أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-6-2016
2278
التاريخ: 12-6-2016
2504
التاريخ: 8-6-2016
3169
التاريخ: 5-4-2017
4442
|
مثلما يتأثر القاضي الاداري في ممارسته للسلطة التقديرية في العوامل الموضوعية، فان هناك عوامل ذاتية لابد ان يتأثر بها القاضي الاداري اثناء ممارسته لهذه السلطة الخطيرة وهي العوامل الطبيعية والعوامل الثقافية والعامل الفكري. الا ان ذلك لايعني عدم وجود تداخل بين العوامل الموضوعية والعوامل الذاتية فتمتع القاضي بثقافة قانونية خاصة تؤهله لممارسة العمل القضائي الاداري نتيجة لتخصصه في مجال القضاء الاداري وان كان يعد عاملاً ذاتياً الا انه في الوقت نفسه يعد عاملاً موضوعياً وهو وجود نظام قضائي يقر بمبدأ التخصص. كما ان الخلفية الفكرية للقاضي الاداري وان كانت تعد من العوامل الذاتية الا انها مرتبطة بعامل موضوعي هو طبيعة النظام السياسي للدولة والايدلوجية التي تتبناها.
اولاً: العوامل الطبيعية
ويقصد بها تلك المواهب الطبيعية التي يجب ان تتوفر في القاضي لكي يكون اهلاً لمهنة القضاء وهي النزاهة التامة والاستقلال المطلق وسعة الصدر وضبط النفس والذكاء (1). ولاشك ان لهذه العوامل اثر كبير في ممارسة القاضي لسلطته التقديرية. الا ان هذه الصفات تختلف من حيث الاهمية، فالاستقامة والاستقلال والنزاهة تتقدم على العوامل الطبيعية الاخرى لان لاجدوى من توافر المعرفة القانونية وموهبة الذكاء اذا كان يمكن للقاضي ان يخضع لمأرب نفسية او لمصلحة شخصية او اذا كان متهاوناً غير مكترث بدراسة القضية فيصدر حكماً ارتجالياً (2).
ثانياً : العامل الثقافي
للعامل الثقافي اثر كبير في ممارسة القاضي الاداري لسلطته القضائية عموماً وسلطته التقديرية بشكل خاص، فيجب على القاضي اولاً ان يكون متمتعاً بثقافة قانونية عالية تؤهلة لحسن استخدام هذه السلطة في تحقيق الغاية الاساسية من القضاء وهي تحقيق العدالة. لذلك لابد ان يكون القاضي ملماً بكافة العلوم القانونية ومعرفة تطبيقها. اي لابد ان يكون للقاضي ملكة قانونية يسخرها في خدمة عمله كقاضي وهذا الامر لايتحقق الا عن طريق الممارسة العملية المتكررة في مجال واحد كالقضاء الاداري، لان فروع القانون اصبحت اليوم متعددة واحكامها معقدة والاحاطة بها تحتاج الى دراسة متخصصة. فالتخصص والخبرة هي التي تكون ضمير القاضي وتولد لديه العقلية القانونية (3) وهذا ما يعرف بالتخصص في القضاء (4). لذلك نرى من الافضل لو يتم العمل في العراق بمبدأ تخصص القاضي الاداري وذلك من خلال انشاء قسم في المعهد القضائي يتخصص في اعداد قضاه اداريين للعمل في مجال القضاء الاداري، بدلاً من الاعتماد على قضاه غير مهيئين لهذا النوع من العمل القضائي. ويجب الا تقتصر ثقافة القاضي الاداري عند حدود الثقافة والمعرفة القانونية دون العلوم الاخرى لان فن القضاء متصل بالحياة وموضوعها وحيث ان فلسفة القضاء هي ابراز الصلة بين القانون والحياة وكشف العلاقة بين الواقع القانوني والواقع الانساني (5). وبهذا يقول الاستاذ ضياء شيت خطاب في صفات القاضي الناجح "ان يكون مثقفاً وعالماً اذ يجب ان يتفقه في القوانين فهماً واستذكارا فينبغي ان يكون القاضي شيئاً اذا لم يكن كذلك، وان يكون دارساً للفقه والفلسفة، والطب العدلي وعلم النفس، وعلم الاجتماع والاقتصاد، والتاريخ، والادب العربي ولغة اجنبية واحدة في الاقل، لان العلم والدراسة والمعاناة والتدريب الشاق هي القادرة على ان تصوغ شخص القاضي وعقله. والقاضي الذي يقتصر علمه على القوانين فقط دون العلوم الاخرى فما اشد بؤسه وما اسرعه الى الفشل (6).
ثالثاً: العامل الفكري
بما ان السلطة التقديرية للقاضي بشكل عام هي عبارة عن عملية فكرية وذهنية وهي تقوم على الترجيح والاختيار طبقاً لقناعة القاضي وضميره، وهو في ممارسته لهـذه السلطـة لا يخضـع –كمبدأ عام - لأي سلطة عدا سلطة القانون. لذلك فهو مستقل في ممارسته لهذه الصلاحية. ولكننا نجد ان القاضي الاداري في ممارسته للعملية القضائية عموماً والسلطة التقديرية بشكل خاص، لابد ان يتأثر بالافكار السياسية والاقتصادية التي يحملها بشكل او باخر. كما انه من جهة اخرى وان كان يتمتع باستقلالية في عمله طبقاً لمبدأ استقلال القضاء، فانه بحكم كونه عامل الدولة المناط به تطبيق القانون، يعد جزءا من الكيان القانوني والايدلوجي للدولة ولابد ان يكون تطبيقه للقانون ضمن الاطار العام لهذه الايدلوجية. وبعبارة ادق نرى يجب ان يكون عمل القاضي ضمن السياسة العامة للدولة. فالحلول القانونية قد تختلف من بلد لأخر رغم تشابه النصوص تبعاً لاختلاف المذاهب والافكار التي يتبناها القاضي. بل انه في البلد الواحد يمكن ان تتغير الاحكام تبعاً لتطور الافكار والاتجاهات السياسية والاقتصادية التي لابد ان تنعكس بشكل او باخر على النظام والفكر القانوني للقاضي بشكل خاص. ففي فرنسا مثلاً ادى ظهور مبادئ سياسية واجتماعية واقتصادية صاحبها نكوص المذهب الفردي ونهوض المذهب الجماعي بعد الحرب العالمية الاولى الى اتساع فكرة الصالح العام على حساب المصلحة الفردية، وكان ذلك داعياً الى النظر لمبدأ الصالح العام بمنظار جديد يعمل على التضحية بالمصالح الفردية في سبيل صالح المجموع (7). وقد ادى تبني مجلس الدولة الفرنسي لهذه الافكار الجديدة، الى تغيير نظرته الى استهداف الادارة تحقيق مصالح مالية من وراء قرارتها الادارية لمواجهة تكاليف ضمان سير المرافق العامة، حيث اعتبرها اهداف مشروعة بعد ان كان لايعتبرها كذلك لمخالفتها مبدأ تخصيص الاهداف(8). كما ان مجلس الدولة المصري قد تبنى الموقف نفسه تحت تأثير الافكار ذاتها (9).
______________________
1- ينظر د. صالح محسوب، فن القضاء، ط 1982، مطبعة العاني –بغداد ص8.
2- المصدر السابق ص9.
3- ينظر القاضي محمد حسن الزبيدي، ضمانات القاضي في العراق، دراسة مقارنة ط1، 1985، مطبعة الشعب ص44.
4- يقصد بالتخصص في القضاء استقلال القاضي بالنظر في كافة المسائل القانونية النوعية المعروضة امامه وان لاينقل من عمله في الفرع الذي اختص به الى فرع قانوني اخر الا في اضيق الحدود ويضل في فرع تخصصه الى اخر مدة حكمه. وهنا لابد من التمييز بين مبدا التخصص وبين تخصيص القضاء فالاول يقوم على حصر ولاية القضاء برجال قانونيين متفرغين لهذا العمل ولديهم من المؤهلات ما يمكنهم من ذلك، اما الثاني فيقصد به تقييد القاضي او المحكمة بالنظر في نوع معين من القضايا المدنية او الجزائية او الادارية. ينظر محمد حسن لفتة الزبيدي، التخصص في القضاء، مجلة الوقائع العدلية العدد 55 كانون اول 1981 ص576.
5- ينظر الاستاذ ضياء شيت الخطاب، فن القضاء، المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم معهد البحوث والدراسات العربية، بغداد. 1984 مؤسسة الخليج للطباعة والنشر ص34-35.
6- المصدر السابق، ص35.
7- ينظر د. محسن خليل، القضاء الاداري ورقابته لاعمال الادارة – الجزء الاول- دار المعارف بالاسكندرية، 1961 ص469.
8- تفصيل ذلك عند البحث في سلطة القاضي الاداري في تقدير عيب الانحراف في السلطة.
9- ينظر د. محسن خليل، المصدر السابق ص470.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|