المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية

نظرة الأمويين إلى الحرم والكعبة
29-4-2021
الضرائب غير المباشرة
2024-05-22
Sarcosine
1-1-2020
المعايير التخطيطية للخدمات التجارية- على مستوى الحي السكني
2023-02-12
البقدونس Petroselinum sativum Hoffm
7-12-2020
لم يرد نفي الاستطاعة عن الكفار بل نفي القبول عنهم
3-12-2015


الشاب ومسؤوليته الشخصية  
  
1110   02:43 صباحاً   التاريخ: 2023-04-05
المؤلف : الشيخ محمد تقي فلسفي
الكتاب أو المصدر : الشاب بين العقل والمعرفة
الجزء والصفحة : ج1 ص58 ــ 59
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

إن الإنسان عندما يبلغ مرحلة الشباب يجد أن هناك مسؤوليات يجب عليه الالتزام بها وقد يؤاخذ عليها أحياناً ، فالشباب هو سن الرشد العقلي والصحوة وهو عهد العمل والنشاط ، وكل من لم يفكر في شبابه بسعادته المادية والمعنوية ، وكل شاب يهدر أفضل أيام حياته بسبب تقاعسه وإهماله دون أن يقدر قيمة الفرصة الثمينة التي نزلت عليه ، يستحق التوبيخ والعقاب.

روي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل : {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ} [فاطر: 37] أنه قال : هو توبيخ لابن ثماني عشرة سنة(1) .

الشبان اليائسون

ومما يؤسف له أن غالبية الشبان في كافة الدول المتطورة والنامية تراهم ينحرفون عن الصراط المستقيم ضاربين المبادئ الأخلاقية والإنسانية بعرض الحائط بسبب عدم تلقيهم تربية صحيحة من قبل آبائهم وأمهاتهم ومعلميهم، مثل هؤلاء الشباب لديهم نظرة متشائمة إلى كل ما حولهم ، فهم لا يفكرون سوى بالتمرد والعصيان، ومرد ذلك أنهم بدل أن يعيشوا الأمل في أفضل أيام حياتهم عاشوا اليأس، وهاهم لا يبدون أية رغبة بتحصيل العلوم، وليس لديهم أدنى أمل بسعادة الغد ، فمعظمهم غرق في العادات السيئة الضارة ، وخسر بجهله وعنجهيته فرصة الشباب الثمينة.

واستناداً للإحصائيات الرسمية والمقالات الصحفية التي تناولت مسألة الشباب التائه والضال في البلدان الكبيرة ، فإن مثل هؤلاء الشباب باتوا يشكلون معضلة معقدة لحكوماتهم، إنهم لم يتعسوا أنفسهم فقط بل كانوا سبباً في تعاسة الآخرين. إن علماء التربية والنفس يبذلون قصارى جهدهم لإنقاذ هذا النوع من الشباب، وعسى أن يستطيعوا عبر طرق علمية وعملية يعرفونها، معالجة هؤلاء المرضى التعساء، وإيجاد سبل لتسوية مشاكلهم. 

حب الانزواء والوحدة

«إن الغرائب الأخلاقية لشباب اليوم قد بلغت ذروتها ، فالآلام التي يعانيها الشباب كبيرة وحقيقية ، كيف يجب أن نواجه هذه المصيبة؟ ، وكيف يمكننا ان نخرج الشباب وننقذهم من انزوائهم ووحدتهم القاتلة ونعيدهم إلى الحياة؟. إن مؤسسة الدراسات والأبحاث الاجتماعية والشبابية وجهت منذ مدة مذكرة إلى الحكومة الفرنسية اتصفت بالخوف والقلق قالت فيها: إن ما لا يقل عن 60% من الشباب قد فقدوا أي معنى للحياة بسبب طيش وجهالة مربي المدارس والمجتمع ، وهم - أي الشباب - يدفعهم اليأس إلى ارتكاب أعمال يخشى على المجتمع من هول عواقبها).

«إن معظم الشباب لا يحترمون من هم أكبر منهم سناً، ويحاولون دائماً التمرد على العادات والسنن القديمة. واستناداً إلى إحصائيات رسمية فإن عدد المدمنين على المخدرات والمشروبات الكحولية والتدخين في صفوف الشباب هو في تزايد مستمر يثير القلق ، كما أن الأشخاص الذين ينتهكون حرمة المبادئ والقيم الأخلاقية يتضاعفون باستمرار. وأفادت دراسة أجريت في أمريكا أن 45% من الشبان لا يقبلون بعادات الأسلاف وتقاليدهم ، وأن 55% اقتنعوا بالعادات الجديدة السائدة ، وفي المانيا أفادت إحصائيات دقيقة جرت في هذا المجال بأن الشبان العصاة المتمردين ينفرون من الكبار المسنين»(2).

وتجدر الإشارة إلى أن استغلال فرصة الشباب بصورة صحيحة أو هدرها لهما آثارهما على كافة مراحل عمر الإنسان ، وتتبلور نتائجهما الحسنة والسيئة طيلة العمر ، لأن أساس سعادة الإنسان وتعاسته يقوم ويتماسك في فترة شبابه.

_______________________________

(1) تفسير البرهان ، ص 882 .

(2) مجلة حقوق امروز (حقوق اليوم) العدد 6 ، العام الاول ، ص 81 قلى عن صحيفة علمية فرنسية تصدر كل شهر . 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.