إلتزام الولي بالمحافظة على حق المولى عليه في الحياة والسلامة البدنية |
2661
01:36 صباحاً
التاريخ: 4-2-2016
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 5-2-2016
3044
التاريخ: 7-2-2016
24753
التاريخ: 4-2-2016
8085
التاريخ: 27-4-2019
1641
|
إن حق المولى عليه في الحياة يبدأ من لحظة علوقه في رحم أمه، حيث اعتبر الفقه الإسلامي الجنين كائنا حيا يجب إحترامه وعدم الإضرار به. وأثبت له أهلية وجوب ناقصة بمقتضاها يكون صالحا لثبوت الحقوق المشروعة له. كحقه في ثبوت نسبه من أبيه وحقه في الميراث، وكذلك حقه في ثبوت الولاية عليه، كما يرى ذلك بعض فقهاء المسلمين(1). وان ولاية الأبوين على الجنين هي ولاية حفظ ورعاية وتنمية، حيث تكون ولاية الأم على الجنين ولاية مباشرة، فهي الحاملة له والأمينة على نموه وحفظه ورعايته حتى يخرج الى الحياة. أما ولاية الأب عليه فهي ولاية غير مباشرة تتمثل في رعاية الأم بالإنفاق عليها وتهيئة وسائل الراحة لها وعدم إثارتها وإزعاجها أو التأثير عليها بما يقلقها ويقلق حياة جنينها(2). وقد صاغ الإسلام حق الجنين في إحترام حياته صياغة عجزت عنها عقول المفكرين والشراح في مشارق الأرض ومغاربها، التي ما زال بعضها يعيش عصر الوحشية مع الجنين فتبيح قوانينها إجهاضه أو في الأقل تحرمه من حقه في الحياة مدة تتجاوز العشرين إسبوعا الأولى من حياته(3). أما في الإسلام فقد حرم الشارع الإسلامي إجهاض الجنين ورتب عقوبات دنيوية وأخروية على من يباشر هذا الفعل أو يتسبب فيه، حتى ولو كان ذلك برضا أبويه لان ولايتهما تقصر عن ان تمتد الى حق هذا الكائن في البقاء، وتبقى هذه الولاية محصورة في حدود رعايته وحمايته وحفظه حتى يخرج خلقا سويا. كذلك إتجهت التشريعات الجنائية الى تجريم الإجهاض وإيقاع العقاب على مرتكب هذا الفعل، أيا كان ولو كان الأب أو الأم، مع الأخذ بنظر الاعتبار الحالات الإستثنائية التي تعتبر من قبيل الضرورة، حيث أباح فيها المشرع إجهاض الجنين. مثل حالة إجهاض الجنين إذا كان مشوهاً، أو إذا كان في بقائه خطر على حياة الأم(4). ويمتد إلتزام الولي بالمحافظة على حياة موليه وسلامته البدنية الى ما بعد الولادة حتى يصل الى المرحلة التي يصبح فيها قادراً على حماية نفسه بنفسه، والتي عندها ينتهي إلتزام الولي بالحفظ والصيانة. وأن واجب الحفظ والصيانة لا يكون كله ملقى على عاتق الولي، فالطفل في الدور الأول من حياته يحتاج الى تدبير طعامه ولباسه ومنامه، والنساء على ذلك اقدر وأعرف من الرجال لوفور شفقتهن وتفرغهن لمثل هذه الأمور، لذلك خصص الشارع الحضانة في هذه السن بمحارم الطفل من النساء(5). ولسنا هنا بصدد بيان أصحاب الحق في الحضانة ومراتبهم وشروطهم، بقدر ما يتعلق الأمر ببيان دور الولي في هذه الفترة. حيث يلتزم الولي في هذه المرحلة من حياة المولى عليه بتهيئة أسباب معيشته وتأمين مقومات حياته من مأكل ومشرب وملبس، بالاضافة الى دوره في تتبع ومراقبة عمل الحاضنة في فترة الحضانة، فإذا ما رأى الولي إنحرافاً في إحتضان طفله وكان ذلك ناشئاً عن تخلف شرطاً من شروط الحضانة في الحاضنة، كإن تكون غير أمينة على الصغير، فعليه ان يطلب نقلها –أي الحضانة– الى من يستحقها بعدها، تنفيذاً لإلتزامه في الحفظ والصيانة(6). فيجب إذن على الحاضنة والولي معا ان يتعاونا في المحافظة على جسم الصغير ونفسه ودفع الأذى عنه وإبعاده عن كل ما يحيق به من المخاطر. فإذا ما تخطى المولى عليه فترة الحضانة، اصبح تحت رقابة وإشراف ورعاية الولي المباشرة. واصبح على الولي ان ينهض بأعباء جديدة، تتناسب مع سن المولى عليه خصوصاً وان المولى عليه في هذا الدور من حياته يكون عرضة للمخاطر اكثر من السابق، وذلك بحكم اتساع علاقاته ومدى تحركاته بعد ان كانت محصورة ما بين البيت والمدرسة. ونظراً لما يصاحب هذه الفترة -وهي فترة المراهقة لدى المولى عليه– من تغيرات فسيولوجية ونفسية وجسمية إيذاناً للتحول من مرحلة الصبا الى مرحلة الشباب والرشد، وما يرافق ذلك من صراعات داخل نفس المولى عليه والتي تنعكس على تصرفاته. فتظهر آثار تلك الصراعات من خلال سلوك المولى عليه وتصرفاته نحو الآخرين، حيث يطبعها طابع التشتت والتهور، فهو حينا مطيع الى درجة الانصياع، وهو حيناً آخر متمرد الى درجة الثورة(7). وهنا يتطلب من الولي ملازمة أكثر ومراقبة أشد للمولى عليه حتى يتخطى هذه المرحلة العمرية بسلام ولتدارك أي سلوك أو تصرف خاطىء قد يصدر منه بما يلحق الضرر بنفسه أو بالغير. وما يترتب على ذلك من تبعات مالية وغير مالية والتي يتحملها الولي على النفس باعتباره المسؤول قانونا عنه وعن حفظه وصيانته. يضاف الى ذلك فان المولى عليه في هذه المرحلة من عمره قد تضطره الظروف الاقتصادية الى الالتحاق بعمل معين، ونظرا لما للولي من سلطة في توجيهه الى حرفة إكتسابية، فعليه ان لا يسمح له بالعمل في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة، إلتزاما منه بالحفظ والصيانة(8). وقد تضمنت قوانين العمل أحكاماً خاصة بتشغيل الأحداث والنساء ضمن ضوابط معينة بعضها يتعلق بالسن، وبعضها الآخر يتعلق بطبيعة العمل. فحضرت تشغيل الأحداث والنساء في الأعمال الخطرة أو الضارة بالصحة، أو الأعمال الليلية، ورتبت عقوبات على الأولياء في حالة السماح لمن هم تحت ولايتهم بالاشتغال بصورة مخالفة لتلك الأحكام(9).
_________________________
[1]- ففي فقه الشيعة الزيدية ما يفيد ثبوت الولاية على الجنين في النفس وفي المال، وهو عكس ما عليه جمهور فقهاء المسلمين من إن الولاية الشرعية على الأشخاص انما تبدأ منذ ولادتهم، فلا ولاية لاحد على الجنين قبل أن يولد. أنظر: مصطفى احمد الزرقاء – الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد –ج1- مصدر سابق –ص544، محمد أبو زهرة – أصول الفقه- دار الفكر العربي – مصر 1377هـ - 1957م- ص330.
2 -أنظر: د. حسن علي الشاذلي – مصدر سابق – ص68.
3 -أنظر: حسام عبد الواحد كاظم - مصدر سابق – ص120 وما بعدها.
4 -انظر: د. رمسيس بهنام- قانون العقوبات – جرائم القسم الخاص – منشأة المعارف – الاسكندرية – ط1 – 1999 – ص935، د. حسان حتحوت – الإجهاض في الدين والطب والقانون – مجلة العدالة – أبو ظبي – س3 – ع10 – 1976 – ص30 وما بعدها. انظر كذلك المواد: (260-263) من قانون العقوبات المصري رقم 58 لسنة 1937 والمادة (417) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل.
5- فالحضانة كما يعرفها الفقهاء المسلمون هي: (حفظ الولد في مبيته ومؤنة طعامه ولباسه ومضجعه وتنظيف جسمه). حاشية ابن عابدين 2/650، الرملي – نهاية المحتاج 7/214.
6-انظر: د. حسن علي الشاذلي – مصدر سابق –ص71، د. محمد بن احمد الصالح – الطفل في الشريعة الإسلامية – نشأته – حياته – حقوقه التي كفلها الإسلام – مطبعة نهضة مصر – القاهرة – بلا سنة طبع – ص102. ومن قرارات محكمة التمييز في هذا الخصوص جاء فيه: (إن المحافظة التي تتبعها المدرسة تسأل عن تعويض الضرر الحاصل جراء سقوط احد الأطفال في الحفرة ووفاته حسب تقدير الخبراء بعد آخذهم بنظر الاعتبار مسؤولية الوالدين عن تركهم الطفل في الطريق دون رعاية وعناية). مجموعة الأحكام العدلية – ع1-2 – 1978- قرار رقم: 303 – مدنية رابعة – 978 – تاريخ القرار: 7/3/1978 – ص30.
7-أنظر: د. عباس مكي ود. زهير حطب – السلطة الأبوية والشباب – دراسة ميدانية اجتماعية نفسية حول طبيعة السلطة وتمثلها – معهد الانماء العربي – بيروت – لبنان- 1978 – ص12، د. زيدان عبد الباقي – الأسرة والطفولة – مكتبة النهضة المصرية – دار الشباب للطباعة – القاهرة – 1980 – ص190 وما بعدها.
8-إشترطت بعض قوانين العمل الحصول على موافقة ولي أمر الحدث أو وصيه على تشغيله باعتبار الحدث قاصرا وان عقد العمل الذي يبرم مع قاصر يعتبر موقوفا على اجازة الولي أو الوصي. ولم ينص قانوننا للعمل صراحة على وجوب الحصول على مثل هذه الموافقة، وبالتالي يرجع بهذا الشأن للقواعد العامة الواردة في القانون المدني بشأن العقد الموقوف، على اعتبار ان عقد العمل من العقود الدائرة بين النفع والضرر. أنظر: د. عدنان العابد ود. يوسف الياس – قانون العمل – مطبعة العمال المركزية – بغداد – ط2 – 1989 – ص116.
9-انظر في ذلك المواد: (80-97) الخاصة بحماية العمال من النساء والأحداث من قانون العمل العراقي رقم 71 لسنة 1987. وكذلك المواد: (3-18) من القانون المصري رقم 48 لسنة 1933 الخاص بتشغيل الأحداث من الذكور والاناث. وقد نصت المادة (18) من هذا القانون صراحة على محاسبة الاولياء بهذا الخصوص، حيث جاء فيها: (.... وتقام الدعوى أيضاً على الأشخاص الذين لهم الولاية الشرعية على الأحداث إذا تركوهم يشتغلون بحالة مخالفة لأحكام هذا القانون). أنظر: وثائق ونصوص قوانين العمل في الدول العربية – معهد الدراسات العربية العالية – مطبعة نهضة مصر – 1958 – القسم الثاني – ص415.
|
|
لمكافحة الاكتئاب.. عليك بالمشي يوميا هذه المسافة
|
|
|
|
|
تحذيرات من ثوران بركاني هائل قد يفاجئ العالم قريبا
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تشارك في معرض النجف الأشرف الدولي للتسوق الشامل
|
|
|