الآثار الاجتماعية للمدن الجديدة

تبدو الآثار الاجتماعية مترابطة مع الآثار الاقتصادية الناجمة عن إقامة المدن الجديدة، وتعد الهجرة بما تحمله من منظومة اجتماعية متكاملة أولى نتائج إقامة هكذا مدن، إذ يعد الحراك السكني مسبباً رئيساً للحراك الاجتماعي. إن العلاقة المترابطة بين الأشخاص وأحيائهم السكنية، بل بين الأشخاص والأسر بعضهم ببعضهم الآخر، والشعور بالانتماء والتمسك بالأرض، كل هذه العوامل تتعرض إلى تحديات كبيرة نتيجة المغريات التي توفرها المدن الجديدة، مما يعرض النسيج الاجتماعي وروابط الجيرة السكنية لخلل واضح، ويسهم في بناء روابط وعلاقات اجتماعية جديدة مبنية على أسس اقتصادية وطبقية جديدة. وتسهم هذه المدن في جذب العوائل النووية التي تتكون من الزوج والزوجة والأولاد، ومن ثم انقراض العوائل الممتدة التي تعايشت لمرحلة زمنية طويلة في المدن القديمة.

تسهم المدن الجديدة في إيجاد فرصة جيدة لتكوين نظام اجتماعي، بحسب ما يراه المخطط من خلال التوسع بالنوادي الرياضية والمجمعات الثقافية ومراكز التوعية والإرشاد المختلفة، الأمر الذي يعطي فرصة أكبر لبناء اجتماعي سليم وتعزيز الدور التربوي والعلمي لسكان المدينة بالشكل الذي يخفف من الضغوط النفسية على السكان، ويحد من المشاكل الاجتماعية المتولدة من الاكتظاظ السكني وقلة المراكز الإرشادية والثقافية والتعليمية. كما تسهم هذه المدن في ارتفاع المستويات الصحية والتعليمية من خلال زيادة كفاءة المؤسسات الخاصة بهذه الخدمات وسهولة الوصول إليها ووجود مناخ ملائم للعمل الخلاق وتفجر الطاقات الابداعية. لأن المخطط ستكون له الحرية المطلقة لإقامة اللوازم البيئية المناسبة وفق خطة تأخذ بعين الاعتبار المستوى الاجتماعي للسكان.

وتسهم المدن الجديدة، وبفعل ما توفره من انخفاض في الكثافة السكانية والسكنية باختلاف أنواعها، في وجود منظومة ظبطية اجتماعية رسمية أكثر كفاءة وقدرة على العمل. كما أن أماكنها التي يوقعها المخطط يجعل منها قريبة من موقع الحدث في أي وقت، ومستعدة لفرض نفوذها.

وعلى الرغم من الآثار الإيجابية لإنشاء المدن الجديدة، إلا أن هناك من يرى أن تلك المدن تؤسس للطبقية وعدم المساواة، لأنها تجذب إليها طبقات اجتماعية واقتصادية معينة، فضلاً عن كونها تسلخ الإنسان من محيطه الاجتماعي وبيئته الاجتماعية التي اعتاد العيش فيها.