أقرأ أيضاً
التاريخ: 2024-01-25
1205
التاريخ: 24-11-2019
3029
التاريخ: 5-7-2020
1969
التاريخ: 10-3-2018
2472
|
أختاه! نحن نعلم أنك قلقة على مستقبل أولادك وخاصة في الأيام الأولى لاستشهاد زوجك. ونقول مطمئنين أنك لدى سماعك خبر الشهادة تجسدت نظرات مبهمة لحياتك وحياة أبنائك في عينيك. وفكرتِ في نفسك أن العاقبة إلى أين، مصير بقية الشهيد (أبناؤه) إلى ما سيصل. لعلك إلى الآن لا تزالين تفكرين بهذه الأفكار والوساوس ولعلك حين تنظرين إلى أحد أطفالك تقعين في فكر إلى ما ستؤول إليه حياته.
ولكننا نقول لك لا حاجة لك بهذا التصور والظن. فكما نجّا الله موسى من بين السيل والتيارات في نهر النيل، وربّاه، وكبره، وصنع منه شخصاً رشيداً، فإنه سيتكفل برعاية أولادك.
أختي، أنتِ لست لوحدك، وطفلك ليس دون ولي، وليك الله ومن يتول الله فهو حسبه، انظري إلى رجال الله الكبار، ففي عين وحدتهم وعدم وجود الحامي لهم، كانوا مع الله، ولذلك حصلوا قبل الآخرين على الرعاية الجيدة والرتبة العالية.
ـ ولا تنسين هذه الحكمة: منك الحركة، ومن الله البركة. الحركة والجهد والسعي والمراقبة والوعي وحسن الأداء أمور مطلوبة منك حتى يفتح ربك أمامك سبل الهداية.
واعلمي هذه النقطة، بأنك وسيلة وعامل لتربية الطفل. والطفل أمانه الله في عنقك. أوكل إليك عمل تربيته ورشده، والتوفيق في هذا المجال يحتاج للتخطيط والوعي.
وفيما لو تساهلت في أمر تربيته، وتغاضيت عن أخطائه، ولم تتوجهي بشكل جيد للنواحي العاطفية والأخلاقية لديه، أو فيما لو أعطيته حرية غير مقيدة أو افرطي في محبته، لم تراقبيه، لم تؤمّني له صحته الجسدية والنفسية، تنشأ المخاطر ويقع فيها الطفل.
ـ نفوذ الأم:
لعل هناك بعض الأفراد الذين يساعدون في تربية الأطفال، ولكن تربية الأمهات لها حسابها الخاص. ومن المشهور أن المطرودين من أفراد المجتمع يستطيعون أن يتعلموا من خلال رعاية أمهاتهم لهم الدروس في العمل والحياة وأن يصلوا إلى النتائج المطلوبة.
فالأم بالنسبة للطفل عالم للعبر، عالم للأخلاق، إنها تجسد معنى العشق، التسامح، والإيثار والتعامل الحسن، والعلاقات الإنسانية ومحبة الغير، كل ذلك يبدأ من الأم. جدي الارتباط مع أوتار قلب طفلك. ليأنس بضربات قلبك وخلقك وعاداتك ويتعرف عليها في وقت هدهدتك له والحداء له تجلب له النعاس، طمأنتك له، تسكنه وتجلب له الطمأنينة. من المفترض أن تستفيدي من هذه الفرصة والنفوذ لتربية الطفل.
ـ أثر الضياع والحرمان:
لا أحد يتصور أن لا تلتفت الأم خلال تعاطيها مع طفلها لسلامته النفسية وتوافقه الإجتماعي وتعادله العاطفي وأن لا تتمنى له السعادة. ولا سمح الله أن تكون عاملاً لشقاء وعذابات طفلها. ولكن قد توجد هذه المسألة بسبب عدم الوعي والانتباه، فتحدث أحياناً أمور غير متوقعة للطفل، ولو علمت الأمهات أن السبب كان جهلهن وتهربهن من المسؤولية لأدركن مدى الشقاء والبلاء الذي حل بأطفالهن.
قد يكون الفقر والعوز سبباً لعدم تأمين مستلزمات الحياة ولكننا نطمئن لوجود الأم الصائنة لنفسها والتي تستطيع أن لا تحسس الطفل مرارة الفقر وأن لا تجعله يقع في إحساس الحرمان، آثار الحرمان المؤلمة قد توجب في بعض الأحيان الإنحراف والإجرام وعدم التوافق. وطبيعي أن نذكر ان الفقر والحرمان ليسا دائماً ضررا للأفراد، فمن الممكن أن يكونا سبباً للرشد والكمال، ومحركاً في نفس الشخص للاندفاع نحو الكمال. لذلك فلا تكوني ممن لا يريدون لأبنائهم ان يذوقوا مطلقاً طعم الحرمان.
ـ منع الأزمات:
المهم في تربيتك ورعايتك لطفلك هو أن تمنعي ظهور الأزمات في حياته وأن تعملي على منع الأزمات النفسية والروحية والمرتبطة على الخصوص بعواطفه التي تبقى مرافقة له وتسبب له في المستقبل الصدمات والعقد.
فوجود حب الذات في الأفراد هو الرأسمال للرشد وعامل للوصول إلى الكمال، فتشدد الأفراد في هذا المجال من جهة وعدم امكان تحقيق المطلوب من جهة أخرى قد يوديان إلى حرمان الطفل ونشوء الأزمات لديه، ومن المعلوم أن عدم الوصول إلى حل لهذه المشكلة لن يوصل طفلك إلى السعادة.
ـ طرد الملل:
الكثير من الحالات والأحاسيس تسبب الملل والكآبة. فالعذابات الكثيرة للحاضر وللماضي، وتفاوت النظر فيما يشتهي الإنسان وما يحصل عليه في حياته، الوهن والتزلزل في أساسيات الحياة تكون جميعاً باعثاً للابتلاء بالملل.
عليكِ إخراج طفلك من هذه الحالة. أما كيف؟ وذلك بإشغال الطفل، بقص الحكايات له، باللعب معه للحظات، بإيجاد فرصة ليعمل شيئاً، بالخروج معه بهدف التنوع في نمط الحياة و... أنت نفسك تستطيعين أن تكوني عاملاً لطرد الملل من حياته.
أحياناً بتغيير الطعام، بإطعامه الشوكولا، مساعدته لك في العمل المنزلي، من قبيل غسل الجوارب في الطشت أثناء عملك لهذا العمل، سقاية الورود، كنس الغرفة، ترتيب بعض الأغراض. . . تستطيعين إخراج الملل من حياة الطفل.
ـ إيجاد المسؤولية والذات:
عليكِ من الآن السعي لإيجاد روح المسؤولية وموجبات البناء في طفلك. عن طريق تحميله لبعض الأعمال، أو لمراقبة أداء بعضها الآخر، علّميه معنى الوظيفة وكيفية أدائها.
ولأجل الوصول إلى هذا الهدف عليكِ بعث استعدادات الطفل المختلفة، وإيجاد الشروط المساعدة لرشده وتربيته. أن تؤمني له المحيط اللازم ليستطيع نيل التكامل والهمة العالية، ومن الأساسيات في تربية الطفل عشق الكمال الموجود في كل فرد.
وقد عرّفه علماء النفس بأنه فرع من حب الذات لدى الأفراد، إن استطاع الطفل أن يتقبل أوامرك لاعتباره أنها لكماله فإنه يستطيع الوصول إلى الكمال.
ـ تعليم المفاهيم اللازمة:
أنت لست أماً للطفل فقط بل معلمة ومرشدة نحو الخير والسعادة. أنت المترجم لهذه الدنيا ولمفاهيم تترجمينها لطفلك، ظواهر الحياة، فوائدها مضارها، تعليمها لأبنائك، فمن الضروري أن تقومي بوظيفتك كمعلم.
حضنك مدرسة وجامعة الطفل. مفاهيم الحياة الأساسية، أدب المعاشرة، طريقة التصرف، الرؤى والنظرة للعالم، طريقة العيش، كيفية الإستفادة من الظواهر، مواجهة الأمور، وكل ذلك يتأسس في حضنك وفي المنزل. فهل أنت على معرفة بهذه الوظائف.
التعليم السيئ، قبول المعتقدات الخاطئة، الاعتقاد بالفأل والخرافات، قبول الآداب والعادات غير المدروسة، النهم للمال وعبادته، الأخلاق الذميمة، الإنجرار للأعمال السيئة، كل هذه الأمور تبدأ من المنزل ومن الأمهات.
ـ إيجاد الروحية:
أنكِ وفي نفس الوقت الذي تعطين فيه اطفالك الروحية، علميهم الدروس، سيرة الأحرار، أعطيهم رونقا لحياتهم وللوصول إلى أهدافهم عليك أن تكوني إنسانة عاملة صاحبة روحية.
منذ البداية علمي طفلك الآداب الدينية، شجعيه على القيام بوظائفه ضمن هذا الإطار، لكن لا على أساس أن يقوم بها دون رغبة، علمي طفلك معنى المحبة، وأريه نتيجة المحبة، وأنك تحبينه وإلى أي نتيجة سيصل بسبب حبك له.
وفي حدود سنوات التمييز حوّلي إن استطعت محبته لك إلى المحبة لله، ووعّي الطفل بالتدريج ليحب الله وأن يعمل في سبيل الله وأن الله يحبه أن يعمل. وفي هذا العمر نفسه تستطيعين إفهامه أن الله معنا، يحمينا، يرى عملنا وطريقنا ويدافع عنا، وهكذا تستطيعين بذر الأمل في قلبه وتوجهينه في عمله وتصرفاته.
ـ الجوانب الانضباطية:
وفي النهاية مع كل المحبة والحنان لطفلك، مع كل التوجه لحسن تربيته، لخيره وسعادته، قد تقتضي الضرورات الإنضباطية وظيفة جديدة لك.
أحبي طفلك فما من أحد يمنع ذلك. ولكن لا تنسي أن حبك له لن ينجر إلى عدم تقيده ولا مبالاته وانحرافه. إنه عزيز ولكن تأديبه أعز منه.
لا نريد لطفلك أن يكون أسيرا بين يديك، ولكننا لا نقبل أن يصبح مغروراً وعنيداً ويستمرئ طريق التعدي والقسوة والانحراف ويجعل الآخرين من حوله مستائين ومصدومين من تصرفاته.
دلّيه على الطريق على أساس القواعد والضوابط الصحيحة، ومن خلال الأوامر والضوابط العادلة، والالتفات إلى سنّه، نفسيته، فهمه، تستطيعين التعامل معه، وحذار من أن تكون بوتقة حياته بوتقة الوحشة والفزع، يجب أن يحبك الطفل ولكن عليك مراقبته كي لا ينحرف.
اسعي أن تربيه دون اللجوء إلى التخويف والسوط، وإلى الأذية، والقول الفاحش واللسان البذيء. فقط عن طريق عزة النفس والتشويق والتحسين والتنبيه في السر تستطيعين تربيته.
ونطمئنك أنه بمراعاتك لمجموعة التوصيات السابقة ستوصلين ابنك إلى النضج وسترين في المستقبل القريب تقدمه ورقيه ويكون لك من ذاك الشهيد ذكرى ونموذجاً له إن شاء الله.
|
|
تفوقت في الاختبار على الجميع.. فاكهة "خارقة" في عالم التغذية
|
|
|
|
|
أمين عام أوبك: النفط الخام والغاز الطبيعي "هبة من الله"
|
|
|
|
|
قسم شؤون المعارف ينظم دورة عن آليات عمل الفهارس الفنية للموسوعات والكتب لملاكاته
|
|
|