أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-20
1121
التاريخ: 24-3-2021
2756
التاريخ: 13-1-2016
2339
التاريخ: 26-1-2023
6373
|
إن القوة القادرة على كبح جماح الأحاسيس وتوجيهها نحو الوجهة الصحيحة المنتهية إلى السعادة، هي العقل. والقدرة التي تستطيع تعديل الرغبات النفسية والميول العاطفية واستخدامها على أفضل وجه ، هي العقل أيضاً.
فالعقل هو مرشد منزه يمنع الإنسان من الاستسلام إلى الأحاسيس غير المباحة، وهو حارس أمين يمنع الإنسان من الجري وراء الأهداف الخطيرة ويحفظه من الانحراف والسقوط، وبالتالي فإن العقل هو الذي يمنع الأحاسيس من التمرد والطغيان ويردع صاحبه عن ارتكاب الجرائم .
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : للنفوس خواطر للهوى، والعقول تزجر وتنهى(1).
وعنه (عليه السلام) : للقلوب خواطر سوء والعقول تزجر عنها(2).
«إن دوافع الأعمال هي من النوع العاطفي، وحتى أفلاطون لم يكن يعتبرها منحصرة بالجانب العقلي فقط . فنحن في الوقت الذي نحتاج فيه الإحساس نحتاج أيضاً إلى المنطق. والإحساس إذا لم يوجه بواسطة العقل يكون خطيراً ، فخطر الحسد مثلاً ليس أقل من خطر مرض الطاعون ، لأن المبتلى به يحاول أن يؤذي الآخرين أكثر من أن يحاول إعانة نفسه.
والحقد أيضاً كالحسد يتنافى وسنن الحياة ، لأنه مدمر في طبيعته»(3).
إن المجتمع الذي يتغلب فيه العقل على الأحاسيس وتسير فيه ميول الناس العاطفية بما يقرره العقل ، هو مجتمع سعيد وهو مهد للعدالة والأمن، وهو مجتمع المدينة الفاضلة، حيث يسخر أبناء هذا المجتمع كل قواهم الحسية والعاطفية لصالح مادياتهم ومعنوياتهم، ويبقون بفضل توجيهات العقل مصانين من الأخطار التي قد تحدق بهم خلال مسيرتهم الحياتية.
أما المجتمع الذي يتغلب فيه الهوى على العقل وتسيطر فيه الميول النفسية والرغبات الغريزية على الناس ، ويلهث فيه الناس خلف الشهوات والغرائز دون اي دور للعقل، فهو مجتمع فاسد ومنحرف، وهو مجتمع غارق في الشقاء والتعاسة لا يعرف شيئا عن العدل والإنصاف ولا عن الحق والفضيلة، ولن يسعد بمفهوم الحياة الإنسانية والسجايا الأخلاقية.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): من غلب عقله هواه أفلح، ومن غلب هواه عقله افتضح(4).
وعنه (عليه السلام) : إنكم إن أمرتم عليكم الهوى أصمكم وأعمالكم وأرداكم(5).
العقل الضعيف والأحاسيس الحادة :
هنا لا بد من الإشارة إلى أن العقل الضعيف والعاجز لا يستطيع التغلب على الميول النفسية وكبح جماح الأحاسيس المتمردة للإنسان، والعقل الكامل هو الوحيد القادر على الوقوف سداً محكماً بوجه السيل الجارف للشهوات والميول النفسية، وقيادة عواطف الإنسان وأحاسيسه الجياشة.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام): العقل الكامل قاهر للطبع السوء(6). من المؤسف أننا قلما نجد بين بني البشر حتى بين اولئك الذين بلغوا سن الكمال، من هم يتمتعون بعقول كاملة وقوية ، فعقول غالبية الناس هزيلة وعاجزة أمام أعاصير الأحاسيس الهوجاء، وهي تفتقر لأدنى درجات المقاومة. وعند أية إثارة للشهوات والميول النفسية وعندما تطغى حوافز الغضب وروح الانتقام وتجعل من كيان الإنسان ساحة للصراع ، فإن العقل يفقد تأثيره كلياً ويترك ساحة الصراع للشهوات والنزوات، وعندها تقع مصائب وويلات لا تُحمد عقباها .
سبات العقل :
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) : نعوذ بالله من سبات العقل وقبح الزلل(7).
الغضب وفساد العقل:
وعنه (عليه السلام) : الغضب يفيد الألباب ويبعد من الصواب(8).
وعن الإمام الصادق (عليه السلام): الغضب مفتاح كل شر(9).
«إن الغضب يولّد البغضاء، والبغضاء تثير روح الانتقام، فالتفكير بالجريمة لا ينطلق بتاتاً من السكون والاستقرار، بل يولد في لحظة توتر شديد وبشكل مفاجئ ، وتتبلور أحاسيس يصعب مقاومتها تحت ضغوط الرغبات والميول التي تستولي على الإنسان، وغالباً ما تقترن هذه الأحاسيس مع اضطرابات عضوية واختلالات جسمية تؤدي إلى ثورة روحية. وفي مثل حالة الاضطراب هذه، ما الدور الذي يمكن أن يلعبه العقل، لا شيء غير أنه يستسلم للأحاسيس ويخفت».
«لقد درس العالم «ريبو» في بحث حول منطق العواطف هذه المسألة واعتبرها مغايرة للمنطق العقلي ، فالعقل يأخذ من المقدمات النتائج الكلية دون انحياز، أما الأحاسيس فتعتمد المقدمات وصولاً للهدف المنشود».
ليست الجرائم والانحرافات الأخلاقية هي وحدها الناجمة عن الإحساسات المتحررة من كل القيود والميول الشاذة، بل إن الانحرافات المعنوية والعقائدية هي أيضاً ناجمة عن الرغبات المجنونة والأهواء النفسية، فالتعصب والعناد والتكبر والغرور وغيرها من الصفات المذمومة تشكل سداً في وجه سعادة الإنسان، وتمنعه من التفكير السديد والتمييز بين الهداية والضلال واللجوء إلى الحق والحقيقة.
قال تعالى: {وَإِنَّ كَثِيرًا لَيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِمْ بِغَيْرِ} [الأنعام: 119].
____________________________________
(1) تحف العقول ، ص 96 .
(2) غرر الحكم، ص 581 .
(3) راه ورسم زندكى (سبل الحياة) ص114.
(4) مستدرك الوسائل ج 2 ، ص287 .
(5) غرر الحكم، ص292.
(6) بحار الأنوار ج 17 ، ص 116.
(7) نهج البلاغة، الفيض، ص705.
(8) غرر الحكم، ص49.
(9) الكافي ج2، ص 303.
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
اتحاد كليات الطب الملكية البريطانية يشيد بالمستوى العلمي لطلبة جامعة العميد وبيئتها التعليمية
|
|
|