أقرأ أيضاً
التاريخ: 23-09-2014
![]()
التاريخ: 10-12-2015
![]()
التاريخ: 20-3-2016
![]()
التاريخ: 2024-10-28
![]() |
مصادر علم الأنبياء عليهم السلام :
1- يتلقّى أنبياء اللَّه عليهم السلام حقائق علومهم بالدرجة الاولى عن طريق الوحي، الذي ينزل عليهم أحياناً عن طريق «ملك الوحي»، كما نقرأ ذلك في الآية (192- 195) من سورة الشعراء : {وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ* نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ* بِلِسَانٍ عربي مُّبِينٍ}، أو عن طرق أخرى.
2- الطريق الآخر لعلوم الأنبياء عليهم السلام هو الإرتباط الروحي والمعنوي بعالم الغيب، فلقد جعل اللَّه تعالى حقيقة أبصارهم قويّة بدرجة أنّها اخترقت حجب عالم الغيب لتجد سبيلها إلى ما وراء ذلك، كما يقول تعالى بالنسبة لإبراهيم الخليل عليه السلام : {وَكَذَلِكَ نُرِى إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} (الأنعام/ 75).
أجل فقد كانت لهم معرفة بعالم «الملكوت»، فضلًا عن معرفتهم بعالم «الملك»، وقد تلقّوا الكثير من علومهم عن طريق المشاهدة النفسية والباطنية للملكوت، وبعبارة أخرى فإدراكاتهم وأبصارهم هي غير تلك الظاهرية التي عندنا، وقد توصّلوا عن طريقها إلى حقائق كثيرة.
3- الطريق الثالث هو السير ومشاهدة الآفاق الذي عرض للبعض من الأنبياء بأمر من اللَّه عزّوجلّ، حيث اطّلعوا عن هذا الطريق على العوالم المختلفة لهذا الكون، بالضبط كما حدث ذلك لنبي الإسلام صلى الله عليه و آله في مسألة المعراج، يقول القرآن :
{سُبْحَانَ الَّذِى أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّه هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} (الاسراء/ 1).
كان هذا في الواقع القسم الأوّل من المعراج، امّا القسم الثاني فهو الذي يبدأ من المسجد الأقصى باتّجاه السماوات، والذي أشير إليه في آيات سورة النجم إذ يقول تعالى : {لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى}. (النجم/ 18)
وهو مضافاً إلى هذه الآيات الشريفة التي تذكر المعراج بشكل مجمل، نجد أنّ الأحاديث الإسلامية قد ذكرته بشكل تفصيلي، إذ يتبيّن من مجموعها بكلّ وضوح الحجم العظيم من المعلومات التي حصل عليها رسول اللَّه صلى الله عليه و آله، من ذلك السفر الليلي السماوي وهو المعراج.
وكذلك الأنوار البهيّة التي أشرقت على قلبه، فرفعت مقامه العلمي ممّا هو عليه إلى أعلى علّيين.
4- الطريق الرابع وهو المستفاد من عدّة آيات في القرآن بأنّ هناك حقيقة باسم «روح القدس» كان برفقة الأنبياء يؤيّدهم ويقوّيهم ويرشدهم في مسيرهم.
وردت لفظة «روح القدس» في القرآن المجيد أربع مرّات، مرّة في حقّ عيسى وأخرى في حقّ نبي الإسلام صلى الله عليه و آله. يقول القرآن في حقّ السيّد المسيح عليه السلام {وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (البقرة/ 87).
وحول تكلّم عيسى عليه السلام في المهد يقول : {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِى الْمَهْدِ وَكَهْلًا} (المائدة/ 110).
ونقرأ عن نبي الإسلام صلى الله عليه و آله : {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} (النحل/ 102).
لقد ذكر المفسّرون معنيين لكلمة «روح القدس»، أحدهما أنّه ملك الوحي جبرئيل عليه السلام.
والآخر هو القوّة الغيبية المجهولة التي ترافق الأنبياء عليهم السلام، فالآية المرتبطة بنبي الإسلام صلى الله عليه و آله تناسب المعنى الأوّل، والآيات المرتبطة بالسيّد المسيح تناسب المعنى الثاني، فهو الذي أيّد المسيح عليه السلام في تكلّمه بالمهد أو في إحيائه للموتى.
هذا الروح المقدّس والطاهر، كان المنبع لإلهامات عظيمة للأنبياء عليهم السلام، بل وحتّى يستفاد من بعض تعابير الروايات أنّ روح القدس يرافق الأفراد المؤمنين أيضاً (طبقاً لسلسلة مراتب الإيمان)، وهو الذي يؤيّد الخطباء الصالحين والشعراء المؤمنين في خطبهم وقطعهم النثرية وقصائدهم العملاقة، كما يمدّ المؤمنين الحقيقيين بالعزم على اتّخاذ التصاميم المصيرية.
ويبدو في الكثير من الروايات أنّ روح القدس حقيقة عند الأنبياء والأئمّة المعصومين عليهم السلام، وأنّهم قد أدركوا بواسطته الكثير من الحقائق، من جملتها ما جاء في الكثير من الروايات أنّ الأئمّة المعصومين عليهم السلام كانوا يستمدّون العون من روح القدس عند القضاء والإفتاء.
هذا التعبير ورد بحقّ «حسّان بن ثابت» حيث قال له النبي الأكرم صلى الله عليه و آله : «لن يزال معك روح القدس ما ذببت عنّا» (سفينة البحار، مادّة كميت).
كما جاء في حقّ الكميت شاعر أهل البيت عليهم السلام المعروف، من أنّ الإمام الباقر عليه السلام قال له : «لا تزال مؤيّداً بروح القدس» «1»، وورد نظير هذا المعنى في حقّ دعبل الخزاعي أيضاً، وذلك عندما ألقى القصيدة المعروفة «مدارس آيات» في مجلس الإمام الرضا عليه السلام، وحينما وصل إلى هذا البيت حول ظهور المهدي عليه السلام :
خروج إمام لا محالة واقع يقوم على اسم اللَّه والبركات!
بكى الإمام الرضا عليه السلام كثيراً ثمّ قال : يا دعبل نطق روح القدس على لسانك، هل تعلم من هذا الإمام؟ قال دعبل : كلّا، لا أعلم سوى ما سمعته من أنّ إماماً منكم سيظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلًا. فأيّد الإمام الرضا عليه السلام كلامه وتحدّث بشيء من التفصيل عن ظهور المهدي، باعتباره الخليفة الثاني عشر للرسول صلى الله عليه و آله (الغدير الجزء 2 الصفحة 355).
وفي حديث عن الإمام الصادق عليه السلام نقرأ أنّ أحد أصحابه سأله : تسألون عن الشيء فلا يكون عندكم علمه؟! قال الإمام عليه السلام : «ربّما كان ذلك!».
قال الراوي : كيف تصنعون؟
قال الإمام عليه السلام : «تلقّانا به روح القدس؟» «2» (بمعنى لقينا).
نقرأ في حديث آخر : أنّ أحد أصحاب الإمام الباقر عليه السلام قال : سألته عن علم العالم (المراد به النبي والإمام المعصوم).
فقال عليه السلام : «يا جابر إنّ في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح : روح القدس، وروح الإيمان ... فبروح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى» «3».
كما ورد في رواية أخرى عن الإمام الباقر عليه السلام أيضاً حول تفسير الآية : {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا ...} أنّه عليه السلام قال : «منذ أنزل اللَّه ذلك الروح على نبيّه ما صعد إلى السماء وإنّه لفينا» «4».
هذا التعبير يبيّن أنّ الروح الذي يشكّل أحد المنابع الرئيسية لعلوم ومعارف النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، والأئمّة المعصومين عليهم السلام ليس جبرئيل، وأنّه حقيقة كامنة في وجودهم قد انتقل من النبي الأكرم صلى الله عليه و آله إليهم واحداً بعد الآخر.
5- الطريق الخامس لمنابع علومهم هو العقل الخارق والذي أودعه اللَّه عزّوجلّ عند الأنبياء وأوصيائهم المعصومين عليهم السلام، نظراً لإمكانية إدراك الكثير من الحقائق عن طريقه، عقل ومعرفة الناس العاديين يضيء شعاعاً خاصّاً في حين أنّ عقول الأنبياء والأوصياء لها امتداد واسع جدّاً، وهذا هو السبب في كشفهم لحقائق لا يدركها الآخرون.
لذا نقرأ في قصّة ليلة المبيت (الليلة التي هاجر فيها النبي سرّاً من مكّة إلى المدينة وترك عليّاً عليه السلام في فراشه) أنّه : حينما اقتحم أشراف قريش المنزل عند الفجر، ووجدوا عليّاً عليه السلام في فراش النبي الأكرم صلى الله عليه و آله، صاحوا : أين محمّد؟
قال عليه السلام : أجعلتموني عليه رقيباً؟ ألستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم، وهنا قال «سراقة بن مالك المخزومي» : الآن حيث لا يوجد محمّد صلى الله عليه و آله فلا تتركوا عليّاً عليه السلام وأريحوا العالم من وجوده، قال أبو لهب : كفّوا عنه، فهو مخدوع من محمّد وقد أفدى نفسه له.
حينئذ التفت علي عليه السلام إلى أبي جهل وقال : «يا أبا جهل بل اللَّه قد أعطاني من العقل ما لو قسّم على جميع حمقاء الدنيا ومجانينها لصاروا به عقلاء، ومن القوّة ما لو قسّم على جميع ضعفاء الدنيا لصاروا به أقوياء، ومن الشجاعة ما لو قسّم على جميع جبناء الدنيا لصاروا به شجعاناً، ومن الحلم ما لو قسّم على جميع سفهاء الدنيا لصاروا به حلماء» «5».
فحينما يتمتّع علي عليه السلام بهذه المرتبة من العقل والمعرفة فمن المسلّم أن يتمتّع النبي الأكرم صلى الله عليه و آله بمثل هذه الموهبة العظيمة بطريق أولى.
كما أنّ حياة الأنبياء تبيّن أنّ لهم من العقل والمعرفة ما يخرق العادة، وهذا بنفسه هو أحد المنابع المهمّة لعلومهم ومعارفهم.
6- الطريق السادس والمصدر الأخير هو العلوم التي ورثوها خلفاً عن سلف، ولدينا أدلّة كثيرة على أنّ الأنبياء عليهم السلام قد نقلوا علومهم ومعارفهم إلى الأنبياء الآخرين أو إلى أوصيائهم وأورثوها إيّاهم.
قال فريق من المفسّرين في تفسير الآية : {وَوَرِثَ سُلَيْمانُ دَاوُدَ} (النمل/ 16).
إنّ «الإرث» هنا يعني إرث علم ومعرفة ذلك النبي، أو أنّه يعني مطلق التوارث الشامل للعلم والمعرفة أيضاً.
كما أنّ بعض المفسّرين اعتبر توارث العلم في قصّة زكريا عند تفسير الآية 6 من سورة مريم : {يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ} داخلًا في المفهوم الجامع للآية «6».
كما نقرأ في العديد من الروايات : أنّ العلوم التي وهبها اللَّه لآدم (علم الأسماء) لم تغب عن الوجود، بل ورثها أولاده المنتجبون!
من جملتها ما نقرأه في رواية عن الإمام الباقر عليه السلام : «إنّ العلم الذي نزل مع آدم لم يرفع والعلم يتوارث، وكان علي عالم هذه الامّة، وأنّه لم يهلك منّا عالم قطّ إلّا خلّفه من أهله من علم علمه أو ما شاء اللَّه» «7».
وفي حديث آخر عن الإمام الباقر عليه السلام نقرأ أنّه قال : «أما إنّ محمّداً صلى الله عليه و آله ورث علم من كان قبله من الأنبياء والمرسلين» «8».
كانت هذه المصادر الستّة بمجموعها السبب وراء اطّلاع الأنبياء الإلهيين، ليس فقط على المسائل المرتبطة بمعارف الدين وأحكام الشريعة، بل وكذلك على العلوم والمعارف الأخرى الأعمّ من كونها ذات تأثير مباشر في أداء مهمّة الرسالة، أو غير مباشر في تكميل أهداف النبوّة (تأمّل جيّداً).
_____________________
(1) الغدير، ج 2، ص 202، حالات الكميت.
(2) بحار الأنوار، ج 25، كتاب الإمامة، ص 56، ح 19، كما ورد نفس هذا المضمون في، ح 18 و 20 و 21 و 22 و 23 أيضاً.
(3) المصدر السابق، ص 55، ح 15، كما ورد نفس هذا المعنى بتفاوت ضئيل في الأحاديث 14 و 25 و 26.
(4) المصدر السابق، ص 61، ح 37.
(5) بحار الأنوار، ج 19، ص 83.
(6) من جملتهم الآلوسي في تفسير روح المعاني؛ والسيّد قطب في تفسيره في ظلال القرآن.
(7) أصول الكافي، ج 1، ص 222، (باب أنّ الأئمّة عليهم السلام ورثة العلم) ح 2، كما ورد نفس هذا المعنى في ح 4 و 5 و 8 من نفس ذلك الباب، وبنفس هذا المنوال الحديث المتظافر المنقول عن أئمّة أهل البيت بأسانيد مختلفة.
(8) المصدر السابق، ص 224 (باب أنّ الأئمّة ورثوا علم النبي)، ح 2.
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|