أقرأ أيضاً
التاريخ: 22-5-2019
2199
التاريخ: 3-04-2015
4106
التاريخ: 18-4-2019
1990
التاريخ: 18-4-2019
5048
|
للوصول إلى التصور الصحيح عن المسيرة الرساليّة لأهل البيت ( عليهم السّلام ) الرسالية لابدّ أن نجيب على الأسئلة التالية :
1 - ما هي الرسالة الإسلامية ؟
2 - وما هي الأخطار التي كانت تواجهها ؟
3 - وما هي التحصينات التي كان ينبغي اتّخاذها ضد تلك الأخطار .
وقبل الإجابة نقول : هناك نظرتان أساسيتان للكون ولموقف الإنسان منه .
النظرة الأولى : أن الكون مملكة لمليك قدير يراقب من وراء الستار مراقبة غير منظورة . والإنسان في الكون هو الأمين والخليفة لا الأصيل والمتحكم ؛ لأن هذه مملكة غيره بكل ما فيها من وجود بما فيها نفس الإنسان . والإنسان إنّما يقوم بأعباء الخلافة والأمانة . وهذه الخلافة والأمانة تستبطن ضرورة استيحاء الأمر والنهي والتدبير والتقدير والتقديم من قبل ذلك المليك القدير . والأمين لابد له أن يطبّق على الأمانة التي استؤمن عليها قرارات المالك . فلابد للإنسان إذن أن يكون رهن أوامر ذلك المليك القدير .
والجزء الآخر لهذه النظرية الأساسية : أن المسؤولية تستبطن الحساب والثواب والعقاب . وهما يستبطنان وجود عالم آخر وراء هذا العالم لتحقيق نتائج هذه المراقبة المستورة . وحينئذ لا يكون الإنسان قيد هذا الشوط القصير في الدنيا ، بل يكون رهن خط طويل ، وعلى مستوى أهداف كبيرة لا يستطيع هو أن يستنزفها ؛ إذ تكون أوسع من عمر الإنسان في هذه الدنيا .
وإذا أصبحت البشرية على مستوى الأهداف الكبيرة - لأنها انطلقت في غاياتها وفي ثباتها إلى أكثر من حدود هذه الدنيا الفانية - حينئذ تستطيع أن تقوم بأعباء تلك الأهداف الكبيرة .
والحضارة الإسلامية عبارة عن هذه النظرة الأساسية بكلّ شعبها وفروعها التي ترجع بالنهاية إلى تجسيد كامل للعلاقة مع اللّه سبحانه وتعالى في تفاعل الإنسان في كلّ مجالاته الحيوية والكونية .
والنظرة الثانية : هي أن يرى الإنسان نفسه أصيلا في هذا الكون ، وأن هذا الكون غير خاضع لمليك ومراقبة من وراء الستار . وحينما تتركز في نظره هذه الأصالة وهذا الاستقلال بهذا الكون تنعدم المسؤولية ، وإذا انعدمت المسؤولية بقي عليه هو أن يتحمل المسؤولية بنفسه .
فهو بدلا من أن يشعر بأنه مسؤول ومراقب امام جهة عليا تضعه أمام أهداف كبرى في سبيل الثواب الكبير والعقاب الكبير ، هو يصنع لنفسه المسؤولية . وحينما يحتمّل هو وضع المسؤولية تكون هذه المسؤولية نتاج نفسه فينعكس فيما وضعه تمام ما في نفسه ، أي تمام المحتوى الداخلي والروحي والحسي بكل ما فيه من نقص وانحراف .
وحينما يريد الإنسان أن يحدد لنفسه مسؤولياته ؛ فإنّما يحددّها على ضوء أهدافه التي سوف يحددها على ضوء ما يراه من الطريق الذي يريد سلوكه .
وحيث إن طريقه محدود في نطاق المادة فسوف تكون الأهداف على مستوى الطريق المحدود . . . وحينئذ سوف يخسر القيم الأخلاقية ويتولد عن ذلك - طبعا - ألوان من الصراع والنزاع بين البشرية .
وجاء الإسلام ليربي الإنسان على النظرية الأولى بحيث تصبح جزء من وجوده وتجري مع دمه وعروقه وفكره وعواطفه وتنعكس على كل مجالات تصرفه وسلوكه مع اللّه سبحانه وتعالى ومع نفسه ومع الآخرين .
ولا بدّ للإسلام حينئذ أن يهيمن على هذا الإنسان ، وعلى كل طاقاته وعلاقاته ليستطيع أن يربيه ؛ وكلما كانت الهيمنة أوسع نطاقا كانت التربية أكثر نجاحا . فإنّ الأب قد لا ينجح في تربية ابنه لأن وجود ابنه ليس كله تحت هيمنته ؛ لأن هذا الابن هو ابنه وابن المجتمع أيضا ما دام يتفاعل معه ويتأثر به ويؤثر فيه ويتبادل معه العواطف والمشاعر والأفكار والانفعالات ، وقد يقيم معه علاقات في الحقول الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك من مجالات حياته ، فهو ليس ابنه وحده بل ابن المجتمع أيضا .
ومن الطبيعي أن يعجز كثير من الآباء عن تربية أبنائهم في المجتمع الفاسد .
اذن فالتربية الكاملة لا تتحقق إلّا إذا هيمن المربي على الإنسان هيمنة كاملة ، على كل علاقاته الاجتماعية مع غيره بحيث يصبح تمام هذا الوجود تحت سيطرة هذا المربي ، فيصير شخص واحد هو الأب وهو المجتمع .
وحينئذ يصبح هذا مربّيا كاملا .
وهذا ما صنعه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) حين هيمن على العلاقات الاجتماعية لأنه تزعّم المجتمع بنفسه ، فأنشأ مجتمعا وقاده بنفسه ووقف يخطط لهذا المجتمع ويبني كل العلاقات داخل الإطار الاجتماعي : علاقة الإنسان مع نفسه وعلاقته مع ربّه وعلاقته مع عائلته وعلاقته مع بقية أبناء مجتمعه . ولهذا صارت كل هذه الأمور تحت هيمنته وبهذا استكمل الشرط الأساسي للتربية الناجحة[1].
وبالرغم من أن النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) قد مارس عملية التغيير الشاملة للمجتمع وأعرافه وأنظمته ومفاهيمه ، لكن الطريق لم يكن قصيرا أمام عملية التغيير الشاملة هذه ، بل كان طريقا ممتدا بامتداد الفواصل المعنوية الضخمة بين الجاهلية والإسلام ، فكان على النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يبدأ بإنسان الجاهلية فتنشئه إنشاءا جديدا ويجعل منه الإنسان الإسلامي الذي يحمل النور الجديد ويجتثّ منه كلّ جذور الجاهلية ورواسبها .
وقد خطا الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) بعملية التغيير هذه خطوات مدهشة في برهة قصيرة جدّا[2] حتّى وأنتجت التربية النبوية انتاجا عظيما وحققت تحوّلا فريدا .
ولكن الامّة الإسلامية - ككل - لم تكن قد عاشت في ظل عملية التغيير هذه إلّا عقدا واحدا من الزمن على أكثر تقدير ، وهذا الزمن لا يكفي عادة في منطق الرسالات العقائدية والدعوات التغييرية ليرتفع الجيل الذي عاش في كنف الرسالة عشر سنوات فقط إلى درجة من الوعي والموضوعية والتّحرر من رواسب الماضي والاستيعاب لمعطيات الرسالة الجديدة استيعابا يؤهله للقيمومة على الخط الرسالي وتحمّل مسؤوليات الدعوة إلى اللّه تعالى على بصيرة تامّة ومواصلة عملية التغيير الشاملة بدون قائد رساليّ .
بل إن منطق الرسالات العقائدية يفرض أن تمرّ الامّة بوصاية عقائدية فترة أطول من الزمن تهيؤها للارتفاع إلى مستوى تلك القيمومة[3].
وباعتبار أن الاسلام كان يريد تحقيق أهدافه كاملة كان ينبغي أن يستمر تطبيقه على يد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) نفسه فيمتدّ به العمر حتى يستكمل كلّ الشروط اللازمة للتربية الشاملة في فترة زمنية كافية أو يوكل أمر تطبيق الإسلام إلى من يخلفه من القادة الأكفاء الذين بلغوا درجة العصمة في مستواهم العقائدي والفكري والعملي ليصونوا أمر التربية من أي انحراف أو انهيار .
اذن منطق العمل التغييري على مسار التاريخ كان يفرض على النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يصون تجربته من أيّ ضعف أو اندحار ، وذلك من خلال استمرار الوصاية على التجربة الانقلابية الجديدة وهكذا كان فقد تمثّلت مهمّة صيانته للتجربة الفتيّة في أهل بيته المعصومين ( عليهم السّلام ) الذين أعدّهم بنفسه إعدادا رساليا وقياديا خاصّا ليكونوا قادرين على مواصلة عملية التغيير الشاملة بالشكل المطلوب ، والمنسجم مع أهداف الرسالة الكبرى .
|
|
دراسة يابانية لتقليل مخاطر أمراض المواليد منخفضي الوزن
|
|
|
|
|
اكتشاف أكبر مرجان في العالم قبالة سواحل جزر سليمان
|
|
|
|
|
المجمع العلمي ينظّم ندوة حوارية حول مفهوم العولمة الرقمية في بابل
|
|
|