دور المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على خروج السلطة التنفيذية عن اختصاصها الضريبي |
988
01:19 صباحاً
التاريخ: 2024-02-09
|
أقرأ أيضاً
التاريخ: 2-4-2017
6555
التاريخ: 22-10-2015
2884
التاريخ: 29-3-2017
3518
التاريخ: 18-10-2017
3371
|
بعد كل ما قيل أعلاه يثور التساؤل عن : ما هو الدور الذي لعبته المحكمة الاتحادية العليا من حيث الوقوف في رقابتها على مخالفه السلطة التنفيذية للمبادئ الضريبية التي تحكم نشاطها وتحدد مهامها واعمالها وعلى وجه التحديد مبدأ قانونية الضريبة ومبدأ عدم رجعية القانون الضريبي ولا واحكام التفويض الضريبي؟
وهو ما يمكن الإجابة عليه في النقاط الثلاث الآتية:
أولاً: دور المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على مخالفة السلطة التنفيذية لمبدأ قانونية الضريبة
سنبين أدناه أبرز الاحكام التي تنطبق على موضوع الرقابة وتخص نظر المحكمة الاتحادية العليا بدستورية القرارات الإدارية، ذات الأثر الضريبي وعلى النحو الآتي:
1- صدر قرار من رئيس مجلس الوزراء رقم ( (27) لعام 2012، والذي تضمن تعطيل اختصاصات مجالس المحافظات ذات الصلة بفرض وجباية، وانفاق الضرائب والرسوم والذي ترتب عليه ايقاف العمل بقانون مجلس المحافظة، رقم (1) لعام 2009 من خلال تعطيله، وكان هذا القانون صادر من مجلس محافظة واسط، وهو قانون (فرض الضرائب والرسوم وانفاقها في ساحة وقوف السيارات في قضاء بدرة)، علماً أن هذا القانون سالف الذكر قد صدر بموجب الاختصاصات التشريعية التي نص عليها قانون المحافظات المرقم (21) لعام 2008، فضلاً عن ذلك، صدر قرار من وزير المالية بالرقم (11371)، في: 2012/2/21، والذي جاء مضمونه: الاعتراض على القانون الصادر من مجلس محافظة واسط فيما يخص جباية الضريبة وكذلك يتضمن فتح صندوق يودع فيه المبالغ التي يتم تحصيلها تحت ذريعة أن هذا التشريع يتعارض مع قانون الإدارة المالية بالرقم (95) لعام 2004، الأمر الذي دفع مجلس المحافظة الى الطعن بدستورية هذه القرارات امام المحكمة الاتحادية العليا لمخالفتها الاحكام الدستورية بما أن المحكمة الاتحادية قضــــت بـــرد القضية بحجة أنها تخرج عن اختصاصاتها الدستورية، وذهبت الى القول: (..... وحيث ان النظر في صحة الأوامر والقرارات الإدارية التي تصدر من الموظفين او الهيئات في دوائر الدولة يخرج النظر فيها عن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا المنصوص عليها في المادة (93) من الدستور والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم ( 30 ) لسنة 2005 حيث ان القانون قد رسم طريقاً للطعن فيها، ولما تقدم تكون دعوى المدعي موجبه للرد من جهة الاختصاص عليه....) (1)
ولنا على الحكم الذي ذكرناه أكثر من ملاحظة:
أ- إن رفض المحكمة الاتحادية العليا التصدي لدستورية قرارات كل من رئيس مجلس الوزراء، ووزير المالية المخالفة لأحكام الدستور تحت ذريعة أنها غير مختصة بالنظر بهذه الطعون معللة السبب في ذلك أن القانون رسم طريقاً للطعن بها، هو في رأينا مخالف لأحكام المادة (93) من الدستور ونص المادة (4)، من قانون المحكمة الاتحادية العليا فضلاً عن ذلك، أنّها جانبت نصوص المواد: (5،4،3، 6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا بالبت في الطعون الخاصة بمشروعية القرارات الضريبية، لذلك ندعو المحكمة الاتحادية الى العدول عن الاتجاه الذي تبنته في الحكم أعلاه، لأنه في اعتقادنا يفتقد الى الصواب لمخالفته لأحكام الدستور.
ب_ومن جانب اخر ثمة رأي ونحن نؤيدة بأن قرارات المحكمة الاتحادية في الحكم السالف ذكره تتناقض مع ما ذهبت اليه المحكمة الاتحادية العليـا فـــي قضايا أخـــرى مماثلة عندما نظرت في موضوعها، ومن ذلك نظرها في الطعن بدستورية القرار الصادر عن مجلس محافظه ميسان، والذي تناول مضمونه فرض رسم على جميع الجوازات التي تصدر عن مديرية جوازات المحافظة واصدرت حكمها بإلغائه (2)
إذ قضت فيه: (.... عليه قررت المحكمة الاتحادية الحكم بعدم دستورية القرار الصادر عن مجلس محافظة ميسان بالعدد (84) 2012/11/12 للأسباب المبينة أعلاه والغائه ويتحمل المدعي عليه اضافة لوظيفته كافة مصاريف الدعوى واتعاب المحاماة .....) (3).
2ـ وفي موضع آخر، أصدر رئيس الهيئة العامة للكمارك، قراراً بفتح منفذ كمركي في منطقة الصفرة على جزء من القطعة ذات الرقم ( 272 / 8 / م 29)، التابعة لناحية سد العظيم في ديالى مما حدى برئيس مجلس محافظة ديالى الى الطعن بدستورية هذا القرار امام المحكمة الاتحادية العليا مدعياً أن قيام رئيس الهيئة العامة للجمارك يفتح هذا المنفذ دون اشراك مجلس محافظة ديالى مخالفاً لأحكام الدستور وخاصة أن هذا الاجراء يعد من صـ اختصاص مجلس المحافظة، ويجب أن لا يتم إلا عن طريق التنسيق معها، وهو يعد بحسب ذلك من الاختصاصات المشتركة المبينة في الدستور بالمواد: (110، 111، 112، 113، 114)، اضافة لمـا نـص عليه قانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم رقم (21) لسنة 2008. و قد قضت المحكمة الاتحادية العليا برد الطعن لعدم الاختصاص إذ قالت .... وحيث ان الطعن بالقرارات الإدارية رسم القانون لها طريقاً للطعن والجهة التي يرفع اليها هذا الطعن وهي غير المحكمة الاتحادية العليا عليه قرر الحكم برد الدعوى المدعي إضافة لوظيفته من جهة الاختصاص) (4).
يتبين لنا من الحكم أعلاه أن المحكمة الاتحادية العليا عادت وسارت على ذات النهج الذي سارت عليه في أحكامها السالفة الذكر عندما قضت برد الدعوى وأنها تقع خارج اختصاصها وعللت ذلك بأن القانون رسم طريقاً للطعن بها، وباعتقادنا أن توجه المحكمة غير صائب كون الدعوى تضمنت الطعن بدستورية القرارات الإدارية وأنها خالفت نصوص الدستور، وهي بذلك تقع ضمن حدود اختصاص المحكمة الاتحادية العليا والتي نصت عليه المادة (93) من الدستور العراقي لعام 2005. وفي قضيه ثالثة، تتلخص وقائعها بطعن المكلف بدستورية قرار وزير المالية رقم (1) لسنة 1997، والذي نص في مادته (1) على (إعادة استيفاء ضريبة الدخل المفروضة بموجب قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1983 من الدخل الناجم الى:_ أ _ الاطباء واطباء الاسنان عن ممارستهم مهنة الطب)، علماً أن هذا القرار صدر بالاستناد الى قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (445) لسنة 1991 وادعاء المدعي أن القرار تضمن صلاحية فرض ضريبة دخل وليس إعادة استيفاء وآله فرض ضريبة على المدخولات، في حين أن ارباح المهن هي المشمولة بالضريبة وفق قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 ، وأن هذا القرار خالف كل من المادة: (47، 52 58 ،35) من دستور 1970 ،الملغي وخالف كذلك المادة ( 28 / اولا)، والمادة (47) والمادة (73) من الدستور الحالي لعام 2005.
ولدى عرضها على المحكمة الاتحادية قضت برد الطعن، وذهبـــت الـــى القـــول رداً على طعن المدعي: (...... ان المدعي يستند في دعواه بعدم دستورية النصوص المطعون بها لمخالفتها احكام المواد (42) ، (44 / (ثالثاً) ، (58) من دستور 1970 الملغى وحيث ان اختصاص هذه المحكمة ينعقد بفحص مدى موافقة النصوص المطعون فيها لأحكام المواد الدستورية المنصوص عليها في الدستور النافذ عليه تكون دعوى المدعي واجبة الرد من هذا الجانب، اما الادعاء بانها تخالف احكام المادتين (47) (73) من دستور جمهورية العراق لعام 2005 ، فان هذه المحكمة تجد ان دعوى المدعي واجبة الرد ايضا من هذا الجانب وذلك لأن طبيعة نظام الحكم الذي تشكل بموجبه الدستور النافذ والذي يقوم على اساس مبدأ الفصل بين السلطات وعدم تجاوزها لحدود اختصاصاتها الدستورية وبالتالي لا يمكن إضفاء الاختصاصات الدستورية للسلطات الاتحادية المشكلة بموجب الدستور الحالـي علــى السلطات التي كانت مشكلة بموجب دستور 1970 ، لذا لا يمكن الحكم بعدم دستورية تلك النصوص، لأنها تخالف اختصاص السلطات الاتحادية بموجب الدستور الحالي عن السلطات التي كانت مشكلة بموجب دستور 2005....... وان اجراءات وزارة المالية باستحصال الضريبة من المدعي وقرارها رقم (1) لسنة 1997 فهي من القرارات الإدارية التي تخرج عن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا وفقا لأحكام المادة 93 من الدستور ....... فيما يخص قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (11) لسنة 1995 فهو من التشريعات النافذة المعمول بها ما لم تلغ او تعدل وفقاً لأحكام المادة (130). ا من الدستور كما انه يعد خياراً تشريعياً لا يخالف احكام الدستور...........) (5)
وأبرز ما نراه في الحكم أعلاه ما يلي:
1- أن قول المحكمة بأن اختصاصها ينعقد لفحص مدى موافقة النصوص المطعون بها لأحكام مواد الدستور التي يكون منصوصاً عليها في الدستور النافذ يعـــد كـــلام صائب، ولا غبار عليه، كون المحكمة ينعقد اختصاصها بفحص نصوص الدستور النافذ وليس الملغي
2- إن قرار مجلس قياده الثورة المنحل، رقم (11) لعام 1995، تضمن تقويضاً بالإعفاء إلى السلطة التنفيذية فإذا كان مثل هكذا تفويض جائز، في ضل دستور 1970 الملغى، فانّه لا يجوز في ظل دستور 2005 النافذ، مما يخل بمبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة (47) منه، والمادة (28) من الدستور التي جعلت فرض الضريبة وجبايتها وتعديلها والإعفاء منها من اختصاص المشرع وحده لذلك كان الأجدر بالمحكمة ان تقضي بعدم دستوريتها كونها خالفت أحكام الدستور. وتضمن تفويض اختصاصات ضريبية، لا يجيز الدستور التنازل عنها لأي سبب كان.
3- إن قول المحكمة بان الطعن بعدم دستورية قرار وزير المالية رقم (1) لسنة 1997، اجراء غير صحيح وذلك لأنه يقع خارج اختصاصها المنصوص عليـه فـــي المادة (93)، والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية ذي الرقم (30) لسنة 2005 المعدل بالقانون المرقم (25) لعام (2021 كلام غير سليم بحسب اعتقادنا، كـــون الطعن بدستورية القوانين والقرارات الضريبية المخالفة للدستور يقع في صلب اختصاصها، ونجد أن المحكمة حاولت التخفيف عن كاهلها بإخراج القرارات الضريبية المخالفة لأحكام الدستور من ولايتها، فعند رجوعنا الى احكام المادة (93) من الدستور، والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية المذكور سلفاً والنظام الداخلي للمحكمة نجدها تنص صراحة على اختصاص المحكمة في الرقابة بالطعون الخاصة بدستورية القوانين والقرارات، وهي بذلك تعد مخالفة لأحكام الدستور والقوانين (6)
ثانيا دور المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على مبدأ عدم رجعية تطبيق القانون الضريبي
أن اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على دستورية القوانين والقرارات الضريبية تأتي من النصوص الدستورية ذاتها وقوانين المحكمة الاتحادية على اختلافها، والتي أعطت للمحكمة هذا الاختصاص، وتأسيساً على ذلك فان نطاق رقابة المحكمة الاتحادية العليا، لا يقف عند حد الرقابة على سيادة مبدأ قانونية الضريبة في الميدان الضريبي والتأكيد عليه، وانما امتد ليشمل الرقابة على مبدأ عدم رجعية تطبيق القانون الضريبي وهذا ما أكدته المحكمة الاتحادية في أحد احكامها، إذ ذهبت الى التأكيد على أن مبدأ عدم الرجعية هو مبدأ دستوري نص عليه المشرع في المادة (19 / تاسعاً) من الدستور العراقي العام، لسنة 5. 2005 النافذ إذ قالت: (وحيث ان المادة (19 / تاسعاً) من الدستور تنص على أنه ليس للقوانين أثر رجعي ما لم ينص على خلاف ذلك ولا يشمل هذا الاستثناء قوانين الضرائب والرسوم عليه فان الغاء الاستثناء المنصوص عليه في القانون رقم (3) لسنة 2015، يعتبر مخالفة صريحة لأحكام المادة (19 / تاسعاً) من الدستور عليه قضت المحكمة العليا الغاء القانون رقم (3) لسنة (2015 ، بقدر تعلق الامر بسريانه على الماضي فيما يخص الضرائب والرسوم اما بقية النص فانه خيار تشريعي لا غبار عليه....) (7) .
ومن حيثيات الحكم أعلاه نجد ان المحكمة الاتحادية العليا ذهبت الى إلغاء القانون رقم (3) لسنة 2015 لانطوائه على أثر رجعي فيما يخص الضرائب والرسوم وعدت ذلك مخالفة صريحة لنص المادة (19 / تاسعا) من الدستور العراقي لعام 2005 الذي يحظر الرجعية على قوانين الضرائب والرسوم.
وفي قضية اخرى سبق الاشارة إليها، تتلخص وقائعها بقيام وزير المالية بإصدار القرار بالعدد ( 28 / س / 2316) في 2019/12/1 ، والذي تضمن الحجز على الأموال المنقولة وغير المنقولة، والتي تكون عائدة لكلية الرافدين الجامعة، وجد المدعي أن الاجراء المتخذ من وزير المالية تضمن فرض ضريبة وتحصيلها بأثر رجعي على رواتب ومنتسبي الكليات الاهلية بحجة عدم تسديدها للضريبة منذ عام 2004 لغاية صدور القرار، والغاء الإعفاء المقرر لها بموجب قانون الكليات الأهلية رقم (13) لعام 1996 ، والذي جاء نص المادة (29) منه على: (اولاً تعفى الجامعات والكليات من ضريبة الدخل، ثانياً تعفى الدخول المحققة من الجامعة او الكلية الأهلية لأعضاء الهيئة التدريسية أو العاملين فيها من ضريبة الدخل) مخالفاً بهذا القرار نص المادة (19 / تاسعاً) من دستور 2005، والمادة (28 / اولاً) منه وكذلك مخالفته لنص المادة (10/7) من قانون ضريبة الدخل، رقم (113) لعام 1982، وأمري سلطة الائتلاف ذي الرقم (49) 84) لسنة 2004، وعندما طعن المكلف بأجراء وزير المالية امام المحكمة الاتحادية العليا بناءً على الاسباب، قضت المحكمة برد الطعن وذهبت الى القول: (...) ان قرار الحجز الصادر من المدعى عليه لا يعد تشريعاً نص على فرض ضرائب بأثر رجعي وانما إجراء انصب علــى حالات فردية لأشخاص معنوية خاصة امتنعت عن دفع الضرائب المستحقة عليها وان قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل قد نص على طرق الطعن المقررة للاعتراض على تلك الاجراءات وان دفع وكيل المدعي اضافة لوظيفة بأن موكله لم يتمكن من اتباع طرق الطعن المنصوص عليها في القانون المشار اليه بسبب عدم دفع مبالغ الضريبة المتحققة عليه يعتبر دفعاً مفتقداً لسنده القانوني ، متعيناً الالتفات عنه لان النص الذي يمنع النظر في اعتراض المكلـف مـا لـم يدفع الضريبة المقدرة عليه خلال مدة الاعتراض المنصوص عليها في المادة (33 / (3) من قانون ضريبة الدخل رقم (113) لسنة 1982 المعدل يعتبـر مـن القواعد القانونية العامة المجردة التي يخضع لها جميع الأفراد وان مخالفتها من قبل المدعي اضافة الى وظيفته لا يمكن ان يكون سبباً في اختصاص هذه المحكمــة فـــي النظــر فـــي تلك الاعتراضات خاصة وان المدعي لم يقم بدفع مبالغ الضريبة المستحقة علية حتماً من الفترة التي يقر بعدم تمتعه بالإعفاء منها وهي الفترة التي لحقت نفاذ القانون التعليم الأهلي رقم 25 لسنة 2016 ولحين ايقاع الحجز علـى اموالــــه فــــي 2019/12/1 وحيث ان الاجراء محل الطعن ليس إجراء تشريعياً ولا تنطبق عليه خصائص القاعدة القانونية من حيث العمومية والتجريد وانما كان اجراء انطبق على عدد محدود من الاشخاص المعنوية الخاصة وان القانون قد رسم له طرقا للطعن لذا فأن النظر فيه يخرج عن اختصاص هذه المحكمة، ولكل ما تقدم قررت المحكمة رد الدعوى)(8).
وتعليقاً على الحكم أعلاه، نرى ما يأتي:
1- أن حكم المحكمة برد الدعوى وقولها بأنّه ليس من اختصاصها، قرار غير صائب، لان تصدي المحكمة الدستورية للقرارات الضريبية هـو مـــن صــلب اختصاصها، والذي نصت عليه المادة (93) من الدستور العراقي لسنة 2005 ونص المادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا، رقم (30) لسنة 2005، فضلا عن ذلك، فانه يخالف احكام نصوص المواد (3) (4 ، 5 ، (6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية العليا، والتي نصت على اختصاص المحكمة الاتحادية العليا، البــت بــالطعون الخاصة بدستورية القرارات الإدارية ومنها الضريبية وان عدم النظر في القضية في اعتقادنا هو خروج عن الاختصاص المحدد لها، بموجب الدستور والقانون.
2- إن قول المحكمة ان الطعن على قرار الحجز هو قرار اداري، وقد رسم القانون طريقاً للطعن به لهذا تم رد الدعوى، نرى أنّ هذا الكلام غير صحيح كون طعن المدعي انصب على دستورية قرار ضريبي، يتضمن تطبيق الضريبة وتحصيلها بأثر رجعي، وكذلك الغاء الإعفاء المقرر للكليات الأهلية بموجب قانون الكليات الأهلية رقم (13) لسنة 1996 ،الملغى، بأثر رجعي من تاريخ 2004، في حين أن هذا الالغاء يتحقق بموجب قانون التعليم الاهلي، رقم (25) لسنة 2016 النافذ، وتأسيساً على ذلك، فإن المحكمة الاتحادية العليا لم تكن موفقه في التصدي لأوجه المخالفة الدستورية التي وقعت بها السلطة التنفيذية ولم تمد ولايتها الى بيان أبعاد تلك المخالفة، وانكارها المخالفة لمبدأ عدم رجعية تطبيق القوانين الضريبية.
إن قرار الغاء الإعفاء وتحصيل الضريبة بأثر رجعي على الكليات والجامعات الأهلية، من عام 2004 لم يكن قراراً فردياً، وانما كان قراراً ادارياً عاماً يخص الجامعات والكليات الأهلية جميعها.
واتساقاً مع ما تقدم، فأننا لا نستطيع ان نشيد بهذه الرقابة لان قضاء المحكمة الاتحادية العليا لم يكن زاخراً بأحكام تظهر دوراً فعالاً وحقيقياً لها، في التصدي لتجاوز السلطة التنفيذية على هذا المبدأ الدستوري المتمثل بمبدأ عدم رجعية القانون الضريبي ومخالفته، بالرغم من انها هي صاحبة الاختصاص في البــت بدستورية القرارات الضريبية في هذا الشأن.
ثالثاً: دور المحكمة الاتحادية العليا في الرقابة على الالتزام بقيد عدم تفويض الاختصاص الضريبي
ان المُشرع الدستوري العراقي حدد اختصاصات السلطة التشريعية الحصرية بفرض الضريبة وجبايتها وتعديلها والإعفاء منها، وانّ هذا الاختصاص غير قابل للتفويض الضريبي، أو التنازل عنه، إلا أنه صدرت عن السلطة التشريعية العديد من القوانين التي تضمنت تفويض للسلطة التنفيذية في المجالات المذكورة، مما يُعد في ذلك مخالفة صريحة لأحكام الدستور ارتكبتها السلطة التشريعية، وعلى الرغم من ان هذا الأمر يوصم عمل السلطة التشريعية ذاتها بعدم الدستورية، فإن هذا لا يعني ان لا ينسحب ذات الأثر على اعمال السلطة التنفيذية التي تصدر قرارات عامة أو فردية، مستندة الى ذلك التفويض غير الدستوري، وفي رأينا تُعد تلك القرارات ايضاً غير دستورية، ويستوجب عند الطعن بها امام المحكمة الاتحادية ان تعمد الى الحكم بعدم دستوريتها مبنيا ذلك على عدم دستورية قانون التفويض ذاك ولكن عند الوقوف على عدد من الاحكام التي صدرت من المحكمة الاتحادية العليا، لا نجد انها قد مارست هذا الدور الرقابي في المحافظة على مبدأ عدم تفويض الاختصاص الضريبي ونقف في ذلك عند بعض الأمثلة على قرارات المحكمة الاتحادية العليا بهذا الصدد.
ففي قضية تدور وقائعها حول مدى دستورية التفويض المنصوص عليه في المادة (25) من قانون الموازنة العامة الاتحادية رقم (1) لسنة 2016 ، والتي جاء مضمونها تفويض السلطة التنفيذية اختصاص فرض الرسوم وتعديلها ولدى عرض القضية على المحكمة الاتحادية العليا، ذهبت الى القول: (ان) المادة (25) المطعون بها قد تضمنها قانون الموازنة الاتحادية رقم (1) لسنة 2016 وان القانون المذكور لم يعد نافذا، وحيث ان المحكمة الاتحادية العليا وحسب احكام المادة (93) اولاً) من الدستور تختص بالرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة وليس المنتهي حكمها عليه فان النظر في الطعن بالمادة (25) المشار اليها اعلاه يخرج من اختصاص هذه المحكمة المحدد بالمادة (93/ اولاً) من الدستور والمنوه عنها انفاً مما يستوجب رد الدعوى شكلاً من جهة الاختصاص....)(9).
بالرغم من ان الحكم اعلاه كان قد صدر بخصوص الرسم، وليس الضريبة لكن المشرع الدستوري وضع كل من الرسوم والضرائب تحت طائلة ذات الحكــم ســــواء كان في الفرض أو الجباية، أو التعديل، أو الإعفاء، مما يجعل كل ما ينسب لقـــرار المحكمة هذا من عيوب هي ذاتها التي يمكن ان ترد لو كان الامر مرتبطاً بالضرائب(10) . وأن ما ذهبت اليه المحكمة بردها الطعن الخاص بعدم دستورية المادة (25) من القانون السالف ذكره، بحجة ان المادة اصبحت غير نافذة، مما يجعلها تخرج من نطاق رقابتها كون رقابتها تقتصر على المواد النافذة هو قول غير سليم، كون تلك المادة كانت نافذه لمدة من الزمن وانشأت مراكز قانونية، ورتبت آثار بحق كل من طبقت عليه، وإن تلك المادة المذكورة محل الطعن ما تزال نافذة اتجاه تلك الآثار والمراكز القانونية، وأنّ حكم المحكمة الاتحادية بعدم دستوريتها سوف يحقق المصلحة الشخصية لكل من طبقت عليه أثناء فترة نفاذها، وهذا يعنـي أن النصوص القانونية التي كانت نافذة، ومن ثُمَّ ألغيت قبل الطعن بها تكون مشمولة بأحكام المادة (93) من الدستور، ويستثنى من رقابة المحكمة النصوص القانونية، التي لم تدخل حيز النفاذ اي تلك القوانين التي شرعت ولكنها لم يتم تنفيذها بحق المخاطبين بأحكامها كما في حالة لو شرع البرلمان قانون معين ونص على سريانه بعد تاريخ معين ففي هذا الفرض يستحيل الطعن به قبل هذا التاريخ، وهـذا هـو مــا قصده المشرع الدستوري في المادة (93) من الدستور (11).
وكان الأجدر بالمحكمة أن تقضي بعدم دستورية نص المادة (25) طالما ان المبدأ الاساسي الذي يحكم عمل القاضي الدستوري هو ان تتوافق القاعدة القانونية الأدنى مع القاعدة القانونية الأعلى حتى وان لم يكن هناك نص يلزمه في ذلك، إلا ان المشرع الدستوري العراقي اوجد نص يلزم القاضي الدستوري في الرقابة علــى دستورية القوانين والأنظمة ومنها الضريبية والذي بتمثل بنص المادة (93) من الدستور العراقي النافذ.
وبعد ان استعرضنا احكام المحكمة الاتحادية العليا، التي صدرت بصدد الطعون الدستورية المقدمة ضد القرارات الضريبية الصادرة عن السلطة التنفيذية يجدر بنا ان نشير الى اننا لم نجد اي حكم صادر من المحكمة الاتحادية العليا، يقضي بعدم دستورية القرارات الإدارية الضريبية المخالفة للدستور، علماً أن اكثر الطعون المقدمة أمام المحكمة الاتحادية كانت تنطوي على مخالفات دستورية لتلك السلطة، إلا أن المحكمة الاتحادية العليا لم تباشر الاختصاص المنوط بها دستورياً، إذ لم أحكاماً تجسد حماية المحكمة لمبدأ قانونية الضريبة وكذلك مبدأ عدم رجعية القانون الضريبي، ولم تباشر وظيفتها الرئيسية في رصد مخالفات السلطة التنفيذية للمبادئ الدستورية، والذي نعتقد بأنه أحد الأسباب الذي أدى الى ازدياد خروج السلطة التنفيذية عن الحدود المرسومة لها في الدستور، والتجاوز على اختصاصات السلطة التشريعية لغياب الجانب الرقابي على أعمالها من المحكمة الاتحادية العليا بخلاف الموقف الذي اتخذته المحكمة الدستورية العليا في مصر تجاه تلك المخالفات والتي كانت بالمرصاد لكل مخالفة تقوم بها السلطة التنفيذية، وتقضي بعدم دستوريتها كونها خالفت المبادئ الدستورية. لذلك ندعو المحكمة بالعدول عن المسار الذي اتخذته في احكامها اتجاه الطعون الدستورية المقامة امامها، ضد القرارات الإدارية الضريبية "
_____________
1- حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم 68 / اتحادية / اعلام 2014 بتاريخ 2014/11/18 نقلا عن الموقع الالكتروني www.sic.iq https// تاريخ الزيارة 26 / 4 /2023، 4055م
2- شاكر جميل ،ساجت الرقابة القضائية على دستورية الأعمال الضريبية دراسة مقارنة)، ط1، مكتبة القانون المقارن، بلا سنة طبع ، ص 173
3- حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم 68 / اتحادية / اعلام / في 2014/11/18 نقلا عن الموقع الالكتروني www.iraqfsc.in/ethadai.php: https// تاريخ الزيارة 2023/4/6 الساعة 12:30 Am.
4- حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم 76 / اتحادية / اعلام / 2016 . نقلا عن الموقع الالكتروني www.iraqfsc.iq/ethadai.php https// تاريخ الزيارة 2023/4/6، 12،45.
5- قرار وزير المالية رقم واحد لعام 1997 والذي نص على استنادا الى الصلاحيات المخولة لنا بموجب قرار مجلس قياده الثورة المنحل بالرقم 11 لسنة 1995 وبناءً على ما جاء بكتاب ديوان الرئاسة المرقم (ق / 584) في 1995/3/ 18 قررنا ما يأتي الا اعاده استيفاء ضريبة الدخل المفروض بموجب قانون ضريبة الدخل للرقم (113) لسنة 1982 من الدخل الناجم الى - 1 - اطباء الاسنان من ممارستهم مهنة الطب 2- مربي الحيوانات من تربية الحيوانات ومنتجاتها )
حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم اتحادية / 2021 بتاريخ 2021/11/24
6- ينظر تفاصيل ذلك المادة (93) من الدستور العراقي لعام 2005 والمادة (4) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لعام 2005 المعدل بالقانون رقم 25 لعام 2021 نشر في جريدة الوقائع العراقية في العدد 4635، في 7 حزيران 2021. والمواد(3، 4، 6) من النظام الداخلي للمحكمة الاتحادية لعام 2005
7- حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم 18 / اتحادية / اعلام / 2015. نقلا عن الموقع الالكتروني
www.iraqfsc.iq/ethadai.php https تاريخ الزيارة 4/7 / 2023، 8،10 ص
8- حكم المحكمة الاتحادية العليا في العراق رقم 13 / اتحادية / 2020، مصدر سابق.
9- حكم المحكمة الاتحادية العليا رقم 97 / اتحادية جلسة 2017/2/14 منشور على الموقع الالكتروني
//www.iraqfsc.iq https تاريخ الزيارة 2023/4/20 الساعة 5،35 مساءً
10- شاکر جمیل ساجت، مصدر سابق ص 176
11- علي هادي عطيه المستنير من تفسير احكام الدساتير دراسة دستورية فقهيه قضائية مقارنة ص 210. اشار اليه شاكر جميل ساحت، مصدر سابق، ص 175_ 176
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|