المرجع الالكتروني للمعلوماتية
المرجع الألكتروني للمعلوماتية

سيرة الرسول وآله
عدد المواضيع في هذا القسم 9111 موضوعاً
النبي الأعظم محمد بن عبد الله
الإمام علي بن أبي طالب
السيدة فاطمة الزهراء
الإمام الحسن بن علي المجتبى
الإمام الحسين بن علي الشهيد
الإمام علي بن الحسين السجّاد
الإمام محمد بن علي الباقر
الإمام جعفر بن محمد الصادق
الإمام موسى بن جعفر الكاظم
الإمام علي بن موسى الرّضا
الإمام محمد بن علي الجواد
الإمام علي بن محمد الهادي
الإمام الحسن بن علي العسكري
الإمام محمد بن الحسن المهدي

Untitled Document
أبحث عن شيء أخر المرجع الالكتروني للمعلوماتية



نظرة عامة في مسيرة أهل البيت ( عليهم السّلام ) الرسالية  
  
1815   02:36 صباحاً   التاريخ: 9/10/2022
المؤلف : المجمع العالمي لأهل البيت ( ع ) - لجنة التأليف
الكتاب أو المصدر : أعلام الهداية
الجزء والصفحة : ج 6، 89-93
القسم : سيرة الرسول وآله / الإمام الحسين بن علي الشهيد / قضايا عامة /

للوصول إلى التصور الصحيح عن المسيرة الرساليّة لأهل البيت ( عليهم السّلام ) الرسالية لابدّ أن نجيب على الأسئلة التالية :

1 - ما هي الرسالة الإسلامية ؟

2 - وما هي الأخطار التي كانت تواجهها ؟

3 - وما هي التحصينات التي كان ينبغي اتّخاذها ضد تلك الأخطار .

وقبل الإجابة نقول : هناك نظرتان أساسيتان للكون ولموقف الإنسان منه .

النظرة الأولى : أن الكون مملكة لمليك قدير يراقب من وراء الستار مراقبة غير منظورة . والإنسان في الكون هو الأمين والخليفة لا الأصيل والمتحكم ؛ لأن هذه مملكة غيره بكل ما فيها من وجود بما فيها نفس الإنسان . والإنسان إنّما يقوم بأعباء الخلافة والأمانة . وهذه الخلافة والأمانة تستبطن ضرورة استيحاء الأمر والنهي والتدبير والتقدير والتقديم من قبل ذلك المليك القدير . والأمين لابد له أن يطبّق على الأمانة التي استؤمن عليها قرارات المالك . فلابد للإنسان إذن أن يكون رهن أوامر ذلك المليك القدير .

والجزء الآخر لهذه النظرية الأساسية : أن المسؤولية تستبطن الحساب والثواب والعقاب . وهما يستبطنان وجود عالم آخر وراء هذا العالم لتحقيق نتائج هذه المراقبة المستورة . وحينئذ لا يكون الإنسان قيد هذا الشوط القصير في الدنيا ، بل يكون رهن خط طويل ، وعلى مستوى أهداف كبيرة لا يستطيع هو أن يستنزفها ؛ إذ تكون أوسع من عمر الإنسان في هذه الدنيا .

وإذا أصبحت البشرية على مستوى الأهداف الكبيرة - لأنها انطلقت في غاياتها وفي ثباتها إلى أكثر من حدود هذه الدنيا الفانية - حينئذ تستطيع أن تقوم بأعباء تلك الأهداف الكبيرة .

والحضارة الإسلامية عبارة عن هذه النظرة الأساسية بكلّ شعبها وفروعها التي ترجع بالنهاية إلى تجسيد كامل للعلاقة مع اللّه سبحانه وتعالى في تفاعل الإنسان في كلّ مجالاته الحيوية والكونية .

والنظرة الثانية : هي أن يرى الإنسان نفسه أصيلا في هذا الكون ، وأن هذا الكون غير خاضع لمليك ومراقبة من وراء الستار . وحينما تتركز في نظره هذه الأصالة وهذا الاستقلال بهذا الكون تنعدم المسؤولية ، وإذا انعدمت المسؤولية بقي عليه هو أن يتحمل المسؤولية بنفسه .

فهو بدلا من أن يشعر بأنه مسؤول ومراقب امام جهة عليا تضعه أمام أهداف كبرى في سبيل الثواب الكبير والعقاب الكبير ، هو يصنع لنفسه المسؤولية . وحينما يحتمّل هو وضع المسؤولية تكون هذه المسؤولية نتاج نفسه فينعكس فيما وضعه تمام ما في نفسه ، أي تمام المحتوى الداخلي والروحي والحسي بكل ما فيه من نقص وانحراف .

وحينما يريد الإنسان أن يحدد لنفسه مسؤولياته ؛ فإنّما يحددّها على ضوء أهدافه التي سوف يحددها على ضوء ما يراه من الطريق الذي يريد سلوكه .

وحيث إن طريقه محدود في نطاق المادة فسوف تكون الأهداف على مستوى الطريق المحدود . . . وحينئذ سوف يخسر القيم الأخلاقية ويتولد عن ذلك - طبعا - ألوان من الصراع والنزاع بين البشرية .

وجاء الإسلام ليربي الإنسان على النظرية الأولى بحيث تصبح جزء من وجوده وتجري مع دمه وعروقه وفكره وعواطفه وتنعكس على كل مجالات تصرفه وسلوكه مع اللّه سبحانه وتعالى ومع نفسه ومع الآخرين .

ولا بدّ للإسلام حينئذ أن يهيمن على هذا الإنسان ، وعلى كل طاقاته وعلاقاته ليستطيع أن يربيه ؛ وكلما كانت الهيمنة أوسع نطاقا كانت التربية أكثر نجاحا . فإنّ الأب قد لا ينجح في تربية ابنه لأن وجود ابنه ليس كله تحت هيمنته ؛ لأن هذا الابن هو ابنه وابن المجتمع أيضا ما دام يتفاعل معه ويتأثر به ويؤثر فيه ويتبادل معه العواطف والمشاعر والأفكار والانفعالات ، وقد يقيم معه علاقات في الحقول الأخلاقية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغير ذلك من مجالات حياته ، فهو ليس ابنه وحده بل ابن المجتمع أيضا .

ومن الطبيعي أن يعجز كثير من الآباء عن تربية أبنائهم في المجتمع الفاسد .

اذن فالتربية الكاملة لا تتحقق إلّا إذا هيمن المربي على الإنسان هيمنة كاملة ، على كل علاقاته الاجتماعية مع غيره بحيث يصبح تمام هذا الوجود تحت سيطرة هذا المربي ، فيصير شخص واحد هو الأب وهو المجتمع .

وحينئذ يصبح هذا مربّيا كاملا .

وهذا ما صنعه رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) حين هيمن على العلاقات الاجتماعية لأنه تزعّم المجتمع بنفسه ، فأنشأ مجتمعا وقاده بنفسه ووقف يخطط لهذا المجتمع ويبني كل العلاقات داخل الإطار الاجتماعي : علاقة الإنسان مع نفسه وعلاقته مع ربّه وعلاقته مع عائلته وعلاقته مع بقية أبناء مجتمعه . ولهذا صارت كل هذه الأمور تحت هيمنته وبهذا استكمل الشرط الأساسي للتربية الناجحة[1].

وبالرغم من أن النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) قد مارس عملية التغيير الشاملة للمجتمع وأعرافه وأنظمته ومفاهيمه ، لكن الطريق لم يكن قصيرا أمام عملية التغيير الشاملة هذه ، بل كان طريقا ممتدا بامتداد الفواصل المعنوية الضخمة بين الجاهلية والإسلام ، فكان على النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يبدأ بإنسان الجاهلية فتنشئه إنشاءا جديدا ويجعل منه الإنسان الإسلامي الذي يحمل النور الجديد ويجتثّ منه كلّ جذور الجاهلية ورواسبها .

وقد خطا الرسول الأعظم ( صلّى اللّه عليه واله ) بعملية التغيير هذه خطوات مدهشة في برهة قصيرة جدّا[2] حتّى وأنتجت التربية النبوية انتاجا عظيما وحققت تحوّلا فريدا .

ولكن الامّة الإسلامية - ككل - لم تكن قد عاشت في ظل عملية التغيير هذه إلّا عقدا واحدا من الزمن على أكثر تقدير ، وهذا الزمن لا يكفي عادة في منطق الرسالات العقائدية والدعوات التغييرية ليرتفع الجيل الذي عاش في كنف الرسالة عشر سنوات فقط إلى درجة من الوعي والموضوعية والتّحرر من رواسب الماضي والاستيعاب لمعطيات الرسالة الجديدة استيعابا يؤهله للقيمومة على الخط الرسالي وتحمّل مسؤوليات الدعوة إلى اللّه تعالى على بصيرة تامّة ومواصلة عملية التغيير الشاملة بدون قائد رساليّ .

بل إن منطق الرسالات العقائدية يفرض أن تمرّ الامّة بوصاية عقائدية فترة أطول من الزمن تهيؤها للارتفاع إلى مستوى تلك القيمومة[3].

وباعتبار أن الاسلام كان يريد تحقيق أهدافه كاملة كان ينبغي أن يستمر تطبيقه على يد الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) نفسه فيمتدّ به العمر حتى يستكمل كلّ الشروط اللازمة للتربية الشاملة في فترة زمنية كافية أو يوكل أمر تطبيق الإسلام إلى من يخلفه من القادة الأكفاء الذين بلغوا درجة العصمة في مستواهم العقائدي والفكري والعملي ليصونوا أمر التربية من أي انحراف أو انهيار .

اذن منطق العمل التغييري على مسار التاريخ كان يفرض على النبي ( صلّى اللّه عليه واله ) أن يصون تجربته من أيّ ضعف أو اندحار ، وذلك من خلال استمرار الوصاية على التجربة الانقلابية الجديدة وهكذا كان فقد تمثّلت مهمّة صيانته للتجربة الفتيّة في أهل بيته المعصومين ( عليهم السّلام ) الذين أعدّهم بنفسه إعدادا رساليا وقياديا خاصّا ليكونوا قادرين على مواصلة عملية التغيير الشاملة بالشكل المطلوب ، والمنسجم مع أهداف الرسالة الكبرى .

 

[1] أهل البيت تنوع أدوار ووحدة هدف : 117 - 122 ، طبعة دار التعارف .

[2] بحث حول الولاية : 15 ، طبعة دار التعارف .

[3] المصدر السابق : 59 .




يحفل التاريخ الاسلامي بمجموعة من القيم والاهداف الهامة على مستوى الصعيد الانساني العالمي، اذ يشكل الاسلام حضارة كبيرة لما يمتلك من مساحة كبيرة من الحب والتسامح واحترام الاخرين وتقدير البشر والاهتمام بالإنسان وقضيته الكبرى، وتوفير الحياة السليمة في ظل الرحمة الالهية برسم السلوك والنظام الصحيح للإنسان، كما يروي الانسان معنوياً من فيض العبادة الخالصة لله تعالى، كل ذلك بأساليب مختلفة وجميلة، مصدرها السماء لا غير حتى في كلمات النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) وتعاليمه الارتباط موجود لان اهل الاسلام يعتقدون بعصمته وهذا ما صرح به الكتاب العزيز بقوله تعالى: (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى) ، فصار اكثر ايام البشر عرفاناً وجمالاً (فقد كان عصرا مشعا بالمثاليات الرفيعة ، إذ قام على إنشائه أكبر المنشئين للعصور الإنسانية في تاريخ هذا الكوكب على الإطلاق ، وارتقت فيه العقيدة الإلهية إلى حيث لم ترتق إليه الفكرة الإلهية في دنيا الفلسفة والعلم ، فقد عكس رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم روحه في روح ذلك العصر ، فتأثر بها وطبع بطابعها الإلهي العظيم ، بل فنى الصفوة من المحمديين في هذا الطابع فلم يكن لهم اتجاه إلا نحو المبدع الأعظم الذي ظهرت وتألقت منه أنوار الوجود)





اهل البيت (عليهم السلام) هم الائمة من ال محمد الطاهرين، اذ اخبر عنهم النبي الاكرم (صلى الله عليه واله) باسمائهم وصرح بإمامتهم حسب ادلتنا الكثيرة وهذه عقيدة الشيعة الامامية، ويبدأ امتدادهم للنبي الاكرم (صلى الله عليه واله) من عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) الى الامام الحجة الغائب(عجل الله فرجه) ، هذا الامتداد هو تاريخ حافل بالعطاء الانساني والاخلاقي والديني فكل امام من الائمة الكرام الطاهرين كان مدرسة من العلم والادب والاخلاق استطاع ان ينقذ امةً كاملة من الظلم والجور والفساد، رغم التهميش والظلم والابعاد الذي حصل تجاههم من الحكومات الظالمة، (ولو تتبّعنا تاريخ أهل البيت لما رأينا أنّهم ضلّوا في أي جانب من جوانب الحياة ، أو أنّهم ظلموا أحداً ، أو غضب الله عليهم ، أو أنّهم عبدوا وثناً ، أو شربوا خمراً ، أو عصوا الله ، أو أشركوا به طرفة عين أبداً . وقد شهد القرآن بطهارتهم ، وأنّهم المطهّرون الذين يمسّون الكتاب المكنون ، كما أنعم الله عليهم بالاصطفاء للطهارة ، وبولاية الفيء في سورة الحشر ، وبولاية الخمس في سورة الأنفال ، وأوجب على الاُمّة مودّتهم)





الانسان في هذا الوجود خُلق لتحقيق غاية شريفة كاملة عبر عنها القرآن الحكيم بشكل صريح في قوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وتحقيق العبادة أمر ليس ميسوراً جداً، بل بحاجة الى جهد كبير، وافضل من حقق هذه الغاية هو الرسول الاعظم محمد(صلى الله عليه واله) اذ جمع الفضائل والمكرمات كلها حتى وصف القرآن الكريم اخلاقه بالعظمة(وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ، (الآية وإن كانت في نفسها تمدح حسن خلقه صلى الله عليه وآله وسلم وتعظمه غير أنها بالنظر إلى خصوص السياق ناظرة إلى أخلاقه الجميلة الاجتماعية المتعلقة بالمعاشرة كالثبات على الحق والصبر على أذى الناس وجفاء أجلافهم والعفو والاغماض وسعة البذل والرفق والمداراة والتواضع وغير ذلك) فقد جمعت الفضائل كلها في شخص النبي الاعظم (صلى الله عليه واله) حتى غدى المظهر الاولى لأخلاق رب السماء والارض فهو القائل (أدّبني ربي بمكارم الأخلاق) ، وقد حفلت مصادر المسلمين باحاديث وروايات تبين المقام الاخلاقي الرفيع لخاتم الانبياء والمرسلين(صلى الله عليه واله) فهو في الاخلاق نور يقصده الجميع فبه تكشف الظلمات ويزاح غبار.