خصائص مجتمع المعرفة :

يمكن القول أن سمات مجتمع المعرفة تستمد أساسا من سمات تكنولوجيا المعلومات ذاتها، والتي يمكن إجمالها في النقاط التالية:

1- أن المعلومات غير قابلة للاستهلاك أو التحول أو التفتت لأنها تراكمية.

2- أن قيمة المعلومات هي استبعاد عدم التأكد، وتنمية قدرة الإنسانية على اختيار أكثر القرارات فعالية.

3- ان سر الواقع الاجتماعي العميق لتكنولوجيا المعلومات هو أنها تقوم على أساس التركيز على العمل الذهني، وتعميقه من خلال إبداع المعرفة، وحل المشكلات، وتنمية الفرص المتعددة أمام الإنسان.

من خلال إبداع المعرفة، وحل المشكلات وتنمية الفرص المتعددة أمام الإنسان. ويلخص الباحثين إطار مجتمع المعرفة في الملامح التالية ⁽¹⁾ :

1 - المنفعة المعلوماتية من خلال إنشاء بنية تحتية معلوماتية تقوم على أساس الحواسب الآلية العامة المتاحة لكل الناس في صورة شبكات المعلومات المختلفة، وبنوك المعلومات التي ستصبح هي بذاتها رمز المجتمع.

2- الصناعة القائدة هي صناعة المعلومات التي ستهيمن على البناء الصناعي.

3- تحقيق أعلى درجة متقدمة من مجتمع المعرفة ستتمثل بمرحلة تتسم بإبداع المعرفة، من خلال مشاركة جماهيرية فعالة والهدف النهائي منها هو التكوين الكامل لمجتمع المعرفة الكوني، وهو ما يجري الآن بخطى سريعة من خلال استخدام شبكة الإنترنت عالمياً.

4- تكنولوجيا المعلومات قادرة على أن تمحو ما خلفه التصنيع من مشكلات بيئية - واقتصادية وأخلاقية، وبالتالي تقدم بيئة نظيفة ينعم بها مجتمع المعرفة.

5- يتميز مجتمع المعرفة المعاصر بتواجد فئات كبيرة تتعامل مع المعلومات وتشتغل  بها وتمثل أغلبية القوى العامة الحالية، ويمكن أن نميز منها ما يلي:

أ - فئة صغيرة نسبياً تعمل في خلق معلومات جديدة، وتتضمن العلماء والباحثون، والمصممون، والمبدعون، وغيرهم من الأشخاص الذين يقدرون على خلق وإنتاج المعلومات الجديدة، أو يعيدوا تشكيل نماذج معرفة جديدة من واقع المعلومات الحالية.

ب ـ فئة كبيرة من البشر تعمل في نقل وتوصيل المعلومات والمعارف وتتمثل في العاملين في البريد والبرق والهاتف والإنترنت.

ج- الفئة العاملة في تخزين المعلومات واسترجاعها، كأخصائي المعلومات، وأمناء المكتبات والموثقين ومبرمجي الحاسوب... الخ.

د ـ فئة المهنيين من محامين وأطباء ومهندسين ومحاسبين ومعلمين وغيرهم الذين يقومون بتقديم خبراتهم وحصيلة المعلومات التي اكتسبوها لعملائهم.

هـ - فئة الطلاب، وهم يقضون معظم وقتهم في استقبال المعلومات والتزود بها أي أنهم متفرغين لتلقي المعلومات.

6- تتزايد بصفة مطردة كميات المعلومات المنتجة على أوعية لا ورقية ، كالأشرطة، والأقراص الممغنطة، واسطوانات الفيديو، والأقراص الضوئية وغيرها من الأشكال غير التقليدية، وبالتالي سينعكس ذلك على طبيعة وشكل التعليم.

7- تنظم أجهزة المعلومات المعاصرة، وتدار عن طريق استخدام التقنيات المتطورة، بدلاً من المهام اليدوية أو الميكنة.

ويتصف مجتمع المعرفة ببعض الخصائص منها ⁽²⁾

1- الانتقال إلى عصر الإنتاج كثيف المعرفة، لأن المعرفة أصبحت هي القوة في العصر الحالي، ولم يعد السلاح أو الثورة المادية هي القوة، ولكن المعرفة المتجددة القادرة على فعل كل ذلك هي القوة، ولم تعد المعرفة ثابتة أو محددة بنقطة بداية أو نهاية ولكنها أصبحت متغيرة ولا نهائية.

2- لم تعد المعرفة أسيرة لجدران الكتب ودوائر المعارف، ولكنها أيضاً نسبية، وليست مطلقة ومتغيرة بتغير العلم ومناهجه وطرائقه، وأصبحت متراكمة ومتنامية بصورة مذهلة. حيث أصبحت تلك المعرفة التي يعرفها البشر خلال القرن الماضي يمكن تحصيلها خلال أسابيع وأيام معدودة في تضاعفها.

3- تغير في الاستراتيجيات الإدارية، فقد فرض العالم الجديد الحاجة إلى مجموعة متنوعة ومعقدة من التفسيرات والتأويلات لمخرجات المعلومات الناتجة عن نظم المعلومات. ويعتبر هذا التنوع ضروري لتوضيح الآراء المختلفة والمتعددة للمستقبل الذي يصعب التنبؤ به، وبدلاً من التنبؤ طويل المدى، فإنه ينبغي التركيز على فهم هذه الآراء عن طريق الاستخدام والتخطيط الجيد للسيناريوهات.

وقد يتضمن هذا النموذج المقترح لإدارة المعرفة بعض أنشطة التخطيط التنظيمي، وبدلاً من تضمين بعض التعليمات لما يجب فعله، فإنه يتم استخدام هذه الأنشطة كأدوات أيديولوجية لبناء وتحديد حدود هذه الآراء، ومن ثم تستطيع المؤسسات التعليمية التخطيط لمستقبلها بدون الاعتماد على الخطط المستبقة، ويعتبر الالتزام الدقيق بحاجات سوق العمل محدداً رئيسياً فيها. وتشمل تضمينات هذه النقلة الفكرية ابتكار المعرفة الجديدة، وكيفية تطبيقها وإحداث الموائمة والتوافق بين نظرية الإدارة وبيئة العمل المتغيرة. ومن هنا فقد انصب التركيز على قاعدة المعرفة التنظيمية لاتخاذ القرارات المصيرية والمهارات اللازمة لتفعيل الأنشطة والإجراءات الخاصة بإدارة المعرفة.

4- تغير في عمليات المعرفة التنظيمية، حيث ساعدت الممارسات التنظيمية التي تنظمها نظم إدارة المعرفة وتكنولوجيا المعلومات على تيسيير السيطرة على الروتين والمواقف المتوقعة على الرغم من الحاجة إلى الاشتراك في الخيال والإبداع البشري والابتكارية، حيث ساهم ذلك في القدرة على مواكبة التغيرات الحادثة في البيئة التنظيمية، وتحتاج الإدارة الفعالة للمعرفة إلى الاقتراحات الابتكارية والأدلة القوية، ونتيجة لذلك فقد أصبح النموذج القديم لمعالجة المعلومات غير صالح لمجتمع اليوم، حيث يعتمد النموذج الحالي على المعرفة وتجديدها المستمر، وابتكار معرفة جديدة وتطبيقها في الممارسات - داخل المؤسسات.

 5- تغير في دور الإدارة المدرسية والتعليمية، فلم تعد مهمتها تيسير شئون المؤسسات التعليمية من الناحية القانونية، بل أصبح لها دور هام في تحقيق أهداف المجتمع، والقيام بوظائفها تجاه الأفراد العاملين وتحسين أدائهم وزيادة دافعيتهم نحو العمل، فهم بما يتمتعون به من واقعية وقيم ومعايير يمثلون العنصر الهام في مثل هذه المؤسسات.

6- التواصل غير المنقطع بين أفراد وجماعات وشعوب العالم على مدار الساعة وبين المنظمات بعضها بعضاً دون اعتبار لفروق الوقت وتباعد المسافات و خصوصيات الأمكنة والمجتمعات.

7- الانفتاح بقدر هائل لم تعهده المجتمعات السابقة على عصر المعلومات، وسرعة وسهولة تناقل المعلومات والمعارف الإنسانية بمعدلات غير مسبوقة وتيسير تداولها وإتاحتها لكل من يريدها بالحد الأدنى من القيود والمعوقات.

8- التراكم المعرفي بمعدلات هائلة وسريعة وتجدد المعرفة الإنسانية في دورات  قصيرة بما يجعل تقادم المعرفة من أخطر مهددات العاملين في حقول العلم والتقنية والإدارة وغيرها من المهن وثيقة الاعتماد على منتجات البحث العلمي والتفكير الإنساني.

9 ـ  التحول النوعي الواضح في تركيبة الموارد البشرية العاملة في مختلف منظمات المجتمع المعاصر، ويزوغ فئات من العاملين ذوي المعرفة يتميزون بمستويات عالية من التعلم والإحاطة بمستجدات العلوم والتقنيات، ويتمتعون بقدرات ذهنية وطاقات فكرية وإمكانيات للابتكار والإبداع تجعل مساهمتهم في العمل هي الأكثر أهمية والأخطر تأثيراً فيما تحققه المنظمات التي يعملون بها من إنجازات.

10- زيادة الاهتمام برأس المال الفكري، وهو ما تملكه المنظمة من أفكار وتقنيات - ورصيد معرفي، واعتباره الثورة الأعظم للمنظمة المعاصرة، ويمثل استثماره التحدي الأكبر للإدارة المعاصرة في تطوير منتجات وخدمات متفوقة وتعميق القدرات التنافسية للمنظمة.

11- تطور نماذج لعلاقات المنظمات بعضها ببعض يعتمد على مفاهيم الترابط والتحالف وتبادل المنافع فضلاً عن إدارة المنافسة واستثمار القدرات الذاتية لكل منظمة في بناء وتنمية قوتها التنافسية وتحسين مركزها النسبي في علاقات الترابط والتحالف التي تجمعها مع غيرها من المنظمات.

12- التوجه نحو المنظمة الإلكترونية Organization ، وهي منظمة تعمل في مجالات مختلفة، وتتميز بأنها تنظيم ديناميكي متطور ومتفاعل باستمرار مع المتغيرات الخارجية والداخلية، وتتسم العمليات فيها بالسرعة والمرونة والقيمة المضافة، كما أنها تستثمر الاتصالات والمعلومات إلى الحد الأقصى .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) جامل، عبد الرحمن، مصدر سابق، ص7.

(2) البيلاوي، حسن، إدارة المعرفة في التعليم، ص 17-21 .