أقرأ أيضاً
التاريخ: 24-3-2022
![]()
التاريخ: 2024-10-23
![]()
التاريخ:
![]()
التاريخ: 11-3-2022
![]() |
1 - من وصف أمير المؤمنين ( ( ع ) ) لرسول الله ( ( صلى الله عليه وآله ) )
في أمالي الطوسي / 340 ، قالوا لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) : « صف لنا نبينا ( صلى الله عليه وآله ) كأننا نراه ، فإنا مشتاقون إليه ! قال : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) أبيض اللون ، مشرباً حمرة ، أدعج العين ، سبط الشعر ، كث اللحية ، ذا وفرة ، دقيق المسربة « شعر الصدر » كأنما عنقه إبريق فضة ، يجري في تراقيه الذهب ، له شعر من لبته إلى سرته ، كقضيبٍ خِيطَ إلى السرة ، وليس في بطنه ولا صدره شعر غيره .
شثن الكفين والقدمين ، شثن الكعبين ، إذا مشى كأنما ينقلع من صخر ، إذا أقبل كأنما ينحدر من صبب ، إذا التفت التفت جميعاً بأجمعه كله .
ليس بالقصير المتردد ، ولا بالطويل الممعَّط « المفرط » وكان في وجهه تدوير ، إذا كان في الناس غمرهم ، كأنما عرقه في وجهه اللؤلؤ ، عرقه أطيب من ريح المسك .
ليس بالعاجز ولا باللئيم ، أكرم الناس عشرة ، وألينهم عريكة ، وأجودهم كفاً . من خالطه بمعرفةٍ أحبه ، ومن رآه بديهةً هابه . له غرةٌ بين عينيه . يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله ( صلى الله عليه وآله ) » .
« مستقرُّهُ خيرُ مستقر ، ومنبتُه أشرف منبت ، في معادن الكرامة ، ومماهد السلامة .
قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار ، وثُنيت إليه أزمة الأبصار . دفن الله به الضغائن ، وأطفأ به الثوائر . ألف به إخواناً ، وفرّق به أقراناً ، أعز به الذلة ، وأذل به العزة . كلامه بيان ، وصمته لسان » . نهج البلاغة / الخطبة : 94 ، 187 .
« فتأس بنبيك الأطيب الأطهر ( صلى الله عليه وآله ) فإن فيه أسوةً لمن تأسى ، وعزاءً لمن تعزَّى . وأحبُّ العباد إلى الله المتأسِّي بنبيه والمقتصُّ لأثره . قضم الدنيا قضماً ، ولم يُعِرْهَا طرفاً . أهضم أهل الدنيا كشحاً ، وأخمصهم من الدنيا بطناً . عرضت عليه الدنيا فأبى أن يقبلها . علم أن الله سبحانه أبغض شيئاً فأبغضه ، وحقر شيئاً فحقره ، وصغَّر شيئاً فصغَّره . ولو لم يكن فينا إلاّ حبنا ما أبغض الله ورسوله ، وتعظيمنا ما صغَّر الله ورسوله لكفى به شقاقاً لله ، ومحادَّةً عن أمر الله !
ولقد كان ( صلى الله عليه وآله ) يأكل على الأرض ، ويجلس جلسة العبد ، ويخصف بيده نعله ، ويرقع بيده ثوبه ، ويركب الحمار العاري ، ويردف خلفه . ويكون السّتر على باب بيته فتكون فيه التّصاوير فيقول : يا فلانة لإحدى أزواجه غيبيه عني ، فإني إذا نظرت إليه ذكرت الدّنيا وزخارفها . فأعرض عن الدنيا بقلبه ، وأمات ذكرها من نفسه ، وأحب أن تغيب زينتها عن عينه ، لكيلا يتخذ منها رياشاً ، ولا يعتقدها قراراً ، ولا يرجو فيها مقاماً . فأخرجها من النفس ، وأشخصها عن القلب ، وغيّبها عن البصر . وكذلك من أبغض شيئاً أبغض أن ينظر إليه ، وأن يذكر عنده . ولقد كان في رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ما يدلّك على مساوئ الدنيا وعيوبها ، إذ جاع فيها مع خاصّته ، وزويت عنه زخارفها مع عظيم زلفته .
فلينظر ناظر بعقله ، أكرم الله محمّداً بذلك أم أهانه ؟ فإن قال : أهانه فقد كذب والله العظيم بالإفك العظيم . وإن قال أكرمه ، فليعلم أنّ الله قد أهان غيره حيث بسط الدّنيا له ، وزواها عن أقرب النّاس منه » . نهج البلاغة / 88 ح ، 580 .
« فقاتلَ بمن أطاعه من عصاه ، يسوقهم إلى منجاتهم ، ويبادر بهم السّاعة أن تنزل بهم . يحسر الحسير « يعالج الضعيف » ويقف الكسير فيقيم عليه حتّى يلحقه غايته ، إلاّ هالكاً لا خير فيه . حتّى أراهم منجاتهم ، وبوّأهم محلّتهم ، فاستدارت رحاهم واستقامت قناتهم » . نهج البلاغة / الخطبة : 102 ، 198 .
« اللهم داحي المدحوات ، وداعم المسموكات ، وجابل القلوب على فطرتها ، شقيها وسعيدها ، اجعل شرائف صلواتك ، ونوامي بركاتك ، على محمد عبدك ورسولك ، الخاتم لما سبق ، والفاتح لما انغلق ، والمعلن الحق بالحق ، والدافع جيشات الأباطيل ، والدامغ صولات الأضاليل ، كما حمل فاضطلع قائماً بأمرك ، مستوفزاً في مرضاتك ، غير ناكلٍ عن قدم ، ولا واه في عزم ، واعياً لوحيك ، حافظاً لعهدك ، ماضياً على نفاذ أمرك ، حتى أورى قبس القابس ، وأضاء الطريق للخابط ، وهديت به القلوب بعد خوضات الفتن ، وأقام موضحات الأعلام ونيرات الأحكام ، فهو أمينك المأمون ، وخازن علمك المخزون ، وشهيدك يوم الدين ، وبعيثك بالحق ، ورسولك إلى الخلق .
اللهم افسح له مفسحاً في ظلك ، واجزه مضاعفات الخير من فضلك . اللهم أعْلِ على بناء البانين بناءه ، وأكرم لديك منزلته ، وأتمم له نوره ، واجزه من ابتعاثك له مقبول الشهادة ، ومرضي المقالة ، ذا منطق عدل ، وخطة فصل .
اللهم اجمع بيننا وبينه في برد العيش ، وقرار النعمة ، ومنى الشهوات ، وأهواء اللذات ، ورخاء الدعة ، ومنتهى الطمأنينة ، وتحف الكرامة » . نهج البلاغة : 1 / 120 .
وفي الغارات للثقفي : 1 / 161 : « كان علي ( عليه السلام ) إذا نعت النبي ( صلى الله عليه وآله ) قال : لم يك بالطويل الممعط ، ولا بالقصير المتردد ، وكان ربعة من القوم ، ولم يك بالجعد القطط ولا السبط . شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشي في صبب ، وإذا التفت التفت معاً . أجود الناس كفاً ، وأجرأ الناس صدراً ، وأصدق الناس لهجة ، أوفى الناس ذمة ، وألينهم عريكة ، وأكرمهم عِشْرة » .
« اختاره من شجرة الأنبياء ، ومشكاة الضّياء ، وذؤابة العلياء ، وسُرَّة البطحاء ، ومصابيح الظُّلمة ، وينابيع الحكمة » . نهج البلاغة / الخطبة : 106 ، 205 .
2 - من وصف بقية الأئمة ( ( عليهم السلام ) ) لرسول الله ( ( صلى الله عليه وآله ) )
في تفسير العياشي : 1 / 203 ، عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) قال : « جاء أعرابي أحد بني عامر فسأل عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) فلم يجده فقالوا هو بقزح « مكان بالمزدلفة » فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بمنى . قال : فطلبه فلم يجده ، فقالوا : هو بعرفة ، فطلبه فلم يجده ، قالوا : هو بالمشعر قال : فوجده في الموقف ، قال : حَلُّوا « صِفُوا » لي النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال الناس : يا أعرابي ما أنكرت ! إذا وجدت النبي وسط القوم وجدته مفخماً . قال : بل حَلُّوهُ لي حتى لا أسأل عنه أحداً ، قالوا : فإن نبي الله أطول من الربعة ، وأقصر من الطويل الفاحش ، كأن لونه فضة وذهب ، أرجَلُ الناس جُمَّة « شعره ممشط » وأوسع الناس جبهة ، بين عينيه غُرَّة ، أقنى الأنف ، واسع الجبين ، كث اللحية ، مفلج الأسنان ، على شفته السفلى خال ، كأن رقبته إبريق فضة ، بعيد ما بين مشاشة المنكبين ، كأن بطنه وصدره سواء ، سبط البنان ، عظيم البراثن « الكفين » إذا مشى مشى متكفياً ، وإذا التفت التفت بأجمعه ، كأن يده من لينها متن أرنب ، إذا قام مع إنسان لم ينفتل حتى ينفتل صاحبه ، وإذا جلس لم يحلل حبوته حتى يقوم جليسه .
فجاء الأعرابي فلما نظر إلى النبي ( صلى الله عليه وآله ) عرفه فقال بمحجنه « أشار بعصاته » على رأس ناقة رسول الله عند ذنب ناقته ، فأقبل الناس تقول ما أجرأك يا أعرابي ؟ قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : دعوه فإنه أريب « عنده حاجة » ثم قال : ما حاجتك ؟ قال : جاءتنا رسلك أن تقيموا الصلاة ، وتؤتوا الزكاة ، وتحجوا البيت ، وتغتسلوا من الجنابة ، وبعثني قومي إليك رائداً ، أبغي أن استحلفك وأخشى أن تغضب ! قال ( صلى الله عليه وآله ) : لا أغضب ، إني أنا الذي سماني الله في التوراة والإنجيل محمد رسول الله المجتبى المصطفى ، ليس بفاحش ولاسخاب « عالي الصوت » في الأسواق ، ولا يتبع السيئة السيئة ، ولكن يتبع السيئة الحسنة ، وأنا الذي سماني الله في القرآن : وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ، فسلني عما شئت .
قال : آلله الذي رفع السماوات بغير عمد هو أرسلك ؟ قال : نعم هو أرسلني . قال : آلله الذي قامت السماوات بأمره هو الذي أنزل عليك الكتاب وأرسلك بالصلاة المفروضة والزكاة المعقولة ؟ قال : نعم ، قال : وهو أمرك بالاغتسال من الجنابة وبالحدود كلها ؟ قال : نعم . قال : فإنا آمنا بالله ورسله وكتابه واليوم الآخر والبعث والميزان والموقف والحلال والحرام صغيره وكبيره !
قال : فاستغفر له النبي ( صلى الله عليه وآله ) ودعا له » .
وفي الكافي : 1 / 443 عن جابر الجعفي قال : « قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : صف لي نبي الله قال : كان نبي الله ( صلى الله عليه وآله ) أبيض مشرباً حمرة ، أدعج العينين ، مقرون الحاجبين ، شثن الأطراف ، كأن الذهب أفرغ على براثنه ، عظيم مشاشة المنكبين ، إذا التفت يلتفت جميعاً من شدة استرساله ، سربته سائلة من لبته إلى سرته كأنها وسط الفضة المصفاة ، وكأن عنقه إلى كاهله إبريق فضة ، يكاد أنفه إذا شرب أن يرد الماء ، وإذا مشى تكفأ كأنه ينزل في صبب ، لم ير مثل نبي الله قبله ولا بعده » .
وفي الكافي : 1 / 446 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذا رُئي في الليلة الظلماء ، رئي له نور كأنه شقة قمر » .
وفي علل الشرائع : 1 / 55 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « استأذنت زليخا على يوسف فقيل لها : إنا نكره أن نقدم بك عليه لما كان منك إليه ، قالت : إني لا أخاف من يخاف الله ، فلما دخلت قال لها : يا زليخا مالي أراك قد تغير لونك ؟ قالت : الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيداً ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكاً ! قال لها : ما الذي دعاك يا زليخا إلى ما كان منك ؟ قالت : حسن وجهك يا يوسف . فقال : كيف لو رأيت نبياً يقال له محمد يكون في آخر الزمان أحسن مني وجهاً ، وأحسن مني خلقاً وأسمح مني كفاً ؟ قالت : صدقت . قال : وكيف علمت أني صدقت ؟ قالت : لأنك حين ذكرته وقع حبه في قلبي . فأوحى الله عز وجل إلى يوسف : إنها قد صدقت ، إني قد أحببتها لحبها محمداً ، فأمره الله تبارك وتعالى أن يتزوجها » .
وفي كتاب المؤمن للحسين بن سعيد / 31 ، عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : « لا تقدر الخلائق على كنه صفة الله عز وجل فكذلك لا تقدر على كنه صفة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ! وكما لا تقدر على كنه صفة الرسول ( صلى الله عليه وآله ) كذلك لا تقدر على كنه صفة الإمام ( عليه السلام ) . وكما لا تقدر على كنه صفة الإمام ، كذلك لا يقدرون على كنه صفة المؤمن » .
وفي المحاسن : 1 / 143 ، عن مالك بن أعين الجهني : « وكما لا يقدر أحد أن يصف فضلنا وما أعطانا الله وما أوجب الله من حقوقنا ، فكذلك لا يقدر أحد أن يصف حق المؤمن ويقوم به مما أوجب الله على أخيه المؤمن ، والله يا مالك إن المؤمنيْن ليلتقيان فيصافح كل واحد منهما صاحبه ، فما يزال الله تبارك وتعالى ناظراً إليهما بالمحبة والمغفرة ، وإن الذنوب لتَحَاتُّ عن وجوههما وجوارحهما حتى يفترقا ! فمن يقدر على صفة الله وصفة من هو هكذا عند الله » ؟ !
3 - حديث الإمام الحسن ( ( ع ) ) في صفة النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
من أشمل ما ورد في صفة النبي ( صلى الله عليه وآله ) ما روي عن الإمام الحسن ( عليه السلام ) قال : « سألت خالي هند أبي هالة وكان وصافاً ، عن حلية رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخماً مفخماً ، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ، أطول من المربوع ، وأقصر من المشذب ، عظيم الهامة ، رجل الشعر ، إن انفرقت عقيقته فرق ، وإلا فلا يجاوز شعره شحمة أذنيه إذا هو وفره ، أزهر اللون ، واسع الجبين ، أزج الحواجب ، سوابغ في غير قرن ، بينهما عرق يدره الغضب ، أقنى العرنين ، له نور يعلوه ، يحسبه من لم يتأمله أشم ، كث اللحية ، سهل الخدين ، ضليع الفم ، أشنب ، مفلج الأسنان ، دقيق المسربة ، كان عنقه جيد دمية في صفاء الفضة ، معتدل الخلق ، بادناً ، متماسكاً ، سواء البطن والصدر ، بعيد ما بين المنكبين ، ضخم الكراديس ، عريض الصدر ، أنور المتجرد ، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط ، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك ، أشعر الذراعين والمنكبين وأعلى الصدر ، طويل الزندين ، رحب الراحة ، شثن الكفين والقدمين ، سائل الأطراف ، سبط القصب ، خمصان الأخمصين ، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء . إذا زال زال قلعاً ، يخطو تكفؤاً ، ويمشي هوناً ، ذريع المشية ، إذا مشى كأنما ينحط من صبب ، وإذا التفت التفت جميعاً ، خافض الطرف ، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء ، جل نظره الملاحظة ، يبدر من لقيه بالسلام .
قال : فقلت : فصف لي منطقة ، فقال : كان ( عليه السلام ) متواصل الأحزان ، دائم الفكر ، ليست له راحة ، طويل السكت ، لا يتكلم في غير حاجة ، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه ، يتكلم بجوامع الكلم فصلاً ، لا فضول فيه ولا تقصير ، دمثاً ليناً ليس بالجافي ولا بالمهين ، تعظم عنده النعمة وإن دقت ، لا يذم منها شيئاً ، غير أنه كان لا يذم ذواقاً ولا يمدحه ، ولا تغضبه الدنيا وما كان لها ، فإذا تعوطي الحق لم يعرفه أحدٌ ، ولم يقم لغضبه شئ حتى ينتصر له ، إذا أشار أشار بكفه كلها ، وإذا تعجب قلبها ، وإذا تحدث اتصل بها فضرب براحته اليمنى باطن إبهامه اليسرى ، وإذا غضب أعرض وأشاح ، وإذا فرح غض طرفه ، جل ضحكه التبسم ، يفتر عن مثل حب الغمام .
قال الحسن ( عليه السلام ) : سألت أبي ( عليه السلام ) عن مدخل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فقال : كان دخوله لنفسه مأذوناً له في ذلك ، فإذا أوى إلى منزله جزء دخوله ثلاثة أجزاء : جزء لله ، وجزء لأهله ، وجزء لنفسه ، ثم جزء جزءه بينه وبين الناس ، فيرد ذلك بالخاصة على العامة ، ولا يدخر عنهم منه شيئاً ، وكان من سيرته في جزء الأمة إيثار أهل الفضل بإذنه ، وقسمه على قدر فضلهم في الدين ، فمنهم ذو الحاجة ، ومنهم ذو الحاجتين ، ومنهم ذو الحوائج ، فيتشاغل بهم ويشغلهم فيما أصلحهم والأمة من مسألته عنهم ، وبإخبارهم بالذي ينبغي ، ويقول : ليبلغ الشاهد منكم الغائب ، وأبلغوني حاجة من لا يقدر على إبلاغ حاجته ، فإنه من أبلغ سلطاناً حاجة من لا يقدر على إبلاغها ، ثبت الله قدميه يوم القيامة . لا يذكر عنده إلا ذلك ، ولا يقيد من أحد عثرة ، يدخلون رواداً ، ولا يفترقون إلا عن ذواق ، ويخرجون أدلة .
قال : فسألته عن مخرج رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كيف كان يصنع فيه ؟ فقال : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يخزن لسانه إلا عما يعنيه ، ويؤلفهم ولاينفرهم ، ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ، ويحذر الناس ويحترس منهم ، من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويهونه ، معتدل الأمر ، غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يملوا ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه .
الذين يلونه من الناس خيارهم ، أفضلهم عنده أعمهم نصيحة للمسلمين ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مؤاساة ومؤازرة .
فسألته عن مجلسه فقال : كان ( صلى الله عليه وآله ) لا يجلس ولا يقوم إلا على ذكر ، ولا يوطن الأماكن ، وينهى عن إيطانها ، وإذا انتهى إلى قوم جلس حيث ينتهي به المجلس ، ويأمر بذلك ، ويعطى كل جلسائه نصيبه ، ولا يحسب من جلسائه أن أحداً أكرم عليه منه ، من جالسه صابره حتى يكون هو المنصرف عنه ، من سأله حاجة لم يرجع إلا بها أو بميسور من القول ، قد وسع الناس منه خلقه وصار لهم أباً ، وصاروا عنده في الخلق سواء ، مجلسه مجلس حلم وحياء وصدق وأمانة ، ولا ترتفع فيه الأصوات ، ولا تؤبن فيه الحرم ، ولا تنثى فلتأته ، متعادلين ، متواصلين فيه بالتقوى ، متواضعين ، يوقرون الكبير ، ويرحمون الصغير ، ويؤثرون ذا الحاجة ، ويحفظون الغريب .
فقلت : فكيف كان سيرته في جلسائه ؟ فقال : كان دائم البشر ، سهل الخلق ، لين الجانب ، ليس بفظ ، ولا غليظ ، ولا صخاب ، ولا فحاش ، ولا عياب ، ولا مداح ، يتغافل عما لا يشتهي ، فلا يؤيس منه ، ولا يخيب فيه مؤمليه ، قد ترك نفسه من ثلاث : المراء ، والإكثار ، وما لا يعنيه ، وترك الناس من ثلاث : كان لا يذم أحداً ولا يعيره ، ولا يطلب عثراته ولا عورته . ولا يتكلم إلا في ما رجا ثوابه . إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير ، فإذا سكت تكلموا ولا يتنازعون عنده الحديث ، من تكلم أنصتوا له حتى يفرغ ، حديثهم عنده حديث أولهم ، يضحك مما يضحكون منه ويتعجب مما يتعجبون منه ، ويصبر للغريب على الجفوة في مسألته ومنطقه ، حتى أن كان أصحابه ليستجلبونهم ، ويقول : إذا رأيتم طالب الحاجة يطلبها فارفدوه ، ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ ، ولا يقطع على أحد كلامه حتى يجوز ، فيقطعه بنهي أو قيام .
قال : فسألته عن سكوت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : كان سكوته على أربع : على الحلم والحذر والتقدير والتفكر . فأما التقدير ففي تسوية النظر والاستماع بين الناس ، وأما تفكره ففيما يبقى أو يفنى ، وجمع له الحلم في الصبر ، فكان لا يغضبه شئ ولا يستفزه . وجمع له الحذر في أربع : أخذه بالحسن ليقتدى به ، وتركه القبيح لينتهى عنه ، واجتهاده الرأي في صلاح أمته ، والقيام فيما جمع لهم من خير الدنيا والآخرة » المناقب : 1 / 134 ، العدد القوية للحلي / 120 ، مسند أحمد : 1 / 96 ، الحاكم : 2 / 605 ، مجمع الزوائد : 8 / 271 و 276 ، ابن أبي شيبة : 7 / 446 ، الشمائل المحمدية للترمذي / 15 ، مسند أبي يعلى : 1 / 304 ، والأحاديث الطوال / 78 ، المعجم الكبير : 22 / 155 ، الفايق : 2 / 186 ، الطبقات الكبرى : 1 / 422 ، الشفا للقاضي عياض : 1 / 155 وغيرها .
وعقَّب عليه الصدوق « رحمه الله » في معاني الأخبار / 79 : « قوله : كان رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فخماً مفخماً : معناه كان عظيماً معظماً في الصدور والعيون . . يتلألأ تلألؤ القمر : ينير ويشرق كإشراق القمر . أطول من المربوع وأقصر من المشذب : المشذب الطويل الذي ليس بكثير اللحم .
وقوله : رَجْل الشعر : في شعره تكسر وتعقف . العقيقة : الشعر المجتمع في الرأس . أزهر اللون : نير اللون . أزج الحواجب : طويل امتداد الحاجبين .
أقنى العرنين : في عظم الأنف احديداب في وسطه . كث اللحية : لحيته قصيرة كثيرة الشعر . ضليع الفم : كبير الفم . الأشنب : الشنب في الفم تحدد ورقة وحدة في أطراف الأسنان . دقيق المسربة : الشعر المستدق الممتد من اللبة إلى السرة .
بادناً متماسكاً : تام خلق الأعضاء ليس بمسترخي اللحم ولا بكثيره .
سواء البطن والصدر : بطنه ضامر وصدره عريض . والكراديس : رؤوس العظام .
أنور المتجرد : نيِّر الجسد الذي تجرد من الثياب . رحب الراحة : واسع الراحة كبيرها . شثن الكفين : خشن الكفين . سائل الأطراف : تامها غير طويلة ولا قصيرة . مسيح القدمين : ليس بكثير اللحم فيهما . زال قلعاً : معناه متثبتاً .
يخطو تكفؤاً : خطاه كأنه يتكسر فيها ولا تبختر فيها ولا خيلاء . ويمشي هوناً : معناه السكينة والوقار . ذريع المشية : واسع المشية . كأنما ينحط في صبب : الصبب الإنحدار . إذا غضب أعرض وأشاح : أشاح جَدَّ في الغضب وانكمش .
يفتر عن مثل حب الغمام : يكشف شفتيه عن ثغر أبيض يشبه حب الغمام .
لكل حال عنده عتاد : أعد للأمور أشكالها ونظائرها .
ثم يرد ذلك بالخاصة على العامة : يعتمد في هذه الحال على أن الخاصة ترفع إلى العامة علومه وآدابه وفوائده .
ولا يفترقون إلا عن ذواق : عن علوم يذوقون من حلاوتها ما يذاق من الطعام المشتهي . لا تؤبن فيه الحُرم : أي لا تعاب .
ولا تنثى فلتأته : من غلط فيه غلطة لم يشنع ولم يتحدث بها ، يقال : نثوت الحديث أنثوه نثواً إذا حدثت به . إذا تكلم أطرق جلساؤه كأن على رؤوسهم الطير : لإجلالهم نبيهم ( صلى الله عليه وآله ) لايتحركون . ولا يقبل الثناء إلا من مكافئ : من صح عنده إسلامه حسن موقع ثنائه عليه عنده » .
ونقد صاحب الصحيح : 2 / 132 هذه الرواية بضعف سندها ، وبأن الإمام الحسن عاش مع جده النبي ( صلى الله عليه وآله ) وروى عنه فلايحتاج في وصفه إلى هند بن أبي هالة ، وهو أفصح العرب وأعلم الأمة ، رباه النبي ( صلى الله عليه وآله ) في حجره ، وكان يعرف عنه كل شئ مما دق وجل . ثم قال : « تقدم كله يدفع هذا الحديث » .
أقول : إشكاله لا يصح ، وهذه الصفات وردت بشكل وآخر في غيرها .
4 - حديث الإمام الكاظم ( ( ع ) ) في معجزات النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) )
نكتفي في معجزات النبي ( صلى الله عليه وآله ) بحديث واحد يُبين عدداً منها باختصار ، فقد روى أبو العباس الحميري في قرب الإسناد / 317 ، بسند صحيح عن الإمام الكاظم « عليهما السلام » قال : « كنت عند أبي عبد الله ( عليه السلام ) ذات يوم وأنا طفل خماسي ، إذ دخل عليه نفر من اليهود فقالوا : أنت ابن محمد نبي هذه الأمة والحجة على أهل الأرض ؟ قال لهم : نعم . قالوا : إنا نجد في التوراة أن الله تبارك وتعالى آتى إبراهيم وولده الكتاب والحكم والنبوة ، وجعل لهم الملك والإمامة ، وهكذا وجدنا ذرية الأنبياء لا تتعداهم النبوة والخلافة والوصية ، فما بالكم قد تعداكم ذلك وثبت في غيركم ، ونلقاكم مستضعفين مقهورين ، لا ترقب فيكم ذمة نبيكم ؟ ! فدمعت عينا أبي عبد الله ( عليه السلام ) ثم قال : نعم لم تزل أمناء الله مضطهدة مقهورة مقتولة بغير حق ، والظلمة غالبة ، وقليل من عباد الله الشكور .
قالوا : فإن الأنبياء وأولادهم علموا من غير تعليم ، وأوتوا العلم تلقيناً ، وكذلك ينبغي لأئمتهم وخلفائهم وأوصيائهم ، فهل أوتيتم ذلك ؟
فقال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : ادن يا موسى فدنوت فمسح يده على صدري ثم قال : اللهم أيده بنصرك بحق محمد وآله ، ثم قال : سلوه عما بدا لكم .
قالوا : وكيف نسأل طفلاً لا يفقه ؟ قلت : سلوني تفقهاً ودعوا العنت !
قالوا : أخبرنا عن الآيات التسع التي أوتيها موسى بن عمران .
قلت : العصا ، وإخراجه يده من جيبه بيضاء ، والجراد ، والقُمَّل ، والضفادع ، والدم ، ورفع الطور ، والمن والسلوى آية واحدة ، وفلق البحر .
قالوا : صدقت ، فما أعطي نبيكم من الآيات اللاتي نفت الشك عن قلوب من أرسل إليه . قلت : آيات كثيرة ، أعدها إن شاء الله ، فاسمعوا وعوا وافقهوا :
1 . أما أول ذلك : أنتم تقرون أن الجن كانوا يسترقون السمع قبل مبعثه ، فمنعت في أوان رسالته بالرجوم وانقضاض النجوم ، وبطلان الكهنة والسحرة .
2 . ومن ذلك : كلام الذئب يخبر بنبوته ، واجتماع العدو والولي على صدق لهجته وصدق أمانته ، وعدم جهله أيام طفوليته وحين أيفع وفتى وكهلاً ، لا يعرف له شِكْل ولا يوازيه مِثل .
3 . ومن ذلك : أن سيف بن ذي يزن حين ظفر بالحبشة وفد عليه وفد قريش ، فيهم عبد المطلب ، فسألهم عنه ووصف لهم صفته ، فأقروا جميعاً بأن هذه الصفة في محمد ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال : هذا أوان مبعثه ، ومستقره أرض يثرب وموته بها .
4 . ومن ذلك : أن أبرهة بن يكسوم قاد الفيلة إلى بيت الله الحرام ليهدمه قبل مبعثه فقال عبد المطلب : إن لهذا البيت رباً يمنعه ، ثم جمع أهل مكة فدعا ، وهذا بعدما أخبره سيف بن ذي يزن ، فأرسل الله تبارك وتعالى عليهم طيراً أبابيل ، ودفعهم عن مكة وأهلها .
5 . ومن ذلك : أن أبا جهل عمرو بن هشام المخزومي ، أتاه وهو نائم خلف جدار ومعه حجر يريد أن يرميه به ، فالتصق بكفه .
6 . ومن ذلك : أن أعرابياً باع ذَوْداً له من أبي جهل فمَطَله بحقه ، فأتى قريشاً وقال : أُعدوني على أبي الحكم فقد لوى حقي ، فأشاروا إلى محمد ( صلى الله عليه وآله ) وهو يصلي في الكعبة فقالوا : إئت هذا الرجل فاستعده عليه ، هم يهزؤون بالأعرابي ! فأتاه فقال له : يا عبد الله أعدني على عمرو بن هشام فقد منعني حقي . قال : نعم ، فانطلق معه فدق على أبي جهل بابه فخرج إليه متغيراً . فقال له : ما حاجتك ؟ قال : أعط الأعرابي حقه . قال : نعم . وجاء الأعرابي إلى قريش فقال : جزاكم الله خيراً ، انطلق معي الرجل الذي دللتموني عليه فأخذ حقي ! فجاء أبو جهل فقالوا : أعطيت الأعرابي حقه ؟ قال : نعم . قالوا : إنما أردنا أن نغريك بمحمد ونهزأ بالأعرابي ! قال : يا هؤلاء دق بابي فخرجت إليه فقال : أعط الأعرابي حقه ، وفوقه مثل الفحل فاتحاً فاه كأنه يريدني ، فقال : أعطه حقه ، فلو قلت : لا ، لابتلع رأسي ، فأعطيته !
7 . ومن ذلك : أن قريشاً أرسلت النضر بن الحارث وعلقمة بن أبي معيط بيثرب إلى اليهود وقالوا لهما : إذا قدمتما عليهم فسائلوهم عنه ، وسألوهم عنه فقالوا : صفوا لنا صفته فوصفوه . وقالوا : من تبعه منكم ؟ قالوا : سفلتنا . فصاح حبر منهم فقال : هذا النبي الذي نجد نعته في التوراة ، ونجد قومه أشد الناس عداوة له .
8 . ومن ذلك : أن قريشاً أرسلت سراقة بن جعشم حتى خرج إلى المدينة في طلبه ، فلحق به فقال صاحبه : هذا سراقة يا نبي الله فقال : اللهم اكفنيه ، فساخت قوائم ظهره فناداه : يا محمد خل عني بموثق أعطيكه أن لا أناصح غيرك ، وكل من عاداك لا أصالح . فقال النبي ( عليه السلام ) : اللهم إن كان صادق المقال فأطلق فرسه . فانطلق فوفى وما انثنى بعد ذلك .
9 . ومن ذلك : أن عامر بن الطفيل وأربد بن قيس أتيا النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، فقال عامر لأربد : إذا أتيناه فأنا أشاغله عنك فاعله بالسيف ، فلما دخلا عليه قال عامر : يا محمد خالَّني « أي أخلني بك - الطبري 2 / 389 » قال : لا ، حتى تقول أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله . وهو ينظر إلى أربد وأربد لا يحير شيئاً . فلما طال ذلك نهض وخرج وقال لأربد : ما كان أحد على وجه الأرض أخوف على نفسي فتكاً منك ، ولعمري لا أخافك بعد اليوم ، فقال له أربد : لا تعجل ، فإني ما هممت بما أمرتني به إلا ودخلت الرجال بيني وبينك حتى ما أبصر غيرك ، فأضربك ؟ !
10 . ومن ذلك : أن أربد بن قيس والنضر بن الحارث اجتمعا على أن يسألاه عن الغيوب فدخلا عليه ، فأقبل النبي ( صلى الله عليه وآله ) على أربد فقال : يا أربد ، أتذكر ما جئت له يوم كذا ومعك عامر بن الطفيل ؟ فأخبره بما كان فيهما فقال أربد : والله ما حضرني وعامراً أحد ، وما أخبرك بهذا إلا ملك من السماء ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنك رسول الله . « وأربد هذا أخ لبيد الشاعر » .
11 . ومن ذلك : أن نفراً من اليهود أتوه ، فقالوا لأبي الحسن جدي : استأذن لنا على ابن عمك نسأله ، فدخل علي ( عليه السلام ) فأعلمه فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : وما يريدون مني ؟ فإني عبد من عبيد الله ، لا أعلم إلا ما علمني ربي ، ثم قال : إئذن لهم ، فدخلوا عليه فقال : أتسألوني عما جئتم له أم أنبئكم ؟ قالوا : نبئنا ، قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين ، قالوا : نعم ، قال : كان غلاماً من أهل الروم ثم ملك ، وأتى مطلع الشمس ومغربها ، ثم بني السد فيها . قالوا : نشهد أن هذا كذا .
12 . ومن ذلك : أن وابصة بن معبد الأسدي أتاه فقال : لا أدعُ من البر والإثم شيئاً إلا سألته عنه ، فلما أتاه قال له بعض أصحابه : إليك يا وابصة عن رسول الله ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : أدنهْ يا وابصة ، فدنوت . فقال : أتسأل عما جئت له أو أخبرك ؟ قال : أخبرني . قال : جئت تسأل عن البر والإثم . قال : نعم . فضرب بيده على صدره ثم قال : يا وابصة ، البر ما اطمأن به الصدر ، والإثم ما تردد في الصدر وجال في القلب ، وإن أفتاك الناس وأفْتَوْك .
13 . ومن ذلك : أنه أتاه وفد عبد القيس فدخلوا عليه ، فلما أدركوا حاجتهم عنده قال : إئتوني بتمر أهلكم مما معكم ، فأتاه كل رجل منهم بنوع منه ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : هذا يسمى كذا وهذا يسمى كذا ، فقالوا : أنت أعلم بتمر أرضنا ، فوصف لهم أرضهم فقالوا : أدخلتها ؟ قال : لا ، ولكن فسح لي فنظرت إليها . فقام رجل منهم فقال : يا رسول الله ، هذا خالي وبه خبل ، فأخذ بردائه ثم قال : أخرج عدو الله ثلاثاً ثم أرسله ، فبرأ . وأتوه بشاة هرمة ، فأخذ أحد أذنيها بين أصابعه فصار ميسماً ، ثم قال : خذوها فإن هذه السمة في آذان ما تلد إلى يوم القيامة ! فهي تتوالد وتلك في آذانها ، معروفة غير مجهولة .
14 . ومن ذلك : أنه كان في سفر ، فمر على بعير قد أعيا ، وقام منزلاً على أصحابه فدعا بماء فتمضمض منه في إناء وتوضأ وقال : إفتح فاه فصب في فيه . فمر ذلك الماء على رأسه وحاركه ثم قال : اللهم احمل خلاداً وعامراً ورفيقيهما وهما صاحبا الجمل ، فركبوه وإنه ليهتز بهم أمام الخيل .
15 . ومن ذلك : أن ناقة لبعض أصحابه ضلت في سفر كانت فيه ، فقال صاحبها : لو كان نبياً لعلم أمر الناقة ، فبلغ ذلك النبي ( عليه السلام ) فقال : الغيب لا يعلمه إلا الله ، انطلق يا فلان فإن ناقتك بموضع كذا وكذا ، قد تعلق زمامها بشجرة ، فوجدها كما قال .
16 . ومن ذلك : أنه مر على بعير ساقط فتبصبص له فقال : إنه ليشكو شر ولاية أهله له يسأله أن يخرج عنهم ، فسأل عن صاحبه فأتاه فقال : بعه وأخرجه عنك ، فأناخ البعير يرغو ثم نهض وتبع النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يسألني أن أتولى أمره . فباعه من علي ( عليه السلام ) ، فلم يزل عنده إلى أيام صفين .
17 . ومن ذلك : أنه كان في مسجده ، إذ أقبل جمل نادٌّ ، حتى وضع رأسه في حجره ثم خرخر ، فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : يزعم هذا أن صاحبه يريد أن ينحره في وليمة على ابنه فجاء يستغيث . فقال رجل : يا رسول الله ، هذا لفلان وقد أراد به ذلك . فأرسل إليه وسأله أن لا ينحره ، ففعل .
18 . ومن ذلك : أنه دعا على مضر فقال : اللهم أشدد وطأتك على مضر ، واجعلها عليهم كسنين يوسف ، فأصابهم سنون ، فأتاه رجل فقال : فو الله ما أتيتك حتى لا يخطر لنا فحل ولا يتردد منا رائح . فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : اللهم دعوتك فأجبتني وسألتك فأعطيتني ، اللهم فاسقنا غيثاً مغيثاً مريئاً سريعاً طبقاً سجالاً ، عاجلاً غير ذائب نافعاً غير ضار . فما قام متى ملأ كل شئ ودام عليهم جمعة ، فأتوه فقالوا : يا رسول الله انقطعت سبلنا وأسواقنا ، فقال النبي ( عليه السلام ) : حوالينا ولا علينا فانجابت السحابة عن المدينة ، وصار فيما حولها ، وأمطروا شهراً .
19 . ومن ذلك : أنه توجه إلى الشام قبل مبعثه مع نفر من قريش ، فلما كان بحيال بحيراء الراهب نزلوا بفناء ديره ، وكان عالماً بالكتب ، وقد كان قرأ في التوراة مرور النبي ( صلى الله عليه وآله ) به وعرف أوان ذلك ، فأمر فدعى إلى طعامه ، فأقبل يطلب الصفة في القوم فلم يجدها ، فقال : هل بقي في رحالكم أحد ؟ فقالوا : غلام يتيم . فقام بحيراء الراهب فاطلع فإذا هو برسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نائم وقد أظلته سحابة ، فقال للقوم : ادعوا هذا اليتيم ، ففعلوا وبحيراء مشرف عليه وهو يسير ، والسحابة قد أظلته ، فأخبر القوم بشأنه وأنه سيبعث فيهم رسولاً ، ويكون من حاله وأمره ، فكان القوم بعد ذلك يهابونه ويجلونه ، فلما قدموا أخبروا قريشاً بذلك ، وكان عند خديجة بنت خويلد فرغبت في تزويجه وهي سيدة نساء قريش ، وقد خطبها كل صنديد ورئيس قد أبتهم ، فزوجته نفسها للذي بلغها من خبر بحيراء .
20 . ومن ذلك : أنه كان بمكة أيام ألَّبَ عليه قومه وعشائره ، فأمر علياً أن يأمر خديجة أن تتخذ له طعاماً ففعلت ، ثم أمره أن يدعو له أقرباءه من بني عبد المطلب ، فدعا أربعين رجلاً فقال : هات لهم طعاماً يا علي ، فأتاه بثريدة وطعام يأكله الثلاثة والأربعة فقدمه إليهم ، وقال : كلوا وسموا ، فسمى ولم يُسَمِّ القوم فأكلوا وصدروا شبعى . فقال أبو لهب : جاد ما سحركم محمد يطعم من طعام ثلاث رجال أربعين رجلاً ! هذا والله هو السحر الذي لا بعده ! فقال علي ( عليه السلام ) : ثم أمرني بعد أيام فاتخذت له مثله ودعوتهم بأعيانهم ، فطعموا وصدروا .
21 . ومن ذلك : أن علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) قال : دخلت السوق فابتعت لحماً بدرهم وذُرَةً بدرهم ، فأتيت به فاطمة « عليها السلام » حتى إذا فرغت من الخبز والطبخ قالت : لو دعوت أبي فأتيته وهو مضطجع وهو يقول : أعوذ بالله من الجوع ضجيعاً . فقلت له : يا رسول الله إن عندنا طعاماً ، فقام واتكأ عليَّ ومضينا نحو فاطمة « عليها السلام » ، فلما دخلنا قال : هلم طعامك يا فاطمة فقدمت إليه البَرمة والقرص ، فغطى القرص وقال : اللهم بارك لنا في طعامنا . ثم قال : أغرفي لعائشة فغرفت ، ثم قال : أغرفي لأم سلمة فغرفت ، فما زالت تغرف حتى وجهت إلى نسائه التسع قرصة قرصة ومرقاً . ثم قال : أغرفي لأبيك وبعلك ثم قال : أغرفي وكلي واهدي لجاراتك ، ففعلت ، وبقي عندهم أياماً يأكلون .
22 . ومن ذلك : أن امرأة عبد الله بن مسلَّم أتته بشاة مسمومة ، ومع النبي ( صلى الله عليه وآله ) بشر بن البراء بن عازب ، فتناول النبي ( صلى الله عليه وآله ) الذراع وتناول بشر الكراع ، فأما النبي ( عليه السلام ) فلاكها ولفظها وقال : إنها لتخبرني أنها مسمومة . وأما بشر فلاك المضغة وابتلعها فمات ، فأرسل إليها فأقرت ، وقال : ما حملك على ما فعلت ؟ قالت : قتلت زوجي وأشراف قومي فقلت : إن كان ملكاً قتلته وإن كان نبياً فسيطلعه الله تبارك وتعالى على ذلك .
23 . ومن ذلك : أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : رأيت الناس يوم الخندق يحفرون وهم خماص ، ورأيت النبي ( عليه السلام ) يحفر وبطنه خميص ، فأتيت أهلي فأخبرتها فقالت : ما عندنا إلا هذه الشاة ومحرز من ذُرَة . قال : فاخبزي ، وذبح الشاة وطبخوا شقها وشووا الباقي ، حتى إذا أدرك أتى النبي ( صلى الله عليه وآله ) فقال : يا رسول الله اتخذت طعاماً فائتني أنت ومن أحببت ، فشبك أصابعه في يده ثم نادى : ألا إن جابراً يدعوكم إلى طعامه . فأتى أهله مذعوراً خجلاً فقال لها : هي الفضيحة قد حفل بهم أجمعين . فقالت : أنت دعوتهم أم هو ؟ قال : هو . قالت : فهو أعلم بهم . فلما رآنا أمر بالأنطاع فبُسطت على الشوارع ، وأمره أن يجمع التواري يعني قصاعاً كانت من خشب ، والجفان ، ثم قال : ما عندكم من الطعام ؟ فأعلمته ، فقال : غطوا السدانة والبرمة والتنور ، واغرفوا ، وأخرجوا الخبز واللحم وغطوا ! فما زالوا يغرفون وينقلون ولا يرونه ينقص شيئاً حتى شبع القوم ، وهم ثلاثة آلاف ! ثم أكل جابر وأهله ، وأهدوا وبقي عندهم أياماً .
24 . ومن ذلك : أن سعد بن عبادة الأنصاري أتاه عشية وهو صائم فدعاه إلى طعامه ، ودعا معه علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فلما أكلوا قال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : نبي ووصي ، يا سعد أكل طعامك الأبرار ، وأفطر عندك الصائمون ، وصلت عليكم الملائكة . فحمله سعد على حمار قطوف وألقى عليه قطيفة ، فرجع الحمار وإنه لهملاج ما يسايَر .
25 . ومن ذلك : أنه أقبل من الحديبية وفي الطريق ماء يخرج من وشل بقدر ما يروي الراكب والراكبين ، فقال : من سبقنا إلى الماء فلا يستقين منه . فلما انتهى إليه دعا بقدح فتمضمض فيه ثم صبه في الماء ففاض الماء ، فشربوا وملؤوا أدواتهم ومياضيهم وتوضؤوا . فقال النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لئن بقيتم أو بقي منكم ، ليتسعن بهذا الوادي بسقي ما بين يديه من كثرة مائه ، فوجدوا ذلك كما قال ( صلى الله عليه وآله ) .
26 . ومن ذلك : إخباره عن الغيوب وما كان وما يكون ، فوجد ذلك موافقاً لما يقول . ومن ذلك أنه أخبر صبيحة الليلة التي أسري به بما رأى في سفره ، فأنكر ذلك بعض وصدقه بعض ، فأخبرهم بما رأى من المارة والممتارة ، وهيآتهم ومنازلهم وما معهم من الأمتعة ، وأنه رأى عيراً أمامها بعير أوْرَق ، وأنه يطلع يوم كذا من العقبة مع طلوع الشمس ! فغدوا يطلبون تكذيبه للوقت الذي وقته لهم ، فلما كانوا هناك طلعت الشمس فقال بعضهم : كذب الساحر ، وأبصر آخرون بالعير قد أقبلت يقدمها الأورق ، فقالوا : صدق ، هذه نِعَمٌ قد أقبلت !
27 . ومن ذلك : أنه أقبل من تبوك فجهدوا عطشاً ، وبادر الناس إليه يقولون : الماء الماء يا رسول الله . فقال لأبي هريرة : هل معك من الماء شئ ؟ قال : كقدر قدح في ميضاتي ، قال : هلم ميضاتك فصب ما فيه في قدح ودعا وأوعاه ، وقال : ناد : من أراد الماء ! فأقبلوا يقولون : الماء يا رسول الله . فما زال يسكب وأبو هريرة يسقي حتى روي القوم أجمعون ، وملؤوا ما معهم ، ثم قال لأبي هريرة : إشرب ، فقال : بل آخركم شرباً ، فشرب رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
28 . ومن ذلك : أن أخت عبد الله بن رواحة الأنصاري مرَّت به أيام حفرهم الخندق فقال لها : إلى أين تريدين ؟ قالت : إلى عبد الله بهذه التمرات ، فقال : هاتيهن ، فنثرت في كفه ، ثم دعا بالأنطاع وفرقها عليها وغطاها بالأزُر ، وقام وصلى ، ففاض التمر على الأنطاع ثم نادى : هلموا وكلوا . فأكلوا وشبعوا ، وحملوا معهم ، ودفع ما بقي إليها !
29 . ومن ذلك : أنه كان في سفر فأجهدوا جوعاً فقال : من كان معه زاد فليأتنا به . فأتاه نفر منهم بمقدار صاع ، فدعا بالأزر والأنطاع ، ثم صفف التمر عليها ، ودعا ربه فأكثر الله ذلك التمر ، حتى كان أزوادهم إلى المدينة !
30 . ومن ذلك : أنه أقبل من بعض أسفاره فأتاه قوم فقالوا : يا رسول الله ، إن لنا بئراً إذا كان القيظ اجتمعنا عليها ، وإذا كان الشتاء تفرقنا على مياه حولنا ، وقد صار من حولنا عدواً لنا فادع الله في بئرنا ، فتفل ( صلى الله عليه وآله ) في بئرهم ففاضت المياه المغيبة فكانوا لا يقدرون أن ينظروا إلى قعرها بعدُ ، من كثرة مائها . فبلغ ذلك مسيلمة الكذاب فحاول ذلك في قليب قليل ماؤه ، فتفل الأنكد في القليب ، فغار ماؤه وصار كالجبوب !
31 . ومن ذلك : أن سراقة بن جعشم حين وجهه قريش في طلبه ، ناوله نبلاً من كنانته وقال له : ستمر برعاتي فإذا وصلت إليهم فهذا علامتي ، أطعم عندهم واشرب ، فلما انتهى إليهم أتوه بعنز حائل فمسح ( صلى الله عليه وآله ) ضرعها فصارت حاملاً ودرت ، حتى ملؤوا الإناء وارتووا ارتواءً !
32 . ومن ذلك : أنه نزل بأم شريك فأتته بعكة فيها سمن يسير ، فأكل هو وأصحابه ثم دعا لها بالبركة ، فلم تزل العكة تصب سمناً أيام حياتها !
33 . ومن ذلك : أن أم جميل امرأة أبي لهب أتته حين نزلت سورة « تبَّت » ومع النبي أبو بكر بن أبي قحافة ، فقال : يا رسول الله ، هذه أم جميل مُحْفَظَة أي مُغضبة تريدك ، ومعها حجر تريد أن ترميك به . فقال : إنها لا تراني . فقالت لأبي بكر : أين صاحبك ؟ قال : حيث شاء الله . قالت : لقد جئته ولو أراه لرميته ، فإنه هجاني واللات والعزى إني لشاعرة ! فقال أبو بكر : يا رسول الله لم تَرَك ؟ قال : لا ، ضرب الله بيني وبينها حجاباً .
34 . ومن ذلك : كتابه المهيمن الباهر لعقول الناظرين [ القرآن الكريم ] مع ما أعطي من الخلال التي إن ذكرناها لطالت .
فقالت اليهود : وكيف لنا أن نعلم أن هذا كما وصفت ؟ فقال لهم موسى ( عليه السلام ) : وكيف لنا أن نعلم أن ما تذكرون من آيات موسى على ما تصفون ؟
قالوا : علمنا ذلك بنقل البررة الصادقين . قال لهم : فاعلموا صدق ما أنبأتكم به ، بخبر طفل لقنه الله من غير تلقين ، ولا معرفة عن الناقلين . فقالوا : نشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمداً رسول الله ، وأنكم الأئمة القادة والحجج من عند الله على خلقه . فوثب أبو عبد الله ( عليه السلام ) فقبل بين عينيَّ ثم قال : أنت القائم من بعدي ، فلهذا قالت الواقفة ، إنه حي وإنه القائم . ثم كساهم أبو عبد الله ( عليه السلام ) ووهب لهم وانصرفوا مسلمين » . انتهى .
أسماء النبي ( ( صلى الله عليه وآله ) ) وألقابه
قال ابن شهرآشوب في المناقب : 1 / 131 : « وأسماؤه في الأخبار : العاقب ، وهو الذي يعقب الأنبياء . الماحي ، الذي يمحى به الكفر ، ويقال تمحى به سيئات من اتبعه ، ويقال الذي لا يكون بعده أحد . الحاشر ، الذي يحشر الناس على قدميه . والمقفى ، الذي قفى النبيين جماعة . الموقف ، يوقف الناس بين يدي الله . القثم وهو الكامل الجامع . ومنه : الناشر ، والناصح ، والوفي ، والمطاع ، والنجي ، والمأمون ، والحنيف ، والحبيب ، والطيب ، والسيد ، والمقترب ، والدافع ، والشافع ، والمشفع ، والحامد ، والمحمود ، والموجه والمتوكل ، والغيث .
وفي التوراة : ميذميذاي : غفور رحيم ، وقيل ميد ميداي : محمد ، وقيل مود مود .
وفي حكاية أن اسمه فيها مرقوفا ، أي المحمود .
وفي الزبور : قليطا مثل أبي القاسم فقالوا بلقيطا ، وقالوا فاروق وقالوا محياثا .
وفي الإنجيل : طاب طاب أحمد ، ويقال يعني طيب طيب . وفي كتاب شعيا : نور الأمم ، ركن المتواضعين ، رسول التوبة ، رسول البلاء . وفي الصحف : بلقيطا ، وفي صحف شيث : طاليثا ، وفي صحف إدريس : بهيائيل ، وفي صحف إبراهيم : مود مود . وفي السماء الدنيا : المجتبى ، وفي الثانية : المرتضى ، وفي الثالثة : المزكى ، وفي الرابعة : المصطفى ، وفي الخامسة : المنتجب ، وفي السادسة : المطهر والمجتبى ، وفي السابعة : المقرب والحبيب » .
|
|
دخلت غرفة فنسيت ماذا تريد من داخلها.. خبير يفسر الحالة
|
|
|
|
|
ثورة طبية.. ابتكار أصغر جهاز لتنظيم ضربات القلب في العالم
|
|
|
|
|
سماحة السيد الصافي يؤكد ضرورة تعريف المجتمعات بأهمية مبادئ أهل البيت (عليهم السلام) في إيجاد حلول للمشاكل الاجتماعية
|
|
|