أقرأ أيضاً
التاريخ: 28-8-2016
1246
التاريخ: 29-5-2017
1204
التاريخ: 25-8-2016
1551
التاريخ: 28-8-2016
1365
|
وبسب الظروف الصعبة التي كانت تلفّ بغداد وتفاقم عنف وخطر تيار الحنابلة اضطر السفير الثالث الحسين بن روح إلى التقليل من ارتباطه بشيعة أهل البيت، وتعميق دور شخصيّة علميّة بدأت بالصعود هو محمّد بن علي الشلمغاني، فكان الوسيط بين السفير وأبناء الطائفة حتّى أصبح المرجع العام لهم، ولم يعد السفير يلتقي أحداً أو يقابل وفداً.
وفي هذه الفترة ألّف كتابه «التكليف» الذي قرأه السفير بدقّة قبل أن يوقّع على صحّته والترخيص باستنساخه.
وعندما ألّف كتابه الآخر «التأديب» قام السفير بإرساله إلى علماء قم للنظر فيه، وجاء الجواب بصحّته باستثناء مورد يختصّ بزكاة الفطرة الأمر الذي دفع بالسفير إلى اعادة النظر في كتاب «التكليف»؛ فوجد بعض الاشكالات في موضوع الشهادة وإسناد رواية مزوّرة إلى الإمام موسى الكاظم (عليه السلام).
ولأسباب ما تزال غامضة بدأ الشلمغاني يستغل موقعه الفريد خاصّة بعد اعتقال السفير في مطلع عام 311 هـ صيف عام 923 م حيث أودع في سجن خاص داخل قصر الخلافة! وهكذا أصبح الشلمغاني زعيم الشيعة والشخصيّة الأولى لديهم، وكانت معظم زياراته لأسرة آل بسطام التي تتمتّع بنفوذ كبير!
وفي هذه الفترة بدأ يصرّح على نطاق سرّي للغاية بأفكاره الخطيرة خاصّة في مضمار حلول الأرواح المقدّسة في بدنه!! وفي عام 313 هـ ـ 926 م حصل تغيير وزاري جديد (1).
وقد توفّي أبو بكر الرازي الذي كفّ بصره ورفض اجراء عمليّة جراحيّة قائلاً: لقد أبصرت من الدنيا حتّى مللت!
ومن المفارقات انّه توفّي فقيراً! بعد كلّ ما قدمه من خدمات للإنسانيّة، بينما كان المسؤولون الحكوميّون ـ وبعضهم لا يتمتّع بأيّة مؤهّلات ـ يعيشون حياة مخمليّة كما هو الحال في رئيس الوزراء السابق المعتقل «ابن الخاقاني» الذي حوكم على خلفيّة فشله الاداري والاقتصادي والامني!
وفي هذه الفترة عمَّ الخوف سكّان بغداد بعد وصول أنباء سقوط الأنبار بأيدي القرامطة التكفيريّين واستعدادهم لمهاجمة بغداد وبدأ الكثيرون يفكّرون بالفرار إلى مدينة همدان.
وفي غمرة الرعب الذي عمّ بغداد ألقي القبض على جاسوس يعمل لحساب القرامطة وقد أشرف رئيس الوزراء على استجوابه وقد اعترف الرجل فوراً بأنّه يؤمن بمشروعيّة القرامطة وأنّهم على الحق وانّ الخليفة ومن معه كفار وغاصبون للسلطة! كما هاجم الشيعة الاثني عشريّة وانتقدهم على إيمانهم بإمام غائب! قائلاً:
ـ ولا بدّ من حجّة الله في أرضه، وإمامنا المهدي محمّد بن أحمد بن محمّد بن إسماعيل بن جعفر الصادق المقيم في بلاد المغرب.. انّنا لسنا كالرافضة والاثني عشريّة الذين يقولون بجهلهم انّ لهم إماماً ينتظرونه!
ويبدو أنّ موجات من الشكّ كانت تعصف في الأوساط الشيعيّة العامّة في تلك الفترة أشار إليها تلميذ الشيخ الكليني «محمّد بن إبراهيم النعمانيّ» مؤلّف كتاب «الغيبة» إذ يقول في المقدّمة: «... فهدانا الله عزّ وجلّ بمحمّد (صلى الله عليه وآله) من الضلالة والعمى وأنقذنا به من الجهالة والردى وأغنانا به وبما جاء به الكتاب المبين وما أكمله لنا من الدين ودلّنا عليه من ولاية الأئمّة الطاهرين الهادين، من الآراء والاجتهاد ووفّقنا به وبهم إلى سبيل الرشاد».
«أمّا بعد؛ فإنّا رأينا طوائف من (الأوساط) المنسوبة إلى التشيّع المنتمية إلى نبيّها محمّد وآله (صلى الله عليه وآله) ممّن يقول بالإمامة ... قد تفرّقت كلمتها وتشعّبت مذاهبها واستهانت بفرائض الله (عزّ وجلّ) وحّنت إلى محارم الله تعالى؛ فطار بعضها علوّاً وانخفض بعضها تقصيراً (2) وشكّوا جميعاً إلّا القليل في إمام زمانهم ووليّ أمرهم وحجّة ربّهم ... للمحنة الواقعة بهذه الغيبة التي سبق من رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذكرها وتقدّم من أمير المؤمنين (عليه السلام) خبرها».
ثمّ يورد حديثاً عن الامام الصادق (عليه السلام) يقول فيه: «من دخل في هذا الدين بالرجال أخرجه منه الرجال كما أدخلوه، ومن دخل فيه بالكتاب والسنّة زالت الجبال قبل أن يزول» ويعزو السبب في هذا التشرذم إلى اهمال أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) ثمّ يورد حديثاً آخر للإمام الصادق يتضمّن المعيار في معرفة مدى قرب العالم الديني من أهل البيت: «اعرضوا منازل شيعتنا عندنا على قدر روايتهم عنّا وفهمهم منّا».
وحدّد النعماني أسباب الانحراف في نقاط منها غياب الاصالة في التفكير فيهتز ايمان الشخص لدى أوّل شبهه تعترضه اضافة إلى سبب آخر أقوى يكمن في الهدف الدنيوي لدى البعض واستخدام الدين وسيلة من أجل تحقيق موقع اجتماعي أو من أجل تكوين الثروة اضافة إلى ضعاف الايمان الذين ينهارون في المحن وأيّام القهر والاضطهاد.
وفي هذه المقدّمة يورد رواية عن الامام علي (عليه السلام) انّ يوم الخلاص لن يشرق «حتّى يتفل بعضكم في وجوه بعض وحتّى يسمّي بعضكم بعضاً كذّابين وحتّى لا يبقى منكم على هذا الأمر (الايمان بوجود الامام المهدي الغائب) إلّا كالكحل على العين والملح في الطعام».
وروي عن أبي عبد الله الصادق عليه السلام انّه قال: «والله لتمحصنّ والله لتطيرنّ يميناً وشمالاً حتّى لا يبقى منكم إلّا كلّ امرئ أخذ الله ميثاقه وكتب الايمان في قلبه وأيّده بروح منه» (3).
هذا هو منهج الشيخ الكليني؛ التمسّك بالقرآن الكريم وبروايات أهل البيت (عليهم السلام) التزاماً بالحديث النبوي الشريف: «إنّي تارك فيكم الثقلين ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً، كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانّهما لن يفترقا».
ولهذا فإنَّ السمات البارزة في كتابه «الكافي» والمهمّة «الاكثار من الاستدلال بالشواهد القرآنيّة لا سيّما في كتاب الاُصول، حيث تضمّنت أحاديثه مئات الآيات القرآنية بهدف بيان التوافق بين الأحاديث والقرآن أو العترة والكتاب» (4).
وفي تلك الفترة 316 هـ ـ 927 م ساد الذعر مدينة بغداد بسبب أنباء مروّعة حول هزائم الجيوش الحكوميّة أمام القرامطة في أنحاء عديدة من العراق واستغلال عصابات أو ما يعرف آنذاك بـ«العيارين» أجواء الرعب ليقوموا بأعمال سلب ونهب ما اضطرَّ قائد الشرطة إلى فرض حالة منع التجوّل ليلاً.
وفي مدينة الكوفة ظهرت حركة جديدة تعلن تأييدها للقرامطة خاصّة بعد الاعلان عن ولائهم للمهدي زعيم الدولة الفاطميّة.
المقتدر يجري عمليّة تغيير وزاري جديدة!! وقوّات من الجيش والشرطة تقوم بعمليّة انقلابيّة تطيح بالمقتدر وتوقيع الأخير على وثيقة التنازل عن السلطة لصالح أخيه غير الشقيق الذي مُنح لقب «القاهر»؛ غير أنّ فرقة في سلاح المشاة تحرّكت ضد الانقلاب بعد يومين فقط واعتقلت قادة العمليّة الانقلابيّة واُعيد المقتدر إلى سدّة الحكم فيقوم الأخير باعتقال أخيه وفرض الاقامة عليه في قصر والدته «شغب».
__________________
(1) أجرى المقتدر ثلاثين عمليّة تغيير وزاري خلال عشرين سنة من حكمه!!
(2) تثير هذه العبارة التأمّل في طبيعة الاتّجاهات الفكريّة السائدة في تلك الفترة.
(3) الغيبة للنعماني ص 20 ـ 26.
(4) دفاع عن الكافي ج 1 ص 34.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|