المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



الولد والمجتمع / مشاكل الحياة وطريق معالجتها  
  
297   12:56 صباحاً   التاريخ: 2024-09-02
المؤلف : محمد جواد المروجي الطبسي
الكتاب أو المصدر : حقوق الأولاد في مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)
الجزء والصفحة : ص172ــ174
القسم : الاسرة و المجتمع / الحياة الاسرية / مشاكل و حلول /

إنه ومنذ أن وضع الإنسان قدميه على وجه البسيطة وعرف نفسه كثيراً مـا كـان يواجه المشاكل والمصاعب في الحياة، فتارةً يتغلب عليها، وأخرى: تغلبه، فمتى كان صبوراً ومثابراً مجداً استطاع الوصول إلى ما يبغيه ويهدف إليه، وينجح في ذلك.

إن للآباء والأمهات تجارباً كثيرة في الحياة، فقد تحمّلوا سنوات طويلة من عمرهم عبء المشاكل، وذاقوا طعم المصاعب، فهم يفهمون معنى المد والجزر في الحياة. ومن أجل ذلك فإنّ من واجبهم نقل تجاربهم إلى أبنائهم وتعريفهم إياها، وكذا إيقافهم على ما سيواجهونه من مشاكل في المستقبل، وبذلك سوف يخرجون أبناءهم عن الخمول والنعومة، ويضطرونهم للنزول إلى ميدان الحياة، وحينئذٍ لو واجهوا مشاكل قد تفاجأ بهم لا يخسرون أنفسهم ولا يهرعون منها، بل يشدّون أحزم الثقة والهمة، ويقفون بوجهها كالجبل الأشم، لأنّ بأيديهم حصيلة تجارب أبائهم التي هي كالحربة بأيديهم، ولهم استعداد مسبق لمواجهة مثل تلك المشاكل على خلاف غيرهم من الأطفال الذين تربوا في نعومة ورخاء حيث لا معرفة لهم بمشاكل وصعوبات الحياة، ولذا فإنّهم وبأدنى مواجهة للمشاكل يخسرون أنفسهم، ويفقدون الثقة بها، ويشعرون بالهزيمة، وقد وردت الإشارة في بعض الروايات إلى ضرورة توبيخ الأطفال في سن الطفولة ليكونوا صابرين حلماء، فقد ورد في حديث عن أبي الحسن الكاظم (عليه السلام) أنه قال: ((يستحبّ غرامة الغلام في صغره ليكون حليماً في كبره))(1).

الثقة بالله والدعاء

إن الطريق الوحيد الذي يمكن للإنسان سلوكه في حل المشاكل وتحمّل الشدائد والمصائب والابتلاءات هو التوكل على الله، والثقة به، والتوسل، والدعاء إليه، فإنّ بيده كل شيء، وأن مشاكل الإنسان لا شيء قبال قدرته وعظمته، فإنه لو اعتمدنا عليه وجعلناه وكيلنا في ذلك سوف تُشعِر لا إرادياً بزوال تلك المشاكل عن عواتقنا، ذلك أن: {مَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ}.

إن الإنسان لو أعرضت عنه الدنيا بأسرها وكان متوكلاً على الله تعالى لم يضره ذلك شيئاً، فإنّ الذين توكلوا على الله وجعلوه حسبهم ليسوا بالقليلين، وهؤلاء هم الذين صاروا بثقتهم بالله أسوة البشريّة، فهذا إبراهيم الخليل (عليه السلام) الذي صنع له نمرود أكواراً من الحطب، وألقى فيه فتيل النار يريد بذلك إحراقه لكنه توكل على الله، ولجأ إليه، فصارت النار عليه برداً وسلاماً، وبذلك أثبت للجميع بأنّ الله تعالى هو المدافع الوحيد عنه، والمنجي له من أعدائه، وأنه غير محتاج بتوكله عليه إلى من سواه.

وإليك نموذجاً آخر يوسف (عليه السلام) الذي ألقاه إخوته في البئر وهو غلام وقد انقطع رجاءه من كلّ شيء سوى الله الذي أنجاه من ظلمة البئر، وجعله أميناً على خـزائــن مصر، وهناك نماذج أخرى كثيرة تعرّضت الروايات لذكرها كإسماعيل (عليه السلام).

حوار بين إبراهيم وإسماعيل (عليهما السلام)

روي أن إبراهيم (عليه السلام) قال لإسماعيل (عليه السلام) في حال الذبح: أدعُ أنتَ بالفرج، لأنك المضطر {أَمَّنْ يُجِيبُ المُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ..} فلمّا رأى الكبش خَرجَ ليأخُذَه، فلما رجع رأى يدي إسماعيل مطلقتين، قال: ومن أطلقك؟ قال: رجل من صفته كذا، قال: هو جبرئيل، وهل قال لك؟ قال: نعم، قال لي: أدعُ الله فدعوتُك الآن مستجابة، قال إبراهيم: وأي شيء دعوت؟ قال: قلتُ: اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، قال: يا بني، إنك لموفق(2).

إن إسماعيل في تسليمه لأبيه ورضاه بحكم الله تعالى كان قد توكل على الله تعالى في ذلك الوقت الحرج الذي يظهر فيه أنه قد انقطعت السبل به سوى التوكل على الله تعالى، فإنّ الله لا يكل العبد الذي لجأ إليه - خصوصاً في الظروف الحرجة ـ إلى نفسه أو لا ينصره.

وقد ورد استحباب الإكثار من قول: ((يا رؤوف يا رحيم)) في الشدائد، فعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال: ((رأيت أبي في المنام، فقال: يا بني، إذا كنت في شدة فأكثر من أن تقول: يا رؤوف یا رحیم))(3).

القنوط من استجابة الدعاء

قال أمير المؤمنين (عليه السلام) في رسالته إلى ولده الحسن (عليه السلام): ((ثم جَعَل بيدك مفاتيح خزائنه، فألحح في المسألة يفتح لك باب الرحمة بما أذن لك فيه من مسألته، فمتى شئت استفتحت بالدعاء أبواب خزائنه، فألحح عليه، ولا يقنطك إن أبطأت عنك الإجابة، فإنّ العطية قدر المسألة، وربما أُخرت عنك الإجابة ليكون أطول للمسألة وأجزل للعطية، وربّما سألت الشيء فلم تؤته وأُوتيت خيراً منه عاجلاً أو آجلاً، أو صُرِف عنك لما هو خير لك، فلرب أمر قد طلبته فيه هلاك دينك لو أوتيته....)).

وعن أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قال: ((قال لقمان: يا بني، ولا تضجرن بطلب حاجة، فإن قضاءها بيد الله، ولها أوقات، ولكن ارغب إلى الله، وسله، وحرّك إليه أصابعك))(4).

_______________________________

(1) وسائل الشيعة، ج 15، ص 198.

(2) مستدرك الوسائل، ج 5، ص 247.

(3) بحار الأنوار، ج 93، ص 272.

(4) نفس المصدر، ج 13، ص 420. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.