المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



ابن الدهّان المَوْصِلي الحِمصي  
  
3929   08:31 مساءاً   التاريخ: 26-1-2016
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج3، ص386-389
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-09-2015 3857
التاريخ: 10-04-2015 2411
التاريخ: 5-10-2015 6507
التاريخ: 27-09-2015 6811

هو مهذّب الدين أبو الفرج عبد اللّه بن أسعد بن عليّ بن عيسى بن عليّ ابن الدهّان الموصليّ الحمصيّ، ولد في الموصل نحو سنة 552 ه‍ (1157 م) .

ضاقت الحال بابن الدهّان منذ مطلع حياته فهجر الموصل و انتقل الى مصر فمدح طلائع بن رزّيك الذي تولّى الوزارة للفائز و للعاضد الفاطميّين من سنة 549 الى سنة 558 ه‍ (1154-1162 م) . و يبدو أن حاله حسنت فأقام في مصر مدّة. ثمّ انّه انتقل إلى الشام و أقام في حمص و كان يزور دمشق بين الحين و الحين يصحب نفرا من علمائها و يأخذ عنهم. و كان في حمص يتصدّر للتدريس.

و كانت وفاة ابن الدهّان الموصليّ في حمص في شعبان من سنة 581 (خريف 1186 م) .

كان ابن الدهّان الموصليّ ملمّا بأشياء من الحديث و الفقه و لكن غلب عليه الشعر و اشتهر به. و هو شاعر مقلّ و لكنّ شعره بارع مليح السبك. و أكثر شعره المدح، و له أشياء من الغزل و الوصف و الرثاء.

مختارات من شعره:

- قال ابن الدهّان الموصليّ يمدح السلطان صلاح الدين الأيّوبيّ بقصيدة منها:

هل يعلم المتحمّلون لنجعةٍ... أنّ المنازل أخصبت من أدمعي (1)

أمروا الضحى أن يستحيل لأنّهم... قالوا لشمس خدورهم: لا تطلعي (2)

قل للبخيلة بالسلام تورّعا... كيف استبحت دمي و لم تتورّعي (3)

ما بال معتمر بربعك دائما... يقضي زيارته بغير تمتّع (4)

ما كان ضرّك لو غمزت بحاجب... عند التفرّق أو أشرت بإصبع

هل تسمحين ببذل أيسر نائل... أن أشتكي وجدي إليك و تسمعي (5)

فسقى الربيع الجون ربعا طالما... أبصرت فيه البدر ليلة أربع (6)

و علام أستسقي له سيل الحيا... يكفيه ما يسقيه فيض الأدمع (7)

و لو استطعت سقيته سيل الحيا... من كفّ يوسف بالأدرّ الأنفع (8)

بندى فتى لو أنّ جود بنانه... للغيث لم يك ممسكا عن موضع (9)

صبّ بأسباب المعالي مغرم... كلف بأبكار المعاني مولع (10)

ثبت الجنان إذا القلوب تطايرت... في الروع يعدل ألف ألف مدرّع (11)

جمع الجيوش فشتّ شمل عداته... ما فرّق الأعداء مثل تجمّع

لم يثنه عن نصره خلفاءه... عظم العدوّ و لا بعاد الموضع (12)

بجحافل مثل السيول تدافعت... و اذا السيول تدافعت لم تدفع (13)

كم وقفة لك في الوغى محمودة... أبدا، و كم جود حميد الموقع (14)

____________________

1) المتحملون (الذين يستعدون للرحيل) لنجعة (لطلب أرض خصبة، كثيرة العشب و الماء) .

2) الضحى: أول النهار بعد ارتفاع الشمس. يستحيل: يتبدل لونه (يبقى الجو مظلما) . الخدر: خباء المرأة في البيت. شمس الخدر: المرأة الجميلة. -لما لم يسمحوا لفتاتهم الجميلة (التي أحبها أنا) أن تخرج الى الناس، ظل الجو مظلما، فكأنهم بذلك قد أرادوا ألا يطلع النهار.

3) اذا كنت تتورعين (تخافين و تتجنبين) رد السلام علي (كيلا تأثمي: ترتكبي ذنبا) ، فكيف استحللت (أجزت لنفسك) دمي (سفك دمي، قتلي) . . . .

4) المعتمر: الذي يذهب الى مكة و يقوم بمناسك الحج في غير شهر ذي الحجة (زمن الحج المفروض) . الربع: المسكن (بربعك: بمسكنك، في ديارك) . يقضي زيارته (لبلادك) من غير تمتع (رؤية لك) . التمتع في الفقه أن يجمع المسلم بين الحج (المفروض) و بين العمرة (المسنونة في غير وقت الحج) في وقت واحد. يحتمل هذا البيت تفسيرا آخر، و لكن يخرج بمعناه عن التقوى.

5) النائل: العطاء (الوصال، الاجتماع بالمحبوب) . الوجد: الحب و ألم الحب.

6) الربيع (الغيم، السحاب، المطر) الجون (الداكن، الأسود، لكثرة ما فيه من الماء) ربعا (مسكنا، دارا، مكانا) أبصرت فيه البدر (المحبوب الجميل) ليلة أربع و عشر. . .

7) أستسقي له: أطلب السقيا له (أن يسقيه) الحيا (المطر) .

8) يوسف هو يوسف بن أيوب بن شاذي: صلاح الدين الأيوبي المشهور الذي يمدحه الشاعر. الأدر: الأكثر درا (بفتح الدال) : فيضا وجودا. الانفع (عطاء صلاح الدين أنفع من المطر) .

9) البنان (جمع بنانة) : الأصابع (اليد) . لو أن السحاب كان كريما كصلاح الدين لأمطر في جميع البلاد (بخلاف المطر الحقيقيّ الذي يمطر في أماكن دون أخرى) .

10) الصب: المحب. المغرم و الكلف و المولع (هنا) الشديد التعلق بأمر ما. أبكار المعاني: المعاني المبتكرة (الجديدة) -يصف صلاح الدين بأنه ذو معرفة و ذوق بالأدب و الشعر.

11) الجنان: القلب. الروع: الخوف (الحرب) . المدرع: الذي يلبس درعا (ثوبا منسوجا من حديد لحماية بدنه في المعارك) .

12) يثنيه: يرده، يعوقه. خلفاءه (الخلفاء العباسيين) . مفعول به، كناية عن الاسلام. عظم العدو (فاعل) : كثرة عدده و قوته-الافرنج الصليبيون. «بعاد» شكلها محرر تاج العروس (الكويت 7:435) بكسر الباء: البعد. الموضع: المكان (كان صلاح الدين في مصر، و كان الخلفاء الذين نصرهم (قاتل أعداءهم) في العراق.

13) الجحفل: الجيش الكثير فيه خيل.

14) الوغى: الحرب. حميد الموقع: في محله، نافع، صحيح.

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.