المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

الهجرة والمبيت
28-9-2020
Quirk grammar
2023-11-04
بيضة في زجاجة : Egg in A Bottle
11-2-2017
شروط الساتر في الصلاة
22-8-2017
توضيحات تتعلق برسالة منهاج السيد الخوئي وغيرها من الرسائل
4-9-2016
focus (n.) (foc)
2023-09-01


إبن الرومي  
  
20772   08:49 مساءاً   التاريخ: 25-12-2015
المؤلف : عمر فرّوخ
الكتاب أو المصدر : تأريخ الأدب العربي
الجزء والصفحة : ج2، ص340-354
القسم : الأدب الــعربــي / تراجم الادباء و الشعراء و الكتاب /


أقرأ أيضاً
التاريخ: 8-2-2018 8134
التاريخ: 17-6-2017 20642
التاريخ: 10-04-2015 1780
التاريخ: 21-06-2015 2311

هو أبو الحسن عليّ بن العبّاس بن جريج. و جريج هذا أو جرجيس أو جورجيوس رجل روميّ (يوناني) أسلم على يد عبيد اللّه بن عيسى بن جعفر بن الخليفة المنصور العبّاسيّ فألحق ولاءه، من أجل ذلك، ببني العبّاس. و كانت أمّ ابن الروميّ حسنة بنت عبد اللّه السجزيّ (السجستاني) فارسية.

ولد ابن الروميّ في الجانب الغربيّ من بغداد في جمادى الأولى (1) من سنة 221 ه‍(836 م) و نشأ في بيت على شيء من الثروة جاءت إليه من مواليه بني العبّاس أهل البيت المالك الذين كان ابن الروميّ يعيش في كنفهم.

نال ابن الروميّ طرفا صالحا من علوم العربية كاللغة و النحو و الأدب و من العلوم العقلية و الطبيعية، كما ألمّ بأخبار الفلاسفة و بعلم الكلام. و لكن من التمحّل البعيد أن ننسب اليه معرفة باللغة اليونانية أو اللغة الفارسية. و كان ابن الروميّ من كتّاب الدواوين، و لكنّ الشعر غلب عليه (العمدة 1:9) فلم يعرف إلاّ بالشعر.

و تزوّج ابن الروميّ مرتين و رزق من زوجتيه كلتيهما أولادا. و لكنه لم يكن وادعا في زواجه و لا سعيدا في ما رزق من أولاد. و قد توفّيت إحدى زوجتيه في حياته و معظم أولاده أيضا. و كذلك توفّيت أمّه في حياته و توفي أخوه الذي كان يعينه على الحياة فاستقر في نفسه من أجل ذلك كثير من التشاؤم و النقمة. و كان ابن الرومي يخاف الأسفار و ما فيها من الأخطار فلم يغادر بغداد إلاّ مرة واحدة زار فيها سامرّا، على أربعين كيلومترا من بغداد شمالا.

و توفّي ابن الرومي مسموما، تولّى وضع السّمّ له أبو فراس الكاتب بأمر القاسم بن عبيد اللّه وزير الخليفة المعتضد، لأنه كان قد أكثر من هجاء القاسم بن عبيد اللّه و أفحش. و كانت وفاته بالجانب الشرقي من بغداد في جمادى الأولى أيضا من سنة 283 ه‍(896 م) .

خصائصه الفنّيّة:

يبدو من ديوان ابن الرومي أن بعض المتنطّعين كانوا يعرّضون بنسب ابن الرومي و يطعنون بذلك على أدبه (ينكرون ان يحسن غير العربي قول الشعر في اللغة العربية) ، فاستفزّوه بعملهم هذا (راجع العمدة 1:61) فقال:

قد تحسن الروم شعرا... ما أحسنته العريب

يا منكر الفضل فيهم... أ ليس منهم صهيب (2)

و كان ابن الرومي مصابا بالسويداء مضطرب النفس لا يملك أعصابه، فظهر عليه أربعة أعراض بعضها تابع لبعض: هي الطيرة و التشاؤم و الغرور و سوء المخالقة للناس.

و ذكر ابن رشيق (العمدة 1:53) أن ابن الرومي كان كثير الطيرة: ربّما أقام المدة الطويلة لا يتصرّف تطيّرا بسوء ما يراه أو يسمعه، حتى إنّ بعض إخوانه من الأمراء افتقده فأعلم بحاله في الطيرة، فبعث اليه خادما اسمه إقبال ليتفاءل به. فلما أخذ (ابن الرومي) أهبته للركوب قال للخادم: انصرف إلى مولاك، فأنت ناقص، و منكوس اسمك: لا بقا- لا بقى.

و إذا كانت الطيرة تتعلق بالحوادث المفردة في الحياة، فإنّ التشاؤم هو النظرة القاتمة إلى المستقبل عموما. و ابن الرومي كان كارها للحياة لا يرى في الدنيا أكثر من طريق إلى الآخرة. إنه كان أيضا مغرورا غرور ضعف: يعتقد أنه مظلوم في الحياة الدنيا، فهو أبدا يشكو إدبار الدنيا عنه و إقبالها على من هم أقلّ منه قيمة. و كذلك كان سيء المخالقة للناس قليل الاحتفال بهم كثير التوثّب عليهم يهجو الاكابر و ينابذ الاصدقاء حتى قطعه الناس و كرهه من كان له محبّا. و من سوء سلوكه في المجتمع أنه كان نهما كثير التطلّب للطعام رديء التناول له مع الجشع. و أدرك ابن الرومي أخيرا أنه قد خسر معركة الحياة و خاب في فرض إرادته على مجراها فاندفع مع التيار و انغمس في لا مبالاة مطلقة. و على هذا قوله:

لاح شيبي فرحت أمرح فيه... مرح الطرف في العذار المحلّى (3)

و تولّى الشباب فازددت ركضا... في ميادين باطلي إذ تولّى

إنّ من ساءه الزمان بشيء... لأحقّ امرئ بأن يتسلّى

ابن الروميّ شاعر مطبوع يجري في شعره على السليقة و لا يتكلّف أبدا، على الرّغم من أنه طويل النفس، فقد يبلغ بالقصيدة نحو ثلاثمائة بيت. و ابن الرومي يهتمّ بالمعاني أكثر من اهتمامه بالألفاظ. و المعاني في شعره كثيرة و فيها ابتكار. إن ابن الروميّ مغرم بالمعاني: «يؤثر المعنى على اللفظ فيطلب صحّته ثمّ لا يبالي حيث وقع (معناه) من هجنة اللفظ و قبحه و خشونته» (العمدة 1:106) . بعدئذ تراه يأخذ المعنى الواحد فيقلّبه على جميع وجوهه حتّى لا يترك فيه ناحية.

و ابن الروميّ ميّال إلى استيفاء المعنى في مكان واحد من القصيدة (و هذا ما يسمّيه بعضهم «وحدة الموضوع») ، إذ تراه يعالج المعاني أحيانا و يناقشها و يجمع أطرافها و يربط بعضها ببعض ربطا يكاد يكون منطقيّا حتّى ليخيّل إليك أنه يكتب مقالة لا ينظم قصيدة.

أما ألفاظه فهي فصيحة مألوفة و لكنه أحيانا يردد الصيغ المختلفة من الجذر الواحد ترديدا غير مستحسن، كقوله:

إنّ من أضعف الضعاف لدى اللّه قويّا يستضعف الضعفاء.

أما فنون ابن الرومي و أغراضه فكثيرة جدا، فله مديح و عتاب و فخر و تهديد و هجاء، و له وصف و حكمة و غزل و نسيب و رثاء. و قد امتاز في معظم هذه الفنون، و خصوصا في الفنون الوجدانية كالغزل و النسيب و الرثاء و الهجاء و في الوصف خاصة.

الوصف يغلب على جميع فنون ابن الرومي: أجاد ابن الرومي وصف الطبيعة بما فيها من حياة و أشجار و أطيار، و أجاد وصف المطاعم و المشارب. على أنه امتاز بشيئين في وصفه امتيازا ظاهرا: إنه وصف لنا الحياة الدنيا كالبؤس و الأطعمة و الصناعات العادية. ثم انه كان ميّالا في أوصافه إلى التشخيص: إلى أن يبعث في الموصوف حياة و يخلع على الأشياء المادية صفات الأشخاص العاقلين. فمن أوصافه الجياد المشهورة وصف العنب الرازقيّ (و هو نوع ينمو في مدينة الطائف قرب مكّة، حبته طويلة مجموعة في وسطها، أعلاها أحمر و أسفلها أصفر) :

و رازقيّ مخطف الخصور... كأنه مخازن البلّور

قد ضمّنت مسكا إلى الشّطور... و في الأعالي ماء ورد جوري (4)

لم يبق منه وهج الحرور... إلاّ ضياء في ظروف النور

لو انه يبقى على الدهور... قرّط آذان الحسان الحور (5)

و له أيضا وصف قالي الزلابية، و الزلابية نوع من الحلوى يصنع من العجين الرخو و يقلى بالزيت على شكل خطوط تتابع في استدارة و تتقاطع ثم يغمس في القطر (السكّر المغلي في الماء) :

و مستقرّ على كرسيّه تعب... روحي الفداء له من منصب تعب (6)

رأيته سحرا يقلي زلابية... في رقّة القشر، و التجويف كالقصب

كأنما زيته المقليّ حين بدا... كالكيمياء التي قالوا و لم تصب

يلقي العجين لجينا (7) من أنامله... فيستحيل شبابيكا من الذهب

و مثل ذلك في الجمال و الإجادة وصفه لصانع الرقاق (الخبّاز) ، و هو من الوصف الحسي البارع:

ما أنس لا أنس خبّازا مررت به... يدحو الرقاقة مثل اللمح بالبصر (8)

ما بين رؤيتها في كفّه كرة... و بين رؤيتها قوراء كالقمر

إلاّ بمقدار ما تنداح دائرة (9) ...في صفحه الماء يرمى فيه بالحجر

و لابن الرومي قصيدة يمدح بها عبيد اللّه بن عبد اللّه بن طاهر و يهنئه فيها بيوم المهرجان (أحد الأعياد التي أخذها العرب عن الفرس) . و في القصيدة وصف حسّيّ و تحليل نفسي و شيء من الغزل. و في ما يلي مقطع منها يصف فيه ابن الرومي قيانا يعزفن و يغنّين:

و قيان كأنها أمّهات... عاطفات على بنيها حوان

مطفلات و ما حملن جنينا... مرضعات و لسن ذات لبان

ملقّمات أطفالهن ثديّا... ناهدات كأحسن الرمان

مفعمات كأنها حافلات... و هي صفر من درة الألبان (10)

كلّ طفل يدعى بأسماء شتّى... بين عود و مزهر و كران (11)

أمّه دهرها تترجم عنه... و هو بادي الغنى عن الترجمان

غير أن ليس ينطق الدهر إلا... بالتزام من أمّه و احتضان

أوتي الحكم و البيان صبيّا... مثل عيسى بن مريمٍ ذي الحنان

و تغنّته بالمدائح فيه... كلّ غيداء غادة مفتان

ذات صوت تهزّه كيف شاءت... مثل ما هزّت الصبا غصن بان

يتثنّى فينفض الطلّ عنه... في تثنّيه مثل حب الجمان (12)

جهوريّ بلا جفاء على السمـ...ـ‍ع مشوب بغنّة الغزلان

فيه بمّ و فيه زير من النغ‍ـ...ـم و فيه مثالث و مثان (13)

فتراه يجلّ في السمع حينا... و تراه يدقّ في الأحيان

يلج السمع مستمرّا إلى القلـ....ـب بلا إذن لا و لا استئذان

صيغ من طبع صوتها كلّ لحنٍ... معها من لحون تلك الأغاني

أعجميّ، آيينه (14) عربيّ... مجده ينتمي إلى عدنان

الوصف يتناول الموضوعات الحسية، أما التحليل فيتناول الموضوعات المعنوية (المجردة) . و لقد برع ابن الرومي في هذا الباب من أبواب الشعر حتى حاز فيه الشّهرة و الإجادة دون سائر الشعراء. إن وصف الغناء و الإحاطة بأثر الحقد أو الحسد في النفوس، و الكلام في العزلة عن البشر، ثم وصف الشيب و الخضاب و وصف الزّهاد و البحث في الصبر و الكلام على الحظّ، كل هذا يدخل في باب التحليل. قال ابن الرومي يحلل طبعه:

شكري عتيد (15)، و كذلك حقدي... للخير و الشر بقاء عندي

كالأرض مهما استودعت تؤديّ... و أين عن طينتنا نعدّي (16)

أحفظ للأعداء و الأودّ... ما استودعوا من بغضة أو ودّ

             ما ذا يقول القائلون بعدي (17)

و قال في الشيب و الخضاب:

رأيت خضاب المرء عند مشيبه... حدادا على شرخ الشبيبة يلبس (18)

و إلاّ، فما يغزو امرؤ بخضابه... أ يطمع أن يخفي شباب مدلّس (19)

و كيف بأن يخفي المشيب لخاضبٍ... و كلّ ثلاث صبحه يتنفّس

وهبه يواري شيبه أين ماؤه... وأين أديم للشبيبة أملس

و من أبيات ابن الرومي المشهورة في هذا الباب أبيات في الوطن هي:

و لي وطن آليت ألاّ أبيعه... و أ لا أرى غيري له الدهر مالكا

عهدت به شرخ الشباب و نعمة... كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا

و حبّب أوطان الرجال إليهم... مآرب قضّاها الرجال هنالكا

إذا ذكروا أوطانهم ذكّرتهم... عهود الصبى فيها فحنّوا لذلكا

فانظر كيف يحلل ابن الرومي صلة الإنسان بوطنه و كيف يعلل هذا الارتباط برغم ما يمكن أن ينال الانسان في وطنه أحيانا من الأذى. انه لا يبيع وطنه مع ان قوما نالوا فيه نعمة لم ينلها هو.

ابن الرومي من أقدر الهجّائين في تاريخ الأدب العربي. و كان الوصف و التحليل يغلبان على هجائه فيكسبانه صورا رائعة تحمل السامع على الهزؤ بالمهجوّ و تجعل الهجاء دائرا على الألسن. و ابن الرومي يهجو بالعيوب الخُلقية كالجبن و البخل و التقاعس، و لكنّ ميزته البارزة كانت في تناول العيوب الخَلقية (الجسمية) كالعرج و الاحديداب و القبح و طول اللحية، و في حسن التهكّم بذلك. و هجاء ابن الرومي جيد سواء أ كان في مقاطع قصار أو في قصائد طوال. قال يهجو عيسى بن منصور:

يقتّر عيسى على نفسه... و ليس بباقٍ و لا خالد

فلو يستطيع لتقتيره... تنفّس من منخرٍ واحد

و من أهاجي ابن الرومي القصار و التي تنطوي على تصوير و تحليل و تهكم مؤلم أهاجيه التالية:

قصرت أخادعه و طال قذاله... فكأنه متربّص أن يصفعا (20)

و كأنما صفعت قفاه مرّةً... و أحسّ ثانية لها فتجمّعا

- ان تطل لحية عليك و تعرض... فالمخالي معروفة للحمير

علّق اللّه في عذاريك مخلا... ةً و لكنها بغير شعير (21)

لو غدا حكمها إليّ لطارت... في مهبّ الرياح كلّ مطير

لحية أهملت فسالت و فاضت... فإليها تشير كفّ المشير

- و صلعة لأبي حفص ممرّدة... كأنّ صفحتها مرآة فولاذ (22)

ترنّ تحت الأكفّ الواقعات بها... حتى ترنّ بها أكناف بغداذ

ليس في غزل ابن الرومي من البراعة سوى ما فيه من الوصف. أما نسيبه فرقيق عذب شديد الأثر في النفس بادي الصدق:

أعانقها و النفس بعد مشوقة... اليها، و هل بعد العناق تدانِ

و ألثم فاها كي تزول حرارتي... فيشتدّ ما ألقى من الهيمان (23)

و ما كان مقدار الذي بي من الجوى... ليشفيهُ ما تلثم الشّفتان

كأنّ فؤادي ليس يشفي غليله... سوى أن يرى الرّوحين يمتزجان

رثاء ابن الرومي قسمان: قسم قاله الشاعر في أهله، و قسم قاله في غير أهله. فأمّا هذا الأخير ففيه تكلّف كثير و هو مجرد من العاطفة. و أما رثاؤه في أهله فشعر صحيح فيه عاطفة و لوعة، و في أثنائه تحليل بارع. و ابن الرومي في رثائه هذا يحلّل ما يشعر هو به في ساعة الرزء و بعدها: ان رثاءه صورة صادقة لنفسه في الدرجة الأولى ثم للميت في الدرجة الثانية.

و العجيب أن فن ابن الرومي يتغلب على عاطفته حتى في رثاء أولاده، فإنك إذا قرأت مرثيته في ابنه الاوسط-و هي أجلّ مراثيه-رأيت العبقرية الفنية تطغى على عاطفة الأبوّة: بدأ بخطاب عينيه ثم وصف المرض الذي مات به ابنه. بعدئذ ذكر شعوره هو نحو الموت عموما و نحو ابنه:

بكاؤكما يشفي و إن كان لا يجدي... فجودا فقد أودى نظيركما عندي (24)

توخّى حمام الموت أوسط صبيتي... فلله كيف اختار واسطة العقد (25)

طواه الرّدى عني فأضحى مزاره... بعيدا على قرب قريبا على بعد

لقد قلّ بين المهد و اللحد لبثه... فلم ينس عهد المهد إذ ضم في اللحد

ألحّ عليه النّزف (26) حتّى أحاله... إلى صفرة الجاديّ عن حمرة الورد

عجبت لقلبي كيف لم ينفطر له... و لو أنّه أقسى من الحجر الصلد

و أولادنا مثل الجوارح، أيّها... فقدناه كان الفاجع البيّن الفقد (27)

لكلّ مكان لا يسدّ اختلاله... مكان أخيه من جزوع و لا جلد (28)

هل العين بعد السّمع تكفي مكانه... أم السمع بعد العين يهدي كما تهدي

لابن الرومي أبيات في الادب أو الحكمة ترد متفرقة في قصائده:

-فما كلّ من حطّ الرحال بمخفق... و لا كلّ من شدّ الرحال بكاسب (29)

أرى المرء مذ يلقى التراب (30) بوجهه... إلى أن يوارى فيه، رهن النوائب

- و محال أن يسعد السعداء الدهـ...ـر إلاّ بشقوة الأشقياء.

-إنّ من لام جاهلا لطبيب... يتعاطى علاج داء عياء (31)

- و إذا ما مخابر الناس غابت... عنك، فاستشهد الوجوه الوضاء (32)

و لكنّ له أيضا حكما ترد في قطع مستقلة أو شبه مستقلة و تمثل فكرة واحدة أو فكرا متقاربة. بهذه الحكم التي ترد مجموعة مستوفاة في مكان واحد اشتهر ابن الرومي و امتاز من سائر أقرانه. من ذلك قوله:

عدوّك من صديقك مستفاد... فلا تستكثرنّ من الصحاب

فإنّ الداء أكثر ما تراه... يحول من الطعام أو الشراب

إذا انقلب الصديق غدا عدوّا... مبينا، و الأمور إلى انقلاب

و لو كان الكثير يطيب كانت... مصاحبة الكثير من الصواب

و لكن قلّما استكثرت إلاّ... وقعت على ذئاب في ثياب

فدع عنك الكثير: فكم كثير... يعاف، و كم قليل مستطاب

و ما اللجج الملاح بمرويات... و تلقى الرّيّ في النطف العذاب (33)

- قصيدة مختارة: وحيد المغنيّة

هذه القصيدة تجمع كثيرا من خصائص ابن الرومي في الغزل و النسيب و الوصف و التحليل، فهي من أجل ذلك وجدانية خالصة. ثم هي تمثل ابن الرومي تمثيلا صحيحا و تعبّر عن نفسه و تكشف عن خيبته في مجالس الانس. كان ابن الرومي معجبا بوحيد و بغنائها و لم تكن هي تعبأ به:

يا خليليّ، تيّمتني وحيد... ففؤادي بها معنّى عميد (34)

غادة زانها من الغصن قدّ... و من الظّبي مقلتان و جيد (35)

و زهاها، من فرعها و من الخدّ... ين، ذاك السواد و التّوريد (36)

أوقد الحسن ناره في وحيد... فوق خدّ ما شانه تخديد (37)

فهي برد بخدّها و سلام... و هي للعاشقين جهد جهيد (38)

لم تضر قطّ خدّها و هو ماء... و تذيب القلوب و هي حديد

ما لما تصطليه من وجنتيها... غير ترشاف ريقها تبريد (39)

مثل ذاك الرّضاب أطفأ ذاك ال‍ـ...ـوجد، لو لا الإباء و التّصريد (39)

و غرير بحسنها قال صفها ... قلت أمران، بيّنٌ و شديد (40)

يسهل القول إنّها أحسن الأش‍ـ...ـياء طرا، و يصعب التحديد

شمس دجن، كلا المنيرين من شم‍ـ...ـس و بدر من نورها يستفيد

تتجلّى للناظرين إليها... فشقي بحسنها و سعيد

ظبية تسكن القلوب و ترعا... ها، و قمريّة لها تغريد (41)

تتغنّى كأنّها لا تغنّي... من سكون الأوصال، و هي تجيد

لا تراها-هناك-تجحظ عين... لك منها، و لا يدرّ وريد (42)

من هدوّ و ليس فيه انقطاع... و سجوّ و ما به تبليد (43)

مدّ في شأو صوتها نفس كا...فٍ، كأنفاس عاشقيها مديد (44)

و أرقّ الدّلال و الغنج منه... و براه الشّجا فكاد يبيد (45)

فتراه يموت طورا و يحيا... مستلذّ بسيطه و النشيد (46)

فيه وشي و فيه حلي، من النغ‍ـ...ـم، مصوغ يختال فيه القصيد

طاب فوها و ما ترجّع فيه... كلّ شيء لها بذاك شهيد (47)

ثغب ينقع الصّدى، و غناء... عنده يوجد السّرور الفقيد (48)

فلها-الدهر-لاثم مستزيد... و لها-الدهر-سامع مستعيد

في هوى مثلها يخفّ حليم... راجح حلمه، و يغوى رشيد

ما تعاطي القلوب إلاّ أصابت... بهواها منهن حيث تريد (49)

وتر العزف في يديها مضاه... وتر الرجف، فيه سهم شديد (50)

و إذا أنبضته للشرب يوما... أيقن القوم أنها ستصيد (51)

معبد في الغناء و ابن سريج... و هي في الضرب زلزل و عقيد (52)

عيبها أنّها إذا غنّت الأحـ...ـرار ظلّوا و هم لديها عبيد

و استزادت قلوبهم من هواها... برقاها، و ما لديهم مزيد (53)

و حسان عرضن لي، قلت مهلا... عن وحيد، فحقّها التوحيد

حسنها في العيون حسن جديد... فلها في القلوب حب جديد (54)

و نصيح يلومني في هواها... ضلّ عنه التوفيق و التسديد

لو رأى من يلوم فيه لأضحى... و هو لي المستريث و المستزيد (55)

ضلّة للفؤاد يحنو عليها... و هي تزهو-حياته-و تكيد (56)

سحرته بمقلتيها فأضحت... عنده، و الذميم منها حميد

خلقت فتنة، غناء و حسنا... ما لها فيها جميعا نديد (57)

فهي نعمى يميد منها كبير... و هي بلوى يشيب منها وليد

ليَ حيث انصرفت منها رفيقٌ... من هواها، و حيث حلّت قعيد (58)

عن يميني و عن شمالي و قدّا... مي و خلفي، فأين عنه أحيد

سدّ شيطان حبّها كلّ فجّ... إنّ شيطان حبّها لمريد (59)

ليت شعري إذا أدام إليها... كرّة الطرف مبدئ و معيد (60)

أ هي شيء لا تسأم العين منه... أم لها كلّ ساعة تجديد

بل هي العيش لا يزال متى استعـ...ـرض يملي غرائبا و يفيد (61)

منظر، مسمع، معان من الله‍ـ...ـو عتاد لما يحبّ عتيد (62)

لا يدبّ الملال فيها، و لا ين‍ـ...ـقض من عقد سحرها توكيد (63)

أخذ الدهر، يا وحيد، لقلبي... منك ما يأخذ المديل المعيد (64)

حظّ غيري من وصلكم قرّة العي‍ـ...ـن، و حظّي البكاء و التسهيد (65)

غير أنّي معلّل منك نفسي... بعدات خلالهنّ وعيد (66)

ما تزالين نظرة منك موتٌ... لي مميت، و نظرة تخليد

نتلاقى، فلحظة منك وعدٌ... بوصال، و لحظة تهديد

قد تركت الصحاح مرضى يميدو... ن نحولا و أنت خوط يميد (67)

و الهوى، لا يزال فيه ضعيف... بين ألحاظه صريع جليد (68)

ضافني حبّك الغريب فألوى... بالرّقاد النسيب فهو طريد (69)

عجبا لي إنّ الغريب مقيم... بين جنبيّ، و النّسيب شريد

قد مللنا من ستر شيء مليحٍ... نشتهيه، فهل له تجريد (70)

هو في القلب، و هو أبعد من نجـ...ـم الثريّا؛ فهو القريب البعيد (71)

_________________

1) في وفيات الاعيان (2:42) : «و كانت ولادته يوم الاربعاء بعد طلوع الفجر لليلتين خلتا من رجب سنة احدى و عشرين و مائتين ببغداد في الموقع المعروف بالعقيقة (في معجم الشعراء 145: العتيقة) و درب الختلية في دار بإزاء قصر عيسى بن جعفر (بن أبي جعفر) المنصور. . . . و توفي يوم الاربعاء لليلتين بقيتا من جمادى الأولى سنة ثلاث و ثمانين، و قيل أربع و ثمانين، و قيل ست و سبعين و مائتين ببغداد، (في معجم الشعراء 145: في شوق العطش) ، و دفن في مقبرة باب البستان» .

2) صهيب عبد رومي دخل في الإسلام في أيام الرسول و أصبح من كبار الصحابة.

3) الطرف: العين، النظر. العذار: الشعر النابت في الوجه. -يقول: كسرور العين من النظر إلى وجه بدأ الشعر ينبت فيه (كناية عن النضارة و الشباب) .

4) ورد منسوب إلى مدينة جور في فارس، و هو شديد الحمرة.

5) اتخذته النساء الجميلات أقراطا (حلقا) في آذانهن.

6) المنصب: الذي بلغ منه الهم و الاعياء (تلاشي القوى من بدل الجهد-بضم الجيم) مبلغا عظيما. التعب (بكسر العين) : المتعب (بضم الميم و فتح العين) : الذي مر عليه وقت طويل لم يسترح فيه.

7) فضة.

8) يدحو الرقاقة: يمد الرغيف على الدف بمتابعة الخبط عليه بيديه.

9) تتسع و تعظم.

10) مفعمات: نعت متعدد مع ناهدات في البيت السابق. مفعم: مملوء. حافل: مملوء. صفر: فارغة.

11) العود و المزهر و الكران: آلات موسيقية. و قد منع ابن الرومي كلمة «اسماء» من الصرف، و ذلك خطأ.

12) الطل: حبات الندى. الجمان جمع جمانة: اللؤلؤة الكبيرة.

13) البم و الزير و المثاني و المثالث من أسماء الاوتار في الآلات الموسيقية. يقصد ابن الرومي أن هذه المغنية تستطيع الإتيان بطبقات الغناء العالية و الواطئة.

14) آيين كلمة فارسية معناها آداب السلوك، الحضارة.

15) عتيد حاضر، مهيأ-أنا أشكر الذي يحسن الي على الفور و أحقد على الذي يسيء إلي على الفور أيضا.

16) مهما زرعت في الأرض تحصد منها. نحن لا نستطيع أن نخالف طينتنا (طبيعتنا) .

17) لا آبه لما يقول الناس بعد ذلك!

18) شرخ الشباب: أوله.

19) يغزو: يبلغ، يستفيد (؟) . شباب مدلس: شباب زور.

20) قالها في رجل أحدب؛ الاخادع عروق في جانبي العنق. القذال: مؤخر الرأس.

21) العذاران: منبتا الشعر على جانبي الوجه.

22) ممردة: مبلطة.

23) الهيمان: الحب أو أشد الحب.

24) يجدى: يفيد. نظيركما: شبيهكما، مثيلكما في القيمة.

25) توخى: طلب. واسطة العقد. اللؤلؤة الكبرى التي تكون في أوسط العقد.

26) النزف: نزيف الدم من الجسم. الجادي: الزعفران، و هو أصفر اللون.

27) الجوارح: الاعضاء كالأيدي و الارجل و العيون. . . الخ.

28) الجزوع: الحزين، الكثير التأثر. الجلد: الصبور، المتحمل للمصائب و المشاق.

29) ما كل من لزم بلده افتقر، و لا كل من سافر إلى مكان بعيد اغتنى.

30) يلقى التراب بوجهه: يولد.

31) الداء العياء: المستعصي على الطب. -الجاهل لا يفهم النصيحة.

32) كان ابن الرومي من الذين يعتقدون ان حسن الخلق تابع لحسن الوجه، و سوء الخلق تابع لقبح الوجه.

33) اللجة: الماء الكثير. الملاح: المالحة. النطفة: الماء القليل. العذاب: الحلوة.

34) تيمتني وحيد: ذللتني بالحب. معنى: متعب، حامل ما لا يطيق. العميد الذي هده العشق.

35) الغادة: المرأة الناعمة اللينة. القد: القوام. الجيد: العنق.

36) زهاها. . . : جعلها زاهية ناضرة جميلة، أو متكبرة. الفرع: الشعر. السواد في الشعر و التوريد في الخد.

36) شانه: عابه. تخديد: تشقق.

37) برد و سلام: لا ضرر منه. جهد جهيد: تعب شديد. لعل الأصوب: في خدها.

38) الاصطلاء: التعرض لحر النار (تصطلي أنت) . ترشاف: رشف: أخذ الماء بالشفتين قليلا قليلا.

39) الرضاب: الريق ما دام في الفم. الإباء: التمنع. التصريد: الانقطاع.

40) الغرير: الشاب الذي لا تجربة له. بين: ظاهر، واضح. شديد: عسير؛ في العقاد (ص 352) : هين و شديد.

41) ترعاها: ترعى فيها: تأكل منها. القمرية: الحمامة.

42) جحظت: برزت. الوريد: يقصد به الشاعر أحد العروق الممتدة في العنق. لا يدر وريد: لا يمتلئ بالدم، يتضخم (عند الغناء) .

43) هدو: لعلها هدوء، أو لعل الهمزة حذفت منها للتوكيد مع سجو. السجو: مد الصوت بالغناء.

44) الشأو: هنا طول النفس في الغناء.

45) الشجا: البحة (بضم الباء) في الحلق تجعل في الصوت شيئا من الحزن و الشكوى. فكاد يبيد: كاد أن يخفى.

46) النشيد: رفع الصوت بالغناء. البسيط؟ -المقصود: كل أنواع غنائها لذيذة.

47) رجع (بتشديد الجيم) ردد الصوت.

48) ثغب ينقع الصدى: ماء يطفى العطش، يروي. يشبه غناءها للمعجبين بها بالماء للعطاش.

49) تعاطي: تغالب، تناول، تعامل. إذا غنت أسرت القلوب.

50) وتر العزف: وتر العود الذي يعزف عليه. مضاه: مشابه: وتر الرجف؟ -المعنى الملموح: إذا ضربت على وتر العود فكأنها تضرب على وتر القلوب.

51) أنبض القوس، أو أنبض في القوس: حرك وترها لترن: -قبل العزف يحرك الضارب على العود أوتار العود ليعين طبقة الغناء.

52) تشبه في حسن الصوت معبدا و ابن سريج، و هما أشهر المغنين في العصر الأموي. و زلزل كان مشهورا بالضرب على العود، و مثله عقيد.

53) الرقى: السحر، الجمال-الناس يحبونها لغنائها، ثم هم يريدون أن يحبوها أيضا لجمالها، و لكن لا يستطيعون لأنهم منحوها كل حبهم أولا لحسن غنائها.

54) في العقاد (ص 353) : وحيد (مرتين) مكان: جديد.

55) يطلب مني البقاء على حبها و الزيادة فيه.

56) ضلة للفؤاد: ما أضله! ما أجهله! تزهو: تستخف به: حياته مفعول فيه: طول حياته. كاده: مكر به، ضايقه.

57) نديد: شبيه، شريك.

58) القعيد: القاعد معك، لا يفارقك للمحافظة عليك.

59) الفج: الطريق الواسع في الجبل-لا أستطيع التخلص من حبها. مريد: شديد، قوي.

60) المبدئ هنا: الذي يراها لأول مرة. المعيد: الذي يراها للمرة الثانية أو الثالثة، الخ. كرة الطرف (بفتح الكاف) : ترديد النظر.

61) استعرض (صيغة مولدة) : تصفح الشيء، رآه من أوله إلى آخره.

62) منظرها (جمال وجهها) و مسمعها (حسن صوتها) و ما فيها من دواعي الأنس، كل ذلك عتاد (مؤونة، غذاء، حاجات ضرورية) عتيد (حاضر) .

63) لا هي تمل من استهواء الناس بما فيها من سحر (من جمال و غناء) ، و لا يستطيع أحد أن يتخلص من سحرها.

64) المديل المعيد: اللّه. أخذ الدهر منك لقلبي: انتقم لك منه. في العقاد (ص 354) المديل المقيد؛ أقاد القاتل بالقتيل: قتله به. قراءة العقاد أصوب.

65) ينال غيري منك ما يشتهي، و حظي أنا منك البكاء و السهر.

66) العدات جمع عدة (بكسر العين و فتح الدال) : وعد.

67) الصحاح جمع صحيح: القوي الجسم. يميدون: يضطربون في وقوفهم و مسيرهم من الضعف الذي ألمّ بهم من حبك، بينما أنت خوط (غصن ناعم) يميد (يميل من لينه و طراوته) .

68) الصريع: المغلوب، المقتول. جليد: صبور، محتمل للشدائد. -يكثر أن نرى في الهوى ان صاحبة الجسم اللين الناعم الضعيف تصرع بألحاظها الاشداء من الرجال.

69) ضافني: نزل علي ضيفا. ألوى به (هنا) : جحده اياه، منعه. نزل حبك (و هو غريب عني) بقلبي، فمنعني النوم مع ان النوم قريب للإنسان ضروري له، فشرد نومي.

70 و 71) معنى هذين البيتين غامض. و الملموح فيهما: أنا أكتم حبك في قلبي و لكن أود أن أجرده (أعلنه) ، فهل أستطيع؟ . . . هذا الحب قريب مني جدا (لأنه في قلبي) ، و بعيد عني كثيرا (لأنك أنت لا تعطفين علي) .

 





دلَّت كلمة (نقد) في المعجمات العربية على تمييز الدراهم وإخراج الزائف منها ، ولذلك شبه العرب الناقد بالصيرفي ؛ فكما يستطيع الصيرفي أن يميّز الدرهم الصحيح من الزائف كذلك يستطيع الناقد أن يميز النص الجيد من الرديء. وكان قدامة بن جعفر قد عرف النقد بأنه : ( علم تخليص جيد الشعر من رديئه ) . والنقد عند العرب صناعة وعلم لابد للناقد من التمكن من أدواته ؛ ولعل أول من أشار الى ذلك ابن سلَّام الجمحي عندما قال : (وللشعر صناعة يعرف أهل العلم بها كسائر أصناف العلم والصناعات ). وقد أوضح هذا المفهوم ابن رشيق القيرواني عندما قال : ( وقد يميّز الشعر من لا يقوله كالبزّاز يميز من الثياب ما لا ينسجه والصيرفي من الدنانير مالم يسبكه ولا ضَرَبه ) .


جاء في معجمات العربية دلالات عدة لكلمة ( عروُض ) .منها الطريق في عرض الجبل ، والناقة التي لم تروَّض ، وحاجز في الخيمة يعترض بين منزل الرجال ومنزل النساء، وقد وردت معان غير ما ذكرت في لغة هذه الكلمة ومشتقاتها . وإن أقرب التفسيرات لمصطلح (العروض) ما اعتمد قول الخليل نفسه : ( والعرُوض عروض الشعر لأن الشعر يعرض عليه ويجمع أعاريض وهو فواصل الأنصاف والعروض تؤنث والتذكير جائز ) .
وقد وضع الخليل بن أحمد الفراهيدي للبيت الشعري خمسة عشر بحراً هي : (الطويل ، والبسيط ، والكامل ، والمديد ، والمضارع ، والمجتث ، والهزج ، والرجز ، والرمل ، والوافر ، والمقتضب ، والمنسرح ، والسريع ، والخفيف ، والمتقارب) . وتدارك الأخفش فيما بعد بحر (المتدارك) لتتم بذلك ستة عشر بحراً .


الحديث في السيّر والتراجم يتناول جانباً من الأدب العربي عامراً بالحياة، نابضاً بالقوة، وإن هذا اللون من الدراسة يصل أدبنا بتاريخ الحضارة العربية، وتيارات الفكر العربية والنفسية العربية، لأنه صورة للتجربة الصادقة الحية التي أخذنا نتلمس مظاهرها المختلفة في أدبنا عامة، وإننا من خلال تناول سيّر وتراجم الأدباء والشعراء والكتّاب نحاول أن ننفذ إلى جانب من تلك التجربة الحية، ونضع مفهوماً أوسع لمهمة الأدب؛ ذلك لأن الأشخاص الذين يصلوننا بأنفسهم وتجاربهم هم الذين ينيرون أمامنا الماضي والمستقبل.