أقرأ أيضاً
التاريخ: 29-5-2016
6645
التاريخ: 2-6-2016
2435
التاريخ: 17-5-2016
7441
التاريخ: 19-5-2016
4148
|
لقد اخذ القانون المدني العراقي برأي الحنفية في تحديد المركز القانوني للوكيل الأول وحدود صلاحياته وكذلك ( الوكيل الثاني )(1). فاعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الذي أذن للوكيل الأول بالتوكيل صراحة أو فوض الأمر لرأي الوكيل الأول ولذلك لا ينعزل الوكيل الثاني بعزل الوكيل الأول ولا بموته ، إذ نصت المادة (939) مدني عراقي ( ليس للوكيل أن يوكل غيره إلا أن يكون قد أذنه الموكل في ذلك أو فوض الأمر لرأيه ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل فلا ينعزل بعزل الوكيل الأول ولا بموته ).ويجب التأكيد على أن الأذن للوكيل بتوكيل غيره لا يخول الوكيل الثاني بتوكيل ثالث عنه . وإذا وكل الوكيل الثاني وكيلا ثالثا ، تكون هذه الوكالة باطلة ، ولا يكون الوكيل الثالث وكيلا للموكل (2).
وحسب أحكام المادة ( 939 مدني عراقي ). تنشأ علاقة مباشرة بين الموكل والوكيل الثاني تخول كلا منهما الرجوع على الآخر، فيرجع الوكيل الثاني على الموكل بجميع حقوق الوكيل ويرجع الموكل على الوكيل الثاني بجميع حقوق الموكل. لكن لا نكون في هذه . الحالة إمام دعوى مباشرة حقيقية أي دعوى دائن ضد مدين مدينه (3). أنما يرجع الموكل والوكيل الثاني كل منهما على الآخر بدعوى عاديه (4). ( دعوى دائن ضد مدينه المباشر). تستند إلى قواعد الوكالة التي أصبح بموجبها الوكيل الثاني وكيلا للموكل كما نصت على ذلك صراحة المادة (939). في شطرها الأخير. فالتحليل القانوني لعلاقة الموكل بالوكيل الثاني يكون على الوجـه الآتي :ـ
أذن الموكل للوكيل في إنابة غيره أي أن إبرام عقد الوكالة من الباطن داخل ضمن التصرفات المسموح للوكيل القيام بها. وبما أن الوكيل عندما يبرم التصرف الموكل فيه تختفي شخصيته وتقوم علاقة مباشرة بين الموكل ( الأصيل ) وبين الوكيل الثاني ( الغير الذي تعاقد معه الوكيل ). ووفقا لقواعد النيابة تنصرف آثار العقد الذي أبرمه النائب إلى الأصيل ( الموكل ) لا النائب ( الوكيل ) لذا تنصرف آثار عقد الإنابة إلى الموكل( الأصيل ) لا إلى الوكيل. ويترتب على انصراف اثأر عقد الإنابة إلى الموكل . أن يصبح الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل كما قرر ذلك صراحة النص القانوني وبالتالي يستطيع الموكل رفع الدعوى على الوكيل الثاني مطالبا أياه بحقوق الموكل باعتباره مدينه المباشر لا باعتباره مدين مدينه ( أي ليس باعتباره وكيلا عن الوكيل الأول ). كذلك يرجع الوكيل الثاني بحقوق الوكيل على الموكل باعتباره مدينه المباشر لا باعتبار مدنيا بهذه الحقوق للوكيل الأول (5).
واخذ القانون المدني الأردني بحكم المادة (939). مدني عراقي مع اختلاف لفظي في الصياغة حيث نصت المادة (843/1) من هذا القانون على ( ليس للوكيل أن يوكل غيره فيما وكل به كله أو بعضه إلا إذا كان مأذونا من قبل الموكل أو مصرحا له بالعمل برأيه ويعتبر الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل الأصلي ). ووفق هذا النص لا يكون الرجوع كل من الوكيل الثاني والموكل على الآخر بموجب دعوى مباشرة حقيقية أنما يستند رجوع احدهما على الآخر إلى أحكام الوكالة (6). التي أصبح بموجبها الوكيل الثاني وكيلا عن الموكل لا عن الوكيل الأول كما صرح بذلك النص .
ومن القوانين التي استمدت أحكامها من الشريعة الإسلامية القانون المغربي والقانون التونسي وقانون الموجبات والعقود اللبناني وقانون الوكالة السوداني. حيث تكيف هذه القوانين المركز القانوني. لنائب الوكيل ( الوكيل الثاني ). باعتباره وكيلا عن الموكل لا عن الوكيل الأصلي. ولو أن هذه القوانين لم تنص على هذا التكييف صراحة كما فعل القانون العراقي والقانون الأردني ، ما عدا القانون السوداني إلا أن هذا التكييف يفهم ضمنا من الحكم الذي أوردته هذه القوانين ، مع اختلاف في الصياغة ، والذي مفاده أن نائب الوكيل ( الوكيل الثاني ). يكون مسؤولا قبل الموكل كالوكيل نفسه وتكون له نفس حقوق هذا الأخير (7). إذ يفهم من هذا الحكم أن نائب الوكيل يعتبر وكيلا عن الموكل وليس وكيلا عن الوكيل الأصلي . وبالتالي فان رجوع كل من الموكل والوكيل الثاني على الآخر يكون بدعوى عادية مستندة إلى قواعـد الوكالة لا بـدعـوى مباشـرة (8). وقـد ورد هـذا الـحـكـم فـي هـذه القـوانـيـن بصيغ مختلفة (9). فقد نصت المادة (902) من قانون الالتزامات والعقود المغربي على ( في جميع الأحوال يلتزم نائب الوكيل مباشرة تجاه الموكل في نفس الحدود التي التزم فيها الوكيل وتكون له نفس حقوق هذا الأخير ). وقد نصت المادة (1130) من مجلة الالتزامات والعقود التونسية على ( وعلى كل حال فان نائب الوكيل مسؤول مباشرة للموكل كالوكيل نفسه وله ما للوكيل من الحقوق ). ونصت المادة (784). من قانون الموجبات والعقود اللبناني ( وفى جميع الأحوال يكون نائب الوكيل مسؤولا لدى الموكل مباشرة كالوكيل نفسه وتكون له حقوق الوكيل نفسها ).
إما قانون الوكالة السوداني رقم 63 لسنه 1974 فقد نصت المادة (24/3) منه على :- ( أ - في جميع الأحوال لا تنشأ علاقة تعاقدية مباشرة بين الأصيل ونائب الوكيل إلا إذا كان الأصيل قد خول الوكيل صراحة أنشاء تلك العلاقة . ب – إذا كان الوكيل مخول صراحة أنشاء تلك العلاقة ، لا يكون الشخص الذي يعينه الوكيل نائبا عنه بل يكون فيما وكل فيه من أعمال الوكالة نائبا عن الأصيل وتكون له حقوق الوكيل وعليه نفس الواجبات ولا يكون الوكيل مسؤولا إلا عن فشله في بذل عناية الرجل العادي في اختيار ذلك الشخص ).
ومــا يشـتـرط فـي الـوكــيل الـثـانـي حـيـث جـاز للـوكـيـل الأول تـوكـيله نلاحظ نص المادة (935). من القانون المدني العراقي على أن ( المال الذي قبضه الوكيل لحساب موكله يكون أمانة في يده فإذا تلف بدون قصد لم يلزمه الضمان وللموكل أن يطلب أثبات الهلاك )(10).
يتضح من هذا النص أن التقنين العراقي يعتبر الوكيل أمينا وبالتالي فان جميع أموال الموكل الموجودة عنده تعتبر أمانة لديه وتسري عليها أحكام الأمانة من وجوب العناية بحفظها ووجوب ردها إلى صاحبها عند طلبها وعدم ضمان الوكيل عند تلفها من غير قصد أو تعدي (11). كما أن الموكل له أن يطلب من الوكيل أثبات هلاك أمواله. وقد أصدرت محكمة التمييز قرارا برقم 448 / ح / 56 بتاريخ 1956جاء فيه ( حيث أن الوكيل أمين مصدق بيمينه ... ) (12).
حيث جاز للوكيل توكيل غيره في التصرف الموكل به بالأذن له أو بالتفويض إليه أو بغير ذلك ، فهل يشترط في هذا الوكيل الثاني شروط معينه أم لا ؟. ظاهر انه يشترط فيما قلناه من شروط الوكيل إلا أن جمهور الفقهاء المسلمين وهم : الشافعية والحنابلة و المالكية والأمامية والزيدية اشترطوا في الوكيل الثاني أن يكون أمينا (13). وذلك لأنه لا مصلحة ولا نفع للموكل في أن يوكل من ليس بأمين . وهذا إذا لم يعين الموكل لوكيله الشخص الذي يرغب أن يوكله الوكيل . ما أن عينه الموكل بأن قال له : وكل فلانا ، فحينذاك لا تشترط الأمانة بـل أن الـوكـيل يـوكله سواء كان أمينا أم غيره ، وذلك لان المـوكـل حيـث عـين الـوكيـل الـثانـي فـإنمـا يـكـون قـد قـطـع بـذلك نـظـر الوكيل الأول واستغنى عن رأيه في اختيار الوكيل الثاني ، ولان الوكيل الثاني يكون وكيلا عن الموكل لا عن الوكيل الأول (14). وإذا تم تعين الوكيل الثاني باختيار الوكيل الأول وبدون تعين الموكل له ، قد ذكرنا انه يشترط في الوكيل الثاني أن يوكل أمينا (15).
و السؤال هنا إذا وكل الوكيل الأول شخصا أمينا ثم بانت خيانته فهل يلزم الوكيل الأول عزله ؟. ذهب الحنابلة والأمامية إلى أن الوكيل الأول ملزم بعزله لان الأذن الصادر من الموكل يقتضي استئمان أمين ، وترك غير الأمين يتصرف مع الخيانة تضييع وتفريط فوجب عزله. وللشافعية في جواز عزله وجهان :-أصحهما عدم جواز عزله وتعليله أن الأذن في التوكيل لا يقتضي التوكيل بل العزل وغير الأصح يجوز للوكيل عزله لان الأذن في التوكيل يقتضي توكيل الأمناء فإذا ثبتت خيانته لم يجز استعماله فجاز عزله وهو متفق مع الحنابلة والأمامية (16)، وهو الذي نرجحه إلا إن إبقاء الوكيل الثاني يتصرف مع ثبوت خيانته يعتبر تعديا من الوكيل الأول لان الوكيل الثاني وكيله فعليه عزله وان تفويض الأمر بالتوكيل يقتضي التوكيل في العزل . لم نقف على تصريح للحنفية بخصوص هذه المسائل والظاهر أنهم يتفقون مع جمهور الفقهاء في اشتراط كون الوكيل الـثـانـي أمـيـنا لان الأصل فـي الـوكـيـل الأمانة فـلا تجـتـمـع الأمانة والخـيـانـة .
_______________
1- ينظر سعد حسين عبد الوكالة من الباطن في الشريعة الإسلامية والقانون ، بحث منشور في مجلة كلية النهرين للحقوق تصدر عن كلية النهرين للحقوق مجلد 6- العدد 9- نيسان 2002م.، ص 149.
2- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975 ، ص 305 .
3- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975 ، ص 306 .
4- ينظر سعد حسين عبد ، مرجع سابق ، ص 150.
5- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975، ص305 .
6- ينظر سعد حسين عبد ، مرجع سابق ، ص 150.
7- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، مرجع سابق ، ص307.
8- ينظر سعد حسين عبد ، مرجع سابق ، ص 151.
9- ينظر عدنان إبراهيم السرحان ونوري حمد خاطر ، مصادر الحقوق الشخصية (الالتزامات) . دار الثقافة للنشر والتوزيع مطابع إلارز . عمان سنة 2000 ، ص83 وما بعدها.
10- لا يوجد مقابل لهذه المادة في القانون المدني المصري ويظهر أن الحكم في هذه المسألة في هذا القانون يتم بالرجوع إلى القواعد العامة.
11- ينظر رفيف صلاح الدين شيعان مسؤولية الوكيل في عقد الوكالة ، كلية القانون – جامعة بغداد -2002م. ص 66.
12- ينظر سلمان بيات - القضاء المدني العراقي - ج 2 - شركة الطبع والنشر الأهلية - بغداد 1962 ، ص 348.
13- المغني المحتاج جـ 2، ص227 المغني لأبن قدامه موفق الدين أبو محمد عبد الله بن احمد بن محمد بن قدامه ، ج 5، مكتبة القاهرة بلا تاريخ طبع جـ 5 ص 82 شرح الحطاب جـ 5 ص202 ، تذكرة الفقهاء: جمال الدين الحسن بن يوسف بن علي بن مطهر الحلي ، نشر المكتبة المرتضوية لأحياء الآثار الجعفرية ، طهران ، 1388 هـ ، ج 2 ص 116، البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار للمرتضى : احمد بن يحيى (840 هـ ) مطبعة السنة المحمدية 1368 هـ 1949 جـ 5 ص 58 .
14- لم يفصل المالكية على هذا النحو بل اكتفوا بالقول بأن الوكيل حيث جاز له التوكيل لا يوكل إلا أمينا .والذي نراه إنهم يتفقون مع بقية الفقهاء بأن الوكيل الثاني إذا تم تعيينه باختيار الموكل فلا نظر فيه للوكيل الأول ويقبل توكيل سواء كان أمينا أم غيره .
15- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، الوكالة في الشريعة والقانون ، مطبعة العاني ، بغداد ، 1975 ، ص 303 .
16- ينظر محمد رضا عبد الجبار العاني ، مرجع سابق ، ص 303.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|