أقرأ أيضاً
التاريخ: 9-6-2016
2559
التاريخ: 8-6-2016
23642
التاريخ: 10-4-2017
11032
التاريخ: 2024-04-16
656
|
يعتبر الضبط الإداري من أهم و أقدم وظائف الدولة منذ نشوئها و إن كانت فكرته الأساسية موجودة قبل نشوء الدولة حيث كانت تمارس على نطاق معين, و شامل في الوقت نفسه ضرورة اجتماعية ملموسة في المجتمعات الحديثة اليوم, إذ بدون وظيفة الضبط الإداري ستعم الفوضى و يسود الاضطراب و تختل بسببه موازين المجتمع(1). ويقصد بالضبط الإداري وفقا للمعنى الوظيفي له (( هو مجموعة من الإجراءات و القرارات التي تتخذها السلطة الإدارية بهدف حماية النظام العام و المحافظة عليه))(2). و إذا كان الأصل وفقا لهذا التعريف أن السلطة التنفيذية هي التي تمارس وظيفة الضبط الإداري من خلال الجهات الإدارية التي تمثلها و تهدف من ورائها حماية النظام العام بعناصره الثلاثة ,الأمن العام والصحة العامة و السكينة العامة فان السؤال الذي يطرح نفسه هو ,هل يستطيع المتعاقد في العقد الإداري ممارسة سلطة الضبط الإداري بتخويل من الإدارة ؟ الحقيقة أن الفقهاء اختلفوا في هذا الشأن و كان سبب اختلافهم ناجماً عن الاختلاف في تفسير المادة (77) من لائحة المناقصات و المزايدات المصرية التي نصت على ((يلزم المقاول بإتباع جميع القوانين و اللوائح الحكومية و المحلية ذات الصلة بتنفيذ موضوع التعاقد بما في ذلك استخراج الرخصة, كما يكون مسؤولا عن حفظ النظام بموقع العمل وتنفيذ أوامر جهة الإدارة بإبعاد كل من يهمل أو يرفض تنفيذ التعليمات أو يحاول الغش أو يخالف أحكام هذه الشروط, و يلتزم المقاول أيضا باتخاذ كل ما يكفل منع الإصابات أو حوادث الوفاة للعمال أو أي شخص آخر أو الأضرار بممتلكات الحكومة أو الأفراد وتعتبر مسؤوليته في مثل هذه الحالات مباشرة دون تدخل الإدارة))(3). فالأستاذ سليمان الطماوي يرى إمكانية تخويل الإدارة المتعاقد حق استعمال بعض سلطات البوليس (الضبط الإداري) إذا اقتضى تنفيذ العقد ذلك فضلا عن نص المادة(77) من اللائحة المذكورة آنفا على أساس أن هذه المادة أكدت مسؤولية المقاول بشكل أساسي عن حفظ النظام العام بموقع العمل كما فرضت عليه هذه المادة اتخاذ الإجراءات التي تكفل منع الإصابات أو حوادث الوفاة للعمال و حماية ممتلكات الحكومة وهو في سبيل القيام بهذه المهمة أو الواجب يملك أن يصدر تعليمات و أوامر يفرضها على عماله و على الغير ممن يتصلون بالعمل محل التعاقد(4). بينما ذهب بعض الفقهاء كالدكتور محمود حلمي عكس ما ذهب إليه الأستاذ الطماوي فهو يعتقد أن النص المشار إليه (( لا يعطى للمقاول سلطات بوليسية قبل الأفراد الذين لا تربطهم به رابطة و إنما يلتزم المقاول وفقا للنص, بتحقيق الأمن و النظام و السلام بين عماله في موقع العمل , فهو لا يملك أي سلطات في مواجهة المواطنين من غير العمال حتى ولو وجدوا في مكان العمل))(5). و يضيف آخرون إلى هذا الرأي أن سندهم في عدم إمكانية قيام المتعاقد مع الإدارة من ممارسة سلطة الضبط الإداري تجاه الغير هو أن ((اختصاص الإدارة بممارسة سلطات الضبط الإداري العام مقرر بمقتضى القوانين و اللوائح و تعين على الإدارة ممارسة هذا الاختصاص بنفسها و لا يجوز لها أن تتنازل عنه لغيرها إلا إذا أجاز المشرع ذلك صراحة, لان قواعد الاختصاص من النظام العام, كما إنها تقررت كحماية المصلحة العامة و ليس لمصلحة الإدارة... ))(6). و نحن نؤيد بدورنا ما ذهب إليه الأستاذ الطماوي لأننا لكي نفهم و نستوعب إمكانية تخويل الإدارة للمتعاقد من ممارسة بعض مظاهر السلطة العامة و من ضمنها سلطة الضبط الإداري ينبغي لنا التسليم مبدئيا بأن العقود الإدارية كما هو ثابت عنها تستهدف دائما تحقيق المصلحة العامة و تحقيق ذلك لا يتم إلا بتمكين المتعاقد مع الإدارة بوسائل تساعده للوصول إلى هذا الهدف, و المصلحة العامة في حقيقتها مراد الإدارة في جميع تصرفاتها ليست التعاقدية فحسب بل حتى التي تمارسها بموجب أرادتها المنفردة ( القرار الإداري) فضلا عن أن الإدارة لم تعد تنظر إلى المتعاقد معها بأنه يسعى دائما إلى تحقيق المصلحة الخاصة به بل تنظر إليه بصفة المعاون و المساعد و يشاركها في ذلك القضاء الإداري (7). وإن كسب المتعاقد من العقد الاداري ربحا فلا ضير في أن يتحقق له ذلك مادام هدفه يتطابق مع هدف الإدارة في بعض جوانبه, و لا يبدو أن هناك فرقاً بين المصلحة العامة و مصلحة الإدارة ولا ينبغي القول بذلك, لكون مصلحة الإدارة هي جزء من المصلحة العامة و لا توجد للإدارة مصلحة غيرها وهو الأصل, و إذا أنكر البعض من الفقهاء أن يكون للمتعاقد مع الإدارة حق ممارسة بعض سلطات الضبط الإداري فيتعين عليهم (أي الفقهاء) إنكار ممارسة الموظف الذي تم تعيينه بعقد إداري أي سلطات تجاه الغير في الوقت الذي سلم القضاء والفقه بذلك(8).
___________________________
1- د. عبد العليم عبد المجيد ,المصدر السابق,ص76.
2- د. ماهر علاوي الجبوري, المصدر السابق,ص107,و هناك المعنى العضوي للضبط الإداري الذي يركز على الأجهزة الإدارية التي تقدم مهمة الضبط, ينظر د. احمد أنور ارسلان, القانون الإداري, دار النهضة العربية 1994,ص.
3- تقابلها المادة (79) من لائحة المناقصات و المزايدات المصرية الجديدة الصادرة بقرار وزير المالية رقم1367 لسنة1998, راجع عبد العليم عبد المجيد, المصدر السابق,ص77.
4- الطماوي,الاسس العامة للعقود الادارية, المصدر السابق,ص 675 .
5- د. محمود حلمي, المصدر السابق, ص14.
6- عبد العليم عبد المجيد .المصدر السابق,ص79.
7- فقد جاء في حكم لمحكمة القضاء الإداري في20 تموز1950 (( أن مقاولات الأشغال العامة التي تطرحها الحكومة في مناقصات عامة لها طابعها الخاص إذ هي تتناول مرافق الدولة العامة.... و يستهدف جميعها الصالح العام... كما إنها تجعل من المقاول صفة من يتعاون على حسن سير هذا المرفق)),مجموعة المبادئ التي قررتها محكمة القضاء الإداري, السنة الرابعة, ص906.
8- ينظر في هذا الصدد, الطماوي, المصدر السابق,ص675, و كذلك الدكتور شاب توما منصور, القانون الإداري, الجزء الأول ,بغداد1975, ص 276, و ذكر الدكتور عبد العليم عبد المجيد الذي أنكر ممارسة المتعاقد مع الإدارة ممارسة سلطات الضبط الإداري تجاه الغير وهو في الوقت نفسه يرى إمكانية ممارسة الموظف المعين بعقد السلطات في مواجهة الغير,عبد العليم عبد المجيد المصدر السابق,ص72.
|
|
مخاطر خفية لمكون شائع في مشروبات الطاقة والمكملات الغذائية
|
|
|
|
|
"آبل" تشغّل نظامها الجديد للذكاء الاصطناعي على أجهزتها
|
|
|
|
|
المجمع العلميّ يُواصل عقد جلسات تعليميّة في فنون الإقراء لطلبة العلوم الدينيّة في النجف الأشرف
|
|
|