أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-06-14
536
التاريخ: 18-7-2016
1535
التاريخ: 2024-03-16
771
التاريخ: 18-7-2016
1366
|
اعلم أن من اعتقد اعتقاداً بأنه لا فاعل إلا الله، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأن له تمام العلم والقدرة على كفاية العباد، ثم تمام العطف والعناية والتوجه بجملة العباد والآحاد، وأنه ليس وراء منتهى قدرته قدرة ولا وراء منتهى علمه علم ولا وراء منتهى عنايته عناية اتكل لا محالة قلبه على الله وحده ولم يلتفت إلى غيره بوجهه ولا إلى نفسه ومن لم يجد ذلك من نفسه فسببه أحد أمرين: إما ضعف اليقين، وإما ضعف القلب.
ومرضه باستيلاء الجبن عليه، وانزعاجه بسبب الأوهام الغالبة عليه، فإن القلب قد ينزعج تبعاً للوهم وطاعة له من غير نقصان في اليقين، كانزعاجه أن يبيت مع ميت في قبر أو فراش مع عدم نفرته عن سائر الجمادات، فالتوكل لا يتم إلا بقوة القلب وقوة اليقين جميعاً، إذ بهما يحصل سكون القلب وطمأنينته فالسكون في القلب شيء واليقين شيء آخر، فكم من يقين لا طمأنينة معه، كما قال تعالى لخليله: {قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي} [البقرة: 260].
وكم من مطمئن لا يقين له كسائر أرباب الملل والمذاهب، فإن اليهودي مطمئن القلب إلى تهوده وكذا النصراني ولا يقين لهما أصلاً، وإنما {إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} [النجم: 23]. وهو سبب اليقين إلا أنهم معرضون.
واعلم أن الناس تتفاوت درجاتهم في التوكل بحسب تفاوت مراتبهم في قوة اليقين وضعفه، وفي قصر الأمل وطوله، وفي مدار الادخار بحسب الأمل وللمنفرد والمعيل: فمنهم من هو من المقربين (1)، ومنهم من هو من أصحاب اليمين (2) ومنهم من لا توكل له أصلاً، وذلك بحسب عدم الوثوق بالأسباب أصلاً وقلته وكثرته..
ومن كمل إيمانه سقط وثوقه بالأسباب بالكلية، فيرزقه الله من حيث لا يحتسب كسب أم لم يكتسب، إلا أنه لا يترك الكسب بل يتبع أمر الله فيه، وليس وثوقه إلا بالله وحده دون كسبه (3).
قال الصادق (عليه السلام): أبى الله عزّ وجل (4) أن يجعل أرزاق المؤمنين إلا من حيث لا يحتسبون (5).
وإنما خصه بالمؤمنين لأن كمال الإيمان يقتضي ألا يثق صاحبه بالأسباب وأن يتوكل على الله عزّ وجل وحده، وكمال الإيمان إنما يكون لصاحب العلم المكنون من الأنبياء والأولياء {ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ} [المائدة: 54].
وقال السجاد (عليه السلام): رأيت الخير كله في قطع الطمع عما في أيدي الناس، ومن لم يرج الناس في شيء وردَّ أمره إلى الله تعالى في جميع أموره استجاب الله تعالى له في كل شيء (6).
وقال الباقر (عليه السلام): بئس العبد عبد له طمع يقوده، وبئس العبد عبد له رغبة تذله (7).
وقال الصادق (عليه السلام): شرف المؤمن قيام الليل، وعزه استغناؤه عن الناس (8).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) إشارة إلى قوله تعالى: ((فَأَمّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ)) سورة الواقعة/ 88.
(2) إشارة إلى قوله تعالى: ((وَأَمّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ)) سورة الواقعة/ 90.
(3) انظر: الحقايق في محاسن الأخلاق، الفيض الكاشاني: 196، الباب الخامس في اليقين والتوكل، الفصل الثالث التوكل يبنى بقوة القلب واليقين.
(4) ليس في التمحيص: "عزّ وجل".
(5) التمحيص، الإسكافي: 53، باب 6 وجوب الأرزاق والإجمال في الطلب/ ح104.
(6) انظر: الكافي، الكليني:2/148، كتاب الإيمان والكفر، باب الاستغناء عن الناس/ ح3.
(7) الكافي، الكليني: 2/ 320، كتاب الإيمان والكفر، باب الطمع/ ح2.
(8) مشكاة الأنوار، الطبرسي: 126، الباب الثالث في محاسن الأفعال وشرف الخصال وما يشبههما، الفصل السادس في الغنى والفقر.
|
|
5 علامات تحذيرية قد تدل على "مشكل خطير" في الكبد
|
|
|
|
|
لحماية التراث الوطني.. العتبة العباسية تعلن عن ترميم أكثر من 200 وثيقة خلال عام 2024
|
|
|