أقرأ أيضاً
التاريخ: 27-5-2020
2209
التاريخ: 18-8-2016
2061
التاريخ: 16-5-2022
1763
التاريخ: 30-1-2022
2639
|
إنّ طبيعة الحياة الدنيا تقترن بالموانع والمشكلات والبلايا ، فلو أنّ الإنسان لم يلتزم بالمقررات والقوانين الّتي تنسجم مع هذه الحياة ويحل بذلك ما يواجهه من مشكلات فإنّه سوف لا يصل إلى مقصده ولا يحقق غايته ، وكذلك فإنّ الآفات والمصائب موجودة في ضمن النعم والمواهب وتتسبب في فقدها أو الاضرار بها من قبيل المصائب الّتي تواجه الإنسان في أولاده وأقربائه وأمثال ذلك.
فالإنسان بدون الاستعانة بالصبر والاستقامة سوف لا يتمكن من سلوك طريق الكمال والسعادة في بعده الإيجابي ، وكذلك لا يتمكن من الصمود أمام عناصر الشَّر في حركة الحياة ، ولهذا السبب فإنّ المفتاح الأصلي للموفقية والنجاح في الحياة هو الاستعانة بالصبر والاستقامة ، وبما أنّ الدين هو عبارة عن مجموعة الواجبات والمحرمات ، أو الطاعات وترك المعاصي ، فإنّ الإيمان والالتزام بالدين لا يكون ولا يتحقق بدون الصبر والاستقامة ، لانه وطبقاً لما تقدّم من البيان فإنّ الصبر بالنسبة للإيمان كالرأس بالنسبة إلى الجسد ، ولذلك ورد في بعض الأحاديث الإسلامية «ومنها الأحاديث الواردة عن أمير المؤمنين (عليه السلام)» أنّ الصبر قرين الظفر «الصَّبْرُ الظَّفَرُ» ([1]).
ونقرأ أيضاً في الآيات القرآنية أنّ الشرط المهم لإنتصار المجاهدين في سبيل الله هو الصبر والاستقامة في هذا الطريق ومن ذلك قوله تعالى (... إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا)([2]).
ما هذه القوّة الّتي تمنح رجلاً واحداً القدرة على مقابلة عشرة أشخاص ، وتمنح مئة شخص القدرة على مقابلة ألف شخص؟
إن هذه القوّة هي قوّة الصبر والاستقامة الّتي ورد التصريح بها في الآية الشريفة.
فالأشخاص الّذين يعيشون ضعف الإرادة وقلّة العزيمة سوف يواجهون الحوادث والمشاكل من موقع الاذعان والخنوع أو يديرون ظهورهم لها ويجمحون عن مقاومتها ، ولكنه لا الدنيا تتحقق للإنسان بدون الصبر والاستقامة ولا الآخرة ، ولهذا السبب فان الشعوب الّتي حقّقت تقدماً علمياً وتطوراً حضارياً فإنما تحقق لها ذلك بواسطة الاستقامة والمثابرة والصبر ، ويذكر في حالات العلماء الكبار ، سواءاً الشخصيات الدينية الّتي فتحت أبواب العلوم والمعارف الدينية أمام الناس ، أو علماء العلوم الطبيعية الّذين حققوا للبشرية اكتشافات واختراعات مهمّة ، أنّهم كانوا يعيشون قبل كلّ شيء حالة الصبر والاستقامة والمثابرة في أعمالهم ودراساتهم ، فأحياناً يضطر أحد العلماء للكشف عن قانون علمي إلى اختيار العزلة والانزواء في المكتبة أو المختبر لعدّة سنوات حتّى يوفق أخيراً إلى هدفه واكتشافه.
وقد ورد عن الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) قوله «مَنْ رَكِبَ مَراكِبَ الصَّبْرِ اهْتُدِىَ الَىَ مَيْدَانِ النَّصْرِ» ([3]).
وكذلك ورد عن هذا الإمام قوله «مِفْتَاحُ الظَّفَرِ لُزُومِ الصَّبْرِ» ([4]).
ومن جهة اخرى نجد أنّ الأشخاص الّذين يشكون ضعف العزم وقلّة الصبر والاستقامة فإنّهم يتلوثون بسرعة بأنواع الذنوب ، لأنّ الذنوب لها جاذبية قوية للنفس الأمارة في الإنسان ، فلو لم تكن في الإنسان قدرة على مقاومتها لأسرع الإنسان الخطى في منزلقات الانحطاط والرذيلة.
وورد في الحديث الشريف عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله «كَمْ مِنْ صَبْرِ سَاعَةٍ قَدْ اوْرَثَتْ فَرَحَاً طَويلاً وَكَمْ مِنْ لَذَّةِ سَاعَةٍ قَدْ اوْرَثَتْ حُزْناً طَويلاً» ([5]).
ومن الممكن أن يبتلي الإنسان في مسيرة حياته بأنواع الضرر والخسارة المادية والمعنوية والاجتماعية ، مثلاً بالنسبة إلى موت الأحبّة يجب القول : إن هؤلاء الأحبّة من الأصدقاء والاقرباء لم يتولدوا في وقت واحد وسوف لا يرحلون من هذه الدنيا في وقتٍ واحد أيضاً ، فهناك من يرحل قبل الآخر وهناك من يتأخر ، والأشخاص الّذين يرحلون من هذه الدنيا أسرع سوف يخلفون في قلوب أحبتهم حالات الغم والحزن على فراقهم ، فلو أنّ الإنسان لم يتحل بالصبر فسوف يفقد سلامته النفسية وصحّته الجسمية ويعيش اليأس في الحياة ويتأخر عن القافلة.
أجل فإنّ الصبر مع وجود جميع هذه الحوادث والمصاعب يمنح روح الإنسان وقلبه القدرة على الاستمرار في حركة الحياة وإدامة السلوك في خطّ التكامل الإنساني.
وقد رأينا في الأحاديث السابقة أنّ الإمام الصادق (عليه السلام) يقول إنّ ثواب الصبر لدى الشيعة مقابل المصائب والبلايا يعادل ثواب ألف شهيد ، وهذا المعنى يدلل على ما تقدّم آنفاً من أهمية الصبر.
والخلاصة هي إننا كلّما تحدّثنا عن أهمية الصبر ودوره في الصعود بالإنسان في مدارج الكمال المادي والمعنوي ، الدنيوي والأخروي ، فلا نصل إلى غاية الكلام ولا نحيط بتمام الموضوع ، ولهذا فلا ينبغي أن نتصور أنّ ما ورد في الروايات الشريفة عن ثواب الصابرين هو مبالغة في الكلام ، وبعبارة اخرى : يمكن التمسك بالحديث الشريف الوارد عن الإمام الباقر (عليه السلام) حيث قال «انَّهُ مَنْ صَبَرَ نَالَ بِصَبْرِهِ دَرَجَةَ الصّائِمِ الْقائِمِ ، وَدَرَجَةِ الشَّهيدِ الّذي ضَرَبَ بِسَيفِهِ قُدّامَ مُحمَّدٍ (صلى الله عليه وآله)» ([6]).
|
|
يجب مراقبتها بحذر.. علامة في القدم تشير إلى مشاكل خطيرة
|
|
|
|
|
العلماء يحلون لغز بركان أدى إلى تجمد الأرض قبل 200 عام
|
|
|
|
|
العتبة العباسية تبحث آلية إقامة الأسبوع الثقافي مع جامعة الموصل
|
|
|