أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-11-11
117
التاريخ: 29-12-2015
2046
التاريخ: 16-9-2019
1991
التاريخ: 2024-09-28
250
|
منذ أقدم العصور كان الزارع والراعي يخضعان خضوعا تاما الرحمة الظروف المناخية ، ولايزال هذا هو حالهما في الوقت الحاضر ، إذ أن المناخ هو المتحكم الأول في توزيع الحياة النباتية والحيوانية في العالم ، فلا يمكن مثلا أن تنجح زراعة غلة مثل القمح على نطاق واسع في الأقاليم الاستوائية ذات الأمطار الغزيرة طول العام ، أو أن تنتشر زراعة الكاكاو أو المطاط في الأقاليم الباردة ، فلكل نبات ظروفه المناخية التي تلائمه والتي لا يجود إلا فيها ، وهكذا تحددت مناطق الانتاج الزراعى سواء في ذلك إنتاج المواد الغذائية أو انتاج المواد الأولية اللازمة للصناعة ، وتحددت تبعا لذلك طرق التجارة ومناطق الإنتاج والاستهلاك.
ويتحكم المناخ فضلا عن ذلك فى نظام الزراعة في المنطقة الواحدة فهو الذي يفرض على الزراع أن يتبعوا نظما خاصة في توزيع محصولاتهم على فصول السنة ، ومن الطبيعى أن يكون تحكم المناخ في الإنتاج الزراعي أقوى في الأقاليم التي تعتمد الزراعة فيها على المطر منه في الأقاليم التي تقوم الزراعة فيها على الرى ، فكثيرا ما يؤدى نقص الأمطار في سنة من السنين إلى فشل الزراعة أو فقر المرعى مما يترتب عليه حدوث مجاعات خطيرة ، كما يحدث كثيرا في بعض مناطق استراليا والهند وشمال إفريقية وغيرها من المناطق التي تتغير كمية الأمطار التي تسقط فيها تغيرا كبيرا من سنة إلى أخرى ، وقد يحدث العكس تماما في بعض الأحيان فتزداد الأمطار بدرجة يتلف معها الزرع ويتعذر الحصاد فيهبط المحصول هبوطا كبيرا ، كما يحدث كثيرا في مناطق زراعة القمح بغرب أوروبا ، فالقمح يعتبر من النساتات التي تحتاح لكي يتم نضجها إلى فترة جفاف قبل الحصاد وإلا فسد المحصول وقل الإنتاج .
ولان كان الإنسان قد عجز عن أن يعدل الظروف المناخية على حسب استطاع رغباته ، فإنه لم يعجز تماما عن أن يتحايل عليها بوسائله الخاصة ، فقد است مثلا أن ينقل زراعة غلة . من الغلات ، ولو على نطاق ضيق ، إلى مناطق لم تكن تصلح لها من قبل ، وذلك باستنبات فصائل وأنواع جديدة تكون أقدر على تحمل بعض الظروف المناخية التي تتحملها الفصائل والأنواع الأصلية ، فقد أمكن مثلا استنبات فصائل كثيرة من الذرة يصلح كل مها لنوع معين من أنواع المناخ ، ومن هذه الفصائل مايصل ارتفاع نباته إلى ستة أمتار ويحتاج تنموه ونضجه إلى مابين عشرة أشهر وأحد عشر شهراً ، وهذه الفصائل هي التي يمكن زراعتها في المناطق الحارة ، التي لا ينخفض متوسط درجة الحرارة فيها في أي شهر من شهور السنة انخفاضا يضر النبات أو يوقف نموه ، وإلى جانب ذلك استنبتت أنواع من الذرة لايكاد يصل ارتفاعها إلى ثلاثة أرباع المتر ، ولا تحتاج لنموها إلى أكثر من ثلاثة أشهر ، ومثل هذه الأنواع تزرع غالبا في المناطق الباردة نسبيا حيث يكون الفصل الدافىء الذي يستطيع النبات أن ينمو خلاله قصيرا ، كما هي الحال في بعض مناطق وسط أوروبا وأمريكا الشمالية
ومن أنواع الذرة أيضا نوع يزرعه الهنود الحمر منذ زمن طويل في جنوب غرب أمريكا الشمالية ، وهذا النوع لايحتاج إلا إلى كميات قليلة جدا من الماء ، ولهذا فإنه يمكن أن يجود في المناطق التي لا تكفى موارد المياه فيها لزراعة الأنواع الأخرى من الذرة ، وتغرس بذور هذا النوع عادة في التربة على عمق لا يقل عن قدم واحد من سطح الأرض ، وذلك حتى يمكنها أن تستفيد من الرطوبة الموجودة في الأجزاء السفلى من التربة ، ويا حبذا لو جربت زراعته في بعض المناطق شبه الصحراوية فى الوطن العربي ، كما هي الحال في المناطق الساحلية من شمال الصحراء الغربية وشمال شبه جزيرة سيناء في جمهورية مصرالعربية .
وماقيل عن الذرة يمكن أن يقال كذلك الغلات الأخرى التي كثير من عن يعظم الطلب عليها في جميع أنحاء العالم إما لقيمتها كمادة غذائية كما هي الحال في القمح والأرز ، أو لأهميتها كمادة أولية لازمة للصناعة ، كما هي الحال في القطن ، فجميع هذه الغلات قد أمكن التوسع في زراعتها بحيث أصبحت تنتشر في مناطق كان المعتقد من قبل أن أحوالها المناخية لا تصلح لها ويظهر أثر المناخ ومقدار ما يبذله الإنسان من مجهود للتحايل عليه بصورة أوضح في حالة إنتاج الخضروات الغذائية مثل الطماطم والمقائى . فعلى الرغم أن هذه النباتات تعتبر حساسة جدا للتغيرات الجوية ، فقد أصبح من الممكن زراعتها في الوقت الحاضر في جميع أنحاء العالم تقريبا، ولو على نطاق ضيق ، ويبذل مجهودات كبيرة واتباع وسائل خاصة ، فالى جانب استنبات أنواع وفصائل لها قدرة على تحمل صنوف مختلفة من المناخ أمكن إنتاج بعض هذه الخضروات في ظروف جوية صناعية ، وذلك بزراعتها في بيوت من الزجاج يمكن التحكم في درجة الحرارة داخلها ، ولهذا فليس من المستغرب أن تزرع الطماطم مثلا فى كثير من الأقاليم المدارية وأن تزرع في نفس الوقت في بريطانيا، وغيرها من دول غرب أوروبا ، والفارق الرئيسي هو أنه بينما يضطر الزراع في الاقاليم المدارية أحيانا لزراعة النبات في ظل بعض الأشجار ، أو تغطية شجيراته بطرق خاصة لحمايتها من أشعة الشمس القوية ، فان الزارع الأوروبى قد يضطر لوضع هذه الشجيرات في بيوت من الزجاج يمكن أن تنفذ منها أشعة الشمس فيظل الجو بداخلها دافتا ، ويحدث ذلك عادة في الفصل الذي يكثر فيه ظهور الصقيع . أو تنخفض أثناءه درجة الحرارة بصورة تؤذى النبات ، وكثيرا ماتوقد النيران في بساتين الفواكه لنفس الغرض .
ولان كان المناخ يؤثر تأثيرا مباشرا على توزيع المحاصيل الزراعية فيجب ألا يخفى علينا انه كذلك عامل أساسي في تكوين التربة التي تعتبر مع المياه العذبة حتى الأساس الأول لوجود الإنسان وبقائه ، فلولا وجود التربة الصالحة للزراعة أو لظهور الحياة النباتية الطبيعية وما يعيش فيها أو عليها من حياة حيوانية لما استطاع الإنسان أن يبقى وينتشر على سطح الأرض ، كما أن النباتات الطبيعية نفيسها وتباين أنواعها وتوزيعها ليست الا أثرا من آثار الظروف المناخية وتباينها من مكان إلى آخر ويكفي أن تذكر أن الرخاء الذى تتمتع به بعض أقاليم العالم والمجاعات التي قد تتعرض لها أقاليم أخرى والأمراض التي تصيب المحاصيل المختلفة من وقت إلى آخر ومن مكان إلى آخر ليست كلها إلا مظاهر مترتبة على المناخ والطقس المناخ .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Gove Hambidge, US Department of Agriculture Year-book 1941« Climate and Man - P 31
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
المجمع العلمي للقرآن الكريم يقيم جلسة حوارية لطلبة جامعة الكوفة
|
|
|