين: طائفة عموم المسلمين التي تقول بالإمامة بانها فرع من فروع الديني والناس تختار الامام الذي يقودها، وطائفة تقول نقيض ذلك فترى الحق واضح وصريح من خلال ادلة الاسلام وهي تختلف اشد الاختلاف في مفهوم الامامة عن بقية الطوائف الاخرى، فالشيعة الامامية يعتقدون بان الامامة منصب الهي مستدلين بقوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) وبهذا الدليل تثبت ان الامامة مقام الهي وليس من شأن البشر تحديدها، وفي السنة الشريفة احاديث متواترة ومستفيضة في هذا الشأن، فقد روى المسلمون جميعاً احاديث تؤكد على حصر الامامة بأشخاص محددين ، وقد عين النبي الاكرم(صلى الله عليه واله) خليفته قد قبل فاخرج احمد في مسنده عن البراء بن عازب قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرتين فصلى الظهر وأخذ بيد علي رضى الله تعالى عنه فقال ألستم تعلمون اني أولى بالمؤمنين من أنفسهم قالوا بلى قال ألستم تعلمون انى أولى بكل مؤمن من نفسه قالوا بلى قال فأخذ بيد علي فقال من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه قال فلقيه عمر بعد ذلك فقال له هنيئا يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة


مصطلح اسلامي مفاده ان الله تعالى لا يظلم أحداً، فهو من كتب على نفسه ذلك وليس استحقاق البشر ان يعاملهم كذلك، ولم تختلف الفرق الدينية بهذه النظرة الاولية وهذا المعنى فهو صريح القران والآيات الكريمة، ( فلا يظن بمسلم ان ينسب لله عز وجل ظلم العباد، ولو وسوست له نفسه بذلك لأمرين:
1ـ تأكيد الكتاب المجيد والسنة الشريفة على تنزيه الله سبحانه عن الظلم في آيات كثيرة واحاديث مستفيضة.
2ـ ما ارتكز في العقول وجبلت عليه النفوس من كمال الله عز وجل المطلق وحكمته واستغنائه عن الظلم وكونه منزهاً عنه وعن كل رذيلة).
وانما وقع الخلاف بين المسلمين بمسألتين خطرتين، يصل النقاش حولها الى الوقوع في مسألة العدل الالهي ، حتى تكون من اعقد المسائل الاسلامية، والنقاش حول هذين المسألتين أمر مشكل وعويص، الاولى مسالة التحسين والتقبيح العقليين والثانية الجبر والاختيار، والتي من خلالهما يقع القائل بهما بنحو الالتزام بنفي العدالة الالهية، وقد صرح الكتاب المجيد بان الله تعالى لا يظلم الانسان ابداً، كما في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا * فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا).

مصطلح عقائدي، تجده واضحاً في المؤلفات الكلامية التي تختص بدراسة العقائد الاسلامية، ويعني الاعتقاد باليوم الاخر المسمى بيوم الحساب ويوم القيامة، كما نص بذلك القران الحكيم، وتفصيلاً هو الاعتقاد بان هنالك حياة أخرى يعيشها الانسان هي امتداد لحياة الانسان المطلقة، وليست اياماً خاصة يموت الانسان وينتهي كل شيء، وتعدّت الآيات في ذكر المعاد ويوم القيامة الالف اية، ما يعني ان هذه العقيدة في غاية الاهمية لما لها الاثر الواضح في حياة الانسان، وجاء ذكر المعاد بعناوين مختلفة كلها تشير بوضوح الى حقيقته منها: قوله تعالى: (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ) ،وهنالك آيات كثيرة اعطت ليوم القيامة اسماء أخرى كيوم القيامة ويوم البعث ويوم النشور ويوم الحساب ، وكل هذه الاشياء جزء من الاعتقاد وليس كل الاعتقاد فالمعاد اسم يشمل كل هذه الاسماء وكذلك الجنة والنار ايضاً، فالإيمان بالآخرة ضرورة لا يُترك الاعتقاد بها مجملاً، فهي الحقيقة التي تبعث في النفوس الخوف من الله تعالى، والتي تعتبر عاملاً مهماً من عوامل التربية الاصلاحية التي تقوي الجانب السلوكي والانضباطي لدى الانسان المؤمن.