أقرأ أيضاً
التاريخ: 3-8-2017
4285
التاريخ: 1-6-2016
3867
التاريخ: 2-8-2017
16057
التاريخ: 20-6-2018
2143
|
إن الأعذار كوسيلة وقائية تنبه المتعاقد المتاخر عن تنفيذ التزامه، وما قد يصيب المتعاقد من ضرر نتيجة هذا التأخير ، لهذا فالمتعاقد اذ ما أخذ به فهناك آثار تترتب عليه، وهذا ما سنوضحه في الموضوع :
أولاً: يلتزم المدين بالتعويض عن تأخيره في التنفيذ من وقت أعذاره
يترتب على الأعذار ثبوت تأخر المدين في تنفيذ التزامه، وبالتالي بتعويض الدائن عن أضرار التأخير التي لحقته بعد الأعذار، إذ إنه في الوقت الذييسبق الأعذار لا يكون المدين فيها متأخرا في التنفيذ، وبالتالي فإنّه لا يلزم بالتعويض عنها (1) ، وهذا طبقًا لنص المادة ( 256) من القانون المدني العراقي التي نصت على إنه: (( لا يستحق التعويض إلا بعد أعذار المدين ما لم ينص القانون على غير ذلك )) وهو نص مشابهه مع ما ذهبت إليه التشريعات المقارنة (2).
هذا مع ملاحظة إنّه إذا كان محل الالتزام مبلغًا من النقود، فالتعويض عن التأخير (الفوائد) لا يستحق بمجرد الأعذار وإنما من وقت المطالبة القضائية أي من وقت رفع الدعوى (3) .
بحسب ما نصت عليه المادة ( 1/572) من القانون المدني العراقي على إنه : (( لا حق للبائع في الفوائد القانونية عن الثمن المستحق الأداء، إلا إذا أعذر المشتري المشتري أو ...)) وذهبت هذه المادة إلى ما ذهبت التشريعات المقارنة (4).
ثانيًا: انتقال تبعة الهلاك إلى المتعاقد الآخر بالأعذار
في حالة تعلق الأمر بالتزام بتسليم شيء محدد بالذات، فإن الأعذار بالتنفيذ يؤدي إلى انتقال تحمل تعبة المخاطر به إلى الطرف الآخر (5).
فإذا كانت يد المدين يد ،أمانة كيد الوديع والمستعير ، وهلك الشيء بسبب أجنبي، فإن الشيء يهلك على مالكه وهو الدائن أي على المودع أو المعير، غير أن الدائن إذا أعذر مدينه بوجوب التسليم، تحولت يد الأمانة إلى يد ضمان ويتحمل عندئذ المدين بالتسليم تبعة الهلاك، فيتحمل الوديع أو المستعير أو المستأجر تبعة هلاك الوديعة أو العارية أو المأجور بسبب أجنبي بعد الأعذار، أما إذا أعذر البائع مدينه بوجوب تسلم الشيء وأمتنع المشتري عن تسلمه وهلك الشيء بسبب أجنبي في يد البائع تحمل المشتري تبعة الهلاك (4).
وهذا بحسب ما ذهب إليه المشرع العراقي في المادة ( 1/547) من القانون المدني العراقي التي نصت على: (( إذا هلك المبيع في يد البائع قبل أن يقبضه المشتري، يهلك على البائع ولاشيء على المشتري، إلا إذا حدث الهلاك بعد أعذار المشتري لتسلم المبيع ...))
أي إن البائع عن طريق الأعذار قد قام بدفع أي ضرر قد يصيبه نتيجة تأخر المشتري لالتزامه وذلك عن طريق هذا الإجراء يستطيع أن يتوقى من الضرر فيما لو أخل الطرف الآخر بالتزامه.
ثالثا: فسخ العقد في حالة عدم التنفيذ
على وفق القواعد العامة، لا يجوز للدائن طلب الفسخ لمجرد إخلال المدين بتنفيذ التزامه الناشيء عن العقد، وإنما يجب أن يقوم الدائن قبل ذلك بأعذار المدين(7).
فالفسخ في فقه القانون المدني هو : (( حل الرابطة العقدية التبادلية بعد نشوءها صحيحة كحق يعطى لكل من المتعاقدين كي يتحلل من التزامه متى ما تخلف المتعاقد الآخر عن الوفاء بالتزامه المقابل)) (8).
وهذا ما نصت عليه (177) من القانون المدني العراقي على إنّه: (( في العقود الملزمة للجانبين إذا لم يوف أحد العاقدين بما وجب عليه بالعقد جاز للعاقد الآخر بعد الأعذار أن يطلب الفسخ مع التعويض إن كان له مقتضى...)) وهذا النص مشابهه مع ذهب إليه المشرع المصري(9).
وعلى وفق هذا النص فإنّ فسخ العقود لا يقوم إلا في العقود الملزمة لجانبين، ويرجع ذلك إلى فكرة الترابط بين الالتزامات المتقابلة، فالتزام كل من الطرفين يرتبط بالتزام الطرف الآخر، ومن ثم فإن لم يقم أحدهما بتنفيذ التزامه كان للمتعاقد الآخر إذا لم يطلب التنفيذ العيني، أن يتحلل نهائيا من هذا الالتزام، وهذا أمر تقتضيه العدالة بين المتعاقدين، فلا يجبر أحدهما على تنفيذ التزامه إلا إذا قام الآخر بالتنفيذ، وإلا كان من العدالة أن يتحلل من التزامه عن طريق فسخ العقد (10).
أما المشرع الفرنسي في القانون المدني الفرنسي لسنة (1804) فإنّه لم يتطلب الأعذار قبل المطالبة بفسخ العقد.
لكن في ضوء التطورات الحاصلة، يبدو في نظر الفقه الفرنسي إنه بحق إجراء ضروري ولازما، متى ما سمح للدائن بأن يفسخ العقد بإرادته المنفردة، وبعيدًا عن تدخل القضاء، وهذا بحسب ما أكدته التوجيهات التشريعية الحديثة في القانون الفرنسي، والتي تتضح من خلال مشروع ( کاتالا)، و من مشروع وزارة العدل الفرنسية، فعلى وفقنص الفقرة الثانية من المادة (1158) من مشروع كاتالا، فعندما يختار الدائن فسخ العقد؛ نتيجة عدم تنفيذ المدين لالتزامه، يمكنه ذلك من خلال أعذار المدين، بأن يوفي تعهده خلال مهلة معقولة، وإلا كان له حق فسخ العقد، وإعمالا لهذا النص فإن إعمال الفسخ يقضي أولاً قيام الدائن بأعذار المدين، وأن يقوم التنفيذ خلال مهلة معقولة، وبذلك وبحسب هذا المشروع فقد جعل الأعذار القيد الإجرائي الأول في ممارسة الدائن حقه في فسخ العقد، فعند عدم قيام المدين بتنفيذ التزامه خلال المهلة، يخول الدائن الحق في فسخ العقد على مسؤوليته، ولاشك إن لهذا أثره عند إجراء القاضي مراقبته اللاحقة على الفسخ الذي وقع بعيدًا عنه، ومن ناحية أخرى يتم تعويض المدين عن المهلة التي كان من الممكن أن يمنحها القاضي لها(11).
لهذا فقد أشار التقرير إلى مبدأ (( الوقاية خير من العلاج )) ، عندما أتاح إلى المتعاقدين من مزايا جديدة تسمح لهم بتجنب المنازعات المتعلقة بالعقد أو حلها دون اللجوء إلى القضاء ومنها إمكانية فسخ العقد عن طرق الإخطار (12).
وهذا ما أشار إليه المشرع الفرنسي في تعديله الأخير لسنة 2016 والذي أكده في باب الفسخ كإجراء وقائي يتوقى به الدائن إجراءات التقاضي الطويل، إذ أشارتإلى ذلك المادة (1226) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016 على إنه: (( يجوز للدائن، وعلى مسؤوليته، فسخ العقد عن طريق الإخطار، وفي حالة غير الاستعجال، يجب عليه أولا أعذار المدين المقصر بتنفيذ تعهده خلال مدة معقولة. يتضمن الإخطار صراحة أنه في حالة تخلف المدين عن الوفاء بالتزامه يكون للدائن الحق في فسخ العقد إذا استمر عدم التنفيذ يخطر الدائن المدين بفسخ العقد والأسباب التي تبرره. يحق للمدين في أي وقت اللجوء إلى القضاء للاعتراض على الفسخ ويكون على الدائن حينئذ إثبات جسامة عدم التنفيذ)).
فالفسخ بالإرادة المنفردة لا يقع بانتهاء المهلة المقررة في الأعذار ، و إنما لابد أيضًا من إخطار المدين بإيقاع هذا الفسخ، إذا ما استمر عدم التنفيذ من قبل المدين بعد أعذار، وفوات مهلة الأعذار المعقولة، ويكون على الدائن إذا ما اختار فسخ العقد، أن يخطر البائع بفسخ العقد، ويصبح الفسخ نافذا، عند استلام المدين الإخطار المذكور (13).
أي إنّه أتاح للمتعاقدين تجنب الضرر عن طريق الأعذار عندما أتاح لهم فسخ العقد بالإرادة المنفردة، لتجنب إجراءات التقاضي الطويلة وسرعة في إتمام المعاملات.
وبهذا نتوصل إلى أن الوسائل الوقاية تختلف بحسب مرحلة العقد، فهنالك وسائل في مرحلة الإبرام اذا ما تم التمسك بها فإنّ العقد يأتي ثماره من خلال وقاية المتعاقد من أي ضرر عن طريق توعيته وتبصيره فيما يخص شروط العقد المبرم بخلاف في حالة عدم إتباع هذه الإجراءات لابد من وجود أثر على ذلك، وهناك من الوسائل التي تُتبع في مرحلة تنفيذ العقد التي تعمل على منع أو تقليص الضرر ومنع تفاقمه عن طريق الدفع بعدم التنفيذ و الأعذار، واللذان عدهما المشرع الفرنسي في تعديله الأخير كوقاية من الضرر من خلال دون اللجوء إلى إجراءات التقاضي الطويلة قدر الإمكان، وندعو المشرع العراقي إلى مجاراة القوانين المقارنة فيما يخص تعديل بعض النصوص لمجاراة التطور السريع في العقود.
________________
1- د. أحمد شوقي محمد النظرية العامة للالتزام العقد والإدارة، منشاة المعارف، الإسكندرية، 2004، ص36.
2- ينظر نص المادة ( 218) من القانون المدني المصري
3- د. رمضان أبو السعود، أحكام الالتزام دار الجامعة الجديدة للنشر، مصر، 2004 ، ص 75.
4- ينظر نص المادة ( 1/458) من القانون المدني المصري، وينظر نص المادة ( 1/1344) من تعديل القانون المدني الفرنسي لسنة 2016.
5- د. عبد الحق صافي، القانون المدني، الجزء الأول، الطبعة الأولى، بلا دار نشر، 2007 ، ص 240
6- د. عبد المجيد الحكيم، د. عبد الباقي البكري، د. محمد البشير، الوجيز في نظرية الالتزام في القانون المدني العراقي، الجزء الأول بلا طبعة العاتك لصناعة الكتاب بلا سنة ، ص 64.
7- د. محمد حسن قاسم نحو الفسخ بالإرادة المنفردة، قراءاة في التوجيهات القضائية والتشريعية الحديثة ، بحث منشور في مجلة الحقوق للبحوث القانونية والاقتصادية كلية الحقوق ، جامعة الاسكندرية العدد الاول 2010 ، ص203.
8- د. إسماعيل عبد النبي شاهين، المدخل لدراسة العلوم القانونية ( نظرية الحق ) المطبعة الاولى مكتبة الوفاء القانونية الاسكندرية 2013 ، ص 97.
9- ينظر نص المادة ( 1/157 ) من القانون المدني المصري
10- د. أحمد سلمان شهيب السعداوي د. جواد كاظم جواد سميسم مصادر الالتزام ( دراسة مقارنة بالقوانين المدنية والفقه الإسلامي)، الطبعة الأولى منشورات زين الحقوقية، لبنان، 2015، ص223 وما بعدها.
11- أشار الى ذلك د. محمد حسن قاسم نحو الفسخ بالإرادة المنفردة، مصدر سابق، 205.
12- د. محمد حسن قاسم قانون العقود الفرنسي الجديد باللغة الفرنسية، ص 11 وما قبلها.
13- د. محمد حسن قاسم نحو الفسخ بالارادة المنفردة، مصدر سابق، ص 211 وما بعدها.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|