المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر



المنزلقات الدينية لدى الشباب  
  
1231   10:12 صباحاً   التاريخ: 2023-03-14
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الشباب بين المعرفة والتوجيه
الجزء والصفحة : ص243ــ247
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

في عصرنا يواجه الشباب مشاكل عظيمة فمن جهة يواجه الميول الفطرية التي تدفعه الى التدين، ومن جهة اخرى تقف الخرافات والاديان المختلفة والأفكار والمذاهب والفلسفات حائلاً بينه وبين الطريق الصحيح، او على الاقل توقعه بالشك والتردد.

ومن جهة ثالثة بساهم التعصب الديني لدى البعض في هذا الاتجاه اذ يرفض هؤلاء حتى الاجابة على تساؤلات الشباب أو الاطلاع على ما يدور في اذهانهم ومساعدتهم على ايجاد حلول واجابات.

كما ان اتباعهم للناس واحياناً للمتدينين قد يؤدي الى مصيبة، مع انه في حد ذاته امر جيد وخصوصاً في حالة الوقوع في براثن اصحاب الوعي الناقص او اصحاب المذاهب الضالة

• ارضية المنزلقات:

ان ارضية المنزلقات واسعة وتساهم في خلق حالة من التذبذب الديني والتغيرات في العقيدة ولا شك في ان ذلك يفرز نتائج سلبية في المستقبل ويمكن الاشارة الى ما يلي.

ـ قلة الوعي والتجربة وخصوصاً ما يعرف بضعف العقيدة .

- الرغبة في الانتماء الى الجماعات، وخصوصاً الجماعات التي توليه احتراماً.

- الرغبة في التغيير والتجديد.

- الرغبة في الوصول الى حالة تجمع بين ارضاء الميول الفطرية للعبادة والميول الاخرى التي تدفعه الى التحرر والانفلات.

- الدوافع الغريزية وخصوصاً تلك التي ترتبط بالاستغلال لها بالاتجاه السيء.

ـ الرغبة في الاستقلال عن الاسرة وقيودها فيكون تغيير العقيدة احد هذه الاساليب.

• العلل:

ان العلل والاسباب التي تقود الى هذه المنزلقات كثيرة، سنشير الى بعض النماذج منها مع مراعاة الاختصار، وهي كالاتي.

١- ضعف الايمان: يواجه الشباب خطر تغيير العقيدة والدين، وهذا سبب تحولات في الحياة السياسية والاجتماعية وتراجعات مختلفة وقد لا تظهر هذه التراجعات اذا تم اقناع الشاب على ضوء المنطق والاستدلال العقلي بصحة العقيدة، ولهذا اوصى الاسلام بضرورة تعليم الشباب حقائق الدين قبل ان يعلمهم الاخرين سبل التراجع والتخلي عنها.

٢- الصدمات: ربما ادت الصدمات التي يتعرض لها الشباب من قبل بعض المتدينين الى ردود فعل حادة، فاذا صدر فعل منحرف من بعض ادعياء الدين أو بعض العلماء او التجار او شخصية متدينة معروفة واطلع عليه الشاب فانه يلحق كل ذلك بالدين ويرجع هذه الاخطاء الى وجود ضعف في نفس الدين. مع اننا نعلم ان الكثير من الافكار والمعتقدات والآداب والاعراف انتقلت الينا من الاجداد وهي بلا اساس، وهذه نفسها تعد من العناصر المضرة التي يواجهها الشباب اذ تخلق لديهم حالة رفض لنا ولعقائدنا.

٣- الابعاد: احياناً يرفض بعض الشباب الذين او يقفون ضده بسبب طرد جماعة وابعادهم باسم الدين. فاذا فرضنا ان بعض الشباب سلكوا سلوكاً خاطئاً لأنهم اعتادوا من قبل، بسبب الجهل او الغفلة او لغلبة الاهواء عليهم، فبينما يفترض بالناس ان يساعدونهم على العودة والندم فانهم يحكمون عليهم بالإبعاد والطرد ويفرضون عليهم العزلة والانزواء، فهؤلاء الشباب يتخلون عن الدين باعتبار هذا التصرف نوع من الانتقام منهم اذ انهم ضعيفي القدرة على التحمل.

٤- الاغراءات: نحن لا ننكر ان بعض الحالات يحدث الانحراف نتيجة التعلق بالجمال الظاهري والبريق الذي يصادف ضيق الافق عندهم. ونحن نعلم ان الجديد يحضى بأهمية لديهم ويتعلقون به بقوة وكأنهم يشعرون بالملل من الاوضاع المألوفة، بما في ذلك الدين فيذهبون باتجاه الافكار البراقة المزوقة ويتعاظم هذا الامر عندما يتعهد الشباب بعض الملحدين ويعملون على نشر افكارهم في اوساطهم.

٥- العواطف: في بعض الاحيان يصار الى استغلال العواطف الدينية لدى الناشئة ودفعهم الى الانحراف باسم الاسلام والدفاع عنه ويوجهون على جادة الانحدار ويسمون ذلك دفاع عن المستضعفين والمحرومين، لكن الحقيقة هي السعي لإنجاز اهداف خاصة. فالشباب بسبب عواطفهم يتأثرون بالدعايات، يكفي فقط الحديث عن المحرومين والمستضعفين ثم دعوة الشباب الى تحريرهم حتى نراهم يبادرون الى الانتماء الى الجماعات والمنظمات المنحرفة.

٦- الاصدقاء: لابد ان نذكر الاصدقاء وتأثيرهم الذي يكون قوياً جداً، خصوصاً في حالة اقامة علاقة معهم دون الاطلاع على حقيقة افكارهم مما يفسح فرص الانحراف، مع العلم انهم يتعلقون بالأصدقاء ويسعون الى كسب رضاهم واعجابهم والسير على نهجهم، ولهذا فان افكار الاصدقاء وسلوكياتهم تؤثر حتى اذا كانوا على علم بها، لابد من السيطرة على علاقات الشباب.

٧- الشك: لقد قلنا بان سن البلوغ هو سن الشك والتردد في كل شيء بما في ذلك الدين، فاذا لم يصل الى زوال هذه الشكوك بصورة مستقيمة او غير مستقيمة فانه سيكون ارضية للانحراف وقد تتسع هذه الارضية في حال حصول الشاب على نتائج من خلال الحوارات والنقاشات التي تقوده بعيداً عن الدين والايمان.

• سرعة التصديق:

واخيراً تأتي قضية تصديق الاخرين عند الشباب وما ينتج عن ذلك. فهم وبسبب قلة النضج الفكري وخلو الذهن من الموانع لذا فانهم يمكن ان يبدلوا افكارهم بسرعة، فاذا كانت افكارهم مستعدة فانهم حينئذ لا يتغيرون بتلك السرعة او ينحرفون.

وفي كل الاحوال لابد لنا من العمل مع الشباب للحيلولة دون وقوعهم في هذه المنزلقات، فاذا لم تمارس الاسرة دورها في منع التغيرات في الفكر فإنها ستقود الى اخطار اخرى. 




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.