أقرأ أيضاً
التاريخ: 18-10-2015
3968
التاريخ: 29-3-2016
3271
التاريخ: 8-04-2015
3561
التاريخ: 18-10-2015
3512
|
لم يبق مع الإمام الحسين ( عليه السّلام ) سوى أخيه العباس الذي تقدم إليه يطلب منه الإذن في قتال القوم فبكى الحسين وعانقه ثم أذن له فكان يحمل على أهل الكوفة فينهزمون بين يديه كما تنهزم المعزى من الذئاب الضارية وضجّ أهل الكوفة من كثرة من قتل منهم ، ولما قتل قال الحسين ( عليه السّلام ) : « الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوّي »[1].
وفي رواية أخرى : ان الإمام الحسين ( عليه السّلام ) اتجه إلى نهر الفرات وبين يديه أخوه العباس فاعترضته خيل ابن سعد - لعنه اللّه - وفيهم رجل من بني دارم فقال لهم : ويلكم حولوا بينه وبين الفرات ولا تمكّنوه من الماء ، فقال الحسين ( عليه السّلام ) : اللهم أظمئه ، فغضب الدارمي ورماه بسهم فأثبته في حنكه فانتزع الحسين ( عليه السّلام ) السهم وبسط يده تحت حنكه فامتلأت راحتاه من الدم فرمى به ثم قال : « اللهم إني أشكو إليك ما يفعل بابن بنت نبيك » ، ثم رجع إلى مكانه وقد اشتد به العطش وأحاط القوم بالعبّاس ( عليه السّلام ) فاقتطعوه عنه فجعل يقاتلهم وحده حتى قتل رحمة اللّه عليه[2] .
ونظر الحسين ( عليه السّلام ) إلى ما حوله ، ومدّ ببصره إلى أقصى الميدان فلم ير أحدا من أصحابه وأهل بيته إلّا وهو يسبح بدم الشهادة ، مقطّع الأوصال والأعضاء .
وهكذا بقي الإمام ( عليه السّلام ) وحده يحمل سيف رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) وبين جنبيه قلب علي ( عليه السّلام ) وبيده راية الحق البيضاء ، وعلى لسانه كلمة التقوى .
الحسين ( عليه السّلام ) وحيدا في الميدان :
حينما التفت أبو عبد اللّه الحسين ( عليه السّلام ) يمينا وشمالا ولم ير أحدا يذبّ عن حرم رسول اللّه أخذ ينادي هل من ذابّ يذبّ عنا ؟ فخرج الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) من الفسطاط وكان مريضا لا يقدر أن يحمل سيفه وأم كلثوم تنادي خلفه : يا بني ارجع . فقال : « يا عمّتاه ! ذريني أقاتل بين يدي ابن رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) » .
وإذا بالحسين ( عليه السّلام ) ينادي : « يا أم كلثوم ! خذيه لئلا تبقى الأرض خالية من نسل آل محمد ( صلّى اللّه عليه واله ) »[3].
ويقول المؤرخون : إنه لما رجع الحسين ( عليه السّلام ) من المسنّاة إلى فسطاطه تقدم إليه شمر بن ذي الجوشن في جماعة من أصحابه ، فأحاطوا به فأسرع منهم رجل يقال له مالك بن النسر الكندي فشتم الحسين ( عليه السّلام ) وضربه على رأسه بالسيف وكان عليه قلنسوة فقطعها حتى وصل إلى رأسه فأدماه فامتلأت القلنسوة دما ، فقال له الحسين ( عليه السّلام ) : « لا أكلت بيمينك ولا شربت بها وحشرك اللّه مع القوم الظالمين » .
ثم ألقى القلنسوة ودعا بخرقة فشدّ بها رأسه واستدعى قلنسوة أخرى فلبسها واعتمّ عليها ، ورجع عنه شمر بن ذي الجوشن ومن كان معه إلى مواضعهم ، فمكث هنيئة ثم عاد وعادوا إليه وأحاطوا به »[4].
حمل الإمام الحسين ( عليه السّلام ) سيفه وراح يرفع صوته على عادة الحروب ونظامها في البراز ، وراح ينازل فرسانهم ، ويواجه ضرباتهم ببسالة نادرة وشجاعة فذّة ، فما برز إليه خصم إلا وركع تحت سيفه ركوع الذل والهزيمة .
قال حميد بن مسلم : فواللّه ما رأيت مكثورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه ، أن كانت الرجّالة لتشدّ عليه فيشدّ عليها بسيفه فتنكشف عن شماله انكشاف المعزى إذا شدّ فيها الذئب[5].
ولمّا عجزوا عن مقاتلته ، لجأوا إلى أساليب الجبناء ؛ فقد استدعى شمر الفرسان فصاروا في ظهور الرجّالة ، وأمر الرماة أن يرموه فرشقوه بالسهام حتى صار جسمه كالقنفذ فأحجم عنهم ، فوقفوا بإزائه وخرجت أخته زينب إلى باب الفسطاط فنادت عمر بن سعد بن أبي وقاص : ويلك يا عمر ! أيقتل أبو عبد اللّه وأنت تنظر إليه ؟ ! فلم يجبها عمر بشيء ، فنادت ويحكم ! أما فيكم مسلم ؟ فلم يجبها أحد بشيء . ونادى شمر بن ذي الجوشن الفرسان والرجّالة فقال : ويحكم ! ما تنتظرون بالرجل ؟ ثكلتكم أمهاتكم ، فحملوا عليه من كل جانب .
فضربه زرعة بن شريك على كتفه اليسرى فقطعها ، وضربه آخر منهم على عاتقه فكبامنها لوجهه ، وطعنه سنان بن أنس النخعي بالرمح فصرعه ، وبدر إليه خولى بن يزيد الأصبحي فنزل ليحتزّ رأسه فأرعد فقال له شمر : فتّ اللّه في عضدك ، مالك ترعد ؟
ونزل شمر إليه فذبحه ثم رفع رأسه إلى خولى بن يزيد فقال : إحمله إلى الأمير عمر بن سعد .
ثم أقبلوا على سلب الحسين ( عليه السّلام ) فأخذ قميصه إسحاق بن حيوة الحضرمي ، وأخذ سراويله أبجر بن كعب ، وأخذ عمامته أخنس بن مرثد ، وأخذ سيفه رجل من بني دارم ، وانتهبوا رحله وإبله وأثقاله وسلبوا نساءه[6].
امتداد الحمرة في السماء :
ومادت الأرض واسودّت آفاق الكون وامتدت حمرة رهيبة في السماء كانت نذيرا من اللّه لأولئك السفّاكين المجرمين الذين انتهكوا جميع حرمات اللّه[7].
وصبغ فرس الحسين ( عليه السّلام ) ناصيته بدم الإمام الشهيد المظلوم وأقبل يركض مذعورا نحو خيام الحسين ( عليه السّلام ) ليعلم العيال بمقتله واستشهاده ، وقد صوّرت زيارة الناحية المقدّسة هذا المشهد المأساوي كما يلي :
« فلما نظرت النساء إلى الجواد مخزيا والسرج عليه ملويا خرجن من الخدور ناشرات الشعور ، على الخدود لاطمات وللوجوه سافرات وبالعويل داعيات وبعد العز مذلّلات وإلى مصرع الحسين مبادرات » .
ونادت عقيلة بني هاشم زينب بنت عليّ بن أبي طالب ( عليه السّلام ) وهي ثكلى :
وا محمداه ! وا أبتاه ! وا علياه ! وا جعفراه ! وا حمزتاه ! هذا حسين بالعراء ، صريع بكربلاء ، ليت السماء أطبقت على الأرض ! وليت الجبال تدكدكت على السهل ! ! [8]
حرق الخيام وسلب حرائر النبوة :
وعمد المجرمون اللئام إلى حرق خيام الإمام أبي عبد اللّه الحسين ( عليه السّلام ) غير حافلين بمن في الخيام من بنات الرسالة وعقائل النبوّة . قال الإمام زين العابدين ( عليه السّلام ) : « واللّه ما نظرت إلى عمّاتي وأخواتي إلّا وخنقتني العبرة وتذكّرت فرارهن يوم الطف من خيمة إلى خيمة ومن خباء إلى خباء ، ومنادي القوم ينادي : أحرقوا بيوت الظالمين ! »[9].
وعمد أراذل جيش الكوفة إلى سلب حرائر النبوة وعقائل الرسالة فنهبوا ما عليهن من حليّ وحلل ، كما نهبوا ما في الخيام من متاع .
الخيل تدوس الجثمان الطاهر :
لقد بانت خسّة الأمويين لكل ذي عينين ، وعبّرت عن مسخ في الوجدان الذي كانوا يحملونه وماتت الإنسانية فتحولت الأجساد المتحركة إلى وحوش دنيئة لا تملك ذرّة من رحمة ولا يزعها وازع من بقية ضمير إنساني .
فحين حاصرت جيوش الضلالة أهل بيت النبوة ( عليهم السّلام ) في عرصات كربلاء كتب ابن زياد إلى عمر بن سعد كتابا وهو يبيّن له ما يستهدفه من نتيجة للمعركة ، وما تنطوي عليه نفسه الشريرة من حقد دفين على الرسالة والرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) ، وكل ما يمتّ اليهما بصلة أو قرابة ، وقد جاء فيه ما يلي :
أما بعد : فإني لم أبعثك إلى الحسين لتكفّ عنه ، ولا لتطاوله ، ولا لتمنّيه السلامة والبقاء ، ولا لتعقد له عندي شافعا ، انظر فإن نزل حسين وأصحابه على الحكم واستسلموا فابعث بهم سلما ، وإن أبوا فازحف إليهم حتى تقتلهم وتمثّل بهم فإنهم لذلك مستحقّون ، فإن قتل الحسين فأوطئ الخيل صدره وظهره ، فإنه عاقّ مشاقّ قاطع ظلوم وليس في هذا أن يضر بعد الموت شيئا ، ولكن عليّ قول ، لو قد قتلته فعلت هذا به[10].
على أن ابن زياد كان من أعمدة الحكم الأموي . ولا نعلم أوامر صدرت من أحد أفراده بحيث كانت ترعى حرمة أو تقديرا لمقام ابن النبيّ ( صلّى اللّه عليه واله ) الذي لم يكن خافيا على أحد من الأمويين .
وهكذا انبرى ابن سعد بعد مقتل ريحانة رسول اللّه ( صلّى اللّه عليه واله ) لينفّذ أوامر سيّده الحاقد ابن زياد ، فنادى في أصحابه : من ينتدب للحسين فيوطئه فرسه ؟
فانتدب عشرة ، فداسوا جسد الحسين ( عليه السّلام ) بخيولهم حتى رضّوا ظهره[11].
عقيلة بني هاشم أمام الجثمان العظيم :
ووقفت حفيدة الرسول ( صلّى اللّه عليه واله ) وابنة أمير المؤمنين ( عليه السّلام ) العقيلة زينب ( عليها السّلام ) على جثمان أخيها العظيم ، وهي تدعو قائلة : « اللهم تقبّل هذا القربان »[12].
إنّ الإنسانية لتنحني إجلالا وخضوعا أمام هذا الإيمان الذي هو السر الوحيد في خلود تضحية الحسين ( عليه السّلام ) وأصحابه رضوان اللّه تعالى عليهم أجمعين .
[1] سيرة الائمّة الاثني عشر : 2 / 77 ، بحار الأنوار : 45 / 440 ، المنتخب للطريحي : 431 .
[2] الإرشاد : 2 / 109 .
[3] بحار الأنوار : 45 / 46 .
[4] الإرشاد : 2 / 110 ، إعلام الورى : 1 / 467 .
[5] الإرشاد : 2 / 111 ، إعلام الورى : 1 / 468 .
[6] الإرشاد : 2 / 112 ، إعلام الورى : 1 / 469 .
[7] راجع كشف الغمة : 2 / 9 ، سير أعلام النبلاء : 3 / 312 ، تاريخ الاسلام للذهبي : 15 ، حوادث سنة 61 ، إعلام الورى : 1 / 429 .
[8] مقتل الحسين للمقرم : 346 .
[9] حياة الإمام الحسين عليه السّلام ، نقلا عن تاريخ المظفري : 238 .
[10] تاريخ الطبري : 4 / 314 ، إعلام الورى : 1 / 453 .
[11] إعلام الورى : 1 / 470 ، مقتل الحسين للخوارزمي : 2 / 39 .
[12] حياة الإمام الحسين بن علي ( عليه السّلام ) : 3 / 304 .
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
الأمين العام للعتبة العسكرية المقدسة يستقبل معتمد المرجعية الدينية العليا وعدد من طلبة العلم والوجهاء وشيوخ العشائر في قضاء التاجي
|
|
|