المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية


Untitled Document
أبحث عن شيء أخر
غزوة الحديبية والهدنة بين النبي وقريش
2024-11-01
بعد الحديبية افتروا على النبي « صلى الله عليه وآله » أنه سحر
2024-11-01
المستغفرون بالاسحار
2024-11-01
المرابطة في انتظار الفرج
2024-11-01
النضوج الجنسي للماشية sexual maturity
2024-11-01
المخرجون من ديارهم في سبيل الله
2024-11-01

أضواء على دعاء اليوم الخامس.
2024-04-24
جودة ثمار الموز
2023-08-21
Rascal Triangle
10-1-2021
ممارسات وتطبيقات Five S Practices   5S
21-3-2021
حكم المتمتّع لو دخل مكّة وخاف فوات الوقت لو اكملها.
14-4-2016
Hydrophilicity
23-5-2016


التربية الأخلاقية للشباب  
  
1881   09:52 صباحاً   التاريخ: 2023-03-11
المؤلف : د. علي القائمي
الكتاب أو المصدر : تربية الشباب بين المعرفة والتوجيه
الجزء والصفحة : ص293ــ299
القسم : الاسرة و المجتمع / المراهقة والشباب /

التربية الاخلاقية قضية مهمة فكما قال الامام علي (عليه السلام) بما معناه ان الشرف الانساني والاخلاق الانسانية يمكن الحفاظ عليه تحت ظلال التربية وان الدين والعلم يصان عن الزوال.

نحن موجودات اجتماعية والبناء الاجتماعي يعتمد على العلاقات والمواقف فيما بين اعضاء المجتمع، فاذا لم نضع ضوابط للروابط الانسانية فإننا سنضع المجتمع على ابواب الانحراف. وكذلك اذا لم يسخر الناس بعض علاقاتهم لمصلحة الاخرين، او عندما لا يتجاهل مصالحه فان بقاء المجتمع سيكون الى الزوال.

التربية الاخلاقية قسم من التربية الانسانية وركن من اركان التوجيه وهذا امر مهم جداً بالنسبة للشباب الذين يستعدون للدخول الى الحياة الاجتماعية وعلينا ان نثبت الاسس الاخلاقية، خصوصاً في هذه السن، وعلينا ان نسعى لإزالة او ترسيخ النية السابقة تبعاً لموازين التربية الاخلاقية.

• اهمية الاخلاق:

علينا في البداية ان نعرف ما هي الاخلاق وما هي اهميتها؟

الاخلاق من وجهة نظرنا تمثل البنية التحتية للعمل والسلوك، وتشتمل على مجموعة قواعد وقوانين واسس عامة وان توضع تبعاً لدين او فكر او نظام اجتماعي. وان يتم تطبيقها من خلال العمل.

وبالنسبة للأهمية فإنها سبب بقاء او زوال الامم او تقدمها وغلبتها. ان الاخلاق جسراً لترابط عمليات البناء والعيش المشترك ولظهور الصلاح وان عدم مراعاتها سيؤدي الى الصدام والحرب والتعدي.

فحياة المجتمع تسلم في ظلال رعاية الاخلاق والحفاظ عليها والالتزام بالقيم. لأنها تساعد على بروز الفضائل والتعالي في الفرد والجماعة. والاسلام هو دين الاخلاق والسعادة الانسانية وان التخلق بأخلاقه يجعلها فضية قابلة للتحقق. 

• الرؤية الاجتماعية للشباب:

ان ورود الشباب الى الحياة الاجتماعية يتم بأسلوب ابتدائي، فهم ينتظرون من الناس معاملة تشبه معاملة الوالدين غير ان الناس لا يرون اي الزام في اجابة طلباتهم وهذا اول احباط يواجههم.

من جهة اخرى فان تقييمهم للناس تقييم مثالي ويرون ان الناس منفذين لرغباتهم وخططهم بينما لا يوجد عند الناس استعداد من هذا النوع، لذا فان تكثر حسراتهم ويتساءلون عن السبب الذي يجعل الناس بهذا البرود ولماذا لا يهبون لتحقيق العدالة تماماً مثلهم وهذا التساؤل يصيبهم باليأس.

وفي اوائل الانتقال الى الحياة الاجتماعية يرون ان الناس مثل اباءهم وامهاتهم وان من حقهم ارتكاب اي عمل يشاؤون. وحين يرى الناس ذلك عليهم ان يفضوا الطرق وان يتسامحوا مع الاخطاء ولا شيء من ذلك عند الناس. ومن هنا يسيؤون الظن بالمجتمع وفي بعض الاحيان يتهمون الناس بالسكوت على الباطل ويساؤلون لماذا يقولون الحق؟

• التوجيه الاخلاقي:

بالنظر لوجود جوانب كهذه لابد من مراعاتها اثناء تربية الشباب وتعريفهم بحقائق الحياة الاجتماعية وتوجيههم باتجاه اتخاذ المواقف الصحيحة، ولابد ان يعرفوا ما هي الاخلاق؟ وما هي ضوابطها؟ وكيف يجب اتخاذ القرارات وكيف يتم التنفيذ؟

في التربية الاخلاقية يتم السعي لتصوير الدنيا على اساس معرفة واقعيات الحياة ومتابعة اهداف ثابتة. التعرف على الفضيلة ومحاولة الاتجاه نحو السلوكيات التي تؤيدها التعاليم الدينية، ولابد من افهامهم من ان الحياة الاجتماعية لا يمكن ان تستمر بدون ضوابط تحكمهم. فالتفاوت في السلوك موجود لكن لا يمكن ان تصبح الانحرافات موضع قبول وتأييد.

المعايير الاخلاقية، الصلاح والفساد عوامل التعالي والانحطاط. المصالح التي تسبب نمو الفرد والمجتمع. الجواب التي تجعل الانسان محبوباً او مبغوضاً عند الله. الصفات الحميدة والصفات السيئة، الحقائق المطلقة والمقيدة. القيم التي تخلق الخير. كل هذه الامور لابد ان تلقن للشباب وتلفت انظارهم نحوها.

• تعليم القيم:

في سن الشباب يتركز التوجه نحو المثل العليا ومن خلال هذه الارضية يصبح دفعهم نحو القيم الخالدة عملية ممكنة وبهذا الدفع فانهم يعملون على انجاز اهداف عليا واستغلال قواهم بصورة مفيدة.

ولطالما رأينا الكثير من الشباب بسبب التعليم السيء والعلاقات غير المدروسة والاستجابة للغرائز لا يتبعون القيم العليا وربما لا يتبعون اية قيم سوى القيم الخاطئة من قبيل اعتبار الامتحان في المدرسة هو معيار القيمة الاجتماعية فاذا نجحوا في الامتحان فانهم مقبولين وسعداء، واذا لم يوفقوا في ذلك فانهم سيقدمون على الانتحار.

وفي التربية الاخلاقية من الضروري أن يتم اقناعهم بان هذه القيم ليست الاساس وان يصار الى الاستعاضة عنها بقيم اخرى دائمة وحية. مثل محبة الله والخدمة للمجتمع. الفداء والتضحية من اجل الدين. الدفاع عن حرية البشر الرغبة في ارساء الحق والعدل. الاحترام والتقدير لعباد الله.

• دور المدرسة والبيت:

تضطلع الاسرة بدور اساسي جداً في التربية الاخلاقية، لأن الانسان يقضي شطراً طويلاً من حياته بين احضانها وتشكل روحة وشخصيته من خلالها. فالأسس الاخلاقية تستقر في ذهن وفكر الافراد في البيت وتبقى معهم الى الابد. فاذا كانت الاسرة صالحة فإنها ستنتج اولاداً صلحاء اما اذا فسدت فان الاولاد سيكونون كذلك.

ولكي نبني الاسس لأخلاق سليمة لابد ان يكون الاباء افردا وعاة للدين والاخلاق، وأن تكون علاقاتهم فيما بينهم مبنية على التفاهم والاحترام لحقوق بعضهم البعض وسيادة المحبة ومعرفة الواجبات والحدود الى جانب التوازن المطلوب ثم يكونوا قدوة لأبنائهم في السلوك.

اما المدرسة فإنها اكثر صلاحية من البيت لتعليم الافراد المفاهيم الاخلاقية والنظريات فان عدم التحسس لمكارم الاخلاق واسس الايمان والعواطف الانسانية عند مسؤولي المدارس يسبب دفع الشباب الى عدم الاهتمام بها واحياناً تؤدي الى الفساد. فاذا كان المعلمين في المدرسة قدوات صالحة فانهم قد يعوضوا النواقص المحتملة في الاسرة.

• الاخلاق والعمل:

لإنماء الشباب اخلاقياً يمكن الدخول من طريقين متوازيين، الاول هو تعليمهم النظريات كما في المساجد والمدارس والمنابر والاحاديث والمجالس والطريق الثاني هو طريق العمل والاسوة ووجود اناس يجسدون له عمل الخير.

يصبح التعليم الاخلاقي قيماً من خلال الفهم والوعي، ولكن الذي ينفذ الى النفس هو العمل. نافلة القول ان الوالدين والمربين ومسؤولي الدولة يتحملون مسؤولية تقديم القدوات والبرامج ودفع الشباب باتجاهها.

ومن وجهة نظر الاسلام فان الرسول (صلى الله عليه وآله) قدوة كاملة، فعمله وقوله واجب الاتباع من قبل الامة باعتباره نموذجاً عملياً يجب التأسي به وقد خلق الاقتداء به فعلاً امة معتدلة تصلح لاقتداء الامم بها، وعلى هذا الاساس فإن الوالدين والمربين عبارة عن استمرار لأسلوب التربية النبوي فعليهم ان يعملوا عملاً صالحا لكي يراه ابناءهم الشباب وأن يقتدوا بهم.

• السيطرة اللازمة:

نحن نعتقد بان العقوبات والضغوط في هذه السن لا يمكن ان تكون سبيلاً سليماً لدفع الشاب الى الصواب خصوصاً ان الاسلام اكد على اعتبارهم مشاورين ووزراء اذ ان الضرب والاهانة سوف لن تؤثر في ردعه عن الخط اذا ما وقع فيه.

لكن الرقابة ضرورية بدورها، فعن طريق ابداء الرأي والتذكير والارشاد تحول دون تنامي الحالات السلبية وان لا تترسخ السلوكيات غير المطلوبة. وهنا لا بد من ابعادهم عن الفضول في الكلام الذي يكشف عيوب الانسان وانحرافاته ونعلمه كيف يسيطر على نفسه ويعمد الى بنائها.

تشكل الكتب والمجلات والافلام والاحاديث والمحاضرات والمشاهدات اذهانهم وهم غالباً يسعون الى ما يرضي الغريزة والخيال والاحلام، ولذلك فانهم بحاجة الى رقابة مستمرة.

• دور التفاهم:

الشباب والمراهقين عطاشى للمحبة والتفاهم والاطمئنان الى حب الوالدين والمربين، انهم بحاجة لاستشعار حب الوالدين لهم وانهم يحاولون دفعهم الى الخير والهداية واذا كان هناك امر ونهي فانه لتأمين سعادتهم لا أكثر.

وان وجود هذا الفهم يسبب الاستسلام الكامل للأب والمربين والطاعة لقوله وتنفيذ اوامرهم بدقة.

يقول الامام الباقر (عليه السلام) ما معناه، بان الحب عامل مهم من عوامل التربية وجوهر الاخلاص في الدين.

ولا تربط المحبة اعضاء البيت فقط بل تربط العالم بأسرة والمهم هو اعلان المحبة وربما كان بعض الشباب وبسبب عدم سماعهم لكلمات الحب يبقون في شك من حب ذويهم لهم.

الاستعداد:

قلنا سابقاً ان الشباب يحملون الاستعداد للاتجاه نحو الفضيلة او الرذيلة، ولكن الرغبة في النجاة اقوى عندهم، ومن اجل بناءهم بمكننا اثارة احترامهم لأنفسهم او رغبتهم في الوصول الى الحقائق والتقدم في الحياة.

حب هؤلاء بالإسلام وتعاليمه هو بذاته دافع قوى لتنمية هؤلاء، واذا نجح الاباء والمربين في ذلك فانهم يكونوا قد انجزوا عملاً مهما في دفع الابناء نحو الخير.

واذا لم يكن الوضع الاخلاقي للشاب مقبولاً فإننا يجب ان لا نياس فان الفطرة المحبة لله عندهم تستيقض باقل حافز وان يتقلبوا رأساً على عقب وكل ذلك ممكن بشرط ان نكون قادة صالحين لهم.




احدى اهم الغرائز التي جعلها الله في الانسان بل الكائنات كلها هي غريزة الابوة في الرجل والامومة في المرأة ، وتتجلى في حبهم ورعايتهم وادارة شؤونهم المختلفة ، وهذه الغريزة واحدة في الجميع ، لكنها تختلف قوة وضعفاً من شخص لآخر تبعاً لعوامل عدة اهمها وعي الاباء والامهات وثقافتهم التربوية ودرجة حبهم وحنانهم الذي يكتسبونه من اشياء كثيرة إضافة للغريزة نفسها، فالابوة والامومة هدية مفاضة من الله عز وجل يشعر بها كل اب وام ، ولولا هذه الغريزة لما رأينا الانسجام والحب والرعاية من قبل الوالدين ، وتعتبر نقطة انطلاق مهمة لتربية الاولاد والاهتمام بهم.




يمر الانسان بثلاث مراحل اولها الطفولة وتعتبر من اعقد المراحل في التربية حيث الطفل لا يتمتع بالإدراك العالي الذي يؤهله لاستلام التوجيهات والنصائح، فهو كالنبتة الصغيرة يراقبها الراعي لها منذ اول يوم ظهورها حتى بلوغها القوة، اذ ان تربية الطفل ضرورة يقرها العقل والشرع.
(أن الإمام زين العابدين عليه السلام يصرّح بمسؤولية الأبوين في تربية الطفل ، ويعتبر التنشئة الروحية والتنمية الخلقية لمواهب الأطفال واجباً دينياً يستوجب أجراً وثواباً من الله تعالى ، وأن التقصير في ذلك يعرّض الآباء إلى العقاب ، يقول الإمام الصادق عليه السلام : « وتجب للولد على والده ثلاث خصال : اختياره لوالدته ، وتحسين اسمه ، والمبالغة في تأديبه » من هذا يفهم أن تأديب الولد حق واجب في عاتق أبيه، وموقف رائع يبيّن فيه الإمام زين العابدين عليه السلام أهمية تأديب الأولاد ، استمداده من الله عز وجلّ في قيامه بذلك : « وأعني على تربيتهم وتأديبهم وبرهم »)
فالمسؤولية على الاباء تكون اكبر في هذه المرحلة الهامة، لذلك عليهم ان يجدوا طرقاً تربوية يتعلموها لتربية ابنائهم فكل يوم يمر من عمر الطفل على الاب ان يملؤه بالشيء المناسب، ويصرف معه وقتاً ليدربه ويعلمه الاشياء النافعة.





مفهوم واسع وكبير يعطي دلالات عدة ، وشهرته بين البشر واهل العلم تغني عن وضع معنى دقيق له، الا ان التربية عُرفت بتعريفات عدة ، تعود كلها لمعنى الاهتمام والتنشئة برعاية الاعلى خبرة او سناً فيقال لله رب العالمين فهو المربي للمخلوقات وهاديهم الى الطريق القويم ، وقد اهتمت المدارس البشرية بالتربية اهتماماً بليغاً، منذ العهود القديمة في ايام الفلسفة اليونانية التي تتكئ على التربية والاخلاق والآداب ، حتى العصر الاسلامي فانه اعطى للتربية والخلق مكانة مرموقة جداً، ويسمى هذا المفهوم في الاسلام بالأخلاق والآداب ، وتختلف القيم التربوية من مدرسة الى اخرى ، فمنهم من يرى ان التربية عامل اساسي لرفد المجتمع الانساني بالفضيلة والخلق الحسن، ومنهم من يرى التربية عاملاً مؤثراً في الفرد وسلوكه، وهذه جنبة مادية، بينما دعا الاسلام لتربية الفرد تربية اسلامية صحيحة.