الفصل الثاني

اتخاذ القرارات في ظل ظروف المخاطرة والمنافسة  

تواجه إدارة أي منشأة كثير من المواقف القرارية الهامة، وقد تكون تلك المواقف القرارية غير متماثلة وغير روتينية، وقد تتصف بعض تلك المواقف بالمخاطرة وعدم التأكد خصوصاً في بيئة الأعمال المعاصرة حيث حدة المنافسة. وتثير مثل تلك المواقف عادة العديد من علامات الاستفهام عن دور المحاسب الإداري بل ودور نظم المعلومات المحاسبية عموماً في مواجهة تلك المواقف القرارية. 

فمثلا أي المنتجات يجب تصنيعها؟ وكيف تتم المفاضلة بين عدة منتجات؟ وما هي أسس المفاضلة فيما بينها؟ وأي طرق الإنتاج يجب استخدامها ؟ وكيف تتم المفاضلة بين عدة طرق إنتاجية بديلة؟ وما هي أسس المفاضلة فيما بينها؟، وهل من الأفضل قبول عرض من أحد وكلاء البيع أو أحد العملاء لتنفيذ طلبية معينة بسعر قد يختلف عن سعر البيع الحالي رغم أن تصنيع هذه الطلبية قد يحتاج أعباء تكاليفية أخرى أم من الأفضل عدم قبول إنتاج هذه الطلبية؟ وما هي مبررات اتخاذ القرار في مثل هذه الحالة ؟.

وهل من الأفضل تصنيع أحد أجزاء المنتج الرئيسي للمنشأة داخلها أم من الأفضل شراءه من أحد الموردين المتخصصين في إنتاج هذا الجزء؟ وكيف تتم المفاضلة بين كلا البديلين؟ وما هي أسس المفاضلة بينهما في هذه الحالة ؟. وهل من الأفضل تصنيع أكثر من منتج داخل المنشأة أم من الأفضل التخصص في إنتاج منتج وحيد من بين تلك المنتجات؟ وما هي مبررات اتخاذ القرار في مثل هذه الحالة ؟ وهل من الأفضل الاستمرار في التصنيع في أحد الأقسام أو القطاعات الإنتاجية أم من الأفضل إغلاق هذا القسم أو ذاك القطاع؟ وما هي مبررات اتخاذ القرار في مثل هذه الحالة ؟.

وهل من الأفضل التوسع في نشاط أحد الأقسام أو القطاعات الإنتاجية أم من الأفضل إبقاء الوضع داخل هذا القسم أو ذاك القطاع كما هو ؟ وما هي مبررات اتخاذ القرار في مثل هذه الحالة؟، وما هي الطرق التي يمكن استخدامها في تسعير منتجات المنشأة ؟

أي سؤال من الأسئلة السابقة يمثل موقف قراري مستقل تحتاج إدارة المنشأة مجموعة من المعلومات للإجابة عليه، وتمثل المعلومات المحاسبية وخصوصاً فيما يتعلق بجانب التكاليف منها أحد أهم العوامل المؤثرة بل والحاسمة في تلك المواقف القرارية. وينبغي على المحاسب الإداري أن يكون حريصاً عند التعامل مع عناصر التكاليف المختلفة بصدد إبداء الرأي الفني اللازم لمساعدة إدارة المنشأة لاتخاذ القرار المناسب في أي من تلك المواقف، وهذا الحرص يتمثل في ضرورة التعامل مع بنود وعناصر التكاليف الملائمة للموقف القراري المعين. فعلي سبيل المثال تكلفة إيجار المصنع سوف تتحملها المنشأة سواء قامت بشراء أحد أجزاء إنتاجها من مورد خارجي أم قامت بتصنيع هذا الجزء داخل المنشأة، وبالتالي تعتبر تكلفة الإيجار في هذه الحالة غير مؤثرة في قرار المفاضلة بين شراء أو تصنيع هذا الجزء، ولأنها غير مؤثرة فهي غير ملائمة بالنسبة لهذا القرار، ولكنها قد تكون ملائمة لقرار آخر ، فمثلاً إذا كانت المنشأة تفاضل بين بديل إستئجار مبني لأحد مصانعها أو شراء هذا المبنى فإن تكلفة الإيجار تعتبر في هذه الحالة تكلفة ملائمة لهذا القرار. 

ويطلق المحاسبون علي التكاليف الملائمة عادة مصطلح التكلفة التفاضلية. لأنها تساهم في المفاضلة بين البدائل القرارية المتاحة، ذلك لأن قيمتها سوف تختلف من بديل لآخر وبالتالي تؤثر في عملية المفاضلة بين البدائل، كما يطلق المحاسبون علي التكاليف غير الملائمة مصطلح التكلفة الغارقة لأنها لا تساهم في المفاضلة بين البدائل القرارية المتاحة، ذلك لأن قيمتها سوف لا تختلف من بديل لآخر وبالتالي لن تؤثر في عملية المفاضلة بين البدائل. 

ولتحقيق الهدف من الدراسة في هذا الفصل نتناول خلاله النقاط التالية :

* العلاقة بين نظام المعلومات المحاسبي وبين أنشطة صنع واتخاذ القرارات في الوحدة الاقتصادية، ودور المعلومات المحاسبية في حل المشاكل والقرارات. 

* نماذج اتخاذ القرارات في ظل ظروف المخاطرة، ودور المعلومات المحاسبية في ظروف المخاطرة. 

* عملية اتخاذ القرارات في ظل ظروف المخاطرة والمنافسة.

*دور المحاسب الإداري في بعض المواقف القرارية وسنعرض لتلك النقاط علي النحو التالي.