المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
مسائل في دلوك الشمس ووقت الزوال
2024-11-02
{آمنوا وجه النهار واكفروا آخره}
2024-11-02
{يا اهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله وانتم تشهدون}
2024-11-02
تطهير الثوب والبدن والأرض
2024-11-02
{ودت طائفة من اهل الكتاب لو يضلونكم}
2024-11-02
الرياح في الوطن العربي
2024-11-02



تعريف الالتزام بالإعلام قبل التعاقد  
  
423   02:08 صباحاً   التاريخ: 2024-08-11
المؤلف : فرح عباس جاسم الرفاعي
الكتاب أو المصدر : الوقاية من الضرر في العقد
الجزء والصفحة : ص 85-94
القسم : القانون / القانون الخاص / القانون المدني /

لم تنل دراسة الالتزام بالإعلام قبل التعاقد حظها من الرعاية والاهتمام إلا منذ وقت قريب، ولدى تعاظم الحاجة لتحقيق قدر من الحماية للمتعاقد بصورة جدية وموضوعية في مواجهة الأخطار التي تنشأ في ظل المتغيرات الاقتصادية والتحولات الاجتماعية والتطورات العلمية والتكنولوجية الحديثة، ولاسيما جوانب الحماية المتعلقة بإرادة المتعاقد لدى إقباله على التعاقد وخاصة في المدة قبل التعاقد، وفي هذه الأهمية البالغة هكذا التزام (1) ، فقد كانت الريادة في تطوير هكذا التزام ترجع إلى القضاء الفرنسي الذي قدم أحكامًا جريئة فيما عُرض عليه من منازعات، وسانده في ذلك فقها متطوراً، ونتيجة لقصور النصوص عن توفير الحماية المنشودة في التطبيق، والسبب في ذلك يعود الى إن تلك النصوص قد وضعت في غير الزمان الذي تطورت فيه معطيات الواقع(2)، لهذا لابد من ذكر الآراء بخصوص تعريفه وبيان خصائصه كآلية وقائية لدرء الضرر قبل العقد وعلى النحو الآتي:
أولا: تعريف الالتزام بالإعلام قبل التعاقد
اختلفت تعريفات الفقهاء بالنسبة للالتزام بالإعلام كوقاية من الضرر، وحسب منظور كل منهم، فقد عرفه البعض بأنه: (( التزام سابق على التعاقد يتعلق بالتزام أحد المتعاقدين، بأن يقدم للمتعاقد الآخر عند تكوين العقد البيانات اللازمة لإيجاد رضا سليم كامل متنور على علم بكافة تفاصيل هذا العقد، وذلك بسبب ظروف واعتبارات معينة قد ترجع إلى طبيعة هذا العقد أو صفة أحد طرفيه أو طبيعة محله أو أي اعتبار آخر يجعل من المستحيل على أحدهما، إن يلم ببيانات معينة أو يحتم عليه منح ثقة مشروعة للطرف الآخر، الذي يلتزم بناء على هذه الاعتبارات بالتزام بالإدلاء بالبيانات))(3)، كما عُرف بأنه: (( نوع من الوقاية من عيوب الرضا ويمكن بالتالي إلى توسيع عيوب الرضا)) (4) وعرفه بعض آخر على إنّه: (( تنبيه أو إعلام طالب التعاقد بمعلومات من شأنها إلقاء الضوء على واقعة ما أو عنصر من عناصر التعاقد المزمع حتى يكون الطالب على بينه من أمره بحيث يتخذ قراره الذي يراه مناسبًا على ضوء حاجته وهدفه من إبرام العقد))(5)، وأيضا عرف على إنّه: (( تزويد المتعاقد بالعقود الرضائية بالمعلومات الضرورية التي تسمح له باتخاذ قراره النهائي بالموافقة أو رفض التعاقد بإرادة حرة مستنيرة))(6).
وبعد بيان آراء الفقهاء لتعريف الالتزام بالإعلام فقد عرفوه من ألفاظ مختلفة، لكن المعنى الذي يصبو اليه الالتزام هو وقاية للمتعاقد من أي شائبة قد تشوب إرادته، سواء عن طريق تنبيه المتعاقد، أو تزويده بالمعلومات الخاصة بالعقد، وكذلك أن الالتزام بالوقاية لا تتحدد بعقد معين، فبعد التطورات الحاصلة في المجتمع قد تطورت كذلك أنواع العقود وبالتالي فلابد من بيان التزامات جديدة تراعي هذا التطور، ولهذا تتوصل الباحثة إلى أن الالتزام بالإعلام هو: (( وقاية قانونية تسبق المدة السابقة على العقد، يلتزم من خلاله المدين بإعلام الدائن إعلامًا صادقًا وافيًا بخصوص العقد، ليتوقى من كل الأضرار التي قد تلحق بالتعاقد)).
وأما موقف المشرع العراقي فإنّه يخلو من نص ينظم المدة قبل التعاقد، أي مرحلة المفاوضات بشكل عام، والالتزام بالإعلام بشكل خاص أي تخلو هذه المدة من وسائل وقائية تقي المقبل على التعاقد من الضرر، لذلك ينبغي الرجوع إلى القواعد العامة في نظرية الغلط، ولا سيما المادة (119) من القانون المدني العراقي والتي تنص: (( لا يجوز للمتعاقد الذي وقع في غلط أن يتمسك به إلا إذا كان المتعاقد الآخر قد وقع في نفس الغلط أو كان على علم به أو كان من السهل عليه أن يتبين وجوده )) فعلى وفق هذه المادة ولأجل التمسك بالغلط أن يكون مشترك بين الطرفين أو يكون الطرف الذي لم يقع في الغلط على علم به، أو كان في وسعه أن يعلم ففي الحالتين يكون الغلط فرديا وكان الطرف الآخر على علم به فليس له أن يتذمر من التمسك بإبطال العقد فهو سيء النية، إذ كان على علم بان الطرف الآخر قد وقع في الغلط ولم يوجه نظره اليه، فهو مقصر في عدم إدراك انه يتفاوض مع طرف آخر واقع في الغلط (7)، على اعتبار اتصال هكذا التزام بسلامة الرضا فعيوب الإرادة شأنها شأن الالتزام بأعلام قبل التعاقد فأن نطاقهما يكون في الفترة السابقة على إبرام العقد، فأنه يلزم لانعقاد القعد وجود رضاً مستنير، ولن يكون ذلك إلا إذا تحقق المتعاقد خلال هذه المرحلة إمكانية الالمام بالعقد المزمع إبرامه (8)، وهذا النص مماثل لما جاءت به التشريعات المقارنة (9)، والتي تشترط في الغلط الذي يعيب الإرادة داخلا في نطاق التعاقد، أي إن الطرف الآخر يكون واقع في نفس الغلط أو على علم به، أو من السهل أن يتبينه، ويذهب جانب من الفقه المصري إلى إن المشرع المصري قد نص على الالتزام بالإعلام ولو بصورة ضمنية عندما نص في المادة (125/2) إن السكوت العمدي عن واقعة يعتبر تدليسًا، وهو ما أعده هذا الجانب إقرار من قبل المشرع لفكرة الالتزام بالإعلام سواء في مرحلة تكوين العقد أو في مرحلة تنفيذه (10). أما القانون المدني الفرنسي لسنة 1804 ، فإنه لم يعالج الالتزام بالإعلام بنص خاص، ولكن الفقه والقضاء في فرنسا متفق على وجود التزام سابق على التعاقد (11).
لكن القضاء الفرنسي أقر في آخر مراحل تطوره بوجود التزام عام بالمصارحة والشفافية في التفاوض، وقد أيده في ذلك الفقه الفرنسي الحديث، وبديهي إن مضمون البيانات والمعلومات التي يجب الإفضاء أثناء التفاوض، يختلف باختلاف الشيء الذي يرد عليه العقد المتفاوض عليه (12).
وقد أكدت محكمة النقض الفرنسية على وجود الالتزام بالإعلام في جانب البائع، حيث نقضت حكم المحكمة الاستئناف قد صدر ضد بائع مجوهرات كان يطلب فيه فسخ عقد البيع لنظام امن ضد السرقة لكونه غير متفق مع الشروط المفروضة في كراسة الشروط المفروضة في كراسة الشروط المفروضة من جانب شركة التامين و أكدت في هذا الحكم على وجود التزام بالإعلام والنصح في جانب البائع ولاسيما انه متخصص في مجال أجهزة الإنذار (13).
وفي ظل تحقيق الحماية القانونية والتي يكون لها دور فعال في الفترة قبل التعاقدية ودور الالتزام بالإعلام كدور يقي المراكز القانونية من عوامل الانهيار فقد أشار المشرع الفرنسي في القانون المدني الفرنسي المعدل لسنة 2016 إلى الالتزام بالإعلام، وبيان حدوده، وعبئ إثباته(14)، وبذلك أصبح التزاما قانونيا بنص القانون (15) ، واعتبارها تقنية أساسية وفعالة لتحقيق التوازن الذي يمكن من خلاله للطرف الضعيف من الوقوف على ملائمة العقد لمصالحه(16).
فتدخل المشرع لحماية المتعاقد من خلال فرض التزامات على عاتق المدين بها، من شأنه تنوير رضاء المتعاقد، وتوفير حماية وقائية من التلاعبات والحيل التي قد يلجأ بها الدائن بها ومتى ما أخل بها عن طريق تقديم معلومات كاذبة أو ناقصة، يحق للمتعاقد رفع دعوى الإبطال، على أساس المساس بالنظام التشريعي الوقائي (17) ، لذلك نوصي المشرع العراقي أن ينظم هكذا التزام وقائي يحافظ على مصلحة المتعاقدين، وينور إرادتهم فيما يخدم مصالحهم، إسوة مع ما اتجه إلى المشرع الفرنسي في تعديله للقانون المدني الفرنسي، ونقترح نص يبين هكذا التزام على إنه : (( يجب على المتعاقد إعلام المتعاقد الآخر بكل ما يخص العقد ابتداء من مرحلة المفاوضات وانتهاء بمرحلة التنفيذ)).
كونه وسيلة قانونية وقائية تهدف إلى الحد من السرعة التي تجري بالمعاملات على نحو يستطيع معه المتعاقد من إعمال التدبر والتأني لدى أبرام العقد، بما يتضمن منحه فرصة كافية للاطلاع على العقد ودراسة شروطه وإزالة غموض بنوده(18). والوقاية من أضراره.
ثانيا: خصائص الالتزام بالإعلام قبل التعاقد
بوصف إن الالتزام بالإعلام قبل التعاقد إحدى الوسائل الوقائية، لابد من توفر عدة خصائص به تجعله يتمتع بالوقائية في العقود، وهذا ما نتطرق إليه في هذا البند وعلى النحو الآتي:
1- تحوط الالتزام بالإعلام قبل التعاقد
ليس ثمة شك في إن الالتزام بالوقاية عن طريق الإعلام قبل التعاقد في مجال التعامل، والتزام المدينين به، من شأنه أن يحفظ العقود من عوامل الانهيار ودواعي الإبطال بعد قيامها، لهذا فقد أشار رأي في الفقه الفرنسي إلى الدور الوقائي الذي يلعبه هذا الالتزام في مجال العقود بقوله إن أداء المدين لالتزامه بالإعلام قبل التعاقد من شأنه إن يؤدي إلى تفادي الحكم بإبطال العقد للغلط أو التدليس، حيث يترتب على احترامه ومراعاته، تنوير رضاء الطرف الآخر فيضحى رضاء حرا مستنيرا، وبالتالي فقد بات وفاء المدين بهذا الالتزام عنصرًا جوهريا في رضاء الدائن بالعقد وفي مدى صحته ونزاهته(19).
ويذهب رأي في الفقه إن شرط العلم بالمبيع شرط مستقل لصحة رضاء المشتري، ويرجع إلى هذا الرأي الفضل في تنبيه الأذهان إلى إن المشرع أراد في ذلك إضفاء قدرًا أكبر من الحماية على رضاء المشتري يتجاوز القدر الذي تكفله القواعد العامة، فالمشتري لاشك انه الطرف الضعيف في علاقات البيع مثلا، بصفة خاصة في المرحلة الحالية التي تتسم فيها ظروف التعاقد على البيع بانعدام المساواة بين البائع والمشتري سواء المساواة الاقتصادية أو المساواة الفنية أي في مواجهة المعلومات، فالبائع أصبح بائعا محترفًا أو مهنيا يعلم دقائق السلعة التي يعرضها للبيع بينما المشتري مجرد مستهلك لهذه السلعة يجهل خصائصها ومكوناتها، ومن هنا تبدوا أهمية القول بتجاوز الحماية التقليدية لرضاء المشتري عن طريق عيوب الرضا المعروفة واشتراط علمه بالمبيع لضمان سلامة الرضاء الصادر منه وجعله أكثر تنويرا، وهذا في الواقع يتفق مع الاتجاهات الحديثة في القضاء والتشريع المقارن والتي تسعى إلى مواجهة انعدام المساواة المشار إليها خارج النطاق التقليدي لعيوب الرضا كوسيلة تقليدية لحماية الإرادة التعاقدية (20).
لهذا فالهدف الأسمى والرئيسي لهذه الحماية هو وقاية المتعاقد، كسياسة تشريعية، أن يكون القضاء على مصدر الضرر، أي على الأسباب التي يؤدي اجتماعها تحققه، وليس مجرد التعويض عنه (21).
2- الالتزام بالإعلام التزام عام
إن التطور الهائل الذي يشهده الالتزام بالإعلام في الوقت الحاضر، والاهتمام الخاص الذي يوليه القضاء إياه جعل نطاقه يمتد بحيث يشمل مجالات متعددة، ويغطي مجالات متعددة، ويغطي علاقات قانونية من كل نوع (22) ، فلجوء المشرع إلى تدابير وقائية من خلال تقنينه لنظام عام حمائي، والوقاية تنتج من تدخل المشرع من خلال تحقيق التوازن وتوقي الاختلال، فالتعاقد بالطريقة التقليدية يكاد يتجاوزه الزمن ولم يعد الطريقة الوحيدة والمثلى فشروط وظروف العملية التعاقدية تغيرت، وأصبحت معقدة كونها متعلقة بسلع وخدمات فنية وتقنية لا تسمح للمتعاقد التعرف عليها والاختيار بمحض إرادته في شأنها والوقوف على محتواها لهذا ساهمت هذه العوامل على فرض التزام وقائي وجعلته واجب التعميم على كل العقود من أجل التوازن والشفافية في العلاقات العقدية (23)، والذي يعبر عن إرادة المشرع في استعادة التوازن الذي قد يختل بسبب غياب المعلومات التي لها دور في محتوى العقد (24).
لهذا فقد حاز هذا الالتزام على نسبة كبيرة من الشمولية في جميع المعاملات(25)، فالالتزام بالإعلام هو التزام سابق على إبرام كل أنواع العقود فهو ليس التزام بعقد معين(26)، متى توافرت شروطه وعناصر نشأته و قيامه في المدة السابقة على إنشاء هذه العقود (27) .
وذلك من أجل تحقيق حماية حقيقية للمتعاقدين، ويجب أن تكون هذه القواعد لها طابع قانوني شامل وقائي في المقام الأول للحد من الأضرار (28) .
ولقد أشار رأي في الفقه إلى عمومية وشمولية هذا الالتزام لكل العقود في المراحل السابقة على إبرامها ففي الفقه الفرنسي فقد أشارت إحدى الباحثات الفرنسية إلى تلك الصفة بقولها: (( انه يقع على عاتق عارض الإيجاب في أي عقد بصفة عامة، وفي عقود الإذعان بصفة خاصة، التزام بالإعلام قبل التعاقد في مواجهة الطرف الآخر، فيلتزم بمقتضاه في بعض الحالات بالتزام سلبي بعدم إخفاء أي شرط من الشروط الجوهرية في العقد عن الطرف الآخر، وبالتزام ايجابي في خالات أخرى بجذب انتباهه إلى بعض أو كل الشروط الجوهرية في العقد المزمع إبرامه))(29).
لذلك ساهمت عوامل عدة للجوء إلى وسيلة وقائية عامة تقي المتعاقد من الأضرار التي تلحق به في المدة السابقة على التعاقد.
3- الالتزام بالإعلام قبل التعاقدي التزام مستقل
أصبح لهذا الالتزام أهمية كبيرة، وهي في تزايد والذي يصاغ بهدف توجيه قرار الطرف الآخر، وقد كان هذا الالتزام لوقت قريب منظورًا إليه على أنه مجرد مظهر من مظاهر ضمان العيوب الخفية، أما اليوم فقد تأكدت استقلاليته بصورة جلية(30) .
فالمكانة العظمى التي تحظى بها هذه الخاصية من بين خصائص الالتزام بالإعلام قبل التعاقد، إذ إنها تبرز وتسوغ فكرة المناداة بحتمية وضرورة إيجاد نظرية عامة جديدة في مجال الالتزامات لالتزام جديد، مع إمكانية إدخاله وإدراجه في بوتقة أحد النظريات القائمة كنظرية عيوب الرضا أو الضمان، فخاصية الاستقلال التي يتسم بها هذا الالتزام تفرده وتميزه عن غيره من الالتزامات التي قد تقترب منه أو تتشابه معه في جوانب ما من الجوانب بالقدر الذي يبرز له ذاتيته الخاصة، ولقد كان الرأي السائد في الفقه الفرنسي يميل في بداية الأمر إلى دراسة الالتزام بالإعلام قبل التعاقد في إطار نظرية عيوب الرضا، على أساس أنه يمكن من خلاله تفادى وقوع المتعاقد في الغلط، إذا ما بادر المتعاقد الآخر إلى تحذيره من الوهم الذي قد يثور في ذهنه حول الصفة الجوهرية في الشيء أو الشخص، والتي هي كانت الدافع إلى تعاقده (31).
إلا أن هذا الرأي جدير بالانتقاد، لأن ما يكمن وراء هذه النصوص التقليدية لا يستقيم مع فكرة حماية الطرف الضعيف في العلاقة العقدية إلا بطريقة جزئية وغير مقصودة في حد ذاتها، فالنظرية التقليدية في القانون المدني تحمي المتعاقد إذا تصادف وجوده في مركز من مراكز الحماية القانونية العامة التي حددتها وفقاً لأوصافها وشروطها، فضلا عما تقدم فأن هذه النظرية التقليدية قاصرة عن توفير الحماية اللازمة للطرف الضعيف بسبب شدة شروط تطبيقها وصعوبة الإثبات، لهذا نجد أن الالتزام بالإعلام قبل التعاقد قد يزيل هذه الصعوبة (32)، نتيجة الدور الوقائي المخول له في مواجهة التفاوت الاقتصادي والمعرفي والعمل على استقرار العقد (33).
لهذا قد يتبادر للوهلة الأولى بان نظرية عيوب الإرادة وضمان العيوب الخفية تكفلان قدراً من الحماية مما يغني عن فرض هذا الالتزام، تأسيساً على إن المتعاقد الذي دفع في الغلط أو التغرير يمكن أن يطلب نقض العقد للغلط أو التغرير بحجة أن المتعاقد الأول لم يزوده عمدًا (الكتمان الغشي) بمعلومات تعد مؤثرة في رضائه، ورغم وجاهة هذا الرأي إلا إن تقرير هذا الالتزام يسهم إلى حد كبير في توفير الحماية الكافية للدائن بهذا الالتزام والتي يصعب توفيرها له من خلال تلك النظريات التقليدية وذلك لصعوبة إثبات شروطها من حيث أقدمية العيب وجسامته وكونه مؤثرًا وخفيًا كما في نظرية العيوب الخفية، في حين يكفي الدائن أن يثبت إخلال المدين التزامه بالإعلام عن البيانات الأساسية للشيء محل ،التعاقد، وإن كان إهمالا، حتى تترتب مسؤوليته، فضلا عن أن تلك النظريات التقليدية تعالج الحالات عند إبرام العقد وليس قبله، أي إن الالتزام به في مرحلة المفاوضات السابقة على العقد يؤدي الدور الوقائي يترتب على الوفاء به استقرار المراكز القانونية (34).
وتؤيد الباحثة الرأي الذي يرى إن الالتزام بالإعلام أو بتقديم المعلومات كوقاية من الضرر، هو مستقل له ذاتية مستقلة وهو التزام ايجابي ينشأ في فترة التفاوض على العقد ويقف إلى جانب الالتزام السلبي بعدم الغش أو التضليل وهو يلعب دورًا ايجابيًا في تكملة نظرية عيوب الإرادة بعد أن ثبت قصورها عن تحقيق الحماية الفعالة للأطراف في مرحلة ما قبل التعاقد وهو يستند على مبدأ حسن النية(35)، فنطاقه يتسع ليشمل كل شيء نزولا من مبدأ حسن النية واحتراما لقواعد العدالة وارتضاء للاتجاه الحمائي المتنامي (36) ، لحماية حقوق الأطراف في ظل تطور أنواع العقود.
____________
1- د. عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك ( دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ) ط2 منشاة المعارف الاسكندرية 2008 ، ص 188 وما بعدها.
2- أشار إلى ذلك د. موفق حماد عبد الحماية المدنية للمستهلك في عقود التجارة الالكترونية ( دراسة مقارنة) الطبعة الأولى، مكتبة السنهوري، بغداد منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2011، ص94.
3- د. خالد جمال أحمد، الالتزام بالأعلام قبل التعاقد دار النهضة العربية القاهرة بلا سنة طبع ، ص 81
4- د.هادي حسين الكعبي، د. محمد جعفر هادي الالتزام قبل التعاقدي بالإعلام، بحث منشور في مجلة المحقق الحلي للعلوم القانونية والسياسية، العدد الثاني السنة الخامسة، 2013، ص19.
5- د. أشرف محمد مصطفى أبو حسين مصدر ،سابق ص101. ينظر د. كذلك عبد الله ذيب محمود، حماية المستهلك في التعاقد الالكتروني (دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، دار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان، الأردن 2012، ص 86
6- د. عبد الكريم مأمون حق الموافقة على الأعمال الطبية وجزاء الإخلال بها (دراسة مقارنة) ، دار النهضة العربية، القاهرة، 2006، ص 105.
7- د. يونس صلاح الدين علي ، العقود التمهيدية (دراسة تحليلية مقارنة ) دار الكتب القانونية دار شتات للنشر والبرمجيات مصر 2010 ، ص 175 وما بعدها.
8- د. هادي حسين الكعبي ، د. محمد ، جعفر هادي ، مصدر سابق، ص78 .
9- ينظر نص المادة ( (120) من القانون المدني المصري، والمادة ( 1110) قبل التعديل من القانون المدني الفرنسي، والمادة ( 1130) الخاصة بعيوب الرضا من تعديل القانون الفرنسي لسنة 2016.
10- د. طارق كاظم عجيل، ثورة المعلومات وانعكاسها على القانون المدني ( دراسات وبحوث ) ط1 منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2011 ، ص 180.
11- أشار الى ذلك د. طارق كاظم عجيل، ثورة المعلومات وانعكاسها على القانون المدني ( دراسات وبحوث ) ط1 منشورات الحلبي الحقوقية لبنان 2011 ، ص 179.
12- أشار الى ذلك د. عبد العزيز المرسي، الجوانب القانونية لمرحلة التفاوض ، ذو الطابع التعاقدي ( دراسة مقارنة ) بلا نشر دار نشر 2005، ص 77.
13- أشار الى ذلك د. إبراهيم سيد احمد، الوقائية التشريعية والقضائية في الغش من المعاملات ط 1 المكتب الجامعي الحديث الإسكندرية 2007 ، ص 67.
14- ينظر نص المادة ( 1/1112) من قانون التعديل الفرنسي 2016.
15- د. شحاته غريب محمد شلقامي خصوصية المسؤولية المدنية في مجال الدواء ( دراسة مقارنة، دار النهضة العربية، القاهرة، 2007، ص 25.
16- د. محمد جاسم محمد العتابي مدى انطباق صفة الإذعان على العمليات المصرفية ( دراسة فقهية تطبيقية معمقة في القانون العراقي مع الإشارة الى القانونين الأمريكي والفرنسي)، الطبعة الأولى مكتبة القانون المقارن للنشر والتوزيع، بغداد، العراق، 2021، ص 142.
17- تماني جميلة الغش في العقود أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة الجزائر ،1، 2019، ص 404 وما بعدها.
18- د. عمر محمد عبد الباقي، الحماية العقدية للمستهلك ( دراسة مقارنة بين الشريعة والقانون ) ط2 منشاة المعارف الاسكندرية 2008 ، ص316.
19- أشار الى ذلك د. خالد جمال أحمد، الالتزام بالأعلام قبل التعاقد دار النهضة العربية القاهرة بلا سنة طبع ، ص 338.
20- د. محمد حسن قاسم القانون المدني ( العقود المسماة ، البيع ، التامين الإيجار)، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، لبنان، 2005، ص 97 وما بعدها.
21- عبد الحميد الديسطي عبد الحميد آليات حماية المستهلك في ضوء القواعد القانونية لمسؤولية المنتج، اطروحة دكتوراه، كلية الحقوق جامعة المنصورة، 2008 ، ص 286 .
22- د. ثروت عبد الحميد، الأضرار الصحية الناشئة عن الغذاء الفاسد أو الملوث (وسائل الحماية منها ومشكلات التعويض عنها)، دار الجامعة الجديدة للنشر، الإسكندرية، 2007، ص97.
23- عر عارة عسالي، التوازن العقدي عند نشأة العقد، أطروحة دكتوراه كلية القانون ، جامعة الجزائر، 2015، ص 233
24- M. Mohamed LACHACHI, L'Équilibre du contract de consummation (Etude comparative), Mémoireprésenté et soutenu pour l'obtention du diplòme de Magister en droitprivè, UNIVERSITÉDORAN, 2012-2013, p.63
25- د. عبد المنعم موسى إبراهيم، حسن النية في العقود ( دراسة مقارنة ) منشورات زين الحقوقية لنبان 2006 ، ص7.
26- بن سالم المختار، الالتزام بالإعلام كآلية لحماية المستهلك، أطروحة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبي بكر بلقايد الجزائر، 2018، ص 29.
27- د. خالد جمال أحمد، الالتزام بالأعلام قبل التعاقد دار النهضة العربية القاهرة بلا سنة طبع ، ص 87
28- عبد الحميد الديسيوطي عبد الحميد، مصدر سابق، ص305.
29- أشار إلى ذلك د. خالد جمال احمد، مصدر سابق ، ص 336 وما بعدها،
30- د. عبد المنعم موسى إبراهيم حسن النية في العقود، مصدر السابق، ص 157 وما بعدها.
31- أشار الى ذلك د. خالد جمال أحمد، مصدر سابق، ص 347 وما بعدها.
32- ماجستير إسراء خضير مظلوم الشمري، حماية المستهلك في نطاق عقود الإذعان ( دراسة مقارنة)، الطبعة الأولى، مؤسسة دار الصادق الثقافية ،بابل، العراق، 2019، ص 89
33- د. محمد جاسم محمد العتابي مدى انطباق صفة الإذعان على العمليات المصرفية ( دراسة فقهية تطبيقية معمقة في القانون العراقي مع الإشارة الى القانونين الأمريكي والفرنسي)، الطبعة الأولى مكتبة القانون المقارن للنشر والتوزيع، بغداد، العراق، 2021، ص 143.
34- د. هلدير أسعد أحمد، محمد سليمان الأحمد، نظرية الغش في العقود ( دراسة تحليلية مقارنة في القانون المدني ) ط1 دار الثقافة للنشر والتوزيع الأردن 2012 ، ص158.
35- د. يونس صلاح الدين علي ، العقود التمهيدية (دراسة تحليلية مقارنة ) دار الكتب القانونية دار شتات للنشر والبرمجيات مصر 2010 ، ص 180
36- د. محمد حسام محمود لطفي، المسؤولية المدنية في مرحلة التفاوض بلا دار نشر، 1995، القاهرة، ص22.




هو قانون متميز يطبق على الاشخاص الخاصة التي ترتبط بينهما علاقات ذات طابع دولي فالقانون الدولي الخاص هو قانون متميز ،وتميزه ينبع من أنه لا يعالج سوى المشاكل المترتبة على الطابع الدولي لتلك العلاقة تاركا تنظيمها الموضوعي لأحد الدول التي ترتبط بها وهو قانون يطبق على الاشخاص الخاصة ،وهذا ما يميزه عن القانون الدولي العام الذي يطبق على الدول والمنظمات الدولية. وهؤلاء الاشخاص يرتبطون فيما بينهم بعلاقة ذات طابع دولي . والعلاقة ذات الطابع الدولي هي العلاقة التي ترتبط من خلال عناصرها بأكثر من دولة ،وبالتالي بأكثر من نظام قانوني .فعلى سبيل المثال عقد الزواج المبرم بين عراقي وفرنسية هو علاقة ذات طابع دولي لأنها ترتبط بالعراق عن طريق جنسية الزوج، وبدولة فرنسا عن طريق جنسية الزوجة.





هو مجموعة القواعد القانونية التي تنظم كيفية مباشرة السلطة التنفيذية في الدولة لوظيفتها الادارية وهو ينظم العديد من المسائل كتشكيل الجهاز الاداري للدولة (الوزارات والمصالح الحكومية) وينظم علاقة الحكومة المركزية بالإدارات والهيآت الاقليمية (كالمحافظات والمجالس البلدية) كما انه يبين كيفية الفصل في المنازعات التي تنشأ بين الدولة وبين الافراد وجهة القضاء التي تختص بها .



وهو مجموعة القواعد القانونية التي تتضمن تعريف الأفعال المجرّمة وتقسيمها لمخالفات وجنح وجرائم ووضع العقوبات المفروضة على الأفراد في حال مخالفتهم للقوانين والأنظمة والأخلاق والآداب العامة. ويتبع هذا القانون قانون الإجراءات الجزائية الذي ينظم كيفية البدء بالدعوى العامة وطرق التحقيق الشُرطي والقضائي لمعرفة الجناة واتهامهم وضمان حقوق الدفاع عن المتهمين بكل مراحل التحقيق والحكم , وينقسم الى قسمين عام وخاص .
القسم العام يتناول تحديد الاركان العامة للجريمة وتقسيماتها الى جنايات وجنح ومخالفات وكما يتناول العقوبة وكيفية توقيعها وحالات تعددها وسقوطها والتخفيف او الاعفاء منها . القسم الخاص يتناول كل جريمة على حدة مبيناً العقاب المقرر لها .