أقرأ أيضاً
التاريخ: 2023-03-13
1099
التاريخ: 12-1-2016
2082
التاريخ: 21-3-2021
1732
التاريخ: 8-1-2016
1995
|
يقول الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام: «أدّبوا أنفسكم وخلصوها من العادات والأخلاق السيئة المذمومة ولا تلقوا حبلكم على غاربكم وحثوا أنفسكم على الالتزام بالأخلاق الفاضلة والسلوك الحسن لأن الإنسان يميل بطبيعته إلى الرذائل»(1).
إن صفة العناد والتهكم والتمرد والعنف والتشدد وسائر الصفات القبيحة، تكون موجودة ومتأصلة في ذات كل إنسان لم يتلق تربية صحيحة ولم يحصل على التزكية اللازمة. وعليه فإن النزعة إلى الشر موجودة في ذات كل إنسان ولكن إذا تعرف الفرد على طبائعه وعلى هذه الصفات السيئة الكامنة في داخله وتمكن من كبح جماحها والسيطرة عليها وتحلى بحسن الأدب والصفات الحسنة فإنه يصل إلى الخير والصلاح، أما إذا ترك حبله على غاربه وأهمل تلك الصفات والنوازع السيئة الكامنة فيه وأطلق لها العنان فإنه يصبح - من أسوأ الحيوانات وأخطرها. ولكن هذه النفس المتمردة وهذا الحيوان القوي المتوحش لا يمكن ترويضه ولا تأديبه وتربيته بهذه السهولة. إن العقل يحاول أن يتولى هو كبح جماح النفس الأمارة بالسوء والغرائز الحيوانية ولكن النفس تتمرد ولا تستسلم وبالتالي فإن الصراع والتنازع بين العقل والنفس الإنسانية يبقى قائماً ودائراً طوال الفترة التي يعيش فيها الشخص في هذه الدنيا. ومن أجل أن نتغلب على أهواء النفس علينا أن نجاهد ونكافح ونجد ونسعى. وحول ضرورة مجاهدة النفس ومحاربتها يقول النبي المصطفى صلى الله عليه وآله: [أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين جنبيه](2).
وقال صلى الله عليه وآله: [جاهدوا أهواءكم تملكوا أنفسكم](3).
وقال علي عليه السلام: [جاهد نفسك على طاعة الله مجاهدة العدو عدوه، وغالبها مغالبة الضد ضده، فإن أقوى الناس من قوي على نفسه](4).
وفي خضم هذا الصراع والمجاهدة إذا انتصر عقل الإنسان فإن النفس ستنكفىء وتبقى منعزلة وكامنة في أعماق الإنسان تنتظر الفرصة المناسبة. أما إذا انتصرت النفس الأمارة بالسوء فإنها تحطم منارة العقل وتطفئ ضياءه وتزيد الإنسان تمردا وانحلالاً خلقياً وتعنتاً وحرصاً وجشعاً وكذلك هو الحال بالنسبة للأب والأم فهما إذا ما بادرا خلال السنوات التي يتقبل فيها الطفل الإرشادات والتوجيهات التربوية ويستوعبها (أي من سن السابعة وحتى الرابعة عشرة) إلى تأديب طفلهما المتمرد والمتعنت ومنعاه من القيام بالتصرفات الشائنة والخشنة والعنيفة - وهذه من طبيعة الأطفال خلال سنيهم الأولى - وعوّداه وشجعاه على التصرفات الحسنة والجيدة فإن الطفل سيصلح ويسير في طريق الهداية والصلاح. أما إذا تركاه وشأنه فسوف يسير في طريق الضلال والانحراف مما يؤدي به في النهاية إلى السقوط والانحطاط ، كما نلاحظ ذلك من خلال الرسالة التالية:
الرسالة:... عشت في أسرة كانت تعيش معنا زوجة والدي التي هي زوجته الأولى زوجة والدي هذه امرأه طيبة إلى أبعد الحدود وكانت تحبني وتعطف عليّ أكثر من والدتي ولكن أحياناً كان يحدث شجار أو نزاع ببن والدتي وزوجة أبي وبالطبع فإن والدتي هي المقصرة وهي السبب في وقوع هذا الشجار... ونظرا لأننا كنا (أنا وإخوتي وشقيقاتي) صغار السن فقد كنا نقف إلى جانب والدتي عندما كان يحدث مثل هذا النزاع وكنا نؤذي زوجة أبي... أما والدتي فما كانت تقول لنا شيئا بل كانت تشجعنا على ذلك وبالتالي فقد كنت حرة لأفعل ما اريد... حتى بلغت من العمر أربعة عشر عاماً فأصبحت فتاة لعوباً مدلعة عديمة التربية عنيدة ولجوجة، وبقيت على هذا الحال حتى تزوجت - تصورت بأن بيت الزوجية هو كبيت والدي وأهلي فكل ما كنت أقوله وكل ما كنت أفعله وأقوم به كان ينم عن سوء الخلق واللجاجة والعناد والتعنت... فلو كان هناك من يوبخني ويحذرني من تصرفاتي عندما كنت في بيت والدي لما كان وضعي الآن بهذا الشكل ولو كان هناك من ينهاني عن تصرفاتي تلك ويقول لي هذا العمل قبيح وغير لائق والتصرف الفلاني غير صحيح ويمنعني من القيام بتلك التصرفات الشائنة لما أصبحت هكذا أواجه حياة صعبة وقاسية في بيت زوجي...
ولكن زوجي منذ البداية كان رجلاً وقوراً رزيناً وهادئاً وفي نفس الوقت جادّاً ومتشدداً. كان يقول كلمته ويقدم النصح والتوجيه ولكنه لم يستسلم أبداً لعنادي وكثرة طلباتي وبالتالي فإن تصرفه معي بهذا الشكل جعلني أتخلى شيئاً فشيئاً عن عاداتي السيئة والشائنة والآن أشعر بتحسن في طباعي وأخلاقي عاماً بعد عام...
تلاحظ عزيزي القارئ. كيف أن الشخص الذي يترك وشأنه دون تربية صحيحة - ولا سيما في مرحلتي الطفولة والمراهقة - يواجه في حياته المستقبلية عواقب وخيمة حيث تتحكم به العادات والصفات السيئة وتحيط بوجوده وكيانه أنواع الحشائش الضارة وتعترض سبيله الكثير من المشاكل والعقبات ويحتاج الأمر إلى فلاح واع وقدير ليقتلع تلك الطفيليات ويجتث تلك الأغصان غير المثمرة ويزيل تلك العقبات والمشاكل قبل فوات الأوان.
الرسالة:... أشكر الله، لأن زوجي قد تحمّل أخلاقي السيئة وعنادي، فنصحني وتشدد تجاهي وبالنتيجة غيّر أخلاقي. وإني أغتنم الفرصة لكي أعرب له عن شكري وتقديري وأرجو منكم من خلال برنامج «أسس التعامل الأخلاقي بين أفراد الأسرة» أن تقولوا لزوجي بأن لا يذكر شيئاً أمام أولادي عن تصرفاتي السابقة وما كان يجري بيني وبينه من حديث ونقاش وقولوا له ثانياً بأنه. اذا أراد أن ينصح أبناءه فليذكر لهم عيوبهم وأخطاءهم ولا يذكر تلك العيوب أمام الآخرين لأن ذلك يسيء إلى كرامتهم وشخصيتهم. زوجي يقود لي، لا تتدخلي في موضوع تربية الأولاد! فهل عليّ أن لا أتدخل في أمر تربية أولادي؟ هل زوجي على حق أم أنا على حق؟!..
١- إن إعرابك عن شكرك وتقديرك لزوجك، هو في محله، لأن زوجك لو كان شخصاً قليل الصبر والتحمل لكانت حياتك - على ضوء ما ذكرته في رسالتك - قد تحولت إلى جحيم وكان من الممكن أن يطلقك زوجك خلال الأشهر الأولى من الزواج، فحري بك أن تقدمي المزيد من الشكر لله ولزوجك فالإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول: [بالشكر تدوم النعم](5).
٢- إن التحدث عن عيوب الآخرين والكشف عن مساوئهم في الماضي هو من الصفات التي لا تليق بزوجك العاقل الرزين. الآية الشريفة تقول ما مضمونه: (تجاوزوا عن أخطاء وعيوب الآخرين، ألا تريدون أن يتجاوز النه عن سيئاتكم؟) لذلك فإن على زوجك أن يتجاوز عن ماضيك وينساه وكأن شيئا لم يحدث. يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: [استر عيوب الناس ليستر الله عيوبك](6).
٣- إن زوجك بما يتمتع به من رزانة وجدية وحزم بإمكانه أن يكون مربياً جيداً لأبنائك شريطة أن يخفف من شدته ويستخدم أسلوباً أكثر مرونة وودية في تربيتهم. كما أن نصائح وتوجيهات الوالدين للأبناء تعتبر ضرورية وهي أفضل وأثمن هدية يمكن أن يقدمها الوالدان لأبنائهما ويجب على الأبناء - الذين هم في طبيعتهم مشاكسون متمردون قليلو الفهم والإدراك لحقائق الأمور - أن يحيوا وينتعشوا بهذه النصائح والمواعظ وأن يعوا ويهتدوا بها. ولكن رغم أن النصيحة والموعظة هي كالماء مفيدة تؤدي إلى النمو والتكامل وتبعث على الحياة، لكن يجب أن لا ننصح الشخص أمام الآخرين لأن مثل هذه النصيحة ستكون بمثابة تحقير للشخص وتشويه لسمعته. فالإمام أمير المؤمنين عليه السلام يقول: [توجيه النصح لشخص أمام الآخرين هو بمثابة إهانة وتحقير له](7) والشخص الذي يحقر بهذه الطريقة يساء إلى كرامته وتتحطم شخصيته وتحدث لديه ردود فعل تجعله يرفض التوجيهات التربوية وبالتالي لا يتجه نحو التكامل والإصلاح.
_______________________________
(1) غرر الحكم، مضمون كلام أمير المؤمنين عليه السلام.
(2) وهج الفصاحة في أدب النبي، ص٣٣٣.
(3) مستدرك وسائل الشيعة ج ٢ ص ٢٧٠.
(4) تنبيه الخواطر ص٣٦٢.
(5) غرر الحكم ودرر الكلم.
(6) المصدر السابق.
(7) المصدر السابق.
|
|
"عادة ليلية" قد تكون المفتاح للوقاية من الخرف
|
|
|
|
|
ممتص الصدمات: طريقة عمله وأهميته وأبرز علامات تلفه
|
|
|
|
|
ضمن أسبوع الإرشاد النفسي.. جامعة العميد تُقيم أنشطةً ثقافية وتطويرية لطلبتها
|
|
|